عواصم - (وكالات): يترقب العالم عزم الولايات المتحدة وحلفائها توجيه ضربات عسكرية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد المتهم بتنفيذ هجوم فتاك بالسلاح الكيميائي، فيما أكدت دمشق أمس عزمها على الدفاع عن نفسها. وذكرت مصادر حضرت اجتماعاً بين مبعوثين غربيين والائتلاف الوطني السوري المعارض في إسطنبول أن القوى الغربية أبلغت المعارضة بتوقع توجيه ضربة لقوات الرئيس السوري بشار الأسد في غضون أيام.
وفي مؤتمر صحافي، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن دمشق ستدافع عن نفسها أمام أي هجوم.
وقال «في حال صارت الضربة أمامنا خياران، إما أن نستسلم، أو أن ندافع عن أنفسنا بالوسائل المتاحة، وهذا هو الخيار الأفضل». وأضاف «سندافع عن أنفسنا بالوسائل المتاحة»، مؤكداً أن «سوريا ليست لقمة سائغة، لدينا أدوات الدفاع عن النفس، سنفاجئ الآخرين بها». وتابع المعلم «أنا أعرف أن أي شيء يتحرك في هذه المنطقة يجب أن يخدم مصالح إسرائيل، وبالتالي فإن مثل هذا العدوان يجب أن يخدم أولاً مصالح إسرائيل».
وأدلى المعلم بتصريحاته فيما اقتربت الولايات المتحدة وحلفاؤها من التحرك ضد سوريا، حيث أفادت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يدرس سبل شن ضربة على سوريا ستكون قصيرة ومحدودة. وصرح وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل أمس في بروناي أن القوات الأمريكية مستعدة للتحرك ضد سوريا في أية لحظة، وقد جهزنا إمكاناتنا لنتمكن من تنفيذ أي خيار يرغب فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ونحن على أهبة الاستعداد للتحرك بسرعة». وأكد هيغل أن الولايات المتحدة ستكشف قريباً عن الأدلة بأن النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية ضد شعبه. ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين كبار في إدارة أوباما أن هذا التحرك يرجح ألا يستغرق أكثر من يومين وقد يشمل صواريخ بعيدة المدى تستهدف مواقع عسكرية لا تتعلق مباشرة بترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية. وأكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن أسلحة كيميائية استخدمت بالفعل في سوريا الأسبوع الماضي معتبراً أن هذا العمل يعتبر «وقاحة أخلاقية» لا بد من أن يحاسب عليه من قاموا به. لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي وفر للنظام السوري دعماً ثابتاً بعرقلة أي قرار يدينها في مجلس الأمن الدولي بدا غير مقتنع بوجود إثباتات على وقوع مجزرة.
وقال لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن لا إثبات على استخدام دمشق أسلحة كيميائية. وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا لن تتورط في أي نزاع مسلح لكن موسكو حذرت من أن أي تدخل عسكري ستكون له «عواقب كارثية» على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وصرح نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين أن الدول الغربية تتصرف في العالم الإسلامي «كقرد يحمل قنبلة». وذكر مصدر عسكري روسي أن أي تدخل عسكري غربي في سوريا لن يحقق «نصراً سهلاً» لأن الحكومة السورية لديها ما يكفي من أنظمة الدفاع الجوي لصد الهجمات.
وهبطت طائرة نقل روسية تحمل مساعدات غذائية في مدينة اللاذقية السورية على أن تقوم بإجلاء رعايا روس يرغبون في مغادرة البلد المضطرب.
وقد أكدت روسيا أن سفن بلادها الموجودة في قاعدة طرطوس البحرية في سوريا ستغادر فور حصول تصعيد عسكري ضد نظام دمشق.
وأعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن فرنسا «مستعدة لمعاقبة الذين اتخذوا القرار الدنيء باستخدام الغاز ضد الأبرياء» في سوريا «حيث الحرب الأهلية تهدد اليوم السلام في العالم»
من جهته، طالب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل المجتمع الدولي باتخاذ موقف «حازم وجاد» ضد النظام السوري الذي قال إنه «فقد هويته العربية».
وقال الأمير سعود في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية إنه بعد «استخدام السلاح الكيماوي المحرم بات الأمر يتطلب موقفاً دولياً حازماً وجاداً لوقف المأساة الإنسانية للشعب السوري». ويأتي الموقف السعودي فيما اتهم مجلس الجامعة العربية الذي عقد اجتماعاً طارئاً أمس على مستوى المندوبين الدائمين، بمشاركة سفير مملكة البحرين لدى مصر والمندوب الدائم لدى الجامعة الشيخ راشد بن عبدالرحمن آل خليفة، النظام السوري بشن الهجوم المفترض بالأسلحة الكيماوية على ريف دمشق في 21 أغسطس الجاري. وبدا كبار المسؤولين العسكريين في دول غربية وإسلامية أمس الأول اجتماعاً في الأردن لبحث العواقب الإقليمية للحرب في سوريا.
