قالت وزارة شؤون حقوق الإنسان إن النداء العاجل المشترك لمقررين خاصين بمجلس حقوق الإنسان، بشأن توصيات المجلس الوطني، أورد «ادعاءات غير صحيحة ومجافية للحقيقة»، بينها مزاعم منح الأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة تؤدي إلى فرض السلامة الوطنية، فيما الحقيقة هي منح الصلاحيات الضرورية لحماية المجتمع من الإرهاب، إضافة إلى «افتراءات أن «المحاكمات تجري أمام محاكم عسكرية»، بينما جميع القضايا، منذ انتهاء السلامة الوطنية، أمام المحاكم العادية.
وأضافت الوزارة في بيان، رداً على «النداء العاجل» أمس، أن «التوصيات التي صدرت عن المجلس الوطني بمملكة البحرين توصيات قد أتت بعد تنامي أعمال العنف والإرهاب وزيادتها والتنوع في أدوات ووسائل ارتكابها واستهداف مرتكبيها للمصالح العامة والخاصة وتهديد سلامة المواطنين والمقيمين، مما أدى إلى ارتفاع وتيرة المطالبات الشعبية للسلطة التشريعية التي تمثل الشعب والمجتمع المدني بكافة طوائفه، بضرورة اتخاذ إجراءات وتدابير سريعة وحاسمة للتصدي للإرهاب المتزايد والحفاظ على السلم الأهلي».
وأشارت إلى أن «التوصيات لم تكن مخصصة بشكل كامل لتعديل أحكام القانون رقم (58) لعام 2006 « بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية»، حيث شملت عدة محاور أخرى ومن ضمنها توصية مهمة تؤكد على عدم المساس بالحريات الأساسية وخاصة حرية الرأي بشكل يوازن بين تطبيق القانون والمحافظة على حقوق الإنسان».
وتابعت أن التوصيات تضمنت محاور «من شأنها تشجيع الحوار الوطني والحفاظ على اللحمة الوطنية وتدشين برامج لإعادة تأهيل الشباب الذين يتم استغلالهم في الجرائم، وبيان خطورة الإرهاب وتأثيره على استقرار الوطن واقتصاده ونبذ كل ما يمت بالإرهاب ووسائله بصلة وذلك في إطار التزام مملكة البحرين بتفعيل قرار مجلس الأمن 1373 (2001)».
وحول توصية إسقاط الجنسية عن مرتكبي الأعمال الإرهابية والمحرضين عليها، أكدت الوزارة أن «مسألة الجنسية شأن سيادي بالدرجة الأولى، تنظمه التشريعات الوطنية، ويبقى للدولة القول الفصل فيها، طالما كان قرارها غير تعسفي وقائم على مسوغات قانونية وواقعية، ولا يصطدم بما هو مقرر من قواعد قانونية دولية في هذا الشأن».
وأوضح البيان أن «النظام القانوني في البحرين تضمن وسائل وسبل الانتصاف القضائية والإدارية وغيرها والحق في رفع دعاوى قضائية للمطالبة بالتعويض المدني لمن لحقه ضرر، ويعتبر حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفلها الدستور للجميع وتعتبر السلطة القضائية إحدى سلطات الدولة الثلاث وقد تناولها الدستور البحريني في المواد من 104–106 والتي تنص على أن شرف القضاء، ونزاهة القضاة وعدلهم أساس الحكم وضمان للحقوق والحريات وأنه لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء ويبين ضمانات القضاة والأحكام الخاصة بهم». وتابع أن «المحكمة الدستورية أرست على العديد من المبادئ في أحكامها في ما يخص الحق في اللجوء إلى القضاء حيث قضت أن «تقرير مبدأ حق التقاضي بنص الفقرة (و) من المادة 20 من الدستور المعدل يدل على العموم والإطلاق ليدخل في حكمه ضمان حق التقاضي في الناس كافة -على المواطنين والأجانب على السواء- ويشمل كذلك الحقوق جميعها سواء وردت في الدستور أو القوانين». القضية رقم (د/3/06) لسنة 2006».
وخلص البيان إلى أنه «مما تقدم يتضح أن مسلك مملكة البحرين في إسقاط الجنسية لا يتعارض مع الصكوك الدولية لحقوق الإنسان متى ما كان مرتكزاً على صحيح من القانون وغير تعسفي أو تحكمي».
وحول توصية المجلس الوطني المتعلقة بمنح الأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة تؤدي إلى فرض السلطات حالة السلامة الوطنية لفرض الأمن والسلامة المدنية، قالت الوزارة إن «هذا الكلام غير دقيق حيث إن التوصية جاءت بمنح الأجهزة الأمنية الصلاحيات الضرورية والمناسبة لحماية المجتمع من الأعمال الإرهابية والترويج لها وهو ما يتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم 1373 (2001)».
وفي ما يتعلق بحظر الاعتصامات في مدينة المنامة، بينت الوزارة، أنه «لا يكون منع الاعتصامات أو المسيرات أو التجمعات أو تحديد أماكنها قائماً إلا على أسس قانونية صحيحة ولا يكون بصورة تحكمية أو تعسفية، وهذا ما نص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادتين 21 و22 (2) والذي انضمت إليه مملكة البحرين بموجب القانون رقم (56) لسنة 2006، لذا فإن وضع الضوابط لممارسة هذا الحق لا تتنافى مع ممارسته متى ما كانت هذه الضوابط طبقاً للقانون وتقتضيها الضرورة لصيانة الأمن الوطني أو النظام العام أو السلامة العامة أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الغير وحرياتهم». وصححت الوزارة في ردها ما ورد في النداء العاجل، موضحة أنه «بعد انتهاء حالة السلامة الوطنية تمت إحالة جميع القضايا إلى المحاكم العادية، مما يجعل ما ورد في النداء العاجل بأن المحاكمات تجري أمام محاكم عسكرية عارياً عن الصحة ومحض افتراء». وأكدت وزارة شؤون حقوق الإنسان أنه لا توجد مضايقة لأي من الناشطين الحقوقيين أو المدافعين عن حقوق الإنسان بسبب نشاطهم الحقوقي، إذ يخضع هؤلاء إلى ما يخضع له الجميع في مملكة البحرين من حكم القانون، والتعرض للمساءلة في حال الخروج على أحكامه. وقالت الوزارة في معرض ردها إن «البحرين تعتبر الأمم المتحدة والمفوضية السامية والأجهزة الأخرى بما في ذلك آليات مجلس حقوق الإنسان شريكاً مهماً في مسألة تعزيز وحماية حقوق الإنسان، ولهذا فقد تعاونت معهم وستستمر في ذلك التعاون البناء، وتقدر مراجعتها للاستعلام عن مدى صحة الادّعاءات والمعلومات بشأن جوانب خاصة باحترام حقوق الإنسان».
وأشارت الوزارة في ردها إلى العديد من الإنجازات التي تمت على صعيد تعزيز وحماية حقوق الإنسان في مملكة البحرين، ومنها، إنشاء أمانة للتظلمات بوزارة الداخلية، تنفيذاً لتوصية اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، والتي تختص بتلقي وفحص الشكاوى المقدمة ضد منتسبي قوات الأمن العام، انعكاساً لنية الحكومة الصادقة وعزمها الأكيد على تنفيذ كافة التوصيات واتخاذ ما في وسعها من تدابير لصالح تعزيز وصون حقوق الإنسان.
وإنشاء وحدة خاصة للتحقيق تابعة للنيابة العامة التي تعد شعبة من شعب القضاء في المملكة، أحد الإنجازات المهمة في مجال المساءلة والمحاسبة في ما يخص جرم التعذيب، إضافة للتعديلات التي تمت على قانون العقوبات والتي تخص تعريف جرم التعذيب وفقاً للمعايير الدولية والنص على عدم سقوط جريمة التعذيب بالتقادم مما يعد إمعاناً في إضفاء الحماية والرعاية لضحايا هذه الجريمة الشنيعة. وبينت الوزارة أنه حرصاً من حكومة المملكة على عدم إفلات مرتكبي شتى صور جريمة التعذيب، صدر في التاسع من أكتوبر 2012 القانون رقم 52 لسنة 2012 والذي تضمن تعديل تعريف التعذيب الوارد في نصي المادتين 208 و232 من قانون العقوبات بأن تضمن النص الجديد للمادة 208 تجريم إلحاق ألم شديد أو معاناة شديدة سواءً بدنياً أو عقلياً بشخص محتجز بمعرفة موظف عام أو مكلف بخدمة أو تحت سيطرته بغرض الحصول على معلومات أو اعتراف منهُ أو معاقبته أو تخويفه أو إكراهه هو أو شخص آخر، وأكد التعديل أيضاً على عدم سريان مدة التقادُم على جرائم التعذيب. أما بالنسبة للمادة 232 فلقد تضمن التعديل معاقبة كل شخص ألحق ألماً شديداً أو معاناة شديدة سواءً بدنياً أو عقلياً بشخص يحتجزه أو تحت سيطرته بغرض الحصول على معلومات أو اعتراف منه أو معاقبته أو تخويفه أو إكراهه هو أو شخص آخر، وأكد التعديل أيضاً على عدم سريان مدة التقادُم على جرائم التعذيب.
وتضمن القانون المشار إليه أعلاه إلغاء المادة 134 التي كانت تجرِم إذاعة أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة في الخارج عن الأوضاع الداخلية في البلاد، وكذلك إلغاء المادة 174 بشأن تجريم صُنع أو حيازة أو توزيع أو لصق صور من شأنها الإساءة إلى سمعة البلاد.
وإمعاناً في التأكيد على ضرورة توفير الحماية الكاملة لحق المواطنين في التعبير، تم إضافة مادة جديدة (69 مكرراً) إلى قانون العقوبات والتي أكدت على أن يكون تفسير القيود الواردة على الحق في حرية التعبير في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر في الإطار الضروري اللازم لمجتمع ديمقراطي، وشددت على أنه يعتبر عذراً معفياً من العقاب ممارسة الحق في حرية التعبير في هذا الإطار.