عواصم - (وكالات): سعت روسيا إلى استعادة زمام المبادرة في الملف السوري مقترحة وضع ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية تحت إشراف دولي، الأمر الذي سارعت دمشق إلى الموافقة عليه، فيما أعلنت الولايات المتحدة أنها سترحب بأي خطة تقضي بتخلي سوريا عن أسلحتها الكيميائية، إلا أنها قالت إن سجل دمشق السابق لا يوحي بالكثير من الثقة بأنها ستوافق على القيام بذلك.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن دمشق لاتزال مستعدة للتفاوض على حل سلمي، مقترحاً في الوقت نفسه على السوريين وضع مخزونهم من الأسلحة الكيميائية تحت مراقبة دولية ثم التخلص منه.
وقال لافروف في تصريح مقتضب بعد ساعات قليلة على لقائه نظيره السوري وليد المعلم «ندعو القادة السوريين ليس فقط إلى الموافقة على وضع مخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية تحت مراقبة دولية، ثم التخلص منه، لكن أيضاً إلى الانضمام بالكامل إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية». وعلى الفور رحب وليد المعلم، الموجود في موسكو، بالمبادرة الروسية وقال «ترحب القيادة السورية بالمبادرة الروسية انطلاقاً من حرصها على أرواح مواطنيها وأمن بلدنا ومن ثقتنا من حرص القيادة الروسية على منع العدوان على بلدنا». من جانبه دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى إنشاء مناطق تخضع لإشراف الأمم المتحدة في سوريا يمكن أن يتم التخلص فيها من الأسلحة الكيميائية.
ويمكن أن يعرض بان كي مون إقامة هذه المناطق على مجلس الأمن إذا أكد المحققون الدوليون استخدام أسلحة كيميائية في النزاع السوري لتجاوز «الشلل المحرج» للمجلس بشأن سوريا.
وقال نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي توني بلينكن إن واشنطن «ستدرس بدقة» الخطة الروسية التي قال إنه لم يتم عرضها إلا بسبب التهديدات الأمريكية باستخدام القوة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
من جهتها، قالت مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح لدول مثل كوريا الشمالية وإيران بأن تظن أن واشنطن لن ترد على هجوم بالأسلحة الكيماوية في سوريا.
وقد رحب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالاقتراح الروسي. وقال كاميرون «هذا الأمر سيكون خطوة كبيرة إلى الأمام ويجب تشجيعها». من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن المبادرة الروسية مقبولة وتستحق الدراسة والبحث وفق شروط.
في المقابل، اتهم رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس موسكو ودمشق بـ «الكذب» و»الخداع» بشأن المبادرة. وقبل ذلك بساعات وجه الأسد تحذيراً إلى واشنطن في حديث بثته شبكة التلفزيون الأمريكية «سي بي اس».
وفي الحديث حذر الأسد من عواقب لا يمكن توقعها لهذه الضربات المحتملة في منطقة «كل شيء فيها على حافة الانفجار».
وقال الأسد إن «الحكومة السورية ليست اللاعب الوحيد في المنطقة. هناك أطراف مختلفة وفصائل مختلفة وأيديولوجيات مختلفة» محذراً الأمريكيين من أنهم «سيدفعون الثمن إذا لم يتصرفوا بحكمة».
وأضاف «لست عرافاً لأقول لكم ما سيحدث» دون أن يستبعد استخدام الأسلحة الكيميائية «إذا كان يملكها المتمردون أو إرهابيون في المنطقة أو أي مجموعة أخرى».
وفي ظل التشكك التام في نتيجة التصويت النهائي للكونغرس على الضربات في سوريا والذي لن يجرى قبل الأسبوع المقبل يتعين على باراك أوباما مواجهة رأي عام معارض للتدخل العسكري في سوريا الذي يعارضه 60% من الأمريكيين حسب استطلاع نشر أمس.
وإدراكاً منه بأن الأمر يتعلق بمصداقية الولايات المتحدة وولايته الرئاسية نفسها سيقوم أوباما بحملة قوية لإقناع النواب الجمهوريين والديمقراطيين بالموافقة على هذه الضربة. وفي هذا الإطار سيدلي الرئيس الأمريكي بـ 6 أحاديث لقنوات تلفزيونية يبدأ بثها في وقت لاحق وذلك قبل أن يتوجه مساء اليوم للأمريكيين.
وأعلن زعيم الغالبية الديمقراطية هاري ريد أن أول تصويت في مجلس الشيوخ حول مشروع القرار الذي يجيز للرئيس باراك أوباما التدخل عسكرياً في سوريا سيتم غداً الأربعاء.
