أدلى أكراد العراق بأصواتهم في انتخابات تشريعية لاختيار برلمان جديد لإقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي، وسط خلافات متواصلة مع بغداد ومعارك تخوضها مجموعات كردية في سوريا المجاورة, فيما أعلنت مفوضية الانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 75?.
وتنظم الانتخابات في ظل تساؤلات حول مستقبل الأكراد الموزعين تاريخياً على مجموعة دول متجاورة يبدي بعضها استعداده لمناقشة مطالبهم، بينما تعصف ببعضها الآخر صراعات دامية، معبدة الطريق أمام الأكراد لتحقيق مزيد من المكاسب السياسية.
وشارك أمس 2.8 مليون كردي يتوزعون على محافظات الإقليم الثلاث، السليمانية واربيل ودهوك الواقعة جميعها شمال العراق، في العملية الانتخابية التي تشمل المنافسة على 111 مقعداً في برلمان محلي يشرع قوانينه الخاصة. وقال وفد مراقبة ياباني قام بزيارة العديد من مراكز الاقتراع في أربيل إنه لم يشاهد أي تجاوزات أثناء جولته، وإن العملية الانتخابية تجري بشكل سلس. وتركزت الحملة الانتخابية التي سبقت عملية الاقتراع على مكافحة الفساد، وتحسين مستوى الخدمات الرئيسة، وكيفية إنفاق العائدات النفطية.
وأبرز الأحزاب المتنافسة في أول انتخابات في محافظات الإقليم الثلاث منذ أكثر من 4 سنوات، حزبا الرئيس العراقي جلال طالباني الغائب عن الساحة السياسية لتلقيه منذ نهاية العام الماضي علاجاً في ألمانيا من جلطة دماغية أصيب بها ورئيس الإقليم مسعود بارزاني، إلى جانب حركة التغيير «غوران» بزعامة نوشيروان مصطفى الذي انشق عن حزب طالباني.
ويتوقع مراقبون أن يفوز الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة بارزاني بالعدد الأكبر من مقاعد البرلمان الجديد، في وقت يواجه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني منافسة من قبل «غوران» خصوصاً في ظل الغموض الذي يحيط بالوضع الصحي للرئيس العراقي. وتسلط الانتخابات الضوء على المحاولات الكردية على مدار السنوات الأخيرة التي تصب في اتجاه الاستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد. وقد سعت سلطات الإقليم الغني بالنفط إلى بناء خط أنابيب يربطها مباشرة بالأسواق العالمية، وعملت في موازاة ذلك على تصدير النفط إلى جارتها تركيا، ووقعت عقوداً مع شركات أجنبية على رأسها «اكسون موبيل» الأمريكية و«توتال» الفرنسية.
ويعتمد الإقليم في سعيه هذا بشكل أساسي على صورته كمنطقة آمنة في العراق، على عكس المناطق الأخرى من البلاد التي تعاني من أعمال عنف يومية، وعلى اقتصاده الذي يشهد نمواً سريعاً.
وتثير محاولات الإقليم الكردي تحقيق استقلال نفطي واقتصادي وسياسي متزايد غضب حكومة بغداد التي تخوض مع سلطاته صراعاً متواصلاً حول مناطق متنازع عليها بين الجانبين، بينها محافظة كركوك الغنية بالنفط والتي تحتضن خليطاً من الإتنيات والقوميات.
في موازاة ذلك، يجد إقليم كردستان نفسه منخرطاً في الصراع الدامي في سوريا المجاورة. فقد دفعت الاشتباكات التي خاضتها الشهر الماضي مجموعات كردية مع أخرى جهادية تحاول إيجاد ممر آمن إلى العراق، عشرات آلاف الأكراد السوريين للجوء إلى إقليم كردستان العراق. وهدد بارزاني بالتدخل في الصراع في سوريا بهدف حماية الأكراد هناك، رغم أن المسؤولين الأكراد يحاولون التقليل من وقع هذه التهديدات.
وإلى جانب برلمانه الخاص، يملك إقليم كردستان العراق قواته الأمنية الخاصة ويعتمد تأشيرة دخول مغايرة لتلك التي تعتمدها بغداد، إضافة إلى مجموعة أخرى من المسؤوليات الرسمية التي تتولاها حكومة الإقليم. ميدانياً، قتل 9 عناصر أمن في العراق أمس بينهم 4 قضوا في هجوم نفذه 5 انتحاريين ضد مقر أمني في محافظة صلاح الدين. إلى ذلك، قالت الشرطة ومسعفون إن عدد القتلى الذين سقطوا في هجوم وقع في حي بمدينة الصدر بالعاصمة العراقية بغداد ارتفع إلى 50 شخصاً.
وذكرت الشرطة أن سيارة ملغومة انفجرت قرب سرادق عزاء ثم فجر انتحاري يقود سيارة نفسه. وتبع ذلك انفجار ثالث عند وصول الشرطة وسيارات الإسعاف ورجال الإطفاء إلى موقع الهجوم.
ويعيش العراق منذ أشهر على وقع موجة عنف متصاعدة تحمل طابعاً طائفياً متزايداً، وتشمل استهدافاً لدور العبادة والمناسبات السنية والشيعية، في بلاد عاشت حرباً طائفية دامية قتل فيها الآلاف بين عامي 2006-2008.
«فرانس برس - رويترز»