«المعرفة كنز يتبع صاحبه أينما ذهب».. مثل صيني قديم.
المعرفة هي التي تدفع الدول للبحث عن فرص واسعة وآفاق أوسع لتعظيم منجزاتها الحضارية وليس غيرها، وهي التي تأتي بالحضارة والثروة.
لا يمكن فهم سياق الزيارة التاريخية التي يقوم بها عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله وأعزه إلى العاصمة الصينية بكين بعيداً عن هذا المفهوم، وما يميّزها العمق والقواسم الثقافية المشتركة التي تدفع نحو شراكة بحرينية ـ صينية مختلفة عن أي وقت مضى.
دول تبحث عن نفوذ وأموال في زيارات كبار مسؤوليها، ودول أخرى تبحث عما هو أعظم من ذلك، فهذا النوع من الدول يدفعها إلى بناء مستقبلها واستشراف مساراته.
البحرين رغم تاريخها العريق، فإنها بجلالة ملكها وحكومتها وشعبها حريصة على الاستفادة من تجارب مختلف الأمم، وتوثيق علاقاتها معها، فكما استفادت البلاد من تجارب الدول الأخرى في التعليم والاقتصاد والصناعة وغيرها من المجالات، فإنها اليوم أمام عملاق آسيوي من المتوقع أن يصبح القوة الأعظم في النظام الدولي خلال أقل من 10 سنوات. فكيف يمكن التعامل معه؟
الصين قوة دولية مؤثرة، وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، ولديها النفوذ التجاري والاقتصادي الأعظم على مستوى العالم، وتشكل ظاهرة تستحق الاهتمام والتقارب، فإذا كانت اليوم قوة كبرى فإنها ستتحول إلى قوة عظمى قريباً.
السياسة الخارجية البحرينية شهدت تحولاً كبيراً منذ 2011، وبات محور اهتمامها يتطلع إلى آسيا وباهتمام مختلف لأوروبا. والآن نحن على أعتاب تحالف بحريني ـ صيني من شأنه تعزيز حالة التوازن التي تتطلع لها السياسة الخارجية للدولة.
فرص واعدة وكبيرة وضخمة في الصين للبحرين سواءً للاستثمار، أو الاستفادة من التجارب الصينية في مجالات عدة كالتعليم والإسكان والنفط ومشاريع البنية التحتية، فضلاً عن الفرص التجارية التي يمكن أن تلعب البحرين فيها دوراً لتكون مركزاً لإعادة تصدير الصادرات الصينية.
سياسياً، فإنه من الواضح أن المواقف البحرينية والصينية متطابقة في الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى أن اهتمام بكين بدعم كافة الإجراءات التي من شأنها حفظ الأمن الوطني البحريني يحظى بتقدير لافت من المنامة.
زيارة العاهل للعاصمة الصينية تمثل مرحلة جديدة عنوانها البحرين وآسيا، وهدفها تعظيم المصالح المشتركة في إطار من التوازن في العلاقات الدولية.

يوسف البنخليل