كتب - أبوذر حسين:
قال وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن على آل خليفة إن قرار قواعد اتصال الجمعيات السياسية بالأحزاب أو التنظيمات السياسية الأجنبية متبع ويأتي لتكريس الشفافية وعلنية العمل السياسي. و«ليس لوزارة العدل أن ترفض أي إخطار يتم التقدم به للتواصل»، وأن «الرفض يعني أن وزارة العدل لا تسمـــح بالتواصل إلا بإذن». واستدرك «متي ما حدثت مخالفة تستطيع الوزارة أن تتحرك لحسم نوعية المخالفة».
وتساءل الشيخ خالد بن على آل خليفة، خلال مؤتمر صحافي بحضور وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب، عن ما هي الخشية من القرار «مادام كل عمل في ضوء قانون الجمعيات السياسية؟.
من جانبها عقبت رجب قائلة «اذا كانت هناك دول تحمل لواء الديمقراطية فى العالم ولاتطبق مثل هذا القانون فان هذه الدول ذاتها تبين أنها تضع أجهزة تنصت على الاتصالات وتم الكشف عن ذلك ويجرى التقاضى بشانه فى هذه الدول المعنية».

حرية العمل السياسي

وقال وزير العدل في بيان له خلال المؤتمر الصحافي، تلته وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، إنه «في ضوء الاستجابة للإرادة الشعبية ممثلة بالمجلس الوطني، واضطلاعاً بمسؤوليات وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف طبقاً لقانون الجمعيات السياسية رقم (26) لسنة 2005، أصدرنا القرار رقم (31) بشأن قواعد اتصال الجمعيات السياسية بالأحزاب أو التنظيمات السياسية الأجنبية على أن يكون، بموجب القرار الوزاري، اتصال الجمعيات السياسية بالبعثات الدبلوماسية أو القنصلية الأجنبية لدى المملكة أو بالمنظمات والمؤسسات الحكومية الأجنبية أو ممثلي الحكومات الأجنبية وغيرها، بالتنسيق مع وزارة الخارجية وبحضور ممثل عنها أو من ترتئيه وزارة الخارجية من الجهات ذات العلاقة.
وأوضح الوزير في البيان أنه لحفظ حرية العمل السياسي في إطار العلانية والشفافية، فقد أوجب القرار رقم (31) الجمعية السياسية الراغبة في هذا الاتصال إخطار وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بشأن التنسيق مع وزارة الخارجية وذلك قبل ميعاد الاتصال بثلاثة أيام عمل على الأقل. كما تضمن القرار سريان ذلك أيضاً على اتصال الجمعية السياسية بأي من التنظيمات السياسية الأجنبية خارج المملكة.
وأضاف البيان أنه تبعاً للمادة الأولى من القرار الوزاري رقم (4) لسنة 2005 بشأن قواعد اتصال الجمعيات السياسية بالأحزاب أو التنظيمات السياسية الأجنبية، فإن للجمعية السياسية أن تتصل عن طريق رئيسها أو من ينيبه من قياداتها بأي حزب أو تنظيم سياسي أجنبي معترف به ويمارس نشاطاً بشكل وأهداف ووسائل مشروعة وعلنية، وذلك بهدف الارتقاء بالفكر السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتعميق الثقافة والممارسة السياسية في إطار من المـشروعية والوحدة الوطـنية والسلام الاجتماعي والديمقراطي.
وشدد وزير العدل على أن تأكيد وحماية مبدأ ممارسة العمل السياسي بصورة علنية طبقاً لما أكد عليه القانون والنظام الأساسي للجمعيات بقصد المشاركة في الحياة السياسية، لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشـؤون السـياسـية والاقتصادية والاجتماعية لمملكة البحرين، هي الغاية التي يجب على كافة الجمعيات أن تعمل من أجل صونها وتعزيزها دعماً وتكريساً لمبادئ وقيم العمل السياسي وتقدمه وتطور النظام الديمقراطي.
توافق القرار مع الدستور:
وقال وزير العدل حول ما أثير بشأن أن القرار يخالف الدستور «لم أرَ أية مادة في الدستور تخالف ذلك، ولا توجد مادة في قانون الجمعيات السياسية تخالف هذا الأمر، كما لا يخالف القرار الاتفاقات الدولية، حيث إن الاتفاقية الأقرب لما يدعى به هي (اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية) لسنة 1961.
وأوضح أن ما أثير حول القرار، ووصفه بأنه «تضييق عن حرية العمل السياسي ويعتبر إذناً مسبقاً»، وعدم ترك مجال للجمعيات للتحرك والتواصل مع الخارج. فالرد عليه موجود في قانون الجمعيات السياسية، الذي تحركت على أساسه وزارة العدل في هذا الموضوع. إذ إنه يجب أن يكون عمل الجمعيات السياسية بشكل عملي، وأن يكون نشاط الجمعية أصلاً نشاطاً سياسياً داخل المملكة بهدف الارتقاء بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وألا يكون له ارتباط بالخارج، كما خول القانون لوزير العدل أن يضع قواعد الاتصال بالنسبة لهذه الجمعيات والتنظيمات الداخلية، وأوجب عليهم ألا يتدخلوا في شؤون دول أخرى ولا تتدخل دول أخرى في شؤونهم.
وقال إن هذا هو الإطار العام الذي تتحرك فيه الجمعيات السياسية. وتساءل «إذا كان الأمر بحرية وعلانية وشفافية، وفي إطار القانون. فما هو التخوف من أن يكون هناك تنسيق عن طريق وزارتي العدل والخارجية عندما يصل مسؤول من خارج البلد؟».
مرتكزات للفهم والتعقل
وحدد وزير العدل خلال مؤتمره الصحافي مرتكزات لفهم القرار وتعقله بشكله وإحاطاته الكاملة، مؤكداً «إننا نؤمن بحرية العمل السياسي ونؤمن أن الجمعيات السياسية لها الحق في أن تتواصل مع الخارج في حدود القانون، لذا لا يوجد شيء اسمه إذن في ما يتعلق بالجمعيات السياسية، ما لم يكن هناك قرار بحظر منظمة معينة أو حزب معين، ولكن الأمر في أصله مباح، ويمكن للجمعيات التواصل مع أي تنظيم، أو أي من السفراء، وممثلي الحكومات الدولية. وبالتالي فإن الإذن غير متطلب».
وأضاف أن الإخطار معناه «أن تخطر الجهة التي تقوم على تنفيذ قانون الجمعيات السياسية وهي وزارة العدل في أنه سيجري اتصال وتواصل مع سفارة أو جهة أو مسؤول، وأن يتم التنسيق مع وزارة الخارجية». مشيراً إلى أن «التنسيق قد يكون إذناً متخفياً، والأصل أن يكون اتصالاً، والاتصال يجري عن طريق الإخطار، فمتي ما تم إخطار قبل ثلاثة أيام عمل، من المفترض أن يتم التنسيق، وإذا لم يتم التنسيق، ليس هناك عائق على الجمعية، وإنما يكون هناك قصور في الجهة التنفيذية، وهذا لا يعني أنني وضعت إذناً متخفياً على الجمعية يحول بينها والاتصال».
وشدد الوزير على أن فترة الثلاثة أيام ليست عائقاً تضعه الوزارة في وجه الجمعيات. مشيراً إلى أنها كافية للتنسيق، وهي موجودة في قرارنا السابق، حيث إن الفترة تسمح بتنسيق فعلي، وقد جربناها خلال الفترة الماضية.
وعن التساؤل حول هل يكون الحضور عائقاً، أي لو لم يحضر شخص من وزارة الخارجية أو من أية جهة أخرى يكون ذلك عائقاً. قال الوزير إن «القرار الذي يصدر من وزارة العدل يعني وزارة العدل، أما مسألة تقدير الحضور في ما يختص بوزارة الخارجية، سواء يحضر أو لا يحضر هذه مسالة تقديرية في كل حالة على حداً، ولا نستطيع أن نضع قواعد عامة ونطبقها على الخارجية، فهي مسألة منوطة بالخارجية، غير أن قواعد الاتصال عندنا تسمح بذلك، والأهم منها والأساس فيها أن يكون هناك تنسيق ينظم العمل السياسي».
دستورية القرار
وحول ما أثير من أن هذا القرار يخالف الدستور لم أرَ مادة تخالف ذلك ولا توجد مادة تخالف هذا الأمر، ولا تخالف الاتفاقات الدولية، فالاتفاقية الأقرب لما يدعى به هي (اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية) سنة 1961. فالمادة (3) التي تنص على أن (تشمل أعمال البعثة الدبلوماسية ما يلي: تمثيل الدولة، حماية مصالح الدولة، التفاوض مع حكومة الدولة، والتعرف بكل الوسائل المشروعة على ظروف وتطور الأحداث في الدولة المعتمدة لديه وعمل تقارير لحكوماتها بذلك، تهيئة علاقات الصداقة، وتنمية العاطفة الثقافية والاجتماعية بين الدول).
أما المادة (41) فتنص عن أن (مع عدم المساس بالمزايا والحصانات على الأشخاص الذين يتمتعون بها احترام قوانين ولوائح الدولة المعتمدين لديها وعليهم كذلك واجب عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول.
كل المسائل الرسمية المعهود بحثها لبعثة الدولة المعتمدة مع الدولة المعتمد لديها يجب أن تبحث مع وزارة خارجية الدولة المعتمد لديها عن طريقها أو مع أي وزارة متفق عليها.
لا تستعمل مباني البعثة في أغراض تتنافى مع أعمال تلك البعثة التي ذكرت في هذه الاتفاقية أو مع قواعد القانون الدولي أو مع الاتفاقات الخاصة القائمة بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديها).
