عواصم - (وكالات): أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، «وجود إجماع عربي على أن الرئيس بشار الأسد تجاوز خطاً أحمر باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا»، موضحاً أنه «حصل على تأييد عربي لتوجيه رد قوي على استخدام الأسد لتلك الأسلحة».
وأضاف كيري الذي اجتمع في باريس مع وزراء عدد كبير من الدول العربية، أن السعودية، التي حضر وزير خارجيتها سعود الفيصل الاجتماع، وقعت على الدعوة التي أطلقتها الجمعة الماضي 12 من دول مجموعة العشرين لتوجيه «رد قوي» على استخدام الأسلحة الكيميائية، ووافقت على ضرب الأسد، مشيراً إلى أن «دولاً عربية أخرى ستعلن موقفها في هذا الشأن خلال الـ 24 ساعة المقبلة». وتابع كيري «النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية 11 مرة، وانتهاء الحرب الأهلية في سوريا يتطلب حلاً سياسياً فلا يوجد حل عسكري».
من جهته، أعلن وزير الخارجية القطري خالد العطية أن «بلاده تدعم إعلان الدول الـ 12 في مجموعة العشرين».
ويواصل وزير الخارجية الأمريكي في أوروبا جهوده الدبلوماسية للحصول على تأييد لتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا المتهمة باستخدام أسلحة كيميائية، فيما تتكثف التحضيرات العسكرية في واشنطن لهذه الضربة.
وقبل تصويت الكونغرس الأمريكي الذي سيجري في الأيام المقبلة، وقبل نشر تقرير الأمم المتحدة حول استخدام أسلحة كيميائية في هجوم ريف دمشق في 21 أغسطس، التقى كيري في باريس نظراءه في دول عربية عدة إضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي.
وكررت إيران أبرز حليف إقليمي لدمشق رفضها أي تدخل عسكري غربي في سوريا، معتبرة أنه «غير قانوني» وفق ميثاق الأمم المتحدة بحسب ما أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارته لبغداد. وقال الوزير الإيراني «ندعو كل الدول إلى الجلوس للطاولة لحل الأزمة السورية سلمياً». بدوره، دعا نظيره العراقي هوشيار زيباري إلى حل سلمي للأزمة مؤكداً أن أي ضربة عسكرية لسوريا ستضر بالجهود السياسية الراهنة.
وطوال نهاية الأسبوع، أعلنت باريس وواشنطن عزمهما على «معاقبة» النظام السوري عسكرياً، لافتتين إلى دعم دولي «واسع ومتعاظم» لعمل عسكري.
وتؤكد فرنسا والولايات المتحدة، رغم خلافهما المدوي في شأن العراق عام 2003، أن تحركاً عسكرياً ضد سوريا لن يشبه في شيء العمليات العسكرية في العراق وأفغانستان وحتى في كوسوفو وليبيا.
وحذر كيري في مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس من أن «الولايات المتحدة لا يمكنها أن تسمح لديكتاتور باستخدام أشد الأسلحة ترويعاً بلا عقاب».
وأكد الوزير الفرنسي أن «7 من 8 دول في مجموعة الثماني» و»12 بلداً عضواً في مجموعة العشرين يشاطروننا تحليلنا في شأن رد قوي»، مشيراً أيضاً إلى تأييد الدول الـ 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. لكن الاتحاد الأوروبي والدول الـ 12 في مجموعة العشرين تجنبت الحديث عن عملية عسكرية، معربة في صيغة غير واضحة عن تأييدها القيام بـ «رد واضح وقوي» على النظام السوري. ويعود كيري إلى واشنطن بعد توقف في لندن للقاء وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ.
في الوقت ذاته، دافع كيري عن نشر تسجيلات فيديو تحوي صوراً مروعة لضحايا الهجوم الكيميائي الذي تتهم واشنطن النظام السوري بشنه على ريف دمشق الشهر الماضي ودفع الولايات المتحدة إلى التفكير في شن هجوم عسكري ضد النظام. وتظهر تسجيلات الفيديو التي نشرتها لجنة من الكونغرس الأمريكي على الأنترنت مشاهد لرجال وأطفال يتألمون ويتقيؤون.
وبثت شبكة «سي ان ان» تلك المشاهد التي اعتبر البعض أنها تحوي مشاهد مروعة للغاية.
