عواصم - (وكالات): قال محققون في جرائم الحرب تابعون للأمم المتحدة أمس إن «قوات الحكومة السورية تعمدت قصف مستشفيات وهاجمت مقاتلاتها مستشفيات ميدانية في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة وحرمت المرضى والمصابين من تلقي الرعاية الصحية وهو ما يشكل جرائم حرب»، بينما أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن «قوات الرئيس بشار الأسد ترتكب جرائم ضد الإنسانية»، فيما اتفقت روسيا والولايات المتحدة على مسعى جديد للتفاوض لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا في الوقت الذي ناقشتا فيه خطة لتدمير الأسلحة الكيماوية السورية لتفادي ضربات جوية أمريكية.
وأضاف المحققون في تقرير أن «قوات الرئيس بشار الأسد لجأت إلى أسلوب الحرمان من الرعاية الصحية كسلاح حرب». وأفاد التقرير بأن الجيش السوري احتل المستشفيات واستخدمها كقواعد للقناصة والدبابات والجنود. وتعرض سائقو سيارات الإسعاف والممرضات والأطباء للاعتداءات أو للاعتقال أو التعذيب أو الاختفاء في انتهاكات «مشينة» للقانون الدولي. وأضاف التقرير أن المستشفيات في حمص وحلب ودمشق ودرعا واللاذقية تعرضت للقصف بالمدفعية وبالطائرات أثناء الحرب الأهلية.
في شأن متصل، قالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش» أمس إن القوات النظامية السورية أعدمت ميدانياً 248 شخصاً في بلدتي البيضا وبانياس غرب البلاد، مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه «الجرائم». ويأتي التقرير في وقت يناقش المجتمع الدولي اقتراحاً روسياً وافقت عليه دمشق، لفرض رقابة دولية على أسلحتها الكيميائية، وذلك إثر هجوم كيميائي مفترض قرب العاصمة في 21 أغسطس الماضي.
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن تقريراً لخبراء في الأسلحة الكيماوية تابعين للأمم المتحدة سيؤكد على الأرجح استخدام غاز سام في هجوم 21 أغسطس الماضي في ضواحي دمشق الذي أدى لمقتل مئات الأشخاص.
وقال بان في اجتماع للأمم المتحدة «أعتقد أن التقرير سيؤكد بدرجة كبيرة أن أسلحة كيماوية استخدمت رغم أنه لا يمكنني أن أقول ذلك علناً في الوقت الحالي قبل أن أتسلم التقرير». وكان بان يشير إلى تقرير لفريق خبراء من الأمم المتحدة يقوده السويدي آكي سيلستروم. وذكر بان أن الرئيس السوري بشار الأسد «ارتكب جرائم كثيرة ضد الإنسانية». سياسياً، استأنف الأمريكيون والروس في جنيف محادثات أساسية يخيم عليها التوتر الشديد حول النزاع في سوريا، بعد جولة أولى أكدت على الخلافات بينهما بشأن هذا الملف رغم التزام الأسد بوضع مخزونه من الأسلحة الكيميائية تحت إشراف دولي. وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن قرار دمشق الانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية يجب أن يكون موضع ترحيب باعتباره «خطوة هامة» على طريق تسوية الأزمة السورية. لكن المعارضة اعتبرت أن تقديم دمشق طلب للانضمام إلى المعاهدة «تضليل» للمجتمع الدولي، داعية إلى قرار من مجلس الأمن الدولي يضمن استخدام القوة في حال امتناع النظام عن الوفاء بالتزاماته.
وأعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنه سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف مجدداً في نيويورك في وقت لاحق الشهر الجاري سعياً لتحديد موعد لمؤتمر سلام حول سوريا. وقال كيري في مؤتمر صحافي في جنيف «اتفقنا كلانا على اللقاء مجدداً في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 سبتمبر الجاري للنظر في إمكانية تحديد موعد لذلك المؤتمر». وشارك في المؤتمر الصحافي لافروف والموفد العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي. والإبراهيمي مكلف بالتحضير لمؤتمر دولي يعرف بـ»جنيف2» سعياً للتوصل إلى حل سياسي للنزاع السوري. ويوجد وزير الخارجية الأمريكي ونظيره الروسي في جنيف في مسعى للتوصل إلى تفاهم بشأن سبل تأمين ثم إزالة ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية.
