عواصم - (وكالات): دعت 11 دولة في قمة مجموعة «العشرين» في بيان إلى «رد دولي قوي» على إثر استخدام أسلحة كيميائية في سوريا، مؤكدة أن مؤشرات تدل «بوضوح» على مسؤولية نظام الرئيس بشار الأسد في الهجوم الكيميائي على غوطة دمشق في 21 أغسطس الماضي. ووقعت على الدعوة كل من أستراليا وكندا وفرنسا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية والسعودية وإسبانيا.
من جانبه، أقر الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يسعى إلى الحصول على دعم الكونغرس لتدخل عسكري في سوريا، بأن المهمة ليست سهلة وأعلن أنه سيتوجه بكلمة إلى الأمريكيين الثلاثاء المقبل حول هذا الموضوع.
وقال أوباما في مؤتمر صحافي في ختام أعمال قمة مجموعة العشرين في سان بطرسبورغ «في الأيام المقبلة، سأواصل إجراء مشاورات مع نظرائي في العالم أجمع وفي الكونغرس. وسأحاول الدفاع بكل ما أُوتيت عن ضرورة القيام بعمل مناسب». وسيبدأ الكونغرس بعد غد الاثنين، مناقشة شن ضربات يريدها باراك أوباما رداً على الهجوم الكيميائي المفترض في ريف دمشق والذي تتهم واشنطن نظام بشار الأسد بشنه. وأقر أوباما بصعوبة الحصول على موافقة الكونغرس لتدخل عسكري ضد سوريا.
وتابع «انتخبت لوضع حد للحروب لا لبدئها»، لكن العالم لا يمكنه أن «يبقى متفرجاً» على إثر الهجوم الكيميائي الذي تتهم واشنطن النظام السوري بشنه.
وقال نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي توني بلينكن إن أوباما لا يعتزم تفويض الجيش باستخدام القوة في سوريا إذا رفض أعضاء الكونغرس اقتراحه.
وقد أبلغ وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل أعضاء الكونغرس أن ضربة عسكرية محدودة لردع سوريا عن استخدام الأسلحة الكيماوية ستتكلف على الأرجح عشرات الملايين من الدولارات لكن بالاسترشاد بالتجارب السابقة قد يزيد الرقم كثيراً عن ذلك. وفي مواجهة إصرار روسيا على موقفها من رفض تدخل عسكري، ضاعفت الولايات المتحدة التي أخفقت في توسيع التحالف ضد سوريا خلال قمة العشرين، انتقاداتها لموسكو التي حذرت واشنطن من ضرب المواقع الكيميائية. وتصاعد التوتر بين البلدين اللذين تراجعت العلاقات بينهما إلى أدنى المستويات، ولم يستغرق الهدوء بين البلدين أكثر من بضع ثوان خلال المصافحة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وباراك أوباما الذي أكد أن العالم لا يمكن أن يقف متفرجاً إزاء الوضع في سوريا. وأعلن الرئيس الروسي بعد لقاء مع أوباما أن كل منهما «بقي على موقفه». وقبيل ذلك، صرح مساعد مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض بن رودز خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة مجموعة العشرين في سان بطرسبورغ بروسيا «أعتقد أن الروس ليس لديهم ما يضيفونه إلى النقاش في الولايات المتحدة» بشأن النزاع في سوريا. وتقدم روسيا دعماً ثابتاً للأسد وتعارض أي تدخل عسكري أمريكي. وقد وعدت باستخدام حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي وتلوح بمخاطر تصعيد عسكري في المنطقة. ودفع الموقف سفيرة الولايات المتحدة في المنظمة الدولية سامنثا باور إلى اتهام موسكو بتحويل مجلس الأمن إلى «رهينة». من جهتها، حذرت روسيا الولايات المتحدة من مخاطر توجيه ضربات إلى مخزونات من المواد الكيميائية في سوريا. وواصلت روسيا تعزيز مواقعها بالقرب من سواحل سوريا. وستتوجه سفينة حربية روسية جديدة باتجاه الساحل السوري بعد تحميل «شحنة خاصة» من ميناء نوفوروسيتسك على البحر الأسود. وقال مصدر في قيادة أركان البحرية الروسية إن سفينة الإنزال نكولاي فيلتشنكوف التي ترسو في ميناء سيباستوبول ستتوقف في نوفوروسيتسك قبل أن تبحر إلى المتوسط. ووقف رؤساء الدول والحكومات في مجموعة العشرين لالتقاط صورة تذكارية على عجل في ختام قمتهم في سان بطرسبورغ الروسية. وخصص العشاء الرسمي مساء أمس الأول إلى حد كبير للنزاع في سوريا وعرض كل من المشاركين وجهة نظره حول الاتهامات باستخدام أسلحة كيميائية والجدوى من ضرب نظام دمشق كما يريد أوباما. وقال ديمتري بيسكوف الناطق باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن «القوى منقسمة بشكل متساو تقريباً». وشارك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في اجتماع عمل حول الوضع الإنساني على هامش القمة. وأضاف الأمين العام الذي يعارض الخيار العسكري «علي أن أحذر من أن عملاً عسكرياً غير معد بشكل جيد يمكن أن يؤدي إلى نتائج مفجعة». وبرزت خلافات الدول الأوروبية حول الأهمية التي ينبغي منحها لتقرير مفتشي الأمم المتحدة حول الأسلحة الكيميائية في سوريا والذي طلبت ألمانيا نشره في أسرع وقت ممكن. وطمأن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند شركاءه الأوروبيين في ختام قمة مجموعة العشرين في سان بطرسبورغ بالتأكيد أن فرنسا ستنتظر تقرير مفتشي الأمم المتحدة بشأن هجوم 21 أغسطس الكيميائي في ريف دمشق قبل بدء أي عمل عسكري ضد النظام السوري. وقد لبى بذلك رغبة مشتركة أعربت عنها أكثرية وزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي المجتمعين في فيلنيوس بليتوانيا «لتنسيق» مواقفهم حول الملف السوري. كما اتفق وزراء الدفاع الأوروبيون على أنه تم استخدام أسلحة كيميائية في 21 أغسطس الماضي في سوريا وعلى وجود «مؤشرات كثيرة» إلى مسؤولية النظام في الهجوم. وعبر وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي عن أمله في أن تقوم الأمم المتحدة بـ «تسريع» عمل الخبراء الذين حققوا في سوريا حول استخدام الأسلحة الكيميائية. إنسانياً، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» أن ما يقارب المليوني طفل سوري بين سن السادسة والـ15 عاماً، أي ما نسبته 40% من إجمالي السوريين في هذه الفئة العمرية، باتوا خارج المدارس. والاثنين، يتوجه وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو للقاء نظيره الروسي والتباحث حول «كافة جوانب الوضع في سوريا»، كما أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان. من جهته، وجه رئيس مجلس الشعب السوري جهاد اللحام «رسالة مفتوحة» إلى البرلمانيين الأمريكيين ناشدهم فيها «عدم التهور» بالتصويت لصالح ضربة عسكرية تنوي الولايات المتحدة وحلفاء لها توجيهها ضد بلاده. من جانب آخر، قالت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» إن الرئيس الصيني شي جينبينغ أبلغ نظيره الأمريكي أنه لا يمكن حل الأزمة في سوريا إلا من خلال الحل السياسي وليس بالهجوم العسكري.
وفي روسيا، قال المبعوث الدولي لسوريا الأخضرالإبراهيمي إنه لا يحق لأي دولة أن «تطبق العدالة بنفسها» وأن تقوم بعمل عسكري يستهدف سوريا دون موافقة مجلس الأمن الدولي. ميدانياً، أكدت المعارضة السورية أن المقاتلين الذين سيطروا قبل يومين على حاجز للقوات النظامية على مدخل بلدة معلولا التاريخية ذات الغالبية المسيحية شمال دمشق، انسحبوا من أطرافها.
من جهة أخرى، تتعرض منطقة معضمية الشام جنوب غرب دمشق لقصف عنيف من القوات النظامية في محاولة للسيطرة على القطاع القريب من مطار عسكري استراتيجي في دمشق قبل ضربة عسكرية غربية محتملة، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
من جانب آخر، نصحت وزارة الخارجية الأمريكية كل الأمريكيين بتجنب زيارة لبنان وإرجاء أي رحلة غير ضرورية إلى تركيا مشيرة إلى أسباب أمنية واحتمال حدوث أعمال عنف. وأعلنت السفارة الأمريكية في لبنان تقليص عدد موظفيها «غير الضروريين» مع أفراد أسرهم بسبب «تهديدات لمرافق وأفراد البعثة الأمريكية».
واتخذت السلطات اللبنانية تدابير وقائية لحماية مقرات البعثات الدبلوماسية ومواجهة تداعيات أي ضربة عسكرية غربية محتملة ضد سوريا.
وقالت الخارجية الأمريكية إنها بدأت خطوات لخفض وجودها الدبلوماسي في القنصلية العامة في أضنة بتركيا بسبب تهديدات أمنية. من ناحية أخرى، قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن الولايات المتحدة التقطت أمراً أصدره مسؤول إيراني إلى مقاتلين في العراق لمهاجمة المصالح الأمريكية في بغداد إذا شنت حكومة الرئيس باراك أوباما هجوماً عسكرياً في سوريا.