من جهته، قال رئيس موظفي البيت الأبيض دينيس ماكدونو أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تخطط «لكل طارئ» في حال ظهور أي تبعات للضربات العسكرية الأمريكية المحتملة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وقد أعلن هيغ أن الوضع «سيكون مقلقاً إذا قررت مختلف برلمانات العالم» هي أيضاً أنه يجب عدم التدخل، معتبراً أن «مخاطر عدم القيام بشيء أكبر من مخاطر التحرك».
وسيتخذ الكونغرس الأمريكي خلال الأيام المقبلة موقفه من الضربة العسكرية المحتملة بناء على قرار الرئيس أوباما نهاية الأسبوع المقبل. لكن الموافقة على العمل العسكري ليست أمراً مؤكداً وخصوصاً في مجلس النواب.
وفيما كانت قنوات التلفزيون الأمريكية تبث في نهاية الأسبوع مشاهد لضحايا الهجمات بالسلاح الكيميائي في 21 أغسطس، سيجري الرئيس الأمريكي مقابلة مع كبرى الشبكات الأمريكية على أن يتوجه أوباما إلى الأمريكيين قبل تصويت الكونغرس. وقد وعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالتحدث إلى الفرنسيين بعد تصويت الكونغرس وتسليم تقرير مفتشي الأمم المتحدة. وترى غالبية دول الاتحاد الأوروبي أن هذا التقرير المنتظر صدوره في الأيام المقبلة يشكل مرحلة أساسية من شأنها تأكيد الاتهامات المساقة بحق النظام السوري بشكل مستقل. والتزم هولاند انتظار صدور هذه الوثيقة قبل التحرك عسكرياً.
وفي هذا الإطار، أفادت صحيفة «لوس انجليس تايمز» أن وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» تحضر ضربات أقوى ولفترة زمنية أطول مما كان مقرراً أساساً ضد سوريا ويرتقب أن تستمر لـ 3 أيام.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهم إن المخططين للحرب يسعون حالياً لإطلاق ضربات صاروخية كثيفة تتبعها هجمات إضافية على أهداف قد تكون أخطأتها أو لا تزال قائمة بعد الضربة الأولى.
من جانبه، نفى الرئيس السوري بشار الاسد لشبكة «سي بي اس» الأمريكية أن يكون النظام السوري مسؤولاً عن الهجوم الكيميائي في ريف دمشق، بحسب ما نقل مراسل الشبكة الأمريكية الذي أجرى مقابلة معه في دمشق.
وقال المراسل تشارلي روز عبر «سي بي اس» إن الأسد «قلق من أن يقلص الهجوم على سوريا قوة جيشه وسيكون هناك انتقام لا محالة من حلفاء سوريا رداً على الضربة».
وكشفت صحيفة «بيلد» الألمانية استناداً إلى عمليات تنصت للجيش الألماني أن بشار الأسد لم يوافق شخصياً على الأرجح على هجوم 21 أغسطس الماضي.
وفي سياق آخر، كرر البابا فرنسيس معارضته للحرب في سوريا مندداً بـ «الحروب التجارية لبيع أسلحة» وبـ «انتشار» الأخيرة، داعياً المسؤولين السياسيين إلى «إيجاد حل عادل للنزاع الأخوي».
من جانبها، انتقدت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل مسارعة عدد من دول الاتحاد الأوروبي إلى توقيع نداء من أجل «رد قوي في سوريا» قبل 24 ساعة من اجتماع مقرر لجميع أعضاء الاتحاد الأوروبي.
عسكرياً، نقلت وسائل إعلام تركية أن الجيش التركي نشر مزيداً من بطاريات الصواريخ المضادة للطيران على الحدود مع سوريا، فيما نشرت إسرائيل نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي قرب القدس المحتلة.
ميدانياً، استولى مسلحو المعارضة السورية على بلدة معلولا المسيحية شمال دمشق بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان وأحد سكان المدينة.
وقال المرصد إن المعارك أدت إلى سقوط 17 قتيلاً وأكثر من 100 جريح من مقاتلي المعارضة وعشرات القتلى والجرحى في صفوف القوات الحكومية واللجان الشعبية الموالية لها، فيما أكد سكان أن غالبية أهالي معلولا غادروها تباعاً منذ الأربعاء الماضي بسبب موجة الذعر التي أصابتهم بعد اندلاع المعارك.
واندلعت المعارك في معلولا إثر تفجير عنصر من جبهة النصرة نفسه في حاجز القوات النظامية عند مدخل البلدة. وتلت ذلك اشتباكات عنيفة وكر وفر، بحسب المرصد. ثم استعادت قوات النظام الحاجز وهاجمت المقاتلين في محيط البلدة.