وقبل لقائهما الأول أمس، برزت خلافاتهما علناً أمام الصحافة خصوصاً حول مسالة إبقاء التهديد بتوجيه ضربات عسكرية أمريكية لكنهما أكدا أيضاً «تصميمهما» على وضع آلية للتخلص من هذه الترسانة. وقد أرسلت سوريا الوثائق المطلوبة إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك معلنة نيتها الانضمام إلى الاتفاقية الدولية حول حظر الأسلحة الكيميائية. وجرت اللقاءات الأولى مع العديد من خبراء الوفدين واجتمع كيري ولافروف في لقاء منفرد على العشاء. وقال كيري للصحافيين الذين يرافقونه إن المحادثات «جيدة وبناءة». ومن المتوقع أن تستمر المحادثات مع لافروف التي شارك فيها أيضاً خبراء أسلحة روس وأمريكيون حتى اليوم في جنيف. وفي واشنطن، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه يأمل أن تنجح المحادثات الخاصة بخطة تفكيك ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية، لكنه قال إنه مصر على أن يكون أي اتفاق “ملزماً وقابلاً للتحقق منه”. وأدلى أوباما في تصريحاته بعد اجتماعه في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض مع امير الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. وقال أوباما “اتفقت مع الأمير على أملي في أن تؤتي المحادثات الجارية حالياً بين وزير الخارجية جون كيري ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ثمارها”.
وقال “لكنني أكدت ما قلته علناً من قبل وهو أن أي اتفاق يجب أن يكون قابلاً للتحقق منه وقابلاً للتنفيذ بشكل ملزم”.
في الوقت ذاته، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اتصل بها وطلب الحصول على مساعدة فنية. وقال المندوب السوري لدى الأمم المتحدة إن سوريا أصبحت عضواً كامل العضوية في المنظمة العالمية لحظر الأسلحة الكيماوية وهي خطوة وعدت بها حكومة الأسد في إطار خطة روسية لتجنب ضربات أمريكية.
من ناحية أخرى، قال خبراء إن الولايات المتحدة بتسليمها أسلحة خفيفة لقوات المعارضة السورية تسعى إلى تشديد الضغط على نظام دمشق أكثر منه قلب موازين القوى في ميدان المعارك. وبعد 3 أشهر على وعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتقديم دعم عسكري لقوات المعارضة، كتبت «واشنطن بوست» أن أولى الدفعات من شحنات الأسلحة والذخائر بدأت بالوصول قبل أسبوعين، في أعقاب الهجوم الكيميائي المفترض الذي يحمل الغرب مسؤوليته لنظام الرئيس بشار الأسد. من جانبها، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس أن سوريا وزعت مخزونها من الأسلحة الكيميائية على 50 موقعاً مختلفاً في محاولة لتعقيد مهمة رصدها وإعاقة الجهود الرامية إلى ضبطها.
وأكدت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وشرق أوسطيين لم تكشف أسماءهم أن وحدة عسكرية متخصصة هي «الوحدة 450» تقوم بنقل الأسلحة الكيميائية منذ أشهر، ما يثير تساؤلات حول جدوى الخطة الروسية لضبط هذه الأسلحة. وبحسب الصحيفة، فإن الوحدة 450 قامت مجدداً الأسبوع الماضي بنقل المخزون الذي يتجاوز حجمه 1000 طن بحسب خبراء.
وفي فيينا، استغلت الولايات المتحدة وإسرائيل اجتماعاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية للضغط على دمشق من أجل فتح تحقيق في أنشطتها النووية في الوقت الذي يركز فيه المجتمع الدولي على عرض يقضي بتخلي سوريا عن ترسانتها الكيماوية.
عسكرياً، عبرت مدمرة روسية قادمة من البحر الأسود صباح أمس مضيق البوسفور التركي متجهة إلى البحر الأبيض المتوسط، بحسب ما أفادت وكالة دوغان للأنباء.
وقالت الوكالة إن المدمرة القاذفة للصواريخ «سميتليفي» مرت بالمضيق الذي يعبر مدينة إسطنبول بمواكبة بارجة لحرس الحدود الأتراك. وأرسلت روسيا التي تملك حضوراً عسكرياً شرق المتوسط منذ بداية الأزمة السورية، في الأيام الأخيرة العديد من البوارج الأخرى إلى المنطقة. وكانت 3 بوارج حربية روسية عبرت مضيق البوسفور باتجاه هذه المنطقة من المتوسط. وهذه البوارج هي سفينة الحرب الإلكترونية اس اس في 201 بريازوفيي وبارجتا الإنزال الكبيرتين مينسك ونوفوتشيركاسك. وأكد قائد القوات البحرية الروسية، الأدميرال فيكتور تشيركوف، أن عدد السفن الحربية الروسية الموجودة في مياه البحر المتوسط بشكل عام، وقرب شواطئ سوريا خاصةً، سترتفع إلى 10 قطع، مؤكداً أن مهمة هذه القطع الحربية هي «درء أي خطر على الدولة». ميدانياً، شن الجيش السوري هجمات جوية وقصفاً مدفعياً على ضواحي تسيطر عليها المعارضة في العاصمة السورية بعد تصريحات تنم عن التحدي من جانب الأسد أمس بعد موافقته بضغط من روسيا على انضمام بلاده إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية.
في هذه الأثناء، عاد موقع وكالة الأنباء السورية «سانا» إلى الخدمة بعد توقفه إثر تعرضه لهجمات تقنية.