أكد مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام نبيل الحمر، أن الثقافة البحرينية الأصيلة مبنية على التعايش والسلام منذ القدم، وأضاف «لا وجود لمدينة فاضلة، والأصل في الشعوب ميلها للسلام»، فيما قالت أمين عام الاتحاد البحريني لجمعيات المغتربين بيتسي ماثيسون، إن البحرين مثال ساطع للسلام والجميع يمارس طقوسه الدينية علناً.
وحذر الحمر لدى مشاركته بمؤتمر الشباب الدولي الذي تنظمه المؤسسة العامة للشباب والرياضة بمشاركة 500 شخصية من 36 دولة، من أن معالجة العنف تتطلب جهداً أكبر عندما يتغذى من خارج الحدود.
وأضاف أن الثقافة البحرينية الأصيلة مبنية على قبول الآخر المختلف دينياً أو فكرياً أو أيديولوجياً، وحذر «ليس بالضرورة أن يكون العنف المنافي للسلام متأتياً عن تقصير الأسرة أو المجتمع أو الدولة في تربية الجيل وتثقيفه وتعليمه على التعايش والألفة، وإنما قد تكون مصادر تغذية هذا العنف من خارج الحدود، وهذا خطير جداً وتتطلب معالجته جهداً أكبر».
وشدد الحمر على أن السلام يجب أن يبنى من خلال الشباب باعتبارهم عماد المستقبل، وقال «حينما تكون قضية السلام مغروسة في أذهان الشباب يبتعدون عن كل أشكال العنف والتنافر، ويتفرغون لبناء مجتمع صالح»، مؤكداً أهمية غرس فكر السلام في الإنسان منذ الصغر.
وأردف «يجب أن نربي أطفالنا على التعايش مع فسيفساء المجتمع، المبادئ لا تتغير، والإنسان مجموعة مبادئ يحتمل أن تكون متصارعة أو متنافرة، لكن من خلال التربية يمكن جمع هذه الأفكار والاتجاهات المتصارعة لتتعايش في انسجام»، معرباً عن اعتقاده أن «التربية أساس كل هذه الأمور، وهي مسؤولية الجميع البيت والأسرة والمدرسة والمجتمع».
وركز الحمر على ضرورة تحقيق التعايش باعتباره طريق السلام، وقال «الشباب اليوم من خلال قراءاتهم واطلاعهم ربما يتعلقون بمجتمعات بعيدة عن بيئتهم ونشأتهم، وباتوا أكثر قابلية على تغيير فكرهم بين الفينة والأخرى، وهذا شيء إيجابي»، مستدركاً «لكن يجب أن يبقى متسقاً مع المفاهيم والقيم العريضة في المجتمع».
ودعا الحمر إلى التركيز على زرع مفاهيم السلام والتعايش بنفوس الناشئة، معللاً «هم مستقبلاً في مواقع القيادة وتتفوق إرادة السلام عندهم على إرادة العنف».
وقال «حينما يبنى مجتمع الشباب على أسس متينة وصحيحة أساسها السلام والحوار وقبول الآخر، فهذا يعني أن هؤلاء الشباب يقودون المجتمع مستقبلاً نحو مزيد من السلام واللاعنف.
ولفت إلى أن السلام يبدأ بالإنسان نفسه، وكلما تعزز أمانه المادي والاجتماعي والصحي والتعليمي كلما كان أكثر ميلاً للسلام، وتابع «بتصوري ليس هناك مدينة فاضلة، والأصل في الشعوب ميلها للسلام والتعايش».
وأضاف «أود التركيز على نقطة مهمة تطرق لها رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة في كلمته بافتتاح المؤتمر، حينما ربط السلام بالسعادة».
وقال «السعادة تمثل كل معاني التلاقي والتحاور الإنساني، فكيف نكون سعداء إذا لم يكن هناك سلام؟ وكيف يكون هناك سلام إذا لم نكن سعداء؟»، وأردف «كل ما نعمله في الحياة يجب أن ينطلق من السعادة أو أن يكون مبتغاه هو السعادة».
