كتب - علي الشرقاوي:
ربما يختلف البعض مع الروائي والباحث الجاد عبدالله علي خليفة، في أطروحاته وآرائه وموقفه في بعض القضايا الفكرية والأدبية، خاصة وأن بعض مواقفه حادة بالنسبة لمن لا يرى ما يراه، إلا أن الجميع وأنا واحد منهم، أقف مثمناً جهوده الفكرية في الرواية والبحث التاريخي والفلسفي في قضايا التراث الفكري في العهود الإسلامية، فعبدالله واحد من أهم أصحاب المشاريع الأدبية والفكرية الكبيرة والطويلة والمضنية، والتي عمل عليها بجهد الإنسان المخلص لما يقوم به من تحليل وتفسير وتأويل ومقارنة.
قد يذكر عبدالله أو لا يذكر، أني كنت معه إبان الطفولة الأولى، في الصف الأول والثاني تحضيري في مدرسة القضيبية، عام 1955-1956م، حيث عشنا معا أحداث 1956م وكيف خرجنا من المدرسة إلى بيوتنا، كان هو يسكن شرق القضيبية، في اللينات، بيوت العمال التي بنيت بعد حريق 1954م والذي التهم مئات بيوت سكان السعف، البيوت الممتدة من مدرسة القضيبية للبنات ـ إلى الساحل.
عبدالله ابن العامل وابن حي العمال، ابن الطبقة الكادحة وواحد من حي الكادحين، ربما ليس صدفة أن يكون أحد المهمومين بحق الطبقة العاملة أو البرولتاريا، فهو عاش وترعرع على عرق والده وهو يحاول أن يجلب اللقمة الكريمة لأبنائه، وليس صدفة أن يكون أصحابه وأصدقائه الذين يلعب «الدامة» معهم هم من حي العمال والذين يعيشون نفس المنطقة ويعانون نفس المعاناة، وإن كان يسكن في عائلته في بيت من طين، إلا أن هذا البيت أيضاً محاصر بمجموعة من بيوت السعف والأكواخ الخشبية للذين لم يحصلوا مثل غيرهم على بيوت الطين المعدودة بأصابع اليدين والقدمين. من هنا فإذا كانت كتابة عبدالله خليفة عن المعدمين والمسحوقين، فهي تعبير مباشر عن الحياة التي عاشها، وعن أجواء الأحياء الفقيرة التي تشبه الحي الذي كبر بين ملاعبه والبحر القريب منه وبيوت السعف العديدة التي انتقلت من غرب منطقة الحريق إلى شرقها.
دخول أسرة الأدباء والكتاب
توطدت علاقتي الجديدة بعبد الله خليفة، بعد أن كبرنا ـ حيث تخرج من معهد المعلمين وتخرجت من معهد الصحة العالي في بغداد- وبدأنا نقاشات فكرية وأدبية لم تنته بعد.
ومن خلال النقاشات عرفت أنه يكتب القصة، لكنه في تلك الفترة لم يكن راغباً في النشر،حيث إن وجهة نظره في تلك الفترة هي أن النشر هو فضح للأيدولوجيا التي يعتنقها، وهذا صحيح، إلا أنني اختلفت معه في هذا الموضوع وحرضته على النشر، فبدأ نشر مجموعة من القصص القصيرة، وبعد فترة من النشر حرضته ثانية لدخول أسرة الأدباء والكتاب، فصار أحد أعضائها النشيطين.
التقينا في الكثير من الندوات والجلسات التي كانت نقاشاتها تدور حول أوضاع العمال في البحرين، بعدها جمعنا معاً عدة سنوات سجن القلعة وجدة وسافرة وجو، كل واحد منا يعمل على مشروعه الخاص، هو في الرواية والبحث الفلسفي في التاريخ العربي والإسلامي، وأنا في الشعر العامي والمسرحية الشعرية وكتابة شعر للأطفال، ورغم ما نشره عبدالله خليفة مازال في جعبته الأكثر.
شيء من الإصدارات
ولد في البحرين عام 1948.
يكتب القصة القصيرة والرواية منذ أواخر الستينات له مساهمات متنوعة في النقد الأدبي.
عضو أسرة الأدباء والكتاب في البحرين .
عضو جمعية القصة والرواية.
صدر له :
لحن الشتاء/ قصص 1975.
الرمل والياسمين/ قصص 1983.
يوم قائظ/ قصص 1986.
اللالئ/ رواية 1981.
القرصان والمدينة/ رواية 1983.
الهيرات/ رواية 1984.
