استقبل صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، رئيس مجلس وزراء جمهورية كوريا الجنوبية جونغ هونغ وون، لدى وصوله إلى البلاد أمس في زيارة رسمية تستغرق يومين، يجري خلالها مباحثات تتناول آليات دعم وتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين والارتقاء به إلى آفاق أرحب.
واستعرض رئيس الوزراء مع رئيس وزراء جمهورية كوريا، مسار العلاقات بين البلدين الصديقين، وسبل دعم التعاون بينهما بما يحقق المصالح المشتركة، وبعد استراحة قصيرة في قاعة كبار الزوار، توجه موكب رئيس الوزراء ونظيره الكوري إلى مقر إقامة رئيس وزراء جمهورية كوريا.
وكان في الاستقبال نواب رئيس مجلس الوزراء وعدد من المسؤولين بالمملكة وسفيرة مملكة البحرين غير المقيمة لدى جمهورية كوريا، والقائم بأعمال سفارة جمهورية كوريا لدى المملكة. وتشكلت بعثة شرف لمرافقة رئيس مجلس وزراء كوريا برئاسة وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة. وتكتسب الزيارة أهمية خاصة في ظل تعدد أوجه التعاون القائم بين البلدين الصديقين، والتنسيق القائم بينهما في العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عما يربط بينهما من اتفاقات تغطي المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والتعليمية والتدريب المهني، والصحة والمجالات المتعلقة بالطاقة النووية. وتأتي الزيارة لتعطي مزيدًا من الزخم لعلاقات الصداقة والتعاون بين مملكة البحرين وجمهورية كوريا، ومن المنتظر أن تشهد توقيع العديد من الاتفاقات في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتكنولوجية التي ستسهم في الارتقاء بجوانب التعاون بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الصديقين.
وتمثل الزيارة أيضًا فرصة للالتقاء بين كبار المسؤولين ورجال الأعمال في البلدين لبحث سبل التعاون المشترك، كما إنها تتيح للبحرين الاطلاع والاستفادة من الخبرات الكورية على كافة الأصعدة، لاسيما وأن جمهورية كوريا تعد واحدة من الدول المتقدمة عالمياً على صعيد الصناعات التكنولوجية، بالإضافة إلى أن الزيارة ستكون مناسبة للترويج للمملكة البحرين باعتبارها مركزاً مالياً واقتصادياً رائداً في منطقة الشرق الأوسط في ظل ما تمتلكه من تسهيلات قانونية وتشريعية، وبنية تحتية وشبكات اتصالات ومواصلات متطورة، الأمر الذي من شأنه أن يشجع رجال الأعمال والشركات الكورية على إقامة استثماراتهم في مملكة البحرين. وعند البحث عن العلاقات البحرينية ـ الكورية بشكل أكثر عمقًا، يتضح أن الروابط السياسية والدبلوماسية وثيقة، حيث ترجع إلى نحو أربعة عقود، وتقوم على التفاهم والاحترام المتبادل لاسيما وأن جمهورية كوريا من دول مجموعة العشرين وتسهم في استقرار العالم، وتوجت هذه العلاقات بإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين في 17 أبريل 1976، ثم أعيد افتتاح السفارة بالمنامة في سبتمبر 2012، حيث أكد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة -خلال الافتتاح- أنَّ وجود بعثة دبلوماسية دائمة يسهم في تسهيل أعمال التعاون التجاري والاستثماري بين رجال الأعمال في كلا البلدين، وتشجيع التبادل الثقافي والاستفادة من الخبرات الكورية في المجالات التكنولوجية، ليس على الصعيد المحلي فحسب بل حتى على مستوى دول الخليج العربي.
