عواصم - (وكالات): شدد الغرب لهجته حيال نظام الرئيس السوري بشار الأسد متحدثاً عن إمكانية توجيه ضربة عسكرية ضد دمشق بعد الحديث عن احتمال استخدام النظام أسلحة كيميائية ضد المدنيين في ريف دمشق الأربعاء الماضي، وقد جرت مشاورات مكثفة على مستوى رفيع في الأيام الماضية بين العواصم الغربية لتحضير «رد جدي» فيما أكد الجيش الأمريكي أنه يحضر خياراته. في الوقت ذاته، تفقد مفتشو الأمم المتحدة أمس منطقة قرب دمشق للتحقيق في احتمال تعرضها للقصف بأسلحة كيميائية، بينما تعرض موكبهم لإطلاق نار من قناصة مجهولين، فيما حذر الرئيس السوري بشار الأسد واشنطن من أي تدخل عسكري. وأوضح ناشطون أن المفتشين تفقدوا موقع الهجوم المفترض رغم تعرضهم لإطلاق نار من قناصة، وقالت المعارضة إن القوات السورية هي التي أطلقت النار باتجاه المراقبين بهدف «تخويفهم».
ولم يصب أي من المفتشين بأذى، إلا أنهم اضطروا للعودة إلى حاجز للقوات النظامية واستبدال سيارة مصابة قبل متابعة طريقهم، بحسب الأمم المتحدة. واتهمت دمشق مقاتلي المعارضة بالوقوف خلف الاعتداء.
وقال ناشط قدم نفسه باسم «أبو نديم» «تمكن مفتشو الأمم المتحدة من دخول مدينة معضمية الشام جنوب غرب دمشق برفقة مدنيين، وزاروا مركز الهلال الأحمر وتحادثوا إلى الأطباء هناك»، مشيراً إلى أنهم التقوا كذلك «أشخاصاً أصيبوا بآثار من الأسلحة الكيميائية وأقارب لشهداء» قضوا الأربعاء الماضي.
وأشار إلى أن المفتشين ارتدوا سترات وخوذات واقية من الرصاص، ورافقهم عناصر أمن خاصين بهم يحملون أجهزة اتصال لاسلكية.
وأظهرت أشرطة فيديو عرضها الناشطون على شبكة الإنترنت، المفتشين فيما يبدو أنه مستشفى ميداني، وقد ارتدى بعضهم خوذات زرقاء اللون، وهم يتحدثون بالإنجليزية إلى شبان في قاعة.
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن المفتشين الدوليين تمكنوا من التحدث إلى ضحايا الهجوم.
وقالت الأمم المتحدة إنه مازال من الممكن لفريق الخبراء جمع الأدلة للتحقيق في الهجوم رغم مرور الوقت.
وفيما تدرس واشنطن ولندن الخيارات العسكرية للرد على الهجوم المفترض بأسلحة كيميائية، حذرت موسكو من أن التدخل بدون موافقة الأمم المتحدة سيشكل «انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي».
كما اعتبرت إيران الحديث عن عمل عسكري «خطراً» فيما أعلن العراق معارضته استخدام أجوائه في أي عمل عسكري ضد سوريا.
واستهجن الرئيس السوري الاتهامات الغربية الموجهة إلى نظامه بشن هجوم بالأسلحة الكيميائية، معتبراً أنها «تخالف العقل والمنطق».
وقال في مقابلة أجرتها معه صحيفة «ازفستيا» الروسية إن هذه الاتهامات «تخالف العقل والمنطق، لذلك فإن هذه الاتهامات هي اتهامات مسيسة بالمطلق» موضحاً أنه «ليس هناك جهة في العالم فما بالك بدولة عظمى، تطلق اتهاماً ثم تقوم بجمع الأدلة عليه».
من جانب آخر، حذر الأسد الولايات المتحدة من أي تدخل عسكري في سوريا. وقال إن الولايات المتحدة «ستصطدم بما اصطدمت به بكل حروبها من فيتنام حتى الآن، بالفشل». ولفت إلى «الحصاد المر والنتائج السلبية لما جرى في ليبيا ومصر» مشيراً إلى أن الغربيين «يمكنهم بدء أي حرب لكن لا يمكن لهم أن يعرفوا إلى أين ستمتد أو كيف لها أن تنتهي».