أغنية الماء والنار/ رواية 1988.
امرأة/ رواية- اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1990.
الضباب/ رواية - دار الحوار 1992.
سهرة/- قصص - المركز الثقافي العربي 1994.
نشيد البحر/ رواية - المركز الثقافي العربي 1994.
الينابيع -ج1 / رواية - اتحاد كتاب وأدباء الإمارات - 1996.
دهشة الساحر/-قصص - دار الحوار - سوريا - 1997.
نجيب محفوظ من الرواية التاريخية إلى الرواية الفلسفية
الاتجاهات المثالية في الفلسفة العربية الإسلامية 2005.
مريم أخت الروائي تعبّد له طريق الحلم
كل إنسان يتأثر في طفولته بشخصية تؤثر في طفولته، وتمده بفيتامينات الحيوية التي يحتاجها ليواصل تحقيق الحلم الذي يحلم، وعبدالله خليفة، بالإضافة إلى والدته، كانت هناك أخته مريم التي ربما كانت ترى فيه، شخصية مهمة في المستقبل، ومن خلال اللقاءات السريعة مع عيسى خليفة، أخ الروائي عبدالله خليفة، قال: إن لمريم أختنا الكبرى دوراً كبيراً وبارزاً في تكوين شخصية عبدالله، ومثل رحيلها وهي في أولى مراحل شبابها، إحدى الفواجع التي عاشها عبدالله في رحلته الحياتية.
دورية تونسية تناقش أدب البحر عند صاحب «الهيرات»، اختارت مجلة ''الحياة الثقافية'' التي تصدر من تونس عن وزارة الثقافة، تجربة الكاتب عبدالله خليفة ضمن قائمة أهم الروائيين العرب الذين عبروا في كتاباتهم عما أسمته ''أدب البحر'' من خلال الرواية. وقال الكاتب عبدالله أبو هيف ضمن دراسة نشرها في العدد الأخير للمجلة تحت عنوان ''أدب البحر في الرواية العربية'' إن ''غالبية روايات خليفة توحي بالدلالات الكامنة في التناص مع البحر''. وأضاف في هذا السياق ''تصور رواياته الصراع الاجتماعي في البحرين، ومنها إشكاليات العلاقات الاجتماعية والإنسانية في المدن والقرى الساحلية''.
وقد رأى في سياق الدراسة أن الروايات العربية التي يمكن إدراجها ضمن أدب البحر، قد توزعت إلى نوعين، الأول ''عبرت فيه مباشرة عن قضايا الوجود ضمن فضاء البحر في الزمكانية'' والثاني ''نحت إلى التعبير الدلالي عن المنظورات الفكرية لدى تسمية البحر في العتبات النصية كالعنوانات والمداخلات والمفاتيح''.
واتخذ الكاتب من ضمن مسرد طويل ضم عشرات الروايات 12 تجربة منها من تونس ومصر والبحرين لوضعها موضع الفحص والنظر، وقد ضمت إلى جانب رواية خليفة الموسومة «أغنية الماء والنار»، روايات كل من: حنا مينه، جبرا إبراهيم جبرا، صادق النيهوم، محمد عز الدين التازي، محمد صالح الجابري، جميل عطية إبراهيم، حيدر حيدر، محمد جبريل، محمد عزيزة، عبدالواحد براهم، وأخيراً سيد البحراوي.
في سياق ذي صلة، قال بشأن تجربة الكاتب ''روايات عبدالله خليفة قصيرة نسبياً، مما يجعلها أقرب إلى تقديم شريحة حياتية مقتطعة من عملية الصراع الاجتماعي''. وأضاف في هذا السياق ''تصور رواية «أغنية الماء والنار»، التباين الطبقي الحاد قبل النفط في الخليج، وتبين المآل المسدود لاندحار الفوارق الاجتماعية، وتنحاز بعد ذلك للكثرة الكاثرة من المساكين والفقراء ومعذبي الأرض''.
وتابع أبوهيف ''إنها تعبر عن الصراع الاجتماعي على أطراف مدينة في بيئة شعبية، هي قرية أو مدينة صغيرة ساحلية''. ورأى أن ''الكاتب استطاع أن يقدم في روايته وصفاً مختزلاً للصراع الاجتماعي في قرية بحرينية قبل اكتشاف النفط، وقد نجح إلى حد ما في اكتناه هذا الصراع في سرد شاعري مفعم بالحرارة وحماسة الانتماء إلى مساكين الأرض'' وفق تعبيره.
