ربط وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة بين مفهومي السلام والتنمية، وقال «لا يمكن الوصول إلى تنمية دون سلام والعكس صحيح».
وأكد وزير العدل لدى مشاركته في ثاني أيام مؤتمر الشباب الدولي «شباب السلام»، أثر التعليم في تحقيق السلام، موضحاً أن التعليم يجب ألا يقتصر على تزويد الناشئة بالمعلومات، وإنما يتخطاه إلى مفهومين أساسين هما الانضباط والقيم.
وشرح أن الانضباط يعني معرفة حدود الشخص والتزاماته تجاه أسرته ومجتمعه ودولته، أما القيم فهي غرس ثقافة المواطنة والتعايش واحترام وجهات النظر الأخرى دون النظر للاختلافات الدينية والعرقية والفكرية.
وحذر من أن بناء المجتمعات المستقرة يتطلب الحرص على تعزيز مفهومي الانضباط والقيم في العملية التعليمة، حتى في أماكن العبادة والمنظمات المجتمعية والأندية الرياضية وغيرها.
وقال «لا يجب أن ننظر إلى فئة الشباب على أنها فئة منفصلة عن المجتمع، بل هي امتداد لمرحلة الطفولة وصولاً إلى النضج، لكنها مرحلة فيها الإنسان أحوج ما يكون إلى المساندة للانتقال من طفل إلى بالغ، حيث يحتاج إلى خارطة ودخل وتعليم لبناء نفسه».
وأضاف «مع الأسف نجد أن في المجتمعات العربية أعلى النسب هي الشباب، لكن أغلب البرامج غير موجهة لهم، بل يتم أحياناً استغلال حماسهم في اتجاهات دينية أو سياسية وإيقاعهم بالتالي في براثن العنف والصراع».
وشدد وزير العدل على دور الدولة الضامن لتحقيق التنمية والسلام، معللاً «الدولة هي مظلة الجميع، وبإمكانها إنفاذ قراراتها على الجميع حتى على القطاع الخاص».
وقال «السلطات الهندية مثلاً ألزمت المدارس الخاصة بتحمل ربع كلفة دراسة الطلبة الأكثر حرماناً».
الاستقرار أساس التنمية
من جانبها قالت وزير الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب، إن التنمية لا يمكن تحقيقها دون وجود أمن فكلاهما على خط واحد، مضيفة «لا تقدم دون سلام».
وأكدت دور الدولة الكبير في العملية التنموية باعتبارها المحرك الأساس لوضع البرامج التنموية وإنجاحها، لكن شرط أن تتم في ظل وجود استقرار وأمن ضمن المنظومة الدولية المؤكدة لأهمية السلام.
وأضافت أن البحرين تهتم برفع التعليم إلى مستوى المعرفة باعتباره جزءاً من الوعي يمنح الفرد قيم التعايش واحترام الآخر مهما اختلف مع الآخرين، ويولد لديه مفاهيم السلم، ويمنح للمجتمع قوة أن يكون أكثر تحضراً.
وأوضحت أن المعرفة قادرة على حماية الإنسان من التعرض لاختراق ذهني أو ثقافي قد يؤثر سلباً على دوره في المجتمع خاصة في العملية السلمية وإحلالها في العالم.
ولفتت إلى أن المملكة بها أقل معدلات للفقر والبطالة، إلى جانب رعاية الشباب ومنحهم الفرصة كاملة لأخذ زمام المبادرة والعمل على توجيه طاقاتهم نحو بناء المملكة والتعايش مع بقية أقرانهم في العالم.
الشباب ركيزة السلام
بدوره أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية غانم البوعينين، أن الحرية كمبدأ ومفهوم هي أحد محاور التنمية الإنسانية، معتبراً «عند تقييد حرية الفرد وخياراته، يصبح غير قادر على العطاء وسلبياً في مجتمعه».
