بعد أن كانت أسواق بغداد تعج بالحياة وتكتظ بالمتسوقين الباحثين عن احتياجاتهم اليومية من الفاكهة والخضار والكتب وحتى الحيوانات الحية، أصبحت اليوم تعاني من أزمة ابتعاد المتسوقين عنها بسبب موجة التفجيرات التي استهدفتها ونشرت الرعب في النفوس.
وتشهد العاصمة بغداد، منذ مطلع العام الجاري موجة هجمات متلاحقة استهدفت مناطق مختلفة بينها أسواق ومناطق تجارية. ويقول علي حسين صاحب محل لبيع الأحذية الصيفية في منطقة الباب الشرقي الذي يعد من أقدم أحياء العاصمة بغداد على الضفة الشرقية من نهر دجلة، إن «كل يوم أسوأ من الذي قبله».
ويستذكر قائلاً «سابقاً، عندما كنا نعمل يوم الجمعة كانت الأمور جيدة ونكسب جيداً، ونستطيع شراء الكثير من احتياجات أطفالنا». وأضاف «لكن الآن الأمور سيئة، وتسير نحو الأسوأ يوماً بعد يوم بعد وقوع موجات انفجارات في بغداد». ويؤكد حسين «عندما أغادر منزلي متوجهاً إلى عملي أودع عائلتي وكأنني لن أراهم بعد الآن، وأتوكل على الله وأخرج». والحال ذاته في سوق المتنبي المعروف بمكتباته وكثرة زبائنه أيام العطل الرسمية، حيث يعمل هيثم الشمري الذي يشكو من قلة زبائنه.
ويقول هيثم «نلاحظ بعد يوم الانفجار أن السوق يصبح أكثر هدوءاً بكثير» حيث لا يرتاده سوى عدد قليل من المتسوقين. وأضاف وهو يشير بيديه إلى الشارع المخصص للمشاة وسط المدينة موضحاً أنه لا يرتاده سوى عدد قليل من الزبائن جميعهم من الرجال، «لم نر إلا القليل من العائلات منذ نحو شهرين في السوق». وقال إنه حتى بعد الهجمات، فإن «قيام السلطات الأمنية بزيادة نقاط التفتيش بهدف الحد من الهجمات، يزيد مشاكل التنقل وحركة الناس». ميدانياً، قتل 17 شخصاً في هجمات متفرقة بينها هجومان انتحاريان استهدفا منزل قائد صحوة العراق الشيخ وسام الحردان غرب بغداد الذي أصيب في الهجوم ، حسب ما أفادت مصادر أمنية وطبية . إلى ذلك، انفجرت عبوة ناسفة لدى مرور موكب القنصل التركي في محافظة نينوى اوسترك يلماز على الطريق الرئيس بين مدينتي الموصل وأربيل، دون وقوع ضحايا. وأفادت مصادر دبلوماسية أن الانفجار الذي وقع داخل مدينة الموصل، أحدث أضراراً مادية بسيارات موكب القنصل، الأربع على الطريق إلى مدينة أربيل كبرى مدن إقليم كردستان. بدوره، أكد المتحدث باسم الخارجية التركية الهجوم، وقال إن «التحقيقات لاتزال جارية وقد اتصلنا بالسلطات العراقية بصورة فورية بعد الحادث وطلبنا منها ضرورة العثور على الجناة وتعزيز أمن بعثتنا». من ناحية أخرى، زار فريق تابع للأمم المتحدة معسكر أشرف شمال شرق بغداد والذي يضم معارضين إيرانيين للاطلاع على ظروف مقتل عشرات من سكان المعسكر اتهمت منظمة مجاهدي خلق الجيش العراقي بقتلهم، الأمر الذي نفته السلطات العراقية. وأكد ضابط عراقي رفيع عضو في لجنة التحقيق التي شكلها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي العثور على 52 جثة في المعسكر الذي كان يقيم فيه نحو 100 من المعارضين الإيرانيين، في محافظة ديالى. وأكد الضابط أن «اللجنة عثرت على كميات كبيرة من المتفجرات موزعة على شكل سيارات وآليات ومنازل مفخخة وقد أثار هذا الأمر استغرابنا». وعزا الضابط سبب مقتل أعضاء المنظمة إلى خلافات داخلية بينهم. ويفترض أن تصدر لجنة التحقيق العراقية تقريرها خلال أيام. وترفض منظمة مجاهدي خلق هذه الرواية متهمة القوات العراقية بارتكاب «مجزرة» في المعسكر الذي اقتحمته وقتلت 52 من عناصرها وأشعلت النار في ممتلكاتهم. وقالت المنظمة إن العديد من الضحايا قتلوا بعد توقيفهم وتقييدهم، وأكدت كذلك أن هناك نحو 10 من عناصرها فقدوا. وأدانت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة المسؤولة عن إعادة توطين ونقل اللاجئين إلى خارج العراق وكذلك الولايات المتحدة وفرنسا العنف ضد المنظمة، لكن لم يتم توجيه اللوم الى جهة محددة مع عدم اتضاح ملابسات الأحداث.
«فرانس برس»