عواصم - (وكالات): أعلن خبراء الأمم المتحدة الذين حققوا في سوريا أنهم عثروا على «أدلة واضحة ومقنعة» على استخدام غاز السارين في 21 أغسطس قرب دمشق، مشيرين إلى استخدام أسلحة كيميائية وصواريخ أرض أرض (يملكها نظام الاسد) على نطاق واسع في الحرب السورية ضد مدنيين بينهم أطفال، الأمر الذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بـ «جريمة حرب»، في الوقت الذي طالبت الدول الغربية بقرار «ملزم» عن المنظمة الدولية لإجبار سوريا على تدمير ترسانتها الكيميائية. إلا أن روسيا التي توصلت إلى اتفاق حول تدمير السلاح الكيميائي السوري مع الولايات المتحدة السبت الماضي في جنيف رفضت في الوقت الحاضر صدور قرار عن مجلس الأمن يهدد النظام السوري ب»تداعيات» في حال لم يلتزم بالاتفاق. في حين استخدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما لهجة مخففة عندما اعتبر أن اتفاق جنيف يمكن أن يضع حداً للتهديد الكيميائي في سوريا، منبهاً في الوقت نفسه أن هذا الاتفاق لا يزال بحاجة إلى تطبيق «ونحن لم نصل بعد إلى ذلك». في شأن متصل، أعلنت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا أنها تحقق في 14 حالة مفترضة من الهجمات الكيميائية التي قد تكون ارتكبت منذ سبتمبر 2011. واتهمت اللجنة «حزب الله» بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا.
وألقى بان كي مون كلمة أمام مجلس الأمن أمس وصف فيها استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا بـ «جريمة حرب» وذلك خلال تقديمه تقرير مفتشي المنظمة الدولية حول نتائج التحاليل التي قاموا بها على عينات أخذت من منطقة الغوطة قرب دمشق.
ومن دون أن يوجه أصابع الاتهام لأي طرف دعا بان كي مون إلى «محاسبة» المسؤولين عن استخدام هذا السلاح وطالب مجلس الأمن بالاستعداد لفرض عقوبات في حال لم يقم النظام بتفكيك ترسانته الكيميائية.
وجاء في التقرير الذي سلم أمس إلى الأمين العام للأمم المتحدة وقام بعرضه أمام مجلس الأمن، أن أسلحة كيميائية استخدمت «على نطاق واسع نسبياً في النزاع المستمر بين الأطراف في سوريا ضد مدنيين بينهم أطفال».
وأشار التقرير إلى «أدلة واضحة ومقنعة» على استخدام غاز السارين في الهجوم الذي وقع الشهر الماضي في ريف دمشق. وتقول الولايات المتحدة إن هذا الهجوم أوقع نحو 1400 قتيل. وجاء في التقرير أيضاً أن «العينات البيئية والكيميائية والطبية التي جمعناها تقدم أدلة واضحة ومقنعة على أن صواريخ أرض أرض مجهزة بغاز السارين استخدمت في عين ترما والمعضمية وزملكا والغوطة» جنوب وغرب دمشق». وأضاف أن «هذه النتيجة تثير قلقاً كبيراً». لكن التقرير لا يحدد بشكل مباشر المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية لأن مهمة المحققين لا تتضمن هذا الأمر.
إلا أن دبلوماسيين في الأمم المتحدة اعتبروا أن الكشف عن التقرير سيتيح تحديد الطرف الذي يقف وراء الهجوم الكيميائي.
