عواصم - (وكالات): فشل مبعوثو الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن «بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة» في التوصل إلى اتفاق يقضي بتوجيه ضربة عسكرية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بعد اعتراض سفيري روسيا والصين وانسحابهما من الاجتماع، ورفضهما مسودة القرار الذي تقدمت به بريطانيا إلى مجلس الأمن والذي يمكن أن يسمح بشن عمل عسكري ضد سوريا.
وفي وقت لاحق، أكدت الحكومة البريطانية أنها لن تشارك في أي عمل عسكري ضد سوريا قبل معرفة نتائج تحقيقات الأمم المتحدة بشأن استخدام أسلحة كيماوية في النزاع السوري، وفق مذكرة يتوقع أن يتم رفعها إلى مجلس العموم البريطاني اليوم.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في وقت سابق، إن مجلس الأمن القومي أيد بالإجماع اتخاذ إجراء ضد نظام الأسد. وصرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن في ختام اجتماع لسفراء دول الحلف أن استخدام أسلحة كيميائية أمر «غير مقبول» و»لا يمكن أن يمر بلا رد». من جانبه، ذكر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن «مفتشي الأمم المتحدة الذين يحققون حول هجوم بالأسلحة الكيميائية في سوريا في حاجة إلى 4 أيام للانتهاء من عملهم». في المقابل، حذر رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي من أن بلاده ستكون «مقبرة للغزاة». وقد سمحت الحكومة الإسرائيلية باستدعاء جنود الاحتياط وعززت من دفاعاتها الصاروخية كإجراء احترازي ضد أي هجوم سوري محتمل.
وأجرى وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل اتصالاً هاتفياً بنظيره الألماني توماس دي ميزيير لبحث الرد المحتمل على استخدام سوريا المفترض لأسلحة كيميائية.
وأعلن كاميرون أن لندن قدمت مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي «يدين الهجوم الكيميائي» الذي وقع في 21 أغسطس الجاري في سوريا و»يسمح باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين».
وأوضح مكتب كاميرون أن مشروع القرار «يسمح بكل الإجراءات اللازمة بموجب الفصل السابع في الأمم المتحدة لحماية المدنيين من الأسلحة الكيميائية» في سوريا. والفصل السابع مخصص لأي «عمل في حال حصول تهديد للسلام وخرق للسلام وعمل عدواني». وذكر أن الهدف من القيام بتدخل عسكري محتمل في سوريا هو «تقليص قدرات استخدام» الأسلحة الكيميائية، معتبراً أن استخدام هذه الأسلحة «يتعذر أخلاقياً الدفاع عنه».
ويرى محللون أن الولايات المتحدة تستعد لضرب الأسد رغم أن الغرب يشدد على أن هدفه ليس إطاحة نظام الأسد وإنما معاقبته على استخدام أسلحة كيميائية بحق المدنيين.
ويتوقع محللون إطلاق صواريخ كروز من غواصات أمريكية وأخرى تابعة للحلفاء أو من سفن ويحتمل من طائرات، على سوريا من خارج مياهها الإقليمية أو أجوائها.
وأفادت مجلة «فورين بوليسي» أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تنصتت على مسؤول في وزارة الدفاع السورية يجري «مكالمات هاتفية مع قائد وحدة السلاح الكيميائي» وهو «مصاب بالذعر» بعد هجوم الأسبوع الماضي.
وقالت المجلة «الأربعاء الماضي وفي الساعات التي تلت الهجوم الكيميائي الرهيب شرق دمشق، أجرى مسؤول في وزارة الدفاع مكالمات هاتفية وهو مصاب بالذعر مع رئيس وحدة الأسلحة الكيميائية وطلب منه تفسيرات حول الضربة بغاز الأعصاب التي أدت إلى مقتل أكثر من ألف شخص».
وأضافت المجلة في بيان «إن هذه الاتصالات تنصتت عليها أجهزة الاستخبارات الأمريكية». وقالت «إنها السبب الرئيسي الذي يجعل المسؤولين الأمريكيين يؤكدون على أن هذه الهجمات يقف وراءها نظام بشار الأسد ولهذا السبب أيضاً يستعد الجيش الأمريكي لشن هجوم ضد هذا النظام في الأيام المقبلة».
من جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن إن المعلومات التي حصل عليها الحلف من مصادر مختلفة تشير إلى أن قوات الأسد هي المسؤولة عن استخدام أسلحة كيماوية في سوريا.
وأضاف متحدثاً بعد اجتماع للحلف على مستوى السفراء في بروكسل أن أي استخدام لمثل هذه الأسلحة «غير مقبول ولا يمكن أن يمر دون رد». وتابع في بيان «هذا خرق واضح للمعايير والممارسات الدولية القائمة منذ فترة طويلة، المسؤولون يجب أن يحاسبوا».
وقال وزير الخارجية التركي أحمدداود أوغلو إن تركيا وضعت قواتها المسلحة في حالة تأهب لحماية البلاد من أي تهديدات من جانب سوريا. وقد دعت منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 عضواً، إلى اتخاذ «إجراء حاسم» حيال الهجوم الكيميائي المفترض في سوريا.
وفي جنيف، صرح الموفد الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي في مؤتمر صحافي أن ضوءاً أخضر لمجلس الأمن الدولي ضروري للتدخل عسكرياً في سوريا.
وكان حلفاء دمشق صعدوا وتيرة تحذيرهم من احتمال اللجوء إلى القوة العسكرية ضد نظام الأسد. وأكد المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي أن «التدخل الأمريكي سيكون كارثة للمنطقة».
في المقابل، حذر رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي من أن بلاده ستكون «مقبرة للغزاة».
وقال الحلقي إن «سوريا ستفاجئ المعتدين كما فاجأتهم في حرب أكتوبر 1973، وستكون مقبرة للغزاة ولن ترهبها تهديداتهم الاستعمارية بفضل إرادة وتصميم شعبها الذي لا يرضى الذل والهوان».
وفي بغداد، وصف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التدخل العسكري الغربي المحتمل في سوريا بـ «الطريق المسدود».
وعلى صعيد التحقيق في الهجوم الكيميائي المفترض، وصل محققو الأمم المتحدة إلى الغوطة الشرقية التي استهدفت في «الهجوم الكيميائي» مع معضمية الشام جنوب غرب العاصمة التي زارها المحققون الاثنين الماضي.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن مفتشي الأمم المتحدة في حاجة إلى 4 أيام للانتهاء من عملهم. ورغم تعرضهم إلى عيارات نارية توجه المفتشون إلى أحد مواقع الهجوم المفترض قرب دمشق حيث قاموا بعملية جمع «وافرة» للأدلة وكان يفترض أن يواصلوا العمل لكنه أرجئ إلى الأربعاء لانعدام ضمانات من المعارضة حول أمنهم كما قالت دمشق، في حين نفى مقاتلو المعارضة ذلك.
وعاد المفتشون إلى فندقهم وسط دمشق، منهين زيارة تحقيق للغوطة الشرقية التي شهدت «هجوماً كيميائياً» تتهم المعارضة ودول غربية النظام السوري بتنفيذه.
ميدانياً، قال سكان ومصادر بالمعارضة السورية إن قوات الأسد أخلت فيما يبدو أغلب الأفراد من مقار قيادة الجيش والأمن وسط دمشق استعداداً لضربة عسكرية غربية.
على الأرض، استهدف مقاتلو المعارضة مبنى المخابرات الجوية في ساحة العباسيين شرق دمشق بقذائف الهاون، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون، وذلك بعد ساعات من سقوط صاروخي أرض أرض من مواقع قوات النظام على حيي جوبر والقدم.