وتصدر مجلة ''الحياة الثقافية''، وهي دورية شهرية تعنى بالفكر والإبداع تأسست في العام ,1975 عن وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بتونس فيما يترأس تحريرها جمال الدين دراويل. «ح. م»
البحرين قارة كبيرة للإبداع والفولكلور
يقول الناقد فيصل عبدالحسن: إن رواية الينابيع للروائي عبد الله خليفة رواية متشعبة الموضوعات، غنية بالفلكلور البحريني والخليجي، وهي أيضاً تنهل من التأريخ السياسي للبحرين، وتقرأ اجتماعياً واقتصادياً التحولات الديموغرافية في البلاد عبر امتلاك الأراضي ووسائل الثروة والسلطة.
ابتداء من امتلاك سفن البحث عن اللؤلؤ، في زمن ازدهار هذه التجارة في البحرين ودول الخليج العربي، وحتى أفولها بسبب اللؤلؤ المزيف الذي جاء من اليابان، وانتشر في أسواق الزينة، وأفقد اللؤلؤ الحقيقي سوقه وقيمته الأولى.
وكذلك أرخت الرواية لظهور ثروة النفط والغاز في البحرين، مما مهد لتحولات سياسية واجتماعية هامة في المجتمع البحريني.
أدت بدورها إلى تغييرات اجتماعية جذرية في بنيات المجتمع وطرائق معيشته، ونفسية غيرت سلوكه وتطلعاته نحو العالم ونظرته للتقدم العلمي، وطبيعة الحياة وتقدمها في المجتمعات الأكثر تطوراً وغنى، ويرد في مقطع مؤثر من الرواية عن اكتشاف أول بئر نفط الذي ينعته الروائي في روايته بالماء الأسود، ويفرد له جزءاً كبيراً من السرد الروائي.
روايات خليفة ترتكز على انفعالات الشخوص
أما الكاتبة اللبنانية لنا عبدالرحمن فلها رأي في أعمال القاص البحريني عبدالله خليفة: بين الإشارات الاسترجاعية والبنية النفسية والمجتمعية المنقسمة إلى لحظة ماضية مجسدة بــ«حاضر مستمر» حيث تظهر «الزمكانية» بفضائها الجغرافي والتشكيلي والزمني كعلائق علاماتية تنبني من خلالها الرواية المرتكزة على الشخوص وانفعالاتها وفاعليتها وحركاتها التمردية المبتدئة بــ«محمد العواد» والمنتهية ببطولة جماعية ينجزها تمردُ البحارة والناس الموالين لــ«إبراهيم زويد» الوطني ضد الميجر الإنجليزي «بيلي» الذي جاء إلى البحرين ليسيطر عليها تدريجياً.
وبعد معاناة من الفقر والعوز والفاقة ودفاتر الديون التي كانت للشيخ «ناصر» المنزوع عن سلطانه من قبل الميجر لصالح ابنه «محمد». تتراكم أنسجة الأحداث والشخوص بملامحها ذات التركيبة المتشعبة المنفصلة والمتصلة من خلال المقاطع الثلاثة والستين المؤلفة لـ«الينابيع، ج1» والظاهرة كإيقاعات لحظوية مسرودة ومحكية كيومياتٍ لذاكرةٍ فردية وجمعية تسجل تارة، وتتمشهد بسيناريوهاتية تارة أخرى، وتنتسج برومانسية تارة، وتتشاكل بسريالية تارة.. وهذا التنوع جاء موظفاً في نسق يخدم مقصدية الروائي المؤلف «خليفة» في الكشف عن علائق الماضي..».
اعتماد الروائي خليفة
على الصوت الداخلي
ترى الناقدة السورية غالية خوجة أن عبدالله خليفة يلح- في معظم قصصه ورواياته على ما يسمى «المونولوج» أي الصوت الداخلي لأشخاص القصة أو الرواية، الأمر الذي يدفع به إلى اقتراح كتابة «جريانية» إن جازت العبارة.. أخاله في مثل هذه الحالة يكتب سريعاً، الصور متدفقة، والجمل قصيرة ومتلاحقة، التداعيات تستولد تداعيات أخرى، ومع كل ذلك، فإن قارئاً متمرساً لن يلمح أي لهاث في الكتابة، لأن لهاث الكاتب يفضحه القارئ، فإن كانت القراءة لاهثة فإن الكاتب كان يلهث لحظة الكتابة. هذه النقطة لم أجدها عند عبدالله خليفة الذي يحرص دوماً على نصوص متماسكة، قوية البناء مشدودة إلى علاقات سردية يكمل بعضها.
