كتب – حذيفة إبراهيم:
تعهد وزير الصحة صادق الشهابــي بإصـــدار وزارة الصحة قرارات «تحوز رضا الرأي العام» بعد حدوث وفيات في مستشفيات بالمملكة جراء ما يرجح أنها أخطاء طبية، مشيراً إلى أن «تاريخ 22 أغسطس سيكرس وضع آخر» بالنسبة للوضع الصحي في المملكة، في إشارة منه إلى تاريخ إدخال الطفلة فاطمة المستشفى قبل أن تتوفى جراء ما تشير معلومات إلى أنه خطأ طبي.
وقال وزير الصحة، في مؤتمر صحافي أمس حول «تداعيات وملابسات وفاة الطفلة فاطمة»، إن «ما تم طرحه في الصحافة دعا وزارة الصحة لتوخي الحذر في إصدار قرارات ستحوز على رضا الرأي العام»، مؤكداً العزم على «محاسبة كل من تثبت إدانته بأي خطأ طبي في ضوء التحقيق».
وأضاف: «يجب أن نكرس وضعاً آخر بعد 22 أغسطس، سنعرض الكثير من الأمور للتعديل ويجب الاستفادة مما حصل وإعادة دراسة جميع البروتوكولات المعمول بها في السلمانية، وصيانة جميع الأجهزة والتأكد من عملها، إضافة إلى التأكد من الإشراف المباشر للاستشاري».
وأقر وزير الصحة بوجود «فجوات ونواقص»، إلا أنه قال إن «مشكلة السلمانية في التوسع بشكل كبير وذلك لا يعني أنه بؤرة للأخطاء».
وأضاف أن رسوماً بيانية لـ «بطاقة الأداء المتوازن» التي تجريها إحدى كبريات المؤسسات أكدت انخفاض الوفيات في السلمانية خلال الأعوام الماضية، مشيراً إلى «وجود برامج لتقوم المراكز الصحية بدور كبير للصحة الأولية، حيث سيتم افتتاح أقسام في العلاج الطبيعي والأشعة والمختبرات وتخصصات الجلدية والعيون، في مركز يوسف انجنير الصحي ومركز آخر في منطقة باربار».
وأشار الشهابي إلى أن «التحديث في البروتوكلات مستمر منذ أكثر من 6 أشهر، إلا أن حادثة (فاطمة) أكدت ضرورة الاستعجال بالتحديث».
وحول إيقاف الطبيبتين، أشار الشهابي إلى أن «هناك فترة استدلالية ولم نوقفهما إلا لنتأكد، كي لا نظلم أحداً، وتوجيهات سمو رئيس الوزراء أعانتنا كثيراً لأخذ الموقف بسرعة، والقرار بإيقافهم لم يأت متأخراً كوننا لا نريد أن نظلم أحداً».
وتابع أن «رئيس القسم المختص أوقف الطبيبة الأولى عن جميع اختصاصاتها منذ اليوم الثاني للحادثة إلا أنه لم يتم الإعلان عنه»، مشيراً إلى أنه «تمت مخاطبة إدارة التدريب في السلمانية لإرسال موظفين من دائرة الشؤون القانون لدراسة موضوع الأخطاء الطبية بشكل علمي من أحد الجامعات المختصة بالأخطاء والمسؤولية الطبية».
وقال إنه «يتم حالياً النظر في مشروع (القاضي الطبيب) الذي تم إجراؤه في المملكة العربية السعودية»، مشيراً إلى أن «الوزارة تعاملت بوضوح مع نتائج التحقيق في وفاة الطفلة فاطمة، وسيتم الإعلان عن نتائج التحقيق للرأي العام متضمناً تفاصيل القضية دون التستر على أي مخطئ أو مقصر في أداء عمله».
وأكد وزير الصحة «اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية الصارمة بحق كل من تثبت إدانته في نتائج لجان التحقيق في وفاة الطفلة فاطمة»، مشيراً إلى أن «التحقيق سار في مراحله الطبيعية من خلال جمع المعلومات والاستدلالات من ملف المتوفاة ومن الطاقم الصحي المعني بمجمع السلمانية الطبي».
وطالب الشهابي وسائل الإعلام بـ»عدم التسرع ونشر الأخبار وإطلاق الاستنتاجات حول القضية، حرصاً على عدم التأثير على سير التحقيق ونتائجه»، مشيراً إلى أن «القضاء هو الفيصل العادل ولن يستثنى أحد من المساءلة العادلة».
وتابع أنه «تم تداول أنباء عن وفيات حدثت في مستشفيات غير تابعة لوزارة الصحة وتم نسبها إلى مجمع السلمانية الطبي، وهذا ظلم لنا وللطواقم الطبية».
وشدد وزير الصحة على أنه «لم يكن هناك تباطؤ في التعامل مع بعض الحالات ولكن كان هناك تريث وإعطاء الوقت لجمع الاستدلالات والوقوف على أسباب الحوادث والمشاركين فيها، ثم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة».
