كتب ـ حذيفة إبراهيم:
أنحى 65% من طلبة جامعة دلمون باللائمة على مجلس التعليم العالي وإدارة جامعة دلمون في قضية تأخير تصديق شهاداتهم، بينما حمل 12% منهم المسؤولية للجامعة دون سواها، ورأى 23% أن التعليم العالي وحده المسؤول عن المشكلة.
وأظهر استبيان إلكتروني أجرته «الوطن» شمل 244 طالباً متضرراً من أصل 800 بنسبة 30% واستمر 3 أيام، أن النسبة الأكبر من الطلبة كانوا من فئة المتزوجين، حيث بلغ عددهم 159 طالباً وطالبة بما نسبته 66%، مقابل 85 طالباً (34%) غير متزوجين.
وقال المؤهلون إن حياتهم الزوجية معطلة وأحوالهم المادية ضاقت نتيجة تأخر تصديق الشهادات، حيث وبدلاً من الحصول على وظيفة، اضطروا لدفع متراكمات الديون المستحقة شهراً بعد شهر.
وشارك في الاستبيان 78 طالبة بما نسبته (32%)، مقابل 167 طالباً بنسبة (68%)، فيما أكد الطلبة أن بعضهم اضطر للاقتراض أو العمل من أجل الدراسة، وآخرون تكفل ذووهم بمصاريفهم الجامعية، بينما جاءت النسبة الأقل لمن تم ابتعاثهم من قبل الجهات التي يعملون لديها.
وأظهر الاستبيان أن 91% من الطلبة بمجموع 222 طالباً وطالبة درسوا على نفقتهم الشخصية أو على حساب ذويهم، بينما 9% منهم (23 طالباً وطالبة)، تم ابتعاثهم من قبل الجهات التي يعملون لديها.
وقال بعض المبتعثين إنهم مضطرون لدفع مبالغ كبيرة إلى الجهات التي يعملون لديها في حال عدم تصديق شهاداتهم، حيث تصل بعض المبالغ إلى أكثر من 45 ألف دينار.
وحول أعمار المشاركين بالاستبيان، جاءت النسبة الأكبر لمن تتراوح أعمارهم بين 23 و27 عاماً بنسبة (42%)، بينما حل من فاقت أعمارهم 32 عاماً أكثر من 28%، وكانت نسبة من تراوحت أعمارهم بين 28 و32 عاماً 25%، بينما جاءت نسبة من تقل أعمارهم عن 22 عاماً 5% فقط.
وأنفق 80 طالباً حوالي 10 آلاف دينار بحريني طيلة فترة دراستهم، بينما أنفق 84 طالباً مابين 10 و20 ألف دينار، وقال 42 طالباً إنهم أنفقوا ما يتراوح بين 20 و30 ألف دينار، بينما أشار 38 آخرون إلى أن مجموع ما صرفوه على الدراسة فاق 30 ألف دينار.
وشارك في الاستبيان 112 طالباً بحرينياً، مقابل 118 طالباً من الكويت، و6 من المملكة العربية السعودية، و8 لم يحددوا دولتهم.
حالة اكتئاب
وقالت الطالبة إيمان إن عدم تصديق الشهادات أدخلها في حالة اكتئاب شديدة، بسبب عدم قبولها بأي وظيفة سواء في القطاع العام أو الخاص، مشيرة إلى أن الضرر المادي كان كبيراً بالنسبة لها كون أهلها هم من تكفلوا بمصاريف دراستها.
وأوضحت أنه يتردد كثيراً في منزلها كلمة «أصبحت عالة علينا» نظراً لعدم حصولها على وظيفة بينما يتحمل أهلها نفقات الدراسة، لافتة إلى أن المشاكل المنزلية ازدادت بسبب الضغوطات سواء المادية أو المعنوية من الأهل.
وقال الطالب سعد إن التأخير في تصديق الشهادات أدى إلى تأخر ترقيته لأكثر من سنة، إضافة إلى عدم حصوله على مميزات العمل، وتحمله غرامات مالية نتيجة تأخر تصديق شهادته.
من جانبه، روى الطالب محمد أنه ينتظر شهادته كي يستطيع الحصول على وظيفة، كون ذلك يمنع استقراره وإكمال نصف دينه، مؤكداً أنه كان من الطلبة الذين واظبوا على حضور المحاضرات في أوقاتها.
وأضاف «يجب ألا نقع ضحية سواء لتصفية حسابات أو مشاكل بين الجامعة والتعليم العالي، من يتحمل مسؤولية ضياع مستقبلنا».
الحلم الضائع
إحدى الطالبات فضلت عدم ذكر اسمها، قالت إنها درست لتساعد زوجها في مصاريف المنزل، والإنفاق على تعليم أبنائها الأربعة، مشيرة إلى أنه وبسبب ضعف راتب زوجها اضطر للاقتراض من أجل دراستها.
وأضافت أنها اقتربت من سن الأربعين وهي لم تحصل على وظيفة حتى الآن، معبرة عن مخاوفها من وصولها إلى سن لا يسمح لها بالحصول على وظيفة، وحينها تكون خسرت كل شيء.
وقال الطالب الكويتي أحمد إن المدة التي اغترب فيها ليست بالقليلة، حيث حرم نفسه من الراحة من أجل الدراسة، إلا أن تأخير تصديق الشهادات منع تقدمه لمقابلة من أجل الترقية في العمل، لافتاً إلى أنه تكفل بمصاريف الدراسة والسكن والسفر إلى البحرين.
مشاكل رديفة
من جانبه، نبه الطالب جاسم إلى أن والده طرده مرات عدة من المنزل لأنه أصبح «عالة على إخوته»، فضلاً عن إصابته بأمراض عدة بينها التهاب المعدة، مبيناً أنه يدفع حالياً مبالغ الاقتراض من البنك من أجل الدراسة، ولم يحصل على عمل حتى اليوم.
وقال الطالب صالح إنه تزوج خلال المرحلة الأخيرة من دراسته، إلا أن عدم تصديق شهادته أدى إلى تجميد «أحلامه» في الحصول على حياة كريمة، منبهاً إلى أن «راتبه لا يكفيه لآخر الشهر».
ولفت إلى أن زوجته كانت طالبة في جامعة دلمون، وتم نقلها إلى جامعة أخرى بعد قرار التعليم العالي بهذا الخصوص، موضحاً أنها اضطرت لإعادة سنة دراسية كاملة.
وطالب صالح الجهات المعنية بتحمل المسؤولية وتصديق الشهادات، سواء الجامعة أو غيرها، مشيراً إلى أن الطلبة تضرروا مادياً واجتماعياً بسبب تأخير تصديق الشهادات.
وذكر أحد الطلبة من الكويت أن تأخير تصديق الشهادة أدى إلى تفويته فرصة الحصول على بعثة لاستكمال الدراسات العليا حيث بلغ عمره 40 عاماً، مشيراً إلى أن ذلك يضعه بين «عدم تنفيذ حلمه في استكمال الدراسات العليا، أو التكفل بها على حسابه الشخصي».
وأضاف «تأخير تصديق الشهادة أدى إلى ضياع مدة تحسب لصالحي، للوصول إلى الترافع أمام محكمة الاستئناف».
من جانبها، ذكرت طالبة بحرينية لم تذكر اسمها أن فرصها في الحصول على عمل مناسب تضاءلت بشكل كبير، ما يهدد مستقبلها، فضلاً عن عدم مقدرتها على تسديد ديون الدراسة التي تكفلت بها والدتها وإخوتها.
الفرص تتضاءل
وذكر الطالب حسين أن تأخير تصديق الشهادة أدى إلى تأخير ترقيته في العمل، مشيراً إلى أن أرباب عمله يطالبونه بإعادة المصاريف المنفقة على ابتعاثه في حال عدم حصوله على الشهادة.
وأشار الطالب محمد القيصوم من المملكة العربية السعودية إلى أنه وبعد عناء طويل لعدة سنوات في التنقل بشكل يومي بين البحرين والسعودية بعد إنهائه العمل، فوجئ بعدم تصديق شهادته، ما عرضه إلى تعطيل ترقيته في العمل.
وتساءل «ما ذنب الطالب في دوامة الصراع الحاصلة بين جامعة دلمون والتعليم العالي؟».