وجاءت تصريحات الأسد فيما تكثفت التصريحات الغربية حول تحضير رد في سوريا على الهجوم المفترض بالأسلحة الكيميائية.
وأكد مسؤول أمريكي كبير طلب عدم الكشف عن هويته أن الولايات المتحدة تزداد اقتناعاً بأن النظام السوري يقف وراء هجوم بسلاح كيميائي مفترض الأسبوع الماضي قرب دمشق، مشيراً إلى أن واشنطن تفكر في احتمال القيام بعمل عسكري.
وقال المسؤول الأمريكي للصحافيين الذين يرافقون وزير الدفاع تشاك هيغل «توجد مؤشرات قوية تدل على استخدام أسلحة كيميائية» من قبل النظام السوري.
وأعلن وزير الدفاع الأمريكي أن القوات الأمريكية جاهزة للتحرك ضد النظام السوري إذا دعت الضرورة.
واعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أنه «من الممكن» الرد على استخدام أسلحة كيميائية في سوريا «بدون إجماع كامل في مجلس الأمن الدولي» لكنه رفض إطلاق «تكهنات» حول سبل التحرك التي يدرسها الغربيون.
كما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن رداً غربياً «سيحسم في الأيام المقبلة» على استخدام أسلحة كيميائية في سوريا في 21 أغسطس الجاري، مؤكداً أنه لم «يتم بعد اتخاذ» أي قرار.
وأكد وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي أن بلاده ستوافق على «تحرك» محتمل للأسرة الدولية في سوريا في حال ثبت استخدام الأسلحة الكيميائية.
من جهته حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن التدخل العسكري في سوريا من دون موافقة مجلس الأمن الدولي، كما تدعو إلى ذلك كل من لندن وباريس، سيكون «خطراً» وانتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي». وقال لافروف في مؤتمر صحافي «أنا قلق إثر تصريحات صادرة من باريس ولندن تفيد بأن الحلف الأطلسي يمكن أن يتدخل لتدمير أسلحة كيميائية في سوريا من دون موافقة مجلس الأمن».
وأضاف أنه «إذا هاجم الغرب البنية التحتية للجيش السوري ليس لدينا نية لخوض حرب مع أحد».
وأبدت تركيا استعدادها للانضمام إلى ائتلاف دولي ضد سوريا حتى في غياب إجماع في الأمم المتحدة، وفق ما أعلنه وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو.
في المقابل، رأت إيران أن الحديث عن احتمال تدخل عسكري في سوريا «خطراً». كما أعربت الحكومة العراقية عن معارضتها لاستخدام أجوائها أو أراضيها لشن أي هجوم ضد سوريا. كما ناشدت السعودية المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته تجاه ما تشهده سوريا من «مجازر مروعة يرتكبها النظام» في حين تلوح القوى الغربية بضربات عسكرية إثر اتهامات لدمشق باستخدام السلاح الكيماوي.
ورداً على التلويح الغربي بضربة عسكرية ضد دمشق، هددت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «القيادة العامة» الموالية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد باستهداف مصالح أي طرف يشارك في «العدوان» على سوريا.
ويبدأ في الأردن اجتماع يضم رؤساء هيئات الأركان لجيوش عدة دول منها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لبحث أمن المنطقة وتداعيات النزاع السوري.
ميدانياً، قطع مقاتلو المعارضة السورية طريق الإمداد الوحيدة للقوات النظامية إلى محافظة حلب شمال البلاد، بسيطرتهم على بلدة خناصر الاستراتيجية شرق حلب، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتبنت جبهة النصرة الإسلامية التي تقاتل النظام السوري اغتيال محافظ حماة أنس الناعم، مؤكدة أنها نفذت العملية انتقاماً للهجوم المفترض بأسلحة كيميائية. كما سقطت قذائف هاون على أحياء وسط دمشق، ما أدى إلى إصابة 3 أشخاص، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا».