عواصم - (وكالات): يبدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما حملة تعبئة مكثفة لإقناع أعضاء الكونغرس المترددين بالموافقة على تنفيذ عمل عسكري ضد سوريا، ويجري أوباما ونائبه جو بادين اتصالات هاتفية بعدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، في الوقت الذي يشارك فيه وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيان جون كيري وتشاك هيغل في جلسة استماع برلمانية في مجلس الشيوخ للدفاع عن التدخل عسكري في سوريا.
وبشأن التحركات العسكرية في المنطقة، تتوجه حاملة الطائرات الأمريكية «يو اس اس نيميتز» التي تشتمل على منصة إطلاق صواريخ موجهة و4 مدمرات غرباً باتجاه البحر الأحمر رغم أنها لم تتلق أوامر بدعم أي ضربة ضد سوريا، فيما أرسلت روسيا سفينة الاستطلاع «اس اس في 201 بريازوفيي» التابعة لأسطولها في البحر الأسود إلى السواحل السورية.
وفي باريس، قال مصدر بالحكومة الفرنسية إن «قوات الأسد نفذت هجوماً كيماوياً ضخماً ومنسقاً في 21 أغسطس الماضي»، حسب تقرير للمخابرات الفرنسية قدمته إلى البرلمان. من جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن إنه «مقتنع شخصياً» بأن نظام الأسد استخدم أسلحة كيميائية في ريف دمشق الشهر الماضي»، مضيفاً أنه «يتوجب على الأسرة الدولية الرد بقوة لمنع أي هجمات جديدة بالأسلحة الكيميائية مستقبلاً».
في المقابل، حذرت روسيا من أن «توجيه ضربة إلى سوريا سيؤدي الى تأجيل مؤتمر السلام في جنيف لفترة طويلة إن لم يكن إلى الأبد»، في حين طلبت دمشق من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «منع أي عدوان» عليها.
وتعتزم موسكو إرسال وفد برلماني إلى الولايات المتحدة لإقناع الكونغرس بعدم الموافقة على ضرب سوريا.
من جهته، حذر الرئيس السوري بشار الأسد من خطر اندلاع «حرب إقليمية» في حال توجيه ضربة عسكرية غربية إلى بلاده. وقال الأسد في حوار لصحيفة لوفيغارو إن «الشرق الأوسط برميل بارود والنار تقترب منه اليوم».
وأضاف «الشعب الفرنسي ليس عدواً لنا، ولكن مادامت سياسة الدولة الفرنسية معادية للشعب السوري، فهذه الدولة ستكون عدوة له، وستحصل تداعيات سلبية بالتأكيد على مصالح فرنسا».
كما أكد مصدر أمني سوري أن الجيش النظامي سيبقى «في حالة تأهب» رغم إرجاء الضربة العسكرية الأمريكية ضد الأسد، في الوقت الذي استدعي فيه مقاتلو «حزب الله» الشيعي اللبناني إلى مواقعهم في الأيام الماضية، كجزء من حال استنفار أعلنها الحزب تحسباً لضربة عسكرية ضد سوريا. من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن مؤتمر السلام المقرر عقده في جنيف للتوصل إلى تسوية للنزاع في سوريا سيؤجل لفترة طويلة «إن لم يكن للأبد» إذا مضت الولايات المتحدة في خطتها بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا.
وأعلن لافروف أن روسيا غير مقتنعة إطلاقاً بالأدلة التي قدمتها الولايات المتحدة وحلفاؤها لتأكيد استخدام نظام الأسد أسلحة كيميائية في هجوم 21 أغسطس الماضي بريف دمشق. من جهته، قال الأمين العام للحلف الأطلسي أندرس فوغ راسموسن «أنا شخصياً لست فقط مقتنعاً بأن هجوماً كيميائياً قد وقع، بل إنني مقتنع كذلك بأن النظام السوري هو المسؤول عنه». وفي باريس، أفاد مصدر حكومي أن الحكومة الفرنسية ستضع في تصرف البرلمان وثائق توضح مسؤولية النظام السوري عن الهجوم الكيميائي المفترض.
وقال المصدر إن الوثائق تتضمن «مجموعة من عناصر الأدلة من طبيعة مختلفة تسمح بالتعرف بشكل جيد إلى النظام على أنه المسؤول عن الهجوم الكيميائي بالغوطة».