الرواية التاريخية في البحرين
يقول الناقد فهد حسين «لا أعتقد أن الرواية البحرينية كانت مغيبة في اللحظة، بل حاولت أن تجد لها مكاناً في المشهد السردي الخليجي، إضافة إلى الولوج بعين الراصد والمتأمل والمتفحص للتراث والتاريخ العربي والإسلامي، حيث انكب الروائي عبدالله خليفة على إصدار أعمال روائية ذات بعد تاريخي، فأصدر من الروايات: رأس الحسين، عمر بن الخطاب شهيداً، عثمان بن عفان شهيداً، علي بن أبي طالب شهيداً، محمد ثائراً، إضافة إلى الواقع الذي يعطيك ملامح الحياة المستقبلية بعد نضوب النفط.
وحول سؤال إذا ما كان هم الهوية حاضراً في كتابة الرواية البحرينية هل ارتبط حضور هاجس الهوية بالعامل الأيديولوجي. والى أي حد تجد الرواية البحرينية متورطة في الجانب الأيديولوجي؟ يقول الناقد فهد حسين: إلى حد ما هناك ارتباط سواء بالحالة الأيديولوجية أم بالحالة الثقافية، وأعتقد ما يكتبه الروائي عبدالله خليفة عن تاريخ البحر والغوص، والحالة الاجتماعية والمعيشية في المجتمع البحريني يشير إلى ذلك الصراع الطبقي في المجتمع.
الاتجاهات المثالية في الفلسفة العربية الإسلامية
عبدالله كما قلنا سابقاً، ليس مهموماً بكتابة الرواية التاريخية فقط، إنما يحاول إعادة قراءة التاريخ من وجهة نظر مغايرة لما سبق من أطروحات سواء تلك التي طرحها الدكتور حسين مروة في النزعات المادية أو الطيب تزيني, محاولاً أن يطرح رؤيته الخاصة به حول هذه القضية.
في نبذة الناشر للجزء الأول من الكتاب نقرأ: يقوم الباحث والروائي الدكتور عبد الله خليفة في هذا المشروع الفكري بقراءة جديدة للوعي الديني والفكري في المنطقة، منطلقاً من جذوره البعيدة، عبر دراسة البني الاجتماعية التي تكونت في المشرق، معتبراً الثورة الإسلامية المحمدية التأسيسية في مكة النقلة النهضوية الكبرى في تاريخ العرب، والتي لم تستطع التيارات الفكرية والفقهية وأفكار الفلاسفة المسلمين أن تصل إلى محتواها الاجتماعي التحويلي.
إن عجز تيارات القدرية والاعتزال والأماميات المختلفة والآراء الدينية المحافظة عن تشكيل نهضة شاملة، وإنتاجها الكثير من النظرات الجديدة والفلسفات الناقدة، تتعلق بالبني الاجتماعية التي نمت فيها أفكار تلك الاتجاهات والمدارس، وتغير طبيعة البنية الاجتماعية لعرب الجزيرة، البدو الأحرار، الذين انتقلوا إلى مناطق الشمال، وكيف تمت عملية إعادة تشكيل الإسلام في الدول التي ورثت الهياكل الاستبدادية القديمة، وغدت فيها الفئات الوسطى عاجزة عن تشكيل طبقة وسطى حرة، ولهذا راحت القوى المحافظة تنزع المضامين التقدمية من الثورة الإسلامية التأسيسية، وتحيل جوانب عديدة منها إلى أشكال وعبادات ومعاملات، مفرغة من دلالاتها الكفاحية.
إن هذه الأفكار تترافق وتحليلات معمقة في جذور المنطقة، وأديانها، وتداخلاتها مع الإسلام، لكن داخل البني الاجتماعية الجديدة التي أسسها العرب المسلمون، والتي أخذت تعيش ظروفاً وتأثيرات جديدة أيضاً.
إن هذه الرؤية المركبة تستدعي تقديم الكثير من التحليلات التي تصل إلى التداخلات المتعددة لهذه الظاهرات.
إن هذا كله يتجسد عبر قراءات ملموسة للأوضاع الاجتماعية والصراعات السياسية، والتراكمات الفكرية، ومن خلال كشف حراك الطبقات والسكان وتحولات الأديان، ونشوء المدن المتأسية على التكوين القلي، وكيفية إعادة تشكيل الإرث السابق، وكيفية رؤيته من خلال القوى المتصارعة المتعددة.