وهذا التصويت الأولي الذي سيكون مؤشراً إلى مدى التأييد الذي يحظى به مشروع أوباما في مجلس الشيوخ يشكل مرحلة لا بد منها لمواصلة المناقشة واقتراح تعديلات والتبني النهائي للمشروع الذي قد يتم في مجلس الشيوخ بحلول نهاية الأسبوع.
وحالياً يحدد القرار المتعلق بالضربات المدة بستين يوماً يمكن مدها إلى 90 يوماً مع حظر نشر قوات مقاتلة على الأرض.
وفي لندن أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مؤتمر صحافي أن «إنهاء النزاع في سوريا يتطلب حلاً سياسياً» معتبراً أنه لا يوجد حل عسكري».
لكنه أكد أن «خطر عدم التحرك أخطر من الخطر الذي قد ينجم عن تحرك» مشدداً على أنه «لا يوجد أدنى شك في سلسلة المسؤوليات» في سوريا.
ورداً على سؤال عما إذا كان يمكن للنظام السوري تفادي الضربات قال جون كيري «بالتأكيد يستطيع بشار الأسد تسليم كل ترسانته الكيميائية إلى المجتمع الدولي، خلال الأسبوع المقبل، تسليم كل شيء ودون إبطاء، لكنه ليس مستعداً للقيام بذلك، ولا يستطيع القيام به».
لكن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي شددت على الطابع «الافتراضي» لموقف كيري، مشيرة إلى أنه لا يمكن قراءته على أنه مهلة أو عرض للتفاوض موجه إلى «ديكتاتور وحشي» غير أهل للثقة.
من ناحية أخرى، واجه كيري انتقادات عنيفة من أعضاء الكونغرس على قوله إن الضربات العسكرية الأمريكية المحتملة ضد سوريا ستكون «صغيرة إلى درجة لا تصدق».
وأعلن البيت الأبيض أن 14 بلداً إضافياً انضمت إلى النداء الذي أصدرته 11 دولة الجمعة الماضي على هامش قمة مجموعة العشرين ودعت فيه إلى «رد دولي قوي» في سوريا. وأوضح البيت الأبيض أن الموقعين الجدد على النداء هم ألبانيا وألمانيا وكرواتيا والدنمرك والإمارات العربية المتحدة واستونيا وهندوراس والمجر وكوسوفو ولاتفيا وليتوانيا والمغرب وقطر ورومانيا.
وفي جدة، يبحث وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعهم الدوري اليوم «إجراءات دولية تردع النظام السوري»، حسب ما صرح دبلوماسي خليجي. بدورها، أكدت السعودية «متابعة الجهود والإجراءات الدولية الهادفة لردع النظام السوري عن ارتكاب المزيد من الممارسات غير الإنسانية». من جهته، أكد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان دعم بلاده لـ «رد دولي حازم» على استخدام السلاح الكيميائي في سوريا.
وفي باريس أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند استعداده للمشاركة في ضربات واعداً بمخاطبة الرأي العام الفرنسي لكن بعد تصويت الكونغرس الأمريكي وتسليم تقرير المفتشين الدوليين الذي حققوا في الهجوم الكيميائي المفترض في 21 أغسطس الماضي قرب دمشق. وترى معظم دول الاتحاد الأوروبي أن هذا التقرير المنتظر في الأيام القريبة المقبلة يشكل مرحلة أساسية يمكن أن تؤكد بطريقة مستقلة الاتهامات باللجوء إلى الغازات السامة التي أوقعت، حسب المخابرات الأمريكية، أكثر من ألف قتيل بينهم مئات الأطفال. وأعلنت عضو لجنة تحقيق الأمم المتحدة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا كارلا ديل بونتي معارضتها لتدخل عسكري في البلد. ميدانياً، بث لواء داوود التابع للمعارضة المسلحة السورية على شبكة الإنترنت مقاطع مصورة قال إنها لمقاتلين إيرانيين داخل سوريا، حيث يظهر فيها ضباط إيرانيون يتنقلون في محافظات سورية عدة أثناء قيامهم بأدوار مختلفة منها التدريب والإشراف والمشاركة في مهام قتالية.
ميدانياً اقتحمت القوات النظامية السورية سجن حمص المركزي وسط البلاد، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وشمال حمص، أفاد المرصد عن مقتل 11 شرطياً وإصابة أكثر من 10 في سقوط صواريخ أطلقها مقاتلو المعارضة على مركزهم في حمص.
في غضون ذلك، أفاد المرصد عن سيطرة مقاتلين إسلاميين على حاجز استراتيجي للقوات النظامية على أطراف مدينة إدلب شمال غرب البلاد.