مجلس تأديبي
وقال رئيس هيئة المهن الصحية بهاء فتيحة إن «الخطأ البشري ممكن الحدوث إلا أن خطأ المنظومة الصحية هو المشكلة الكبيرة(..) وفي حال إصلاح الأمور الإدارية سيتم تقليل المخاطر في السلمانية»، مشيراً إلى أنه «في حال وجود شك يتعلق بالمنظومة الصحية يجب التدخل على الفور لمنع تكرار تلك الحادثة».
وأضــاف أن «اجتماع لجنـــة التراخيـــص فــي صورة مجلس تأديب سيجري خلال الأسبوع المقبل، أما اعتماد القرار الخاص بالخطأ الطبي فسيكون من خلال دعوة مجلس الإدارة إلى اجتماع استثنائي»، مشيراً إلى أن «ذلك سيجري في فترة لا تتجاوز الأسبوعين إلى 3 أسابيع».
وأشار إلى أن «توصيات عاجلة صدرت لمستشفى السلمانية الطبي تتعلق بضرورة التشديد على إجراءات الرقابة الذاتية، وضرورة التركيز على التدريب من قبل الاستشاريين إلى الأطباء المتدربين»، مشدداً على «ضرورة التأكد من أن يأخذ المتدرب حقه ولا يتجاوز الخط الأحمر الذي يقضي بأن لا يقوم المتدرب بعمل غير مؤهل له وفي عدم وجود المدرب».
وأكد فتيحة أنه «تم اختيار المشاركين في لجنة التحقيق في يوم تقديم الشكوى من قبل الأهل حيث تم اختيارهم على أساس عدم تضارب المصالح بينهم وبين الجهة المعالجة». وقال إنه «لا يجب أن يضيع حق المريض أو مستقبل الطبيب»، مشيراً إلى «ضرورة عدم ارتكاب خطأ فني أثناء التحقيق يؤدي لاحقاً إلى إلغاء الدعوى الجنائية في حال ثبوت الخطأ».
وقال بهاء فتيحة إن «الجهات المعنية في المستشفى العسكري ومستشفى الملك حمد الجامعي هي الأسرع في إرسال الملف الطبي كاملاً دون أي عقبات»، مشيراً «وعلى العكس نواجه صعوبات بالغة من بعض المستشفيات الأخرى في الحصول على الملفات».
وطالــب المؤسســـات الصحيـــة «الالتـــزام بتعميم المجلس الأعلى للصحة الذي يقضي بإبلاغ الهيئة حول وجود احتمال خطأ طبي أو شكوى تتعلق به، بالإضافة إلى أن تكف المؤسسة الصحية اليد عنها».
وأوضح فتيحة أنه «في حالة إقرار اللجنة بوجود خطأ طبي، تتخذ خطوات قانونية بعدها، حيث لابد من مساءلة الطبيب لإثبات براءته من عدمها»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن محاكمة أي شخص على الملأ أو عن طريق وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي». وأشار فتيحة إلى أن «المحكمة تطلب من الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الطبية كونها جهة الاختصاص تقريراً عما حدث، إلا أن الحكم النهائي يكون للمحكمة»، مشدداً على أن «تقديم شكوى لدى النيابة العامة هو حق دستوري لكل مواطن». وقال فتيحة إن «نظام الهيئة يقضي بأن تتم الإجابة في فترة تتجاوز الشهرين ما لم تكن هناك دعوة قضائية، حيث تتم بعد مضي المدة إجراءات الجهاز القضائي».
24 ألف عملية
وقال الوكيل المساعد للمستشفيات د. أمين الساعاتي إن السلمانية بها بروتوكولات طبية وليس كما يشاع، حيث حصلت على الاعتماد الكندي الذي يقضي بضرورة اتباع بروتوكولات محددة ومناسبة. وأشار إلى أنه يتم سنوياً إجراء 24 ألف عملية اختيارية، فضلاً عن العمليات الطارئة، مشيراً إلى أن الطبيب المسؤول عن التخدير يكشف على المريض قبل إجراء العملية، إلا في الحالات السريعة التي تؤدي إلى فقدان الحياة في حالة عدم التدخل.
سحب الترخيص الطبي
من جانبه أكد المستشار القانوني للوزارة عصام إسماعيل أن الأخطاء الطبية تحتوي على مساءلتين، إحداهما جنائية وأخرى تأديبية، حيث تقوم التأديبية بإجراءات كثيرة منها الإنذار أو الإيقاف عن العمل لمدة عام أو سحب الترخيص الخاص بالطبيب.
وقال إن اللجنة الطبية داخل المستشفى أجرت 3 اجتماعات خلال الأسبوع الماضي ووضعت توصيات بخصوص الحادثة تم رفعها إلى وزير الصحة. وبين أنه سيتم رفع المقترح إلى مجلس الوزراء لإفراد المسؤولية الطبية بقانون خاص، مشيراً إلى أن قسم التخدير أجرى اجتماعاً قبل العملية للبحث في 5 عمليات من ضمنها «عملية الطفلة فاطمة»، حيث حددوا المسؤوليات التـــي تقع على عاتق كل طبيب، فضلاً عن اجتماع آخر بعد حدوث الواقعة أدى إلى اتخاذ قرار بخصوص إيقاف مسؤوليات الطبيبة.