كتب- يوسف العرادي:
دشنت مبادرة درايش ضمن مهرجان تاء الشباب 5 الذي ينطلق هذا العام تحت شعار «تفاعل... تناغم... تكامل» مساء يوم أمس الجمعة، في اللاجون بجزر أمواج، معرضها التجريبي الأول «محطة تقود إلى...».
وشكل المختبر المعماري معرضاً للتصميم الداخلي والمكاني، الذي يتضمن مجموعة متسلسلة من الغرف الصغيرة، بداخل كل واحدة منها تجربة نفسية مغايرة أو ملامسات جمالية صادمة تنقل فكرة معينة وتختبر المفاهيم المعمارية قياساً على تعامل الناس داخل المكان.
وكانت الغرفة الأولى في هذه المحطة تجسد نوافذ ملونة ترصد العلاقة المباشرة ما بين الرائي واللون، وتكشف خلفها ملامح شخصية محبي لون ما، بهدف نسج العلاقة ما بين عنصر اللون في المعمار والأثر النفسي أو المكتسبات الشخصية التي ترتبط بهذا العنصر.
وتستوقف فكرة تحريك الأشياء من أماكنها وتحويلها إلى فوضى الزائرين في محطة أخرى قريبة، تقبض فيها على تصور الدمار أو الشروخ قياسًا على مواضع الأشياء وترتيبها.
وتجسدت تفسيرات الضوء والظلام، في المحطة التي تليها، حيث كانت سوداء ومظلمة تماماً سوى من أقراص مدمجة تزين الحائط وبعض النقاط الضوئية، وترصد فيها لحظة الهدوء والتأمل، وانحياز الإنسان إلى الضوء في حالة الظلام المطبق.
وفي استهدافٍ لبوصلة الإنسان الداخلية وعلاقته بالاتجاهات والإرشادات، كانت المحطة الوسطى صادمة للزائرين لاحتوائها على العديد من الأبواب الوهمية باستثناء أحدها ومجموعة من الأسهم الإرشادية المتداخلة، وهنا كان يحتمل المختبر أبعاداً ومفاهيم عمرانية عديدة منها ما يتعلق بالاتجاهات، تعدد الخيارات، وجود العناصر العمرانية من أبواب، عنصر اللون والفضاء العام، ما وضع العديد في حيرة حول أي العناصر المعمارية التي يجب أن يتبعها وأيها لها الأولوية، وكان بابها الحقيقي الوحيد يفضي إلى غرفة أخرى مقلوبة رأساً على عقب ترصد صدمةً أخرى تختلف فيها معايير التعامل مع المكونات المعمارية والأثاث.
وجسدت الغرفة الأخيرة في هذا المعرض، مساحة بيضاء ببقع ملونة تشرح التغيير الهائل الذي قد يحدثه لون ما. مثل هذه التعددية كانت شرحاً بصرياً مكثفاً للعلاقة ما بين المكان وإمكانية تغييره، باستخدام أبسط العناصر وبقدرة اللون على ترك أثر نفسي هائل في علاقته بالمكان.
وصرحت رئيسة الفعالية روان حجازي أن الفعالية تقيس السلوك الإنساني في التصميم الداخلي والمعماري من خلال التصميم الموجود في كل حجرة، إضافة إلى أن كل فكرة تتضمن تعاملاً مختلفاً مع التصميم الداخلي من خلال حجرة تقيس ردة فعل الأشخاص وتفاوتها، التي قد تنعكس على المشاعر والسلوكيات وطبيعة التصرف. وأكدت أن هذا المعرض يستهدف دراسة العلاقة ما بين فضاء معين بمفاهيم معمارية مكثفة والسلوك الإنساني بقلبِ هذا الفضاء.
ولاقت الفعالية حضوراً لافتاً من مرتادي اللاجون بجزر أمواج، الذين مروا بهذه التجربة وسجلوا تعليقاتهم وردود أفعالهم في نهاية المطاف للزيارة.
وتستهدف درايش هذه السنة ثقافة المكان أو المكون الوجودي العمراني في البيئة التي ينتمي إليها هذا الإنسان، وتحاول بحث هذه العلاقات من خلال تفكيك المفاهيم الخاصة بهذا النمط الثقافي ومحاولة تفعيل مفهوم الأنسنة في العديد من النقاشات، المناظرات، المسابقات، التصاميم، تحليل النماذج المعمارية ودراستها، إلى جانب محاولات صنع ذاكرة بصرية خاصة لاستيعاب المكان والفضاءات المعمارية كثقافة وهوية إنسانية، عبر العديد من الأدوات العامة التي تجعل العمارة في متناول الجميع وأكثر انسجاماً معهم.