تطرح رواية «حكاية ماتيل»للكاتبة اللبنانية مي ضاهر يعقوب مشكلة قد لا تكون سهلة دائماً وهي كيف نكتب قصة من الواقع ولا تأتي مسطحة في عاديتها بل تتسم بروح فنية حية.
وهي هنا -لنجاح الكاتبة في سردها- تعيد طرح سؤال قديم يقال إن أرسطو بدأه في قوله إن الفن يقلد الحياة إلى أن جعل أوسكار وايلد القضية معكوسة فقال إن الحياة تحاكي الفن.
ومن خلال رواية مي ضاهر يعقوب الكاتبة والصحافية في جريدة النهار البيروتية قد نصل إلى استنتاج هو أن الفن يحاكي الحياة وأن الحياة نفسها إذا رويت بحيوية أحياناً فسيأتي الأمر فنياً مؤثراً.
وقد جاءت الرواية في 209 صفحات متوسطة القطع وصدرت عن دار النهار للنشر في بيروت.
تكتب مي ضاهر يعقوب قصة ماتيل أو ماتيلدا من خلال المرور بحقب تاريخية مختلفة تبدأ بالأجداد لتصل إلى البطلة وإلى الأحفاد. وهيتروي بتشويق ودفء.
في (تمهيد) تقول الكاتبة «بين دفتي هذا الكتاب قصة حقيقية لامرأة تدعى ماتيلدا ولدت في بيروت مطلع القرن العشرين. عرفت ماتيل -وهذا اسم الدلال- الطمأنينة والفرح والرفاه وما لبثت أن عاشت القهر والعذاب والازدراء والاغتراب والفقر والقلق إلى أن عاد إليها الاطمئنان فالترقي الاجتماعي والمهني والسعادة.
«ولعل أكثر أحداث هذه الرواية من نسج الخيال وكذلك الشخصيات وأسماؤهم. لكن ما حصل مع ماتيلدا في مفاصل أساسية من حياتها هو حقيقي تثبته قصيدة كتبها لها شقيقها مرحباً بها لدى عودتها في زيارة للبنان بعد أكثر من سبع وثلاثين سنة من الاغتراب عن وطنها وعائلتها.
«هاجرت ماتيلدا مطأطئة الرأس في العام 1924 إلى الارجنتين وعادت في العام 1961 مرفوعة الرأس وموفورة الكرامة راوية ما حدث معها من ظلم كان خافياً على الأقربين... انطلقت بالكلام من قصة خطفها... ولم تهدأ ولم تستكن إلى أن انفجرت صارخة في وجه الجميع لأنهم احتقروها من دون أن يعرفوا حقيقة ما حصل معها في ذلك اليوم الذي انتهى بزواجها من شخص سيئ الطباع من دينها ولأنهم ازدروها وتخلوا عنها نهائياً عندما تزوجت للمرة الثانية بعد سنوات لأن الزوج الجديد لم يكن من دينها مع أنه كان شهماً ونبيلاً».
انطلقت الكاتبة من سنة 1832 وما بعدها متحدثة عن الهجرات المختلفة والاضطهادات راوية قصة يوسف ماراكيس اليوناني الذي هرب من الفقر في بلده بحثاً عن عمل في مدينة حلب السورية وقصد صديق عمه الأرمني فاهان شادريان ليساعده في إيجاد عمل. عمل ونجح ولكنه أراد المزيد فقصد القامشلي السورية للعمل في الزراعة، وتتوالى أحداث الرواية حول محور الطائفة الأخرى.