عواصم - (وكالات): وصلت تعزيزات من الجيش السوري الحر أمس إلى مدينة إعزاز في محافظة حلب شمال سوريا والتي كان مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» التابعة لتنظيم القاعدة سيطروا عليها أمس الأول بعد معركة خاطفة مع مقاتلين من «لواء عاصفة الشمال» المنضوي تحت لواء الجيش الحر. وجاء ذلك بعد ساعات من تأكيد الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع محطة تلفزة أمريكية أن سوريا لا تشهد «حرباً أهلية» بل هي ضحية هجوم يقوم به مقاتلون أجانب مدعومون من تنظيم القاعدة.
وتعهد الرئيس السوري من جهة ثانية، بتسليم الأسلحة الكيميائية السورية، مشيراً إلى أن ضبطها وتدميرها سيستغرق سنة وسيتطلب مليار دولار. وأبدت موسكو ارتياحها إلى تجاوب دمشق. وفي لاهاي، أعلن المتحدث باسم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن المنظمة ستجتمع صباح بعد غد الأحد لمناقشة «تدمير الأسلحة الكيميائية السورية».
وقال المتحدث باسم المنظمة مايكل لوهان إن موعد الاجتماع صباح بعد غد.
وبعد إرجائه مراراً، سيتيح الاجتماع للدول الـ41 الأعضاء في المجلس التنفيذي للمنظمة بحث موضوع انضمام سوريا إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وبدء برنامج تدمير الكيميائي السوري. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تعزيزات من لواء التوحيد، أبرز المجموعات المقاتلة ضمن الجيش الحر في محافظة حلب، وصلت إلى إعزاز بعد ساعات من سيطرة الدولة الإسلامية في العراق والشام على المدينة القريبة من الحدود التركية إثر معركة عنيفة وسريعة أوقعت عدداً من القتلى.
وذكر المتحدث باسم لواء التوحيد أبوالحسن أن «لواء التوحيد سيعمل على تهدئة الأمور»، مضيفاً «نسعى جهدنا لفض هذا الخلاف. يجب الوصول إلى حل يرضي الجميع وتشكيل لجنة تحكم بين الطرفين، وتحقيق المطالب الشعبية». وكان «لواء عاصفة الشمال» طالب «لواء التوحيد» بالتدخل في إعزاز ورد المهاجمين. وقال المتحدث إن «سكان إعزاز مستاؤون، ويطالبون بانسحاب داعش من إعزاز وتوجهها إلى جبهات القتال».
وعبر سوريون عن غضبهم من سيطرة الدولة الإسلامية في العراق والشام على إعزاز من خلال حملة على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت. وأكد ناشطون أن سبب اندلاع المعارك أن عناصر من الدولة الإسلامية في العراق والشام هاجموا مشفى ميدانياً في إعزاز وأرادوا اعتقال «طبيب ألماني»، فتصدى لهم مسؤولو المشفى ومقاتلون، ما تسبب بمقتل اثنين منهم. وعلى الأثر، بدأت المعارك.
إلا أن أنصار الدولة الإسلامية على مواقع التواصل يوردون رواية أخرى مفادها أن «كتائب عاصفة الشمال قامت بمرافقة شخص ألماني قام بتصوير مقار للدولة»، ما دفع الأخيرة إلى التصدي له ومحاولة توقيفه، لكن «الألماني تمكن من الفرار»، من دون أن تذكر أنه طبيب أو غير ذلك. ويأخذ أنصار الدولة على مقاتلي «عاصفة الشمال» تعاونهم مع الغرب، مشبهين إياهم بـ «مجالس الصحوات» في العراق. وتتكرر منذ أشهر الحوادث والمواجهات المسلحة بين مقاتلين مجاهدين والكتائب المقاتلة تحت لواء الجيش الحر، إلا أنها المرة الأولى التي يتمكن فيها المجاهدون من السيطرة على مدينة كانت بعهدة الجيش الحر. وإعزاز هي من أولى المناطق التي تمكن الجيش الحر من انتزاعها من أيدي قوات النظام في يوليو 2012، بعد أشهر قليلة من تحول حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الأسد إلى نزاع عسكري. وأكد الأسد في مقابلته مع «فوكس نيوز» أن ما يجري في سوريا «ليس حرباً أهلية، إنها حرب من نوع جديد».
وأضاف «نعلم أن لدينا عشرات آلاف الجهاديين، ما يمكنني قوله لكم، هو أن 90% من الإرهابيين هم من عناصر القاعدة وأتباعها». وقال إن «عشرات آلاف السوريين» و15 ألف عنصر من القوات الحكومية قتلوا «بشكل أساسي في هجمات واغتيالات وعمليات انتحارية إرهابية». وجدد الأسد من جهة ثانية، التأكيد أن قواته غير مسؤولة عن الهجوم بالأسلحة الكيميائية الذي أوقع مئات القتلى المدنيين في 21 أغسطس الماضي في ريف دمشق، متعهداً رغم ذلك تسليم ترسانته الكيميائية. وأعلنت دمشق ترحيبها بمبادرة روسية تقضي بوضع دمشق أسلحتها الكيميائية تحت إشراف دولي على أن يتم التخلص منها في وقت لاحق. وساهم ذلك في إبعاد شبح ضربة عسكرية كانت تهدد واشنطن بتنفيذها ضد النظام رداً على اتهامه بالهجوم الكيميائي. وتوصل وزيرا الخارجية الأمريكي جون كيري والروسي سيرغي لافروف بداية الأسبوع الماضي في جنيف إلى اتفاق على جدولة تسليم الأسلحة الكيميائية السورية وتدميرها. إلا
أن جدلاً بدأ من ذلك الوقت حول وضع القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن الدولي لتنظيم ذلك، تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة أم عدمه.
وقال الأسد إن عملية جمع الأسلحة وتدميرها «معقدة جداً فنياً وتحتاج إلى الكثير من المال، نحو مليار دولار»، مضيفاً «هناك جدول زمني محدد. الأمر بحاجة إلى سنة أو ربما أكثر بقليل». وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «لا يمكنني أن أؤكد 100% أننا سننجح في إنجاز خطة تفكيك الأسلحة الكيميائية السورية حتى النهاية، لكن كل ما شاهدناه في الأيام الأخيرة يوحي الثقة بأن هذا الأمر سيحصل»، مبرزاً أهمية موافقة دمشق على الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية.
ويفترض أن يقدم الأسد، بموجب المهلة المحددة بأسبوع في الاتفاق الروسي الأمريكي، لائحة مفصلة بمضمون ترسانته الكيميائية. وتنتهي هذه المهلة غدا السبت.
ويقول دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن الدول الغربية تسعى إلى طمأنة موسكو إلى أن «القرار الملزم» الذي تطالب به في شأن سوريا لا يتضمن حكماً تهديداً بـ»عمل عسكري». وإذا تم التوصل إلى تسوية مع روسيا، فقد يتم البحث في مشروع قرار في مجلس الأمن غداً.
وحض وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الصين العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، على أداء دور «إيجابي وبناء» للتوصل إلى قرار في الأمم المتحدة في شأن سوريا.
وأكد وزير الخارجية الصيني الذي استخدمت بلاده 3 مرات حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي ضد قرارات تدين سوريا، أنه على استعداد «للتحدث بعمق وبروح منفتحة» في الملف السوري. على الأرض، قتل 14 شخصاً في تفجير عبوة ناسفة استهدفت حافلة لدى مرورها على طريق قرب بلدة جبورين في ريف حمص وسط سوريا، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.