نقف اليوم على بعد أيام قليلة عيوننا مبصرة على الشام وقلوبنا مع إخوتنا في سوريا الحبيبة، ذلك البلد الذي تكالبت عليه قوى الشر والطغيان في العالم وأبيدوا بنفس طائفي دون رحمة، نتوجه إليهم بإذن الله لنوصل معونة أهل البحرين والخليج العربي، لم يستكن لي بال وأنا أرى الشعب السوري يعاني وأنا في موضع المتفرج وكأن الأمر لا يعنيني بشيء، فكان لا بد لي من أن تكون لي كلمة وزيارة ميدانية اغاثية بنفسي مع زملائي، توجهنا إلى اللاجئين السوريين في الأردن وكانت مساعداتنا لهم تدخل الفرح في نفوسنا قبل بطونهم.
ونحن الآن على معرفة تامة بخطورة الدخول لسوريا فما زالت تحت مرمى طاغية دمشق يلهو بها كما يشاء، لكن تتعدد الأسباب والموت واحد وسيطال الجميع عاجلاً أم آجل، فاتخذنا مقولة سيف الله المسلول ولم نرد الموت بفراشنا كما تموت العير، صحيح أن الجهاد بالنفس يتطلب بعض الضوابط لكننا لا نريد من أحد الجهاد، فرجال ونساء الشام قد قالوها بأنفسهم بأنه لا ينقصهم الرجال ولكن ما ينقصهم هو السلاح، والأمر الآخر هم بحاجة إلى الطعام فإن كثير منهم قد مات من الحصار والجوع وتخلى الكثير عن مساعدتهم بعد السماع عن الضربة الأمريكية.
ما وجدناه خلال مسيرة حملتنا «جهادنا-خبز» إن الفقراء هم أجزل من الأغنياء في العطاء، في حين عجز تجار كبار وأصحاب الأموال وبخلوا في تقديم ربع ما تبرع به هؤلاء الفقراء، لا نلوم أحداً فإن من يده في الماء البارد والثلج ليس كمن تكتوي يده بالنار الحامية، لكن ليعلم الجميع أن الكل معرض لأن يلقى ما يعانيه السوريون وكل نفس ذائقة الموت فقدموا قبل أن يفوت الأوان، ولنعاهد أنفسنا أن نراعي الله عز وجل في كل أمورنا وأن نتجنب الفتنة والوقوع في الخطأ، واحرصوا على الحافظ على عباداتكم ومراعاة أهل بيتكم وأعطوا كل ذي حق حقه دون تأخير.
نسمع قصصاً كثيرة لموت الفجأة ورأينا العديد من صور الإهمال التي أدت للموت ولعل آخرها وفاة الطفل «راشد» في باص الروضة، فإني أوصي نفسي وأهلي أن يهتموا بترك الأنانية وضرورة تربية النفس والأبناء وترك كل الأمور الثانوية التي لا تثمن ولا تغني من جوع، سنغادر على أمل العودة وقد ترك كل فرد منا ابناً أو ابنة يحتاجون لعين تسهر على رعايتهم، وآخر قد ترك أماً أو أباً في خريف عمرهما ولكن واجب النصرة للأمة الإسلامية كان الأولى، وكم من أخ أو أخت يريدون أن يكبروا مع بعضهم وتسير بهم سفينة الحياة. وعندما تقضي أي أمر من أمور حياتك فانوِ قبل عملك هذا خير ما تتمنى فإن الله لا يضيع أجر المحسنين وما خاب من رجاه، وواصلوا السير على ما ترونه صحيحاً ويمدحه الناس فيكم ولا تكن نظرتكم ضيقة للأمور، ولا تصرفاتكم كالأطفال الذين لا يميزون فالله قد حباكم بالعقل للتفكير الراجح، لا نملك من المال والجاه الكثير لكننا ندعو أن تزيد صحائف أعمالنا بالحسنات، فقد تكون هذه الكلمات آخر عهدي بهذه الدنيا ولعلها تكون لي حجة أدافع بها عن نفسي يوم القيامة عندما يحاسب كل إنسان لوحده أمام الله سبحانه وتعالى.
وإذا كتب الله لنا العودة فإننا سننقل بعض صور المعاناة ومناشدات الأهالي هناك عل ذلك يدغدغ مشاعر من مات قلبه، ليعرف بنفسه قساوة الفراق والحاجة وغياب معيل الأسرة أو رحمة الأمومة عن الأطفال، ولا يخفى على أحد هذه الحالات التي لابد أنه عايشها أو سمع عنها أو رآها في القنوات الفضائية.
عبدالله الشاووش