عواصم - (وكالات): اتفقت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي على مسودة مشروع قرار دولي للتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية. وقال مسؤولون إن التصويت على مسودة القرار قد يجرى مساء الجمعة إذا وافق المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي على خطة لتدمير ترسانة سوريا من هذه الأسلحة.
وغداة الاتفاق الأمريكي الروسي الذي تم التوصل إليه في الأمم المتحدة، تتجه منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى اعتماد مشروع قرار سيكون بمثابة خريطة طريق لتدمير الترسانة الكيميائية السورية، على أن تبدأ عمليات التفتيش على الأرض الثلاثاء المقبل على أبعد تقدير. ويتيح مشروع القرار القيام بزيارات تفتيش في مواقع قد لا تكون في إطار اللائحة التي وضعتها دمشق لمواقع أسلحتها الكيميائية. وليصبح نافذاً لابد أن يحصل مشروع القرار على موافقة الأعضاء الـ 41 للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذين سيجتمعون في لاهاي.
ويتعين أن يتم التصويت على هذا النص في لاهاي قبل التصويت في مجلس الأمن على قرار اتفق عليه الأمريكيون والروس في نيويورك. وشكل هذا الاتفاق اختراقاً دبلوماسياً كبيراً بعد مرور نحو سنتين ونصف سنة على حرب دامية في سوريا أوقعت حسب الأمم المتحدة أكثر من مئة ألف قتيل. ويعتبر مشروع القرار الذي وضعته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية جزءاً من الاتفاق الدبلوماسي الذي تم التوصل إليه في جنيف بين الأمريكيين والروس في 14 سبتمبر الجاري ويفترض أن يجنب سوريا ضربات عسكرية هددت بها واشنطن بعد أن اتهمت النظام السوري في هجوم بالأسلحة الكيميائية أوقع مئات القتلى قرب دمشق في 21 أغسطس الماضي. وندد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس للمرة الأولى باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. وفي قرار أصدره أعلن المجلس «إدانته الحازمة لاستخدام الأسلحة الكيميائية المحظرة حسب القوانين الدولية» والذي «يشكل جريمة خطيرة لها آثار كارثية على السكان المