كتبت - سلمى ايهاب:
تنتظم في الحرم المكي حالياً أكبر توسعة في التاريخ والتي تنفذ خلال ثلاثة محاور، الأول هو التوسعة ذاتها للحرم المكي، ليتسع بعد التوسعة لمليوني مصل، والثاني الساحات الخارجية، وهي تحوي دورات المياه والممرات والأنفاق والمرافق الأخرى المساندة، التي تعمل على انسيابية الحركة في الدخول والخروج للمصلين. أما الثالث فمنطقة الخدمات والتكييف ومحطات الكهرباء ومحطات المياه وغيرها، وتصل مساحة التوسعة إلى 750.000 متر مربع، ويشتمل المشروع على توسعة ساحات الحرم من جهة الشامية، تبدأ من باب المروة، وتنتهي عند حارة الباب وجبل هندي بالشامية وعند طلعة الحفائر من جهة باب الملك فهد. وهذه التوسعة عبارة عن ساحات فقط. وتوسعة صحن المطاف بهدم التوسعة العثمانية وتوسيع الحرم من الجهات الثلاث وقوفاً عند المسعى، حيث إن المسعى ليس من الحرم وتوسيع الحرم من جهة أجياد، كما تتم تعلية أدوار الحرم لتصبح 4 أدوار مثل المسعى الجديد حالياً، ثم تعلية دورين مستقبلاً ليصبح إجمالي التعلية 6 أدوار. وكان خادم الحرمين الشريفين قد وافق على تنفيذ مشروع لتوسعة الساحات الشمالية للمسجد الحرام، تشمل إضافة ساحات بعمق 380 متراً تقريباً وأنفاق للمشاة ومحطة للخدمات بمساحة 300 ألف متر.
ويهدف المشروع لرفع الطاقة الاستيعابية لصحن المطاف، التي تأتي ضمن رؤية استراتيجية لتحقيق أهداف بعيدة الأمد لحل مشكلة الاختناق التي يعاني منها الطائفون كل عام في المواسم وفي أوقات الذروة، حيث يوفر المشروع انسيابية تامة في الطواف مع مضاعفة الطاقة الاستيعابية للمطاف تماشياً مع التوسعات المتتالية للحرم المكي الشريف. وستتم عمليه التوسعة على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى بدأت في العمل في محرم الماضي وقد تم توسعة صحن المطاف، وتمت إزالة الجزء الأول من مباني الحرم المكي الشريف وتنفيذ الأعمال الإنشائية المطلوبة للتوسعة، وتم استكمال تركيب الدور العلوي من المطاف المؤقت وربطه بالتوسعة السعودية الأولى عبر الدور الأول في شهر رمضان الماضي لخدمة الطائفين وذوي الاحتياجات الخاصة ومستخدمي العربات، وستتم إعادة تركيب الأسوار المؤقتة وإكمال بناء دور السطح، مع تركيب الدور السفلي للمطاف المعلق المؤقت بعرض 10 أمتار وربطه بالدور الأرضي للحرم الشريف. وكانت قد توقفت ساعة العمل في المرحلة الأولى في الخامس عشر من شعبان الماضي بعد عمل متواصل على مدى أكثر من سبعة أشهر، ثم يستأنف العمل بعد موسم الحج بإزالة الجزء الثاني من المباني ضمن المرحلة الثانية من المشروع وانتقال حركة الطواف إلى الجزء المتاح من صحن المطاف المؤقت بدوريه الأول والثاني، وتبدأ الأعمال الإنشائية للمرحلة الثانية بعد تركيب الأسوار العازلة لمنطقة العمل مع الإبقاء على بعض الأسوار الجزئية في المرحلة الأولى لأعمال التشطيب النهائية. وبعد حج 1435هـ تبدأ أعمال المرحلة الثالثة من المشروع بتركيب أسوار العزل المؤقتة والخاصة بمنطقة العمل للمشروع في أعمال الإزالة والإنشاء مع الإبقاء على جزء من أسوار المرحلتين الثانية والأولى حتى الانتهاء