وينتظر حمود من الكويت شهادته منذ عام ونصف، وقال إن تأخر تصديق الشهادة حرمه من دخول «الضباط» كونه تعدى السن القانونية بمدة 5 أشهر بينما ينتظر الشهادة.
وأضاف «حرمت من الحصول على الوظيفة التي أنتظرها رغم أني كنت قريباً منها، وأنا أنتظر ذلك الحلم منذ 10 سنوات، إلا أن تأخير تصديق الشهادة حرمني منها».
وأشارت مواطنة بحرينية لم تكشف عن اسمها إلى أنها متخرجة منذ عام ونصف وتنتظر الحصول على شهادة، مبينة أنها واصلت مشوار الدراسة رغم أنها متزوجة ولديها 3 أطفال.
وسألت «هل يريدون منا الجلوس في المنزل كي أصبح مواطنة فاشلة بدلاً من العمل كي يفتخر بي بلدي وموطني؟ واصلت الدراسة رغم أن لدي 3 أطفال، تعبت كثيراً وسهرت ليالي بين دراستي وبين تدريسي لأطفالي، أصبحت في الثلاثين من عمري، إن لم أعمل الآن متى سأعمل؟».
وأشار آخر إلى أنه قدم استقالته من عمله السابق عند انتهاء دراسته للحصول على عمل أفضل، إلا أنه «لم يستطع العودة للعمل القديم أو الحصول على عمل جديد».
أما طلال من الكويت، فيروي أنه مطالب بتسليم شهادته المصدقة إلى جهة عمله كونها تكفلت بمصاريف دراسته في جامعة دلمون.
وقال إن عدم تصديق التعليم العالي للشهادة خلال شهرين من الآن يعني اضطراره لدفع مصاريف الدراسة من خلال الاستقطاع من راتبه الشهري، مبيناً أن المصاريف ستكون قطعاً أكثر من نصف الراتب لثلاث سنوات قادمة لحين تسديد المبلغ كاملاً.
أما سلطان من الكويت فيقول إن عمره بلغ 27 عاماً ولم يستقر حتى الآن، ووصوله إلى سن الـ28 يعني حرمانه من وظائف كثيرة طالما حلم بها.
أما الطالب خالد من الكويت، فأشار إلى أنه يعيل أسرته ويؤجر شقة مقابل 300 دينار، ومدان للبنك بأقساط شهرية تصل إلى 380 ديناراً.
وتابع «إذا لم أستلم شهادتي الجامعية المصدقة، فذلك يعني أني مضطر لدفع مبالغ تقدر بـ45 ألف دينار كويتي لجهة عملي».
المعاناة مستمرة
ويعود موضوع تأخير شهادات جامعة دلمون إلى أكثر من عام ونصف، بعد أن رفضت إدارة التعليم العالي تصديق الشهادات دون وجود كشوف الدرجات الأصلية، وتبعها إعلان وزير التربية والتعليم حول وجود شبهة تزوير في الشهادات.
ورفع خريجو جامعة دلمون عريضة إلى سمو رئيس الوزراء يشرحون فيها معاناتهم، وترجمها سموه إلى أوامر بحل القضية، حيث
أفتت هيئة الإفتاء والتشريع القانوني بحلول للخروج من الأزمة، كان أحدها توقيع الجامعة على تعهد بمطابقة صحة الشهادات المقدمة مع الكشوفات الأصلية.
ورفضت إدارة «دلمون» التوقيع على التعهد بحجة أن «التعهد يحمل المسؤولية للقائم بأعمال الرئيس الحالي» حيث لم يمض على تعيينه 4 أشهر ولا يمكن تحميله أخطاء غيره.
واقترح محامي الجامعة في لقاء بين الطلبة وإدارة الجامعة أن يتم تعديل الصيغة لتحمل «الجامعة بشخصيتها الاعتبارية المسؤولية بدلاً من القائم بأعمال الرئيس»، وهو ما أعلنه النائب عيسى القاضي المتابع للقضية أن الجامعة قبلت به، لتعود الجامعة وتنفي موافقتها، مرجئة القبول والرفض إلى مجلس الجامعة الذي من المزمع أن ينعقد 10 سبتمبر الحالي.