وقال البوعينين «لا شك أن الشباب قوة فاعلة وتملك من الإرادة والقوة ما يمكنها من إحداث تغيير سطحي أو جذري»، مضيفاً «رأينا مؤخراً شواهد كثيرة على دور الشباب في إحداث تغييرات في دولها، حتى بعض الدول انتقلت من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار».
وأردف «لا شك أن الشباب كقوة محركة ودافعة لهم دور كبير في إحداث التغييرات على مستوى مجتمعاتهم عندما يعطون حرية الاختيار» مستدركاً «لكن يجب أن يكون منهج العمل سلمياً واضحاً عند إحداث التغيير، وتنسجم مبادئه وأهدافه مع أهداف الأمة والمجتمع».
مسؤولية السلام العالمي
وأكد مراسل قناة العربية محمد العرب، قدرة جيل الشباب اليوم على التغيير وتحقيق السلام بما يملكه من أدوات في مقدمتها قنوات وسائل التواصل الاجتماعي مثل «تويتر»، وقال «جيلنا فشل في تحقيق السلام، لكننا نحاول أن نلحق بركب أنتم تقودونه، نحن نعول عليكم في ذلك».
وأضاف أن مهمة الإعلامي أن يكون في الوسط ويتحلى بالحد الأدنى من المهنية ولا يدع أي من الأطراف يجذبه نحوه، وقال «نحن اليوم في بيئة تطالبنا كل الأطراف المتناحرة بأن نكون إلى جانبها، لكننا نحاول قدر الإمكان الحفاظ على مهنيتنا، لكنه أضاف «بعد 22 سنة من العمل أقول لكم بصراحة إن الحيادية أكذوبة في الإعلام بشتى أشكاله ومؤسساته وجنسياته».
وطرح الإعلامي الكويتي في صحيفة الوطن الكويتية أحمد الفهد مجموعة أسئلة «هل السلام هو الخضوع والاستسلام؟ من يفرض السلام ومن يحدد الواقع ويقول هذا سلام وهذا لا؟ هل السلام يكون بين أطياف المجتمع أم بين الدول؟».
وقال الفهد إن الجميع ينادي بالسلام، الأمم المتحدة والشرق الأوسط، حتى بشار وإيران يقولان إن هدفهما السلام، مضيفاً «الإشكالية هي أن الدول التي تملك القوة والقنبلة النووية تفرض سلاماً تريده».
واستهل الكاتب في صحيفة الوطن هشام الزياني حديثه بالقول، إن الوضع العربي الراهن وصلت تداعياته إلى البرازيل وتركيا، مشيراً إلى تعاظم حجم دور الإعلام في تغيير قناعات الشعوب في تغيير مشروع معين.
وأضاف الزياني أن هناك حملات إعلامية كبيرة حدثت كانت بداية لتغيير قناعات الشعوب في إحداث تغييرات معينة، تقف وراءها جهات تمول وأصحاب مصالح وسياسيين. وتطرق إلى دور حرية الرأي والتعبير في تحقيق السلام، لكنه أكد أن هذه الحرية يجب أن تمارس وفق ضوابط وأطر مقوننة وألا تكون مطية للتعدي على أديان أو طوائف أو أشخاص.
نصف العالم
وأوضح الرئيس التنفيذي لبنك الإسكان د.خالد تقي، أن 50% من سكان العالم تحت سن الثلاثين، وهي فئة طموحة تعتبر قنبلة موقوتة إذا لم يتم توظيفها بشكل ملائم، حيث يجد الشباب أنفسهم في ورطة بسبب تجاهل أفكارهم.
وأشار في كلمته بالمحور الثاني للمؤتمر «الشباب والتنمية الاقتصادية»، إلى أن أعمار رواد الأعمال الحاليين تتراوح بين 20 و50 عاماً، لافتاً إلى أن الشباب عادة ما يقبلون بالمخاطرة عكس كبار السن الذين يميلون إلى الحذر أكثر.
وقال إن الدراسات في البحرين أثبتت أن معظم خريجي الجامعات يحصلون على وظائف بنسب أقل ممن ليست لديهم شهادات جامعية، داعياً المجتمع إلى تغيير أفكاره في هذا الشأن.
