عواصم - (وكالات): تشهد منطقة الشرق الأوسط تحركات عسكرية غربية، فيما بدت القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا متريثة في توجيه ضربة عسكرية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، بينما ينقسم المجتمع الدولي بين معارضي الأسد وحلفائه الذين يشددون على وجوب انتظار تقرير مفتشي الأمم المتحدة بشأن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا. وفي نيويورك، قال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن «الأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن اجتمعوا في وقت لاحق بناء على طلب موسكو حول الهجوم الكيميائي الذي وقع بريف دمشق الأسبوع الماضي»، فيما ذكرت قناة الجزيرة أن «الاجتماع انتهى دون التوصل إلى نتائج».
وأكدت واشنطن أنها «سترسل المدمرة الخامسة «يو اس اس ستاوت» إلى البحر المتوسط قبالة السواحل السورية». كما أعلنت لندن أنها «أرسلت 6 طائرات حربية من طراز «تايفون» إلى قاعدة عسكرية في قبرص». وقالت روسيا إنها «تعتزم إرسال سفينة مضادة للغواصات وقاذفة صواريخ إلى المتوسط». ومن فيينا، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن «المفتشين الدوليين سيواصلون تحقيقاتهم حتى اليوم وسيخرجون من سوريا بعد غد السبت وسيرفعون تقريرهم فور خروجهم». في المقابل، أكد الرئيس السوري بشار الأسد عزم بلاده على «الدفاع» عن نفسها في وجه أي ضربة عسكرية في أعقاب اتهام دول غربية له باستخدام السلاح الكيميائي.
وقال الأسد خلال استقباله وفداً يمنياً أن «التهديدات بشن عدوان مباشر على سوريا، ستزيدها تمسكاً بمبادئها الراسخة وقرارها المستقل النابع من إرادة شعبها»، مضيفاً أن «سوريا ستدافع عن نفسها في وجه أي عدوان». وكانت صحيفة «الأخبار» اللبنانية المعروفة بقربها من النظام السوري نقلت عن الأسد قوله لقياداته إن الضربة في حال حصولها ستكون «مواجهة تاريخية سنخرج منها منتصرين». وأكد مصدر أمني سوري أن الجيش النظامي يتحضر لـ»السيناريو الأسوأ» مع أخبار احتمال توجيه ضربة عسكرية للنظام.
وشملت التحضيرات إخلاء بعض المواقع أو تبديلها بشكل تمويهي، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبات من الممكن في دمشق ملاحظة تشديد الإجراءات الأمنية على الحواجز، في حين ينعكس الحديث عن ضربة محتملة قلقاً في صفوف سكان العاصمة، خاصة المقيمين منهم بالقرب من مراكز عسكرية وأمنية.
وتصاعد الحديث عن احتمال توجيه هذه الضربة بعد هجوم مفترض بالسلاح الكيميائي قرب دمشق في 21 أغسطس الجاري أدى إلى مقتل المئات، بحسب المعارضة التي اتهمت والدول الغربية، نظام الأسد بشن الهجوم.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن المفتشين الدوليين «سيواصلون تحقيقاتهم حتى اليوم وسيخرجون من سوريا بحلول صباح الغد وسيرفعون تقريرهم فور خروجهم». وقام المفتشون بزيارة للغوطة الشرقية لدمشق مسرح الهجوم المفترض، وذلك في زيارة هي الثانية توالياً خلال يومين.
وأفادت «الهيئة العامة للثورة السورية» أن المفتشين دخلوا إلى الغوطة الشرقية من جهة بلدة المليحة، وهي الطريق نفسها التي سلكوها أمس الأول في زيارتهم التي شملت بلدتي زملكا وعين ترما، من دون أن يكون في الإمكان التحقق من المناطق التي زاروها.
وزار المحققون معضمية الشام في الغوطة الغربية والتي تعرضت أيضاً لقصف بصواريخ مزودة مواد كيميائية بحسب المعارضة، حيث أخذوا عينات من مصابين في الهجوم المفترض. وتقع المعضمية والغوطة الشرقية تحت سيطرة مقاتلي المعارضة.