صناعة السلام
من جانبه أكد رئيس المجلس البحريني الأمريكي الدكتور الصادق خلف الله، أن البحرين مثال يحتذى بين الدول الساعية إلى تحقيق السلام عبر غرسه في نفوس الأطفال والشباب، وقال «المؤتمر دليل على ذلك، حيث استقطبت المملكة شباباً من جميع أنحاء العالم لنشر رسالة السلام ليس بين الشباب البحريني فقط وإنما بين شباب العالم أيضاً».
وأشاد بالحوار الإيجابي السائد بين مختلف مكونات المجتمع البحريني، وقال «لمست إيجابية عالية لدى البحرينيين تتجسد في رغبتهم بالتعرف على الآخر والتحاور معه، وكذلك الأعمال التطوعية حيث يمد الجميع يد المساعدة، فيما عليك أن تدفع مالاً للحصول على هذا النوع من المساعدة في الولايات المتحدة مثلاً».
وأضاف «السلام بين الشباب في منطقة الخليج العربي أكثر عمقاً، فهنا تلعب الأسرة والمدرسة والمجتمع دوراً كبيراً في توعية الشباب، ومقابل ذلك هناك حرية كبيرة في أمريكا وقيود أقل، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن المجتمع الأمريكي لا يعاني من مشكلات العنف والتفكك الأسري وغياب الطمأنينة والسلام».
واعتبر خلف الله أنه من الصعب وضع تعريف جامع مانع لمفهوم السلام، مستدركاً «لكن ربما يمكن قياس السلام بمظاهره المتجسدة في أمن المجتمع وطمأنينة أفراده وسعادتهم».
وشدد على ضرورة التركيز على مفهوم السلام بدءاً من البيت أو الأسرة، وتربية الأطفال على نبذ العنف، وتعزيز هذا الاتجاه في المدرسة، مؤكداً دور المجتمع في تكريس ثقافة الشباب بين أفراده عن طريق تنظيم فعاليات ونشاطات تدمج بين الجميع عن طريق الإعلام، وتربية جميع أفراد المجتمع في البيت والمدرسة والمجتمع أنه لا بديل على التعايش والسلام وكيف بإمكانهم أن يعيشوا ويتفاعلوا إيجابياً مع بعضهم البعض.
وتطرق خلف الله إلى مشكلات يعانيها المجتمع الأفريقي، حيث يحمل الأطفال السلاح ويشاركون في الحروب، لافتاً إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة حول حقوق الطفل اعتبرت مشاركة الأطفال دون سن 15 سنة في الحروب جريمة حرب، ثم وقعت الدول على بروتوكول معدل رفع سن الطفل إلى 18 سنة.
فرصة لكسر الحواجز
وقالت أمين عام الاتحاد البحريني لجمعيات المغتربين بيتسي ماثيسون «يكشف لنا التاريخ أن جميع الحضارات كانت حريصة على تحقيق السلام العالمي، وكانت كل الحروب واتفاقات السلام الموقعة في الماضي جميعها لتحقيق السلام والوحدة بين البشر، ووصلنا إلى استنتاج مفاده أن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تضافر كافة الجهود في العالم باعتباره قضية عالمية جداً، والأمر متروك لنا لزرع بذور السلام والمحبة ورعايتها لنجني ثمارها مستقبلاً».
وأضافت «هذا ما نقوم به هنا اليوم، نزرع هذه البذور من السلام والمحبة، والبحرين بقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة هي مثال ساطع من أجل تحقيق السلام في العالم، وهو نهج جلالة الملك الثابت الرامي إلى تحقيق السلام العالمي».
وأردفت «السبيل الوحيد الذي يمكننا من تحقيق السلام العالمي ولو جزئياً، اليوم ينضم معنا الجميع للبحث عن السلام العالمي والسعي إلى تحقيقه».
