احتفت مبادرة «درايش» بختام فعالياتها لهذا العام يوم الخميس الماضي، برفقة (ينتصر للجمال) الذي دشنت من خلاله مشروعها الأول بالتعاون مع حلبة البحرين الدولية لسباق السيارات، وحققت من خلال هذا الحدث تصورها ومخططها لإعادة تدوير المواد التالفة أو تلك المعدة للإتلاف من خلال تصميم معماري أعاد توظيف الإطارات المستهلكة وبعض قطع الغيار لإنشاء مساحة تفاعلية مفتوحة، قام بتصميمها وتنفيذها مجموعة من الشباب الذين تمكنوا من إنجاز المشروع خلال أسبوعين فقط منذ تاريخ إعلانه في الخامس والعشرين من شهر أغسطس الماضي عبر فعالية (شيء يحلم أن يكون).
التجربة الجميلة، أفصح عنها رئيس المبادرة المعماري بسام أحمد وقال «بدأنا بهذا المشروع مثلما لو كان حلماً صغيراً، نحن نراه اليوم حقيقة. هذا المشروع الجمالي الصغير لا يرغب فقط بإعادة تدوير الخردوات والمواد الاستهلاكية بل يتخلص أيضًا من الأفكار السلبية والبشاعة المحيطة بالفكرة العامة حول بعض المواد. من خلال المعمار يمكننا التأسيس دائمًا للجمال وبإمكاننا بكل تأكيد أن نكون أصدقاء للبيئة في توجه مضاد للتخريب والتلويث».
من جهتها أوضحت المعمارية هبة الأدهم: «نحن الآن في توجه عام للعمارة المستدامة، ونحاول دائماً أن نراعي التفاصيل الصغيرة ودورها في خلق بيئة جميلة ورحبة لا تتخلص من الأشياء بل تعيد تدويرها»، وعلقت: «رسالتنا قائمة على إمكانية المعمار التأسيس لما هو أبعد من بناء عادي أو وظيفي، فالجمال يمكن استحضاره مما هو غير متوقع، وهذا ما كان عليه رهاننا منذ البداية».
واتخذ التصميم الذي تم تنفيذه باستخدام إطارات السيارات وقطع الغيار والمواد الاستهلاكية شكل شعار حلبة البحرين الدولية لسباق السيارات، وتعمد استثمار جميع الزوايا في مهام وظيفية متنوعة ما بينها خشبة المسرح التي شهدت إقامة حفل موسيقي مع فرقة هافانا الشبابية البحرينية، بالإضافة إلى العديد من المسابقات والأنشطة التفاعلية مع الجمهور الذي اتخذ من إطارات السيارات مقاعد وطاولات. وفي ذلك أوضح مسؤول فريق العمل المهندس الشاب خالد الشيخ، أن التصميم حرص على الاستفادة من المواد والحاجيات ليس في النسق الجمالي فحسب، بل وحتى الدور الوظيفي، مشيرًا إلى أن التصميم قد جاء تماشياً مع احتفاء حلبة البحرين الدولية بإقامة عاشر سباق سيارات منذ إطلاقها. وأكد في حديثه: «يجسد هذا المشروع فكرة توعوية تحمل رسالة التدوير، كما يتضمن أهدافاً سلوكية تهتم باستبدال السلوكيات السلبية بأخرى إيجابية، من خلال إعادة خلق منتج جديد من منتج مستهلك».
وتضمن المشروع إلى جانب ذلك، مساحة مخصصة للعب الأطفال، مقهى مصغراً، استوديو للتصوير الفوتوغرافي، مساحات خضراء مصغرة، استمر طاقم العمل طيلة الفترة الماضية في تخطيطها وتنفيذها، وخلال الأمسية أشار المهندس الشاب أسامة إلى أن العمل كان متواصلاً من أجل إنجاز المشروع في الوقت المحدد، مشيراً: «كل الظروف شكلت تحدياً كبيراً، بدءاً من الظروف المناخية، طبيعة العمل، والمواد التي يجب أن تنتهي إلى صورة معمارية، وقد بدأت العملية قبل انطلاق المهرجان من خلال رصد المكان ودراسته من أجل تحقيق عمل معماري متمم ومنسجم مع تكوين الحلبة». وقد تواصلت الجهود لخلق فضاء معماري ذي مهام وظيفية متعددة تتناسب مع مختلف العائلات والزوار، والتي حولت المكان في يوم تدشينها إلى مساحات تفاعلية تناوبت فيها الأنشطة الترفيهية والثقافية والمسرحية.
وكان ختام درايش جميلاً وسعيداً بعدما اشتغل عليه المعماريون والمصممون وأصدقاء البيئة، بفكرة أن العمارة قادرة على أن تنتصر للجمال، وتشارك الجمهور حلمهــــا الأول، فــــي سيـــاق احتفائـــي ومبتكـــر.