أما على الصعيد الاقتصادي، فإن حجم التجارة الثنائية بين مملكة البحرين وجمهورية كوريا بلغ حوالي 844 مليون دولار في 2011، وقدرت حصة البحرين من إجمالي التجارة الدولية لكوريا الجنوبية بحوالي 5.2%، ويبلغ حجم صادرات البحرين إلى كوريا الجنوبية نحو 500 مليون دولار، وتشمل: المنتجات البترولية والألمنيوم، بينما تستورد المملكة من كوريا الجنوبية ما يقدر حجمه 300 مليون دولار، تتمثل في منتجات تكنولوجيا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسيارات، ومعدات الإنشاء، ومنتجات الصناعة الثقيلة، والكهرباء ومعدات مصانع تحلية المياه والهندسة الإلكترونية. ومن بين أبرز المشروعات المشتركة بين البلدين إقامة اتحاد «كونسورتيوم» بين شركة «سامسونج» الكورية للهندسة وشركة «أبوظبي للاستثمار» فبراير 2012، إذ أسفر عن فوز الاتحاد بامتياز بناء وتشغيل مشروع للصرف الصحي في البحرين، حيث ستساهم الشركتان إلى جانب شركة «يونايتد يوتليتيز» البريطانية في مصنع المحرق لمعالجة مياه الصرف الصحي. ويربط بين البلدين العديد من اتفاقات التعاون الاقتصادي، ومنها مذكرة التفاهم بين وزارة خارجية مملكة البحرين ووزارة الشؤون الخارجية والتجارة بجمهورية كوريا بتاريخ 4/6/2007، والتوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية النقل الجوي بين مملكة البحرين وجمهورية كوريا في سيئول بتاريخ 4 ديسمبر 1991، التوقيع على اتفاقية للتعاون الثقافي بين مملكة البحرين وجمهورية كوريا في مملكة البحرين بتاريخ 28 يناير 1987، إلى جانب التوقيع على اتفاقية التجارة والتعاون الاقتصادي والفني بين مملكة البحرين وجمهورية كوريا في مملكة البحرين بتاريخ 2 أبريل 1984. وفي مايو 2012 وقع البلدان على اتفاقية تفادي الضريبة المضاعفة (DTA) لتعزيز التعاون الاقتصادي والمشاريع الاقتصادية المشتركة بين البلدين، حيث تم توقيع هذه الاتفاقية ضمن مجموعة من الاتفاقات التي تم توقيعها خلال زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد، ومنها:
ـ مذكرة تفاهم بين غرفة تجارة وصناعة البحرين وغرفة تجارة وصناعة كوريا الجنوبية للترويج للمصالح التجارية والصناعية المشتركة، وتشمل سبل التعاون، تبادل المعلومات الاعتيادية الخاصة بالأسواق، وتقديم فرص العمل والاستثمار والتبادل التجاري بين البلدين.
ـ إطلاق جمعية الصداقة البحرينية الكورية، بهدف توطيد العلاقات وتعزيز التفاهم بين شعب مملكة البحرين والشعب الكوري، وتقوية العلاقات الثنائية بين البلدين على الصعيد الاقتصادي، والثقافي، والرياضي، والسياحي وفي المجالات العلمية المختلفة.
ـ اتفاقية شراكة بين كل من شركة LG CNS الكورية، وبوابة الحكومة الإلكترونية بمملكة البحرين، لتنفيذ مشروع نظام الترخيص المتكامل للأعمال (BLIS)، والذي سيقدم حلاً متكاملاً للتطبيقات الإلكترونية وتجديد السجلات التجارية والتراخيص ذات الصلة، مما سيقوم بتسهيل عملية إقامة مكتب عمل في المملكة. ويبلغ عدد الوكالات التجارية الكورية الجنوبية المسجلة بمملكة البحرين 63 وكالة تعمل في مجال السيارات، الاتصالات، الإلكترونيات، الأثاث، التجارة العامة، المصاعد، كما يوجد 15 فرعاً لشركات كورية بالبحرين تعمل في مجال الإلكترونيات والهندسة والمصارف، بالإضافة إلى 17 شركة يساهم فيها مستثمرون كوريون تعمل في مجال التجارة العامة، السفريات، استشارات الأعمال، الفنادق، الفنون التشكيلية، الأمن، والمطاعم.
ويرتبط البلدان بعلاقات تعاون في المجال الأمني كان من بين أبرز ملامحها الزيارة التي قام بها وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة إلى جمهورية كوريا في مايو 2013، وبحث خلالها سبل تعزيز التعاون في مجال إدارة السلامة العامة بمختلف مستوياتها ابتداء من الحوادث اليومية وحتى الكوارث الكبيرة ووضع الخطط اللازمة في هذا المجال، وآليات تطوير التعاون الثنائي في مجال الدفاع المدني، والتعاون في مجال إدارة الأزمات والكوارث والتنسيق المشترك بشأن مشروع الحكومة الإلكترونية.
إن زيارة رئيس وزراء جمهورية كوريا إلى مملكة البحرين تمثل بداية مرحلة جديدة من علاقات الود والصداقة بين البلدين، ومن شأنها أن تدفع بمستويات التعاون بينهما إلى آفاق أرحب تعود بنتائجها المثمرة على البلدين والشعبين الصديقين.