وتلعب الأشكال الفكرية العليا من دين وفلسفة وثقافة عامة، دور البلورة للاتجاهات الاجتماعية المتصارعة، غرفاً من الماضي البعيد والقريب، وعلاقة بالقوى المؤثرة من السكان، وصراعاً مع القوى المهيمنة المستغلة للإرث الماضي لإنتاج مشروعاتها المختلفة.
رواية «عمر بن الخطاب شهيداً»
في أحد اللقاءات التي أجريت معه بعد أن منعت روايته من السوق، قال الروائي عبدالله خليفة إن: رواية «عمر بن الخطاب شهيداً» هي عمل أدبي حول دور الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الفتوحات وإقامة عدالة إسلامية والدفاع عن الناس وخاصة الفقراء وأن الشخصية الرئيسة أي البطل في الرواية هي عمر بن الخطاب كما هو معروف في التاريخ، وتشخيص الصحابة شيء قديم جرى في كتب السيرة والروايات المعاصرة كما فعل الكاتب أحمد علي باكثير قبل أجيال عندما كتب عن سيرة عمر عدة أجزاء بشكل قصصي».
وعن استخدامه «الشهيد» في اسم الرواية، يقول «لأن الخليفة عمر بن الخطاب قتل جراء مؤامرة فارسية خططها أبو لؤلؤة المجوسي وآخرون عندما طعنه أبو لؤلؤة بخنجر في المسجد، وبالتالي هو شهيد كونه لم يمت ميتة طبيعية».
وأضاف عبدالله خليفة أن الرواية «ركزت كثيراً على شخصية عمر بن الخطاب كبطل مناضل من أجل الناس العاديين واهتمامه بالنساء البسيطات والمرضعات، وعرضت للجوانب الإنسانية في شخصيته بشكل أدبي حديث وليس بشكل روائي سردي تقليدي».
ولفت إلى أن الرواية هي «نص أدبي قائم على أحداث جرت لأنه يتناول رموزاً إسلامية كبرى ولا نستطيع أن نبتكر فيه خيالاً، لكن ما قام به من فتوحات كبرى هو العمل الخيالي في تلك العصور ونحن الآن لا نستطيع أن نحرك حجراً».
إلا أن عبد الله خليفة رأى، في حديثه لـ»العربية.نت»، أن رواية «عمر بن الخطاب شهيداً» صدرت خارج البحرين عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان، وأي كتاب يصدر في الخارج تسمح به وزارة الإعلام بشكل عادي لأنه يخضع لرقابة مسبقة في دولة عربية أخرى، ولكن أي كتاب يصدر في البحرين يحتاج موافقة وزارة الإعلام.
وأشار إلى أن روايته «عمر بن الخطاب شهيداً» هو جزء في سلسلة بدأها بـ«رأس الحسين» وسوف يصدر روايات أخرى عن علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما.
قراءة في رواية «رأس الحسين»
يقول الناقد محمد الخباز: تعتبر رواية «رأس الحسين» للكاتب البحريني عبد الله خليفة من الأعمال النادرة التي بادرت لمعالجة موضوع الحسين روائياً، حيث الروايات التي كتبت في موضوع الحسين تعد على أصابع اليد الواحدة، إلى جانب بضع مسرحيات، وكم كبير وهائل من الكتابات التي عالجت موضوع الحسين شعرياً، سواء في الزمن الماضي أو الزمن المعاصر.
ومن عنوان الرواية «رأس الحسين» يتوقع المتلقي أن سير أحداث الرواية ستدور حول مسير الرأس من كربلاء إلى دمشق لا عن الحسين وأحداث كربلاء، وهو التوقع الذي لن يخيبه الكاتب إذ تبدأ الرواية بمشهد قطع الرأس في كربلاء وتنتهي بأحداث تجري في دمشق. ولا تخرج المشاهد بين البداية والنهاية عن مسيرة الرأس بين البلدين.
قامة كبيرة تحتاج
إلى قامات مثلها
عبدالله خليفة أحد أهم الكتاب المخلصين لتجربتهم الروائية والفكرية ، لذلك فهو استطاع أن يقدم لنا أعمالاً هامة، تحتاج إلى القراءة المتأنية، والبحث الجاد، سواء في الروايات التي كتبها، التاريخية منها، أو تلك التي تتكلم عن الحداثة الاجتماعية والتاريخ الحديث، أو تلك الدراسات الفكرية التي عبرها يساهم في رفد الفكر الحديث.
عبدالله خليفة قامة كبيرة تحتاج إلى قامات أخرى قادرة على اكتشاف ما لم يكتشف في مشروعه العربي في الرواية والفكر الفلسفي.