عواصم - (وكالات): دعت الدول العربية أمس المجتمع الدولي للقيام بتحرك ضد الحكومة السورية بعد هجوم كيماوي أودى بحياة مئات المدنيين. ودعا البيان الختامي للاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لاتخاذ الإجراءات الرادعة والضرورية ضد مرتكبي الجريمة التي قال إن الحكومة السورية تتحمل مسؤوليتها. وأضاف وزراء الخارجية العرب أنه يجب محاكمة المسؤولين عن الهجوم كمجرمي حرب.
من جهته، دعا وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب إلى اتخاذ «قرار حاسم» بدعم التدخل الدولي في سوريا معتبراً أن معارضة هذا التدخل لا تعني إلا «تشجيعاً للنظام السوري».
وقال الفيصل «إن أي معارضة لأي إجراء دولي لا يمكن إلا أن تشكل تشجيعاً لنظام دمشق للمضي قدماً في جرائمه» مضيفاً أنه «آن الأوان لمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته واتخاذ الإجراء الرادع» ضد النظام السوري. وأشار الفيصل إلى استخدام النظام السوري «للأسلحة الكيماوية» معتبراً أن «هذا السلوك المشين يعد رداً على المطالبين بالعودة إلى مجلس الأمن الدولي المكبل بالفيتو الروسي الصيني». واعتبر الوزير السعودي أنه «لم يعد مقبولاً القول بأن أي تدخل دولي يعد تدخلاً في الشأن الداخلي السوري فنظام دمشق هو الذي فتح الباب على مصراعيه لدخول قوات الحرس الإيراني وقوات حزب الله حتى أصبحت سوريا أرضاً يجب أن يقال إنها محتلة».
وقال الفيصل «ينبغي ألا نتجاهل أن الائتلاف الوطني المعارض أصبح ممثلاً للشعب السوري» و»مسؤوليتنا تحتم علينا الوقوف إلى جانبه ومساندته بكل الوسائل المتاحة لا سيما أن النظام السوري لم يستجب لكل النداءات العربية والدولية ولن يستجيب».
وتساءل الفيصل «هل المطلوب منا الانتظار حتى يبيد النظام السوري شعبه بأكمله».
وطلب رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا من الوزراء العرب في كلمة ألقاها خلال الجلسة نفسها بدعم العملية الدولية في سوريا. ودعا إلى قرار عربي لـ «تحرير سوريا من «حزب الله» والقوات الإيرانية والميليشيات العراقية المتطرفة التي استقدمها بشار الأسد»، مؤكداً أن «الحديث عن التدخل الخارجي في الشؤون السورية أصبح «ترفاً» في مواجهة «أعمال القتل المنهجية التي يرتكبها النظام كل يوم». وكان وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أكد من جهته في كلمته معارضة بلاده «لأي تدخل دولي» في سوريا. من جهته، أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن «الولايات المتحدة تمتلك دليلاً على أن غاز السارين استخدم في هجوم 21 أغسطس الماضي الذي اتهم نظام الأسد بشنه قرب دمشق»، داعياً الكونغرس إلى «الموافقة على توجيه ضربة عسكرية للنظام». وفي باريس، قال وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس إن «فرنسا لن تتحرك بمفردها في سوريا لكن ستنتظر قراراً من الكونغرس الأمريكي بشأن تنفيذ هجوم ضد حكومة الأسد». في المقابل، ردت سوريا على قرار الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بالقيام بعمل عسكري ضد نظام دمشق وطلبه مصادقة الكونغرس على الهجوم، بالإشارة إلى أن «أوباما مرتبك ومتردد، كمن صعد إلى قمة شجرة ولا يعرف كيفية النزول عنها لذلك لجأ إلى الكونغرس لإيجاد مخرج من ورطته». وحذر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي من أن المصالح الأمريكية ستتعرض للخطر إذا نفذت الولايات المتحدة تهديداتها بضرب سوريا»، ملمحاً إلى «رد إيراني». وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الكونغرس الأمريكي غير مخول بإعطاء الجيش الضوء الأخضر لضرب سوريا لأن مثل هذا العمل سيشكل انتهاكاً للقانون الدولي. وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن «تحليل العينات التي استخرجها مفتشو الأمم المتحدة بشأن الأسلحة الكيميائية خلال مهمتهم في سوريا قد يستغرق 3 أسابيع».