وأكملت «اليوم أجد نفسي واقفاً أمام جمهور متعدد الثقافات من جميع الزوايا، وهذا في الواقع تمثيل حقيقي لجاليات اتخذت من البحرين منزلاً لهم ووطناً، والسبب بسيط هي أن القيادة الواعية والشعب البحريني المنفتح على الثقافات العالمية، ويرغب في تحقيق السلام العالمي، والبحرين مثال ساطع للعالم في إرساء التعددية الثقافية والاحترام المتبادل والمحبة والتسامح الديني».
وحثت الجميع على نزهة حول المنامة «ستجد المساجد والكنائس والمعابد جنباً إلى جنب وفي عدة مواقع، في البحرين نحن نتشارك الاحتفالات والطقوس الدينية كجزء من حياتنا اليومية، عائلات مسلمة استضافت جيرانها اليهود بشكل روتيني».
وأوضحت «هنا في البحرين أنا فخورة أن أطلعكم على أننا جميعاً نتمتع بالحرية لممارسة أدياننا علناً ودون عائق، هذا حق منصوص عليه في القانون والدستور البحريني، وبنيت هنا أول كنيسة عام 1920». وأكدت أن الشباب قادر على تعزيز السلام، مستدركة «لكن لا ننسى أن الحب هو أوكسجين السلام، ويقولون الرحلة الطويلة تبدأ مع الخطوة الأولى».
وقالت إن الطريق إلى السلام هو الحوار، والحوار من الأمم وحوار الحضارات، مضيفة «ونحن نتكلم بصوت واحد في لغة الإنسانية معاً من خلال الحوار، يمكن أن نزرع بذور السلام والمحبة، والمؤتمر منصة مثالية لكسر الحواجز وفتح قنوات التواصل مع الآراء الأخرى، وتبادل الخبرات والتجارب».
وطلبت ماثيسون من جميع المشاركين والمشاركات بالوقوف ووضع يدهم على قلوبهم وإلقاء قسم السلام.
الابتعاد عن النزاعات
وقال مدير مركز التجارة الدولية والاقتصاد السفير تيري ميلر «نحن هنا اليوم لمناقشة الفرص الاقتصادية، ولابد أن يبدأ مع سؤال من فرص العمل، هناك أزمة البطالة بين الشباب في جميع أنحاء العالم، والأرقام لا تعكس فقط مدى شدة الأزمة لمجموعات معينة داخل مجتمعاتنا، لذلك علينا العمل جميعاً على إنهاء البطالة، وأريد أن أتطرق إلى قضية أعمق، وهي احترام الذات، وأعتقد أنه أمر حيوي عند النظر إليه، لذلك لا يمكننا مجرد التفكير باعتبار البطالة مأساة اقتصادية».
وتضمن اليوم الأول جلسات حوارية الأولى قادها الإعلامي هشام أبوالفتح، وشارك فيها الرئيس التنفيذي لبنك الإسكان د.خالد عبدالله تقي، ورئيس الاقتصاديين بمجلس التنمية الاقتصادية د.يرموك وتيلين، وعضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين خالد الأمين، ومدير أول تنمية الثروة البشرية بـ»تمكين» د.عبدالله السادة.
الشباب ووسائل الإعلام
وأقيمت جلسة حوارية عن شباب السلام والوسائل الإعلامية أدارها الإعلامي وليد الشيخ، وشارك فيها مراسل قناة العربية محمد العرب، والصحافي الكويتي بصحيفة «الوطن» أحمد الفهد، والكاتب الصحافي بصحيفة «الوطن» هشام الزياني.
وزار المشاركون محمية العرين واطلعوا على الحيوانات المختلفة وحديقة النباتات، حيث تضم 50 نوعاً مختلفاً من الحيوانات و90 نوعاً من الطيور و80 نوعاً من النباتات، وشاهدوا فيلماً يشرح ما تتضمنه المحمية والجهود المبذولة في حمايتها.
وتنطلق اليوم الجلسة الثانية من المؤتمر وتناقش 3 محاور، الأول شباب السلام والروح الرياضية، والثاني شباب السلام والتنمية الإنسانية، والثالث شباب السلام والتجارب الواقعية. شهد جلسات اليوم الأول رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة هشام الجودر.