في غصون ذلك، واصلت الدول الغربية تحميل النظام السوري مسؤولية الهجوم المفترض، مواصلة استعداداتها لاحتمال توجيه الضربة.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمام مجلس العموم إن «مسؤولية» النظام السوري عن الهجوم «غير مؤكدة 100%» لكنه خاطب النواب قائلاً «عليكم اتخاذ قرار والرد على جريمة حرب» عبر الموافقة على مذكرة حكومية تجيز مبدأ التدخل العسكري في سوريا. وإذا اعتبر أنه «ليس هناك أدنى شك في أن الحكومة السورية تملك واستخدمت أسلحة كيميائية»، أكد أن «المسألة أمام مجلس العموم تتناول كيفية الرد على أحد الاستخدامات الأكثر فظاعة للأسلحة الكيميائية». ومن المتوقع أن يصوت البرلمان على اقتراح للحكومة ينص على مبدأ التدخل، وهو أمر قالت المعارضة العمالية إنها ستصوت ضده. وأعلنت لندن أنها أرسلت 6 طائرات حربية من طراز «تايفون» إلى قاعدة عسكرية في قبرص، وذلك في «إجراء احتياطي» لحماية مصالحها، مؤكدة أن «الطائرات لن تشارك في أي عمل عسكري ضد سوريا». وكان متحدث باسم رئاسة الحكومة البريطانية أعلن أن لندن «يمكن أن تشن» ضربات محددة الأهداف حتى من دون موافقة مجلس الأمن الدولي. وعلى صعيد التحضيرات، أكد مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية أن الولايات المتحدة سترسل مدمرة إلى قرابة السواحل السورية، ما يرفع إلى 5 عدد سفنها الحربية في شرق المتوسط. وصرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه لم يتخذ بعد قراراً بضرب سوريا، مؤكداً أن واشنطن «استخلصت بشكل قاطع» أن النظام السوري يتحمل مسؤولية الهجوم، وأن الضربة المحتملة ستكون «تحذيرية».
وأكد البيت الأبيض أن أوباما سيتخذ قراراً بشأن كيفية الرد على استخدام أسلحة كيماوية في سوريا بناء على مصالح الأمن القومي الأمريكية. من جهتهم، يبدو حلفاء دمشق مصممين على عدم إفساح المجال للدول الغربية للتحرك في شكل أحادي ضد سوريا. وقال المكتب الإعلامي للرئاسة الروسية إن الرئيس فلاديمير بوتين، أبرز الحلفاء الدوليين للأسد، اتفق والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل خلال اتصال هاتفي على «ضرورة أن يدرس مجلس الأمن الدولي لتقرير المفتشين» حول الأسلحة الكيميائية.
وأتى ذلك بعد ساعات من إعلان مصدر عسكري روسي أن بلاده تعتزم إرسال سفينة مضادة للغواصات وقاذفة صواريخ «خلال الأيام المقبلة» إلى المتوسط، بسبب «الوضع الذي يزداد تعقيداً في شرق المتوسط».
وأكد بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني خلال مكالمة هاتفية أنه من «غير المقبول» استخدام أسلحة كيميائية «من أي كان» في سوريا. من جانبه، حذر قائد أركان القوات المسلحة الإيرانية الجنرال حسن فيروز ابادي من أن «النيران» ستطال إسرائيل في حال استهداف سوريا عسكرياً.
إلا أن الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز أكد أن بلاده «لم تتورط وليست متورطة» في النزاع السوري، ولكن «إن حاول أحدهم إلحاق الأذى بنا فإننا سنرد بكل قوتنا».
ومن شأن أي هجوم عسكري على أهداف للنظام أن يعطي دفعاً للمعارضة التي تواصل مواجهتها على الأرض مع القوات النظامية من دون أن تكون قادرة على تحقيق إنجازات حاسمة . والتقى رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية أحمد الجربا في باريس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
وأعلن الجربا في مقابلة مع صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية أن على الغربيين أن يضربوا نظام بشار الأسد وأن يحيلوه على المحكمة الجنائية الدولية.
وفي المواقف الدولية والعربية، أعلن الفاتيكان أن البابا فرنسيس وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني يريان أن «التفاوض والحوار» هو «الخيار الوحيد» للخروج من الأزمة السورية فيما أعلن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر أن بلاده لن تشارك في عمل عسكري محتمل ضد سوريا. كما انضمت كنائس الشرق الأوسط إلى البابا فرنسيس في رفض التدخل العسكري في سوريا معتبرة أن تدخلاً من هذا النوع سيعيد التجربة المأسوية للتدخل العسكري في العراق قبل عشر سنوات.
وأكدت الحكومة المصرية معارضتها «بقوة» توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا، في حين دعت الكويت إلى عمل دولي «رادع» ضد الأسد. كما قال رئيس الوزراء الإيطالي انريكوليتا إن بلاده لن تشارك في أي عملية عسكرية ضد سوريا دون تفويض من مجلس الأمن.
وأكدت دول عدة في أمريكا اللاتينية معارضتها لتدخل عسكري في سوريا.
ميدانياً، قتل 9 عناصر من القوات النظامية في تفجير سيارة مفخخة في ريف دمشق تلته اشتباكات، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.