وقالت الأمم المتحدة إن العينات التي جمعها المفتشون من مواقع في سوريا قد تكون تعرضت لقصف بالسلاح الكيميائي، ستنقل إلى المختبرات المناسبة.
وقد أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن بلاده قادرة على مواجهة أي «عدوان خارجي»، في حين أبدت المعارضة السورية «خيبة أملها» إزاء قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما انتظار الضوء الأخضر من الكونغرس قبل شن أي ضربة على دمشق. ودعا الائتلاف السوري المعارض الكونغرس الأمريكي إلى اتخاذ «القرار الصحيح» الذي يدعم توجهات الحكومة الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية إلى النظام السوري. وصرح نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن الرئيس الأمريكي بدا عليه «الارتباك والتردد» خلال كلامه عن تريث في اتخاذ القرار حول الضربة العسكرية لسوريا. من جهته أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن الولايات المتحدة تمتلك دليلاً على أن غاز السارين استخدم في هجوم 21 أغسطس الذي اتهم النظام السوري بشنه قرب دمشق، داعياً الكونغرس إلى الموافقة على توجيه ضربة عسكرية للنظام. ويبدأ مجلسا النواب والشيوخ في الكونغرس الأمريكي مناقشاتهما، كل منهما على حدة في جلسات عامة اعتباراً من 9 سبتمبر الجاري. وسيصوت أعضاء مجلس الشيوخ اعتباراً من 9 سبتمبر، بحسب ما تعهد هاري ريد زعيم الأغلبية الديمقراطية.
في غضون ذلك، بدت فرنسا في الخطوط الأمامية إلى جانب الولايات المتحدة لشن ضربات ضد النظام السوري، بعد قرار بريطاني برفض أي ضربات. من جهته، أعلن رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور أن عمان «لن تكون جزءاً من أي حرب متوقعة على سوريا»، مؤكداً استعداد أجهزة الدولة الأردنية للتعامل مع أي تطورات قد تحدث في الجارة الشمالية. من جانبه، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأكيده أن بلاده مستعدة «لأي سيناريو محتمل» في سوريا.
وأعلن الأزهر الشريف، رفضه توجيه أي ضربة عسكرية لسوريا، ورأى في ذلك «اعتداء على الأمة العربية والإسلامية».
كما أعلنت الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة حماس رفضها شن أي هجوم على سوريا ودعت وزراء الخارجية العرب لعدم توفير الغطاء له. من جهة أخرى، نقلت وكالة العمال الإيرانية شبه الرسمية عن الرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني قوله إن «الحكومة السورية الحليف القوي لطهران نفذت هجمات بأسلحة كيماوية ضد أفراد شعبها».
ونقلت الوكالة عنه قوله «كان الشعب هدفاً لهجمات بأسلحة كيماوية من قبل حكومته والآن يتعين عليه كذلك انتظار هجوم من الأجانب». وأضاف «شعب سوريا تحمل الكثير من الأضرار في هذين العامين».
ميدانياً، تشهد منطقة الرحيبة شمال شرق دمشق معارك عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة السورية تخللها قصف عنيف من قوات النظام وغارات جوية، ما تسبب بمقتل 14 شخصاً، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلن المرصد السوري أن حصيلة القتلى الذين سقطوا في سوريا منذ بدء النزاع منتصف مارس 2011 تجاوز الـ110 آلاف شخص، بينهم 40146 مدنياً.