ونبه إلى أن هذا الأمر يحتاج وقتاً للمعالجة، وضرب مثالاً بعملاقي الإنترنت والكمبيوتر بيل جيتس وستيف جوبز، وقال إنهم أمثلة ممتازة يمكن أن تسهم في تشجيع الشباب، واستدرك بإلقاء المسؤولية على صناع القرار.
من جانبه قال المدير الأول لتنمية الثروة البشرية في «تمكين» د.عبدالله السادة، إن شباب اليوم يسعون إلى التعليم، وعلى الدول خلق الخيارات لهم.
وقدم نصيحة إلى الشباب بألا يستسلموا لليأس في حال واجهتهم المشاكل، داعياً إياهم إلى تقبل الأزمات والمشاكل لاكتساب الخبرات الحياتية والمعرفة.
وفي رده على سؤال حول أسلوب دعم الشباب وتبني أفكارهم، أكد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين خالد الأمين، أن «تمكين» لديها مشاريع متعددة وتفتح المجال أمام الشباب.
وقال إنه يوجد حالياً 6 آلاف مشروع مقدمة لجميع الفئات العمرية ولا يتم التمييز فيها بين الشباب أو كبار السن، هذا فضلاً عن دعم القطاع الخاص تسويقياً، لكنه شدد على ضرورة أن يعرف الإنسان ماذا يريد وما هي إمكاناته وكيف يطورها.
ولفت الأمين إلى ضرورة تغيير نمط التفكير في العمل الحكومي لدى الشباب، مشيراً إلى أن «تمكين» تتعاون مع «اليونيدو» في دعم الشباب إضافة إلى وجود معاهد بحرينية مستعدة لمد يدها للشباب.
وحول تأثير الاقتصاد في إحلال السلام، أشار رئيس الاقتصاديين بمجلس التنمية الاقتصادية د.يرمو كوتيلين، إلى وجود عوامل كثيرة مؤثرة في نمو الاقتصاد في مرحلة يمر فيها العالم بالكساد، لافتاً إلى أن الأمر يحتاج لوقت حتى يمكن للاقتصاد أن يخرج من كبوته.
واستدل بمقولة لشكسبير «المصائب نعمة» وقال «يمكن الاستفادة منها في خلق أفكار جديدة والبحث عن سبل أخرى للموارد»، مضيفاً «لو نظرنا للبحرين ودول الخليج نرى اقتصاداً مستقراً، لكن ليس هذا هو المبتغى، فكل دولة تحتاج إلى الإبداع والتغيير، والشباب هم من يستطيعون فعل ذلك».
الإعلام والسلام
وقدم سعود الكعبي ورؤى الصبان ممثلا مؤسسة دبي للإعلام، ورقة عمل مشتركة أكدا من خلالها أهمية مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة للشباب ودعم أفكارهم ورؤاهم حول مختلف القضايا وخاصة عملية السلام في العالم، باعتبار مواقع التواصل الاجتماعي من أهم وسيلة تؤثر في تحديد الاتجاهات.
وطرحا سؤالاً «هل لدينا قانون يحكمنا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي سواء باستخدام المصطلحات أو بطبيعة الصور التي ننشرها؟».
وأضافا «ما هو حفظ السلام؟ السلام عمل مستمر يجب الحفاظ عليه ويتطلب من الشباب العمل على دعمه باعتبارهم مستقبل هذا الكون، وهم من سيجنون ثمار إحلال عملية السلام في العالم».
ونبها إلى كيفية تحقيق السلام في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال «هاش تاغ» يدعم التوجهات العالمية والشبابية في إحلال السلام ويدعو إلى الخير والتواصل والتسامح والتعايش بين جميع أبناء العالم.
وأشارا إلى الدور الحقيقي للشباب في إحلال السلام العالمي، والاتجاه نحو تنمية هي الحل الأمثل ليكون العالم بخير.
حضر ثاني أيام المؤتمر رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة هشام الجودر، وأدارت الجلسة الإعلامية فاطمة زمان.