وأكد مصدر حكومي أردني أن الأردن لن يكون منطلقاً لأي عمل عسكري ضد سوريا، فيما يختتم 10 رؤساء هيئات أركان لجيوش عربية وأجنبية اجتماعاً في المملكة حول تداعيات النزاع في سوريا. كما زار وفد إسرائيلي رفيع البيت الأبيض لعقد محادثات على مستوى عال حول الأزمة والخلاف حول ملف إيران النووي.
وقال رئيس الوزراء البريطاني إنه سيستدعي البرلمان من عطلته الصيفية لمناقشة الرد على الهجوم المفترض بأسلحة كيميائية في سوريا، وسيجري تصويت على مقترح حكومي حول كيفية الرد على الهجوم المفترض بأسلحة كيميائية على ريف دمشق والذي تتهم كل من لندن وباريس وواشنطن النظام السوري بشنه. ورفضت إيطاليا أي تدخل عسكري في سوريا من دون موافقة مجلس الأمن الدولي معتبرة أن لا بديل عن «حل سياسي تفاوضي». وقال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إن الهجوم المفترض بأسلحة كيميائية في سوريا هو «جريمة ضد الإنسانية يجب ألا تمر دون عقاب». وذكر أن تركيا ستنضم إلى التحالف الدولي ضد النظام السوري حتى لو لم يتم الحصول على موافقة مجلس الأمن.
كما حذرت إيران من أن تدخلاً عسكرياً ضد دمشق قد تكون له «عواقب وخيمة» على سوريا والمنطقة برمتها، وفق ما أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية عباس عراقجي.
وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» إن شن هجوم على سوريا سيكون خطيراً وغير مسؤول وإنه ينبغي على العالم تذكر كيف بدأت حرب العراق بادعاءات أمريكية زائفة حول وجود أسلحة دمار شامل فيه.
واعتبرت قبرص أن القواعد البريطانية في الجزيرة لن تلعب دوراً كبيراً في أي ضربات محتملة ضد سوريا فيما نفى الجيش البريطاني معلومات حول تكثيف التحركات في أحد المطارات العسكرية فيها.
ميدانياً، أعلنت الأمم المتحدة تأجيل الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها فريقها للتفتيش على الأسلحة إلى موقع قرب دمشق بسبب مخاوف «على أمنهم».
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق إن تعرض فريق الخبراء أمس الأول لهجوم بنيران القناصة أدى إلى مراجعة خطة العودة إلى الغوطة في ريف دمشق، وتقرر بعد تقييم شامل أنه يجب تأجيل الزيارة ليوم واحد لتحسين الاستعداد وسلامة الفريق». وأكد المعلم من جهته أن إرجاء الزيارة ناجم عن عجز المعارضة عن ضمان أمنهم. وصرح «فوجئنا أنهم لم يتمكنوا من الذهاب إلى المنطقة الثانية لأن المسلحين هناك لم يتفقوا فيما بينهم على ضمان أمن هذه البعثة وتأجل سفرهم إلى الغد». ولم يؤد إطلاق النار من القناصة على موكب المفتشين إلى وقوع إصابات. واضطر الفريق إلى استبدال السيارة التي أصيبت، قبل الدخول إلى المعضمية حيث استمع إلى شهادات مصابين وجمع عينات للتحقيق في هجوم مفترض على المنطقة باستخدام أسلحة كيميائية. من جهته، قال ائتلاف المعارضة السورية إن قوات الرئيس بشار الأسد أسقطت قنابل فوسفورية ونابالم على المدنيين في ريف حلب أمس الأول مما أدى إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة العشرات. اقتصادياً، شهدت أسواق المال الخليجية انخفاضات حادة بسبب المخاوف من تصعيد عسكري في سوريا. وارتفعت أسعار النفط في نيويورك لدى الافتتاح متزامنة مع ازدياد الكلام عن تدخل دولي محتمل في سوريا قد يقوض الاستقرار في كامل المنطقة المهمة لإنتاج النفط. وفي الأراضي المحتلة، سارع الإسرائيليون إلى استبدال أقنعة الغاز القديمة أو الضائعة خوفاً من ضربة أمريكية مرتقبة على سوريا القريبة، ما قد يدفع سوريا إلى الرد ضد تل أبيب. وقال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي داني دانون إنه في حال قيام سوريا أو أي طرف آخر بمهاجمة تل أبيب فإنها سترد.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل ليست طرفاً في الحرب الأهلية السورية إلا أنها سترد بقوة على أي محاولات للاعتداء عليها.