يرجع ظهور فكرة العمل التطوعي في العالم العربي إلى آواخر القرن التاسع عشر، حيث اعتبر آنذاك ركيزة أساسية في بناء المجتمع وتطوره، إذ أصبحت هناك قناعة بأن الدول لم تعد قادرة على سد احتياجات أفرادها ومجتمعاتها لذلك كان لا بد من وجود جهة أخرى تقوم بملء هذا المجال وتكمّل الدور الذي تقوم به الدول في تلبية الاحتياجات الاجتماعية. وقد ارتبط العمل التطوعي ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح، فهو وسيلة لراحة النفس والشعور بالاعتزاز والثقة بالنفس،وتظهر أهمية التطوع في استثمار أوقات الفراغ بشكل أمثل، كما أن له دور كبير في القضاء على بؤر الفساد في المجتمعات ومحاربتها،كذلك فأنه يعتبر تجسيدا لمبدأ التكافل الاجتماعي وتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي.ويؤدي العمل التطوعي إلى المساهمة في زيادة التعاون بين الأفراد،و إبراز الوجه الإنساني للعلاقات الاجتماعية، وإبراز أهمية التفاني في البذل والعطاء عن طيب خاطر في سبيل سعادة الآخرين، إضافة إلى المردود المادي والمعنوي على المجتمع.وكذلك توظيف المؤهلات و تحويل الطاقات الخاملة إلى طاقات منتجة.
والتطوع في العمل الاجتماعي له مجموعة من المقومات لابد أن تتوفر له لضمان ازدهاره ونموه ومن أهم هذه المقومات:
1- أن تكون الأعمال المسندة إلى المتطوعين ذات أهمية و فائدة واضحة وملموسة وإلا فقدوا اهتمامهم بها.
2- أن تتناسب الأعمال المسندة إلى المتطوعين مع ميولهم واستعدادتهم وقدراتهم.
3- أن يقبل المتطوعون الالتحاق بما يعد لهم من برامج تدريبية.
4- أن يتقبل المتطوعون الإشراف عليهم وعلى أعمالهم.
5- أن ينظر المتطوع إلى عمله التطوعي على أنه يماثل تماماً في التزاماته وواجباته الأعمال التي يقوم بها، فالمتطوع الناجح هو من يمكن الاعتماد عليه تماماً كالاعتماد على الموظف الذي يعمل بأجر.
6- تميزه بقدر من المعرفة والثقافة والمهارات والخبرات في المجال الذي يرغب بالتطوع فيه.
7- أن يكون المتطوع من ذوي السمعة الحسنة في مجتمعه.
وعادة ما يؤدى توافر هذه المقومات الى تحقيق التطوع للأهداف التي في سبيلها كان فهو يؤدي إلى رفع العبء المادي عن كاهل المنظمات الاجتماعية والحكومية منها على وجه الخصوص،كما أنه يمتاز بالحماس في الأداء وهو ما يفتقده العمل الروتيني المدفوع الأجر، ويتيح العمل التطوعي ممارسة حقيقية للديمقراطية الاجتماعية في المجتمع لما يمتاز به من حرية الإقدام عليه واختيار نوعية العمل والأداء كما يتيح للمتطوع التعبير الصادق عن رأيه في طبيعة ومستوى الخدمة والرعاية. بالإضافة إلى ذلك فإنه يسد العجز والثغرات في بعض التخصصات النادرة. من جهة أخرى، فإن العمل التطوعي له بعض الجوانب السلبية، فقد يؤدي الحماس الزائد لدى المتطوعين إلى إهدار بعض موارد المنظمة خاصة أن مستوى الأداء الفني ومعدله لدى المتطوعين قد يكون أقل من المتخصصين في طبيعة هذا العمل. كما يعاب على المتطوع عدم استمراريته في العمل في المنظمة، حيث يمكن للمتطوع أن ينسحب في أي وقت من العمل دون أن تكون عليه التزامات وأخيراً فإن الجمع بين الجهود التطوعية والنظامية في المنظمة قد يؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية خاصة مع انعدام الضبط وعدم إمكانية المتابعة والتقويم.
إن العمل التطوعي هو السبيل الأمثل نحو نهوض المجتمع اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً من خلال ما يفجره من طاقات داخل المجتمع تستطيع أن تساهم في عملية التنمية الشاملة داخل الدولة والأهم من ذلك أنه يسهم في تعزيز بنيانه الاجتماعي الداخلي ويزيد من تماسك أبنائه وانتمائهم له للتغلب على الصعاب التي يواجهها في طريقه نحو مستقبل أفضل.
رئيسة وحد شؤون المجالس التشريعية والبلدية عهود الحبيب