من أعمال التشطيب النهائية التي تستمر إلى نهاية شهر شعبان 1436هـ. وبنهاية عام 1436هـ تكون كافة الأسوار المؤقتة قد أُزيلت بالكامل مع المطاف المعلق المؤقت، حيث تكون أعمال مشروع التوسعة قد اكتملت ليصبح عدد الطائفين في الحرم المكي الشريف بدون المطاف المؤقت 105 آلاف طائف في الساعة، ما يعني مضاعفة أعداد الطائفين والطاقة الاستيعابية في الساعة. وتم إنشاء وتهيئة 1872 نافورة شرب وعدد كبير من دورات المياه والميضآت التي تخدم بشكل مباشر المسجد الحرام وساحاته الشمالية والشرقية والجنوبية والغربية بعدد يصل ثمانية آلاف من إجمالي 15 ألفاً. كما تم تزويد الساحات بعدد من اللوحات الإلكترونية والعادية للتوعية والإرشاد موزعة على مداخل الساحات والمماشي الرئيسية، وتشييد خمسين مظلة في الساحات الخارجية. ولتمكين المشاة من السير في بيئة مناسبة يجري تنفيذ أربعة أنفاق للوصول إلى الحرم لتلافي ازدحام حركة السير في المنطقة المركزية. وقررت وزارة الحج في وقت سابق خفض أعداد حجاج الداخل 50%، وحجاج الخارج 20% لحين إتمام المشروع، إضافة إلى تخفيض عدد المعتمرين وإلزامهم بعدم المكوث في السعودية بعد أداء المناسك أكثر من 15 يوماً، لحين إتمام المشروع.
وأيضاً تشمل التوسعات توسعه المسجد النبوي الشريف، الذي شهد عدداً من الإزالات التي تمت وبلغت نسبتها 70%، وكانت انطلاقة التوسعة من جهتها الشرقية قد تمت قبل رمضان وكان من أبرز ما أزالته عشرة مبانٍ، منها مباني الأوقاف ومسجد الولادة وسوق الأنصار الشهير. ومن المفترض أن تتم التوسعة على ثلاث مراحل تتسع الأولى منها لما يتجاوز 800 ألف مصلٍّ، وفي الثانية والثالثة سيتم توسعة الساحتين الشرقية والغربية للحرم بحيث تستوعب 800 ألف مصلٍّ إضافيين وقد خضعت المنطقة المركزية لإعادة تطوير كامل تقريباً وتم تزويدها بخدمات جديدة تدعم المسجد النبوي الشريف وقد تم في هذا المخطط الشامل إيراد اقتراح توسعة لتخفيف الضغوط المتزايدة برفع الطاقة الاستيعابية من المصلين من الوضع القائم البالغ 550.000 إلى الوضع المستقبلي البالغ 780.000 شخص، للتوسعات المقبولة بالفعل لساحتي الحرم الشرقية والغربية، مع مراعاة استيعاب تدفقات حركة المشاة التي تتطلب توسعات أخرى في إطار تخطيط أكثر تفصيلا ويتعين تنسيق هذه التوسعة مع طراز البناء الحضري المحيط لضمان أن التوسعة تعمل على تحسين تدفقات المشاة داخل المنطقة المركزية وتتناغم عمرانياً مع ما حولها. وبدأ الملك المؤسس عبدالعزيز يرحمه الله في الاهتمام بالحرم المكي الشريف ففي عام 1344هـ صدرت تعليماته بترميم المسجد وإصلاح ما يجب إصلاحه وإنشاء مظلات واقية، كما وجه - رحمه الله- بعمليات ترميم إضافية في عام 1354هـ، ثم كلف الملك عبدالعزيز الشيخ محمد بن لادن في البدء بوضع التصاميم اللازمة لتوسعة المسجد الحرام وقد كانت التوسعة السعودية الأولى عام 1375هـ ونفذت على مراحل متعددة ثم كانت التوسعة الثانية عام 1389هـ وقد بلغت الإضافات التي تمت خلال هذه المشروعات حوالي «171.000» متر مربع، وهو ما يعادل ستة أضعاف مساحة الرواق العثماني تقريباً.