عواصم - (وكالات): قال السفير الأسترالي لدى الأمم المتحدة جاري كوينلان إن جلسة مغلقة طارئة لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا ألغيت بعدما سحبت روسيا طلبها لعقد الجلسة، فيما أوضح دبلوماسيون أن الجلسة أرجئت بسبب انقسام وخلاف روسي غربي حول كيفية إبطال مفعول ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية.
وأضاف السفير الأسترالي الذي يرأس المجلس المؤلف من 15 دولة هذا الشهر «عقب سحب الطلب للتشاور لن يتم المضي قدماً في اجتماع مجلس الأمن».
وقال دبلوماسيون طلبوا عدم نشر أسمائهم إنه كان من المتوقع أن يركز الاجتماع على خطة روسية لوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت رقابة دولية.
وأفاد دبلوماسيون أنه كانت هناك مشاورات مغلقة ستجرى إثر الإعلان عن مشروع قرار فرنسي يطالب بإزالة الترسانة الكيميائية السورية. واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مشروع القرار الفرنسي «غير مقبول»، وذلك في اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس.
وتعارض موسكو بشكل خاص فقرة في مشروع القرار تحمل السلطات السورية مسؤولية الهجوم بالسلاح الكيميائي على منطقة قرب دمشق في 21 أغسطس الماضي ما أدى إلى مقتل مئات الأشخاص.
وبدأت فرنسا مشاوراتها بشكل غير رسمي مع أعضاء مجلس الأمن الآخرين. وجرت الاتصالات الأولية مع دبلوماسيين فرنسيين وأمريكيين وبريطانيين. وبحسب لوران فابيوس فإن مشروع القرار يهدف إلى وضع الترسانة النووية السورية «تحت إشراف دولي» تمهيداً لتفكيكها، كما وضع تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة أي يتيح استخدام يتيح القوة ضد سوريا في حال لم ترضخ لموجباته.
ومن بين هذه الموجبات هناك انضمام سوريا إلى اتفاقية عام 1993 حول حظر الأسلحة الكيميائية وإحالة المسؤولين عن مجزرة 21 أغسطس الماضي على المحكمة الجنائية الدولية.
وأفاد الدبلوماسيون أن روسيا ستعارض أيضاً أي إشارة إلى الفصل السابع وإلى المحكمة الجنائية الدولية.
وقال فابيوس إن روسيا تفضل إصدار «بيان رئاسي» بدلاً من قرار إلزامي تحت الفصل السابع.
والمعروف أن الإعلان الرئاسي بحاجة لموافقة كامل أعضاء مجلس الأمن الـ15 في حين أن أي قرار في مجلس الأمن يجب ألا تعارضه أي دولة من الأعضاء الدائمين في هذا المجلس ليصبح نافذاً. من جانبه، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن على الولايات المتحدة أن تتخلى عن توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا بهدف تفعيل المبادرة الروسية بوضع الترسانة الكيميائية السورية تحت رقابة دولية.
من جهته، أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن سوريا مستعدة للكشف عن أسلحتها الكيميائية أمام المجتمع الدولي ووقف إنتاجها.
من ناحية أخرى، قال مسؤول أمريكي إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما اتفق مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على بحث الاقتراح الروسي بشأن الأسلحة الكيميائية السورية في الأمم المتحدة. ويحاول أوباما حشد دعم أكبر عدد من الأمريكيين لسياسته في سوريا، في مهمة تبدو معقدة بسبب التطورات المتسارعة في هذا الملف. وبدأ تغيير النبرة في البيت الأبيض سريعاً: فقد تحدث أوباما الذي أجرى 6 مقابلات صحافية مع قنوات تلفزيونية أمريكية كبرى، عن «اختراق كبير» ممكن في النزاع السوري المستمر منذ عامين ونصف العام، مشيراً في حديث إلى قناة «ان بي سي» إلى أن التهديدات بشن ضربات أمريكية دفعت حكومة الأسد إلى «التفكير» بدرس الخطوات الواجب اتخاذها تفاديا للضربة.
ورداً على سؤال لقناة «ايه بي سي» بشأن إمكان حصول «وقفة» في الاندفاعة نحو الضربات العسكرية في حال تم توفير أمن الترسانة الكيميائية السورية، أجاب أوباما «بالضبط، إذا ما حصل ذلك».
لكنه حذر أيضاً من فكرة منح النظام السوري ثقة مطلقة، قائلاً «يتعين علينا أن نبقى متشككين لأن هذا ليس الأسلوب الذي رأيناهم يتصرفون بموجبه خلال السنتين الماضيتين». وأقر أوباما بصعوبة الحصول على تأييد النواب لاستخدام القوة ضد سوريا.
وتعكف مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي على صياغة قرار جديد يربط السماح للإدارة الأمريكية بشن عمل عسكري ضد سوريا بفشل الخطة الروسية بشأن السلاح الكيميائي السوري.
وبدأت تلك المجموعة المؤلفة من حلفاء وخصوم للرئيس باراك أوباما، بصياغة قرار سيغير القرار الحالي الذي تجري مناقشته ويمنح أوباما تخويلاً بشن ضربات عسكرية محدودة لمعاقبة الرئيس السوري بشار الأسد على استخدامه المفترض لأسلحة كيميائية في هجوم على ريف دمشق الشهر الماضي.
وسيطالب القرار الجديد بالبدء الفوري بنقل أسلحة سوريا الكيميائية إلى الإشراف الدولي بحسب ما جاء في الاقتراح الروسي الذي يخضع لدراسة دقيقة من البيت الأبيض، وفقاً لما أفاد عدد من موظفي الكونغرس المطلعين على القرار. من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن الولايات المتحدة تنتظر تسلم الاقتراح الروسي بشأن وضع أسلحة سوريا الكيميائية تحت إشراف دولي، إلا أنها لن تنتظر طويلاً.
كما صرح وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل أنه رغم «أننا نأمل جميعاً في أن يكون هذا الخيار هو الحل الحقيقي لهذه الأزمة، علينا أن نبقى متيقظين»، مضيفاً أن التهديد الأمريكي بشن عمل عسكري ضد دمشق يجب أن يظل «حقيقياً وذا مصداقية».
وقال كيري إن سوريا تملك نحو 1000 طن من العناصر الكيميائية المتعددة من بينها غاز السارين وغاز الخردل، وإن بعض تلك العناصر هي «عناصر كيميائية ثنائية» غير ممزوجة، بينما الأخرى مخزنة على الأرجح في صهاريج.
أما رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال مارتن ديمبسي فقال إن الولايات المتحدة لديها «مجموعة كاملة من الخيارات» في أي عمل عسكري يستهدف إضعاف مخزونات سوريا من الأسلحة الكيميائية التي يمكن أن تستهدف «قيادة من اختاروا استخدامها، وطرق إطلاقها، وعدداً من الموارد الأخرى التي يستخدمها النظام لحماية نفسه».
وفي القاهرة، أعلن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي تأييده للمبادرة الروسية بشأن سوريا التي تقضي بوضع الأسلحة الكيميائية في هذا البلد تحت رقابة دولية تمهيداً لتدميرها.
من جهة أخرى، أبرمت دمشق «عقودأ ضخمة» مع طهران تشمل تزويد سوريا بسلع غذائية وطبية، حسبما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية. من جانبها، حملت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش» النظام السوري المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية في ريف دمشق الشهر الماضي.