كتب - أمين صالح:
مع استمرار مسابقة «أفلام من الإمارات» وإقامة مهرجانات جديدة مثل: مهرجان دبي السينمائي، ومهرجان الخليج بدبي، استمرت عجلة إنتاج الأفلام في البحرين على الوتيرة ذاتها، والحماس ذاته، ضمن ظروف صعبة ومتقشفة، ومن غير دعم من أي جهة رسمية أو أهلية، واعتمد الشباب على إمكاناتهم المادية الخاصة، الفقيرة والمتواضعة، وعلى استعداد الفنيين والممثلين للعمل المجاني دعماً ومساندةً للشباب من جهة، وللمساهمة في خلق سينما جادة ومتقدمة تنسجم مع الطموح الفني والرغبة في الإبداع.
في العام 2006، تم تصوير 15 فيلماً درامياً قصيراً و 4 أفلام وثائقية. من المخرجين الجدد نذكر علي العلي بفيلمه «اليقظة» بعده حقق: الحل الجذري (2007) شهوة الدم (2007) عباس الوطن (2007) صرخة ألم (2008) مريمي (2009) ليلى (2010) إلى جانب إخراجه عدداً من المسلسلات التلفزيونية الناجحة.
من المخرجين الجدد أيضاً نذكر: محمد راشد بوعلي الذي قدم «بينهم»، ثم حقق: من الغرب (2007) غياب (2008) البشارة (2009) كناري (2010) هنا لندن (2012).
في العام 2007 ازداد عدد الأفلام المنتجة، حيث بلغت الأفلام الدرامية القصيرة 26 فيلماً، والوثائقية 11 فيلماً. من المخرجين الجدد نذكر جمال الغيلان الذي قدّم «كوما» ثم حقق: ياسين (2008) أنين (2012)..
في العام 2008 شهدنا 9 أفلام درامية قصيرة وثلاثة أفلام وثائقية وفيلم درامي طويل بعنوان «أربع بنات» أخرجه حسين الحليبي، الذي سبق أن حقق أفلاماً قصيرة: يوم أسود (2004) مطاردة (2005) ذاكرة شهيد (2007).
من المخرجين الجدد نذكر حسين الرفاعي الذي قدّم «عشاء» ثم حقق: القفص (2009) أصوات (2012).
في العام 2009 شاهدنا 8 أفلام درامية قصيرة. من المخرجين الجدد: محمود الشيخ الذي قدّم «النهاية.. لا»، ثم حقق: مجرد لعبة (2010) 301 (2012)
وعمار الكوهجي الذي قدم «بالأمس» ثم حقق «سكون» (2012)
في العام 2010 وجدنا أمامنا 4 أفلام درامية قصيرة، وفيلماً متوسط الحجم بعنوان «أيام يوسف الأخيرة» لمحمد جناحي، وفيلماً درامياً طويلاً لحسين الحليبي بعنوان «حنين».
في العام التالي انخفض الإنتاج على نحو دراماتيكي، إلى حد أننا لم نشاهد غير 4 أفلام درامية قصيرة كلها لمخرجين جدد: أسامة آل سيف (لولوه) محمد جاسم (سلاح الأجيال) عيسى سوين (حسد الموتى) لعبة (صالح ناس). في العام 2012 ارتفع الإنتاج نسبياً وشاهدنا عشرة أفلام درامية قصيرة.
في الأفلام البحرينية، بشكل عام، نجد تفاوتاً في تناول وطرح القضايا والمشكلات والهموم والهواجس التي يعج بها المجتمع البحريني، فليس ثمة موضوع واحد أو قضية موحدة، يتم التركيز عليها، بل هناك اهتمام بقضايا كثيرة، من المشكلات المعقدة، إلى الهموم الوجودية، إلى الأحلام الذاتية، إلى التفاصيل الحياتية.
لكن في الأغلب، تشكّل لدى مشاهدي الأفلام البحرينية انطباع عام بأنها تركّز على مظاهر الفقر والمعاناة والكبح والهموم المعيشية والعبث بالبيئة، وغيرها.. الأمر الذي أدى بالبعض إلى انتقاد الروح المأساوية أو التشاؤمية، أو الإفراط في إظهار هذه الجوانب غير المضيئة. لكن من يتابع هذه الأفلام سوف يلاحظ بالتأكيد تنوعاً في الطرح، مع رغبة ملحة في التعبير بصدق عن الواقع وعلاقة الفرد بمحيطه، بالآخر، والتطرق إلى العلاقات الإنسانية المتعددة.
تقنياً، مع توفر التقنيات الحديثة في مجال التصوير والمونتاج والمؤثرات البصرية والسمعية، بالنظام الرقمي (الديجيتال)، صار بإمكان السينمائي أن ينتج أفلامه بميزانية أقل، وضمن شروط للعمل أيسر وأكثر تحرراً من ضغوط الآخرين. والطفرة الإنتاجية التي شهدتها دول الخليج ترافقت مع توفر وانتشار التقنيات الحديثة التي هيأت للشباب فرص الانخراط في العمل السينمائي بعيداً عن الشروط التقليدية في الإنتاج والتنفيذ والطبع والعرض والتوزيع.
لكن المهارة التقنية، والبراعة في استخدام الأجهزة، لا تكفي لصنع فيلم جيد وعميق ومؤثر. يجب أن يرتكز الفيلم على رؤية فكرية وفنية واضحة، تتحكم في العمل ككل وتوجه كل العناصر الفنية للتعبير جمالياً وفكرياً عن المراد طرحه وتقديمه.
الغالبية من صنّاع الأفلام يعانون من ندرة أو شحّ في الإمكانيات المادية الداعمة لمشاريعهم، وهذا يؤدي إلى عرقلة المسيرة السينمائية، ففي حالة عدم وجود جهات إنتاجية – من القطاع العام والخاص معاً - تمول وتدعم الأفلام، يشعر السينمائي الشاب بالإحباط، وهو الذي نفّذ فيلمه الأول وربما الثاني والثالث على نفقته الخاصة، متوقعاً أن يجد من يمول فيلمه التالي. حتماً سوف يتوقف عن العمل ويتخلى عن حلمه، أو ينتظر سنوات حتى يتوفر لديه مبلغ يكفيه لإنتاج فيلمه، أو يلجأ إلى قنوات خارجية للتمويل.
في غياب القطاع الخاص، الذي لا يكترث بالسينما، ولا يعتبرها مجالاً صالحاً للاستثمار، يكون للدعم الرسمي أهمية قصوى، خصوصاً إذا أدركت الحكومات أهمية السينما – كفعالية ثقافية - وضرورة دعمها. أما إذا استمرت في النظر إلى السينما بارتياب أو بوصفها مجالاً لا ضرورة له ويمكن الاستغناء عنه، فسوف تتعرض المحاولات والجهود السينمائية إلى التعثّر والتعطّل، وسوف تواجه العديد من العراقيل والصعوبات.
الدعم المطلوب يتخذ أشكالاً مختلفة، هناك المادي المباشر، وهناك اللوجستي الذي يشمل توفير وحدة للإنتاج الفني مجهزة بالأدوات الأساسية اللازمة، إلى جانب إقامة ورش عمل تتصل بمختلف العناصر السينمائية، وتنظيم دورات تدريبية مكثّفة، من أجل تطوير مهاراتهم وصقلها، إذ إن أغلب الشباب العاملين في مجال الأفلام هم من الهواة أو قليلي الخبرة سينمائياً.