هذا الإطار القانوني الذي يتحرك فيه الكل وفقاً للاتفاقات الدولية، والقرار جاء استجابة لإرادة شعبية أن تكون هناك ضمانات تكفل الشفافية بحيث لا تكون هناك ادعاءات بتدخل في مشكلة بالشأن المحلي تؤثر على العلاقات المحلية أو طبيعة التطور السياسي داخل البحرين.
وأكد الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن ما يعنيني تنظيم هذا الأمر بشكل صحيح، وبما لا يمس جوهر المسألة، وأن يكون هناك عمل سياسي بحريني مشروع، أي لا يمنع الاتصال، أو ويضع حائطاً حديدياً في وجه التواصل.
نوع الاتصال والمخالفات
ورداً على أسئلة الصحافيين قال وزير العدل «يجب أن نعرف أن معنى الاتصال، موجود في القرار رقم (4) لسنة 2005 الذي يتحدث عن أن «للجمعية السياسية أن تتصل عن طريق رئيسها أو من ينيبه من قياداتها بأي حزب أو تنظيم سياسي أجنبي معترف به، ويمارس نشاطاً وفق أهداف ووسائل علنية ومشروعة، وذلك بهدف الارتقاء بالفكر السياسي والاقتصادي والتعليمي والثقافي». مشيراً إلى أن اللقاءات الاجتماعية التي تحدث خلال شهر رمضان مثلاً أو في الندوات العامة، غير السياسية، ليس هناك تحفظ عليها، باعتبارها ليست باسم الجمعية وليس بمفهوم القرار.
وأوضح أن الشفافية في البحرين بمكان أن تتعاطي مع قدر وافر من الحرية. مؤكداً «لا أعتقد حتى أن بعض الجمعيات تتفهم حجم الحرية التي لديها، بدليل حجم رد الفعل الذي أتى على هذا القرار».
وحول على من تطبق المخالفة، وماذا عن مخالفات وسائل الإعلام. قال وزير العدل «إننا نتعامل في حالة مخالفة القرار مع تنظيم وقواعد الاتصال الموجودة في قانون الجمعيات السياسية.
أما النشر في وسائل الإعلام فهذا هو المطلوب، أن يكون بشكل علني، وفي بعض الحالات يكون الإخطار متزامناً مع الإفصاح لوسائل الإعلام وليس فيها أية مشكلات.
وأشار إلى أن موضوع تنظيم تواصل الأحزاب موجود في كثير من الدول التي دخلت مرحلة التطور الديمقراطي، وتبنت هذا الاتجاه. وفي بعض الدول الأوروبية فإن هذه المهمة منوطة لوزير الخارجية في كيفية تحديد تواصل الأحزاب مع الخارج.
وأكد أن هذا القرار اتخذ بعد مناقشة لتوصيات المجلس الوطني التي كان من بينها ألا يكون هناك تدخل خارجي بالشأن البحريني، ولا نقول إن هناك حظراً على الجمعيات، هناك مبادئ موجودة في قانون الجمعيات السياسية، ونحن وضعنا قراراً يحفظ تلك المبادئ وبما لا يوثر على تلك الجمعيات.
ادعاءات الديمقراطية
وقال وزير العدل خلال مؤتمره الصحافي «إن قانون الجمعيات في حقيقته قانون حزبي يسمح بإنشاء أحزاب، والتعلق بالاسم وترك المسمى ليس صحيحاً، لقد اعتمدنا كلمة (جمعيات) باتفاق مع أحكام الدستور، التي تذكر جمعياً ولكن هذا القانون يسمح بقيام تنظيم حزبي كامل، وكانت هناك انتقادات كبيرة جداً عليه، حيث كانت تتزامن المظاهرات مع تسجيل البعض جمعياتهم».
وأضاف «لكن أغلب الجمعيات تدعي الديمقراطية، وفي داخلها يكون متخذو القرار شخصين أو ثلاثة، فالجمعيات التي تطالب بالتطور الديمقراطي يجب أن تكون قادرة على تحمل تبعات نظام ديمقراطي، أن تكون قادرة على تطبيق المبادئ التي تنادي بها داخل جمعيتها، ألا تكون قائمة على أهداف فئوية أو طبقية أو عرقية أو مذهبية، ويجب أن يكون عملها متناولاً الصفة العامة، أو أنها تعتبر دولة داخل الدولة»، وأشار إلى أن هذه من الأمراض الموجودة داخل الجمعيات ويجب أن يتم معالجتها، ومعالجتها إما أن تقول (قصها تبرى) أو (داويها تبرى)، ونحن نعمل بالأخيرة.
وألمــح وزيــر العدل إلى أن «القرار ليس له علاقة بحوار التوافق الوطني الجاري، وإذا كان هناك أي رأي آخر بخصوص هذا الأمر يمكن أن يدرج في الأجندة وتتم مناقشته». مبيناً أن «القرار ينطبق على الاتصال بالخارج تم في الداخل، أو الاتصال بالخارج تم في الخارج».