ودعي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى المشاركة في فيلنيوس في اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمناقشة ملف سوريا بشكل خاص، وفق مصدر أوروبي. وفي بكين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمره الصحافي اليومي هونغ لي «إننا نشعر بقلق شديد من احتمال إقدام بلدان على القيام بأعمال عسكرية بصورة فردية» ضد سوريا.
في هذه الأثناء، بعث مندوب سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري برسالة إلى بان كي مون يدعوه فيها باسم الحكومة السورية «إلى الاضطلاع بمسؤولياته من أجل بذل مساعيه لمنع أي عدوان على سوريا، والدفع قدماً باتجاه التوصل إلى حل سياسي سلمي للأزمة في سوريا»، كما أفادت وكالة الأنباء السورية. وذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية أن إيران أبلغت الأمم المتحدة استعدادها العمل على التوصل إلى «حل سلمي» للأزمة في سوريا.
وأبلغ وزير الخارجية محمد جواد ظريف الأمين العام للأمم المتحدة هذه الرسالة خلال اتصال هاتفي أمس.
وقد نفت وزارة الخارجية الإيرانية تصريحات منسوبة للرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني اتهم فيها الحكومة السورية باستخدام الغاز السام في الحرب الأهلية هناك قائلة إن هذه التصريحات «محرفة».
من جانبه أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن القيادة الفلسطينية تعارض ضرب سوريا كما تعارض استخدام السلاح الكيميائي من أي طرف. وفي دمشق حملت معارضة الداخل الممثلة خاصة بهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في بيان السلطات السورية مسؤولية استخدام السلاح الكيميائي في ريف دمشق. وقالت هيئة التنسيق في بيان «إن استخدام الكيماوي في قصف المدنيين يشكل انعطافاً كبيراً في مسار الصراع الدامي لا يجوز أن يمر بدون عقاب وبدون محاسبة لكل من ساهم في ارتكاب هذه الجريمة البشعة والتي نرى أن النظام هو من يتحمل بشكل أولي المسؤولية عنها».
وكرر البابا فرنسيس الاثنين موقفه الرافض للحرب في سوريا وأرسل تغريدة على تويتر بتسع لغات قال فيها «لا للحرب أبداً! لا للحرب أبداً!»، مجدداً على موقع التواصل الاجتماعي نداءه الملح الذي وجهه من ساحة القديس بطرس وأعلن فيه معارضته أي حل مسلح للنزاع في سوريا. ودافع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عن قرار نظيره الأمريكي باراك أوباما الحصول على موافقة الكونغرس على شن عملية عسكرية ضد سوريا في مقابلة بثتها إذاعة الجيش الإسرائيلي. ميدانياً، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «90 مقاتلاً معارضاً قتلوا في كمين واشتباكات مع القوات النظامية في ريف دمشق خلال يومين». إلى ذلك، قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «مقاتلين من الكتائب المقاتلة شنوا منذ فجر أمس الأول هجمات على عدد من مواقع القوات النظامية في محيط بلدة الرحيبة، ودارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين»، مشيراً إلى أن قوات النظام قامت كذلك بقصف البلدة بالمدفعية والطيران الحربي. وأوضح عبد الرحمن أن أعمال القصف والاشتباكات «أدت إلى مقتل 42 شخصاً، بينهم 20 مقاتلاً، و4 أطفال و5 نساء من المدنيين في البلدة»، الواقعة شمال شرق دمشق، مشيراً إلى أن المدنيين قتلوا جراء القصف داخل البلدة، في حين قضى المقاتلون في الاشتباكات التي دارت في محيطها.
وتحاول القوات النظامية منذ أشهر السيطرة على معاقل لمقاتلي المعارضة في ريف دمشق، والتي يتخذونها قواعد خلفية لهجماتهم نحو العاصمة.
من جانبها، قالت المعارضة السورية إن الأسد نقل معدات عسكرية وأفراداً إلى مناطق مدنية ووضع سجناء في مواقع عسكرية كدروع بشرية ضد أي هجمات جوية غربية.
وقال ائتلاف المعارضة إن صواريخ من طراز سكود وراجمات صواريخ بالإضافة إلى جنود نقلوا إلى مواقع من بينها مدارس ومدن جامعية ومبانٍ حكومية داخل المدن.
وذكر ائتلاف المعارضة أن تقارير من داخل سوريا تؤكد أن الأسد أمر أيضاً بنقل المعتقلين إلى أهداف عسكرية واستخدامهم دروعاً بشرية في مواجهة الضربات الجوية الغربية.