وهذا ما سارع إلى استنتاجه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عندما اعتبر أن هذا التقرير «لا يترك مجالاً لأي شك حول مصدر الهجوم» الكيميائي في إشارة إلى النظام السوري. وفي وقت لاحق، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن برنامج تدمير مخزون الأسلحة الكيميائية في سوريا سيبدأ «خلال أيام». من جهتها أعلنت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا أنها تحقق في 14 حالة مفترضة من الهجمات الكيميائية قد تكون ارتكبت منذ سبتمبر 2011. وقال رئيس اللجنة باولو بينيرو في مؤتمر صحافي «نحقق في 14 حالة مفترضة لاستخدام أسلحة كيميائية، لكننا لم نحدد المسؤول» عن هذه الجرائم. وأضاف «شاهدنا فيديوهات ونملك تحليلات خبراء عسكريين»، متحدثاً عن مقابلات مع عاملين في القطاع الطبي. واتهمت لجنة التحقيق الدولية حزب الله بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا في تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان الذي تحدث عن تورط أطراف مسلحة إقليمية في الصراع السوري على أساس طائفي. وأنشئت لجنة التحقيق في 22 اغسطس 2011 بقرار من مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وكلفت بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان كافة منذ مارس 2011 وتحديد المذنبين لضمان محاكمتهم.
وفي تقريرها الأخير الصادر في 11 سبتمبر الجاري اتهمت اللجنة النظام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب والمعارضة بارتكاب جرائم حرب. وتستند اللجنة في عملها إلى أكثر من ألفي مقابلة أجرتها منذ إنشائها مع أفراد معنيين في سوريا والدول المجاورة. كما إنها وضعت لائحة سرية بأشخاص يشتبه في تنفيذهم جرائم في سوريا.
وفي شأن متصل، بث التلفزيون الهولندي لقطات مصورة، تثبت تواجد قوات من الحرس الثوري الإيراني في سوريا والقتال إلى جانب قوات الأسد ضد المعارضة المسلحة، وفقاً لقناة «العربية». وفي إطار الضغوط الغربية على سوريا اعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ووزيرا الخارجية الأمريكي جون كيري والبريطاني وليام هيغ أنه «من الأساسي» التوصل إلى «قرار قوي وملزم» حول سوريا في مجلس الأمن، بحسب ما أفادت الرئاسة الفرنسية. وشدد هولاند أثناء اللقاء على ضرورة أن يبقي الحلفاء الثلاثة «الخط الحازم نفسه الذي سمح بإطلاق هذه العملية الدبلوماسية والتضامن» على ما علم من محيطه.
وأضافت المصادر نفسها أن الحلفاء الثلاثة يريدون العمل على قرار في مجلس الأمن الدولي «في غضون أسبوع».
إلا أن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف كان له رأي آخر. وقال في رد مباشر على اجتماع باريس بعد لقائه نظيره المصري نبيل فهمي في موسكو «فيما يتعلق بتصريحات بعض شركائنا حول ضرورة اعتماد قرار بصورة عاجلة، سمعت حتى قبل نهاية الأسبوع عن قرار تحت الفصل السابع، ذلك يدل أولاً على عدم فهم ما اتفقنا عليه مع جون كيري، وحتى رفض قراءة هذه الوثيقة».
وتابع لافروف «إن زملاءنا الأمريكيين يرغبون بشدة أن يتم اعتماد هذا القرار بموجب الفصل السابع. لكن الوثيقة النهائية التي وافقنا عليها والتي تشكل خارطة الطريق لدينا والتزاماً مشتركاً، لا تتضمن مثل هذه الإشارة».
ميدانياً وفي تطور لافت أعلنت تركيا أنها أسقطت مروحية عسكرية سورية انتهكت أجواءها الجوية، وفق ما أعلن نائب رئيس الوزراء التركي بولنت ارينج.
وقال ارينج للصحافيين إن مروحية سورية من طراز «ام آي 17» تم رصدها في الأجواء التركية وقد سقطت في الأراضي السورية بعدما أصيبت بصواريخ أطلقتها طائراتنا».
في الرياض، اعتبر مجلس الوزراء السعودي أن «تعنت النظام السوري» يصب في صالح المتطرفين، وطالب بتعزيز الدعم للمعارضة وبعدم «اختزال» الأزمة في جريمة استخدام الأسلحة الكيميائية. من جهته، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني من مخطط غربي لتغيير العالم العربي بشكل يتلاءم مع مصالح إسرائيل، واعتبر أن النزاع في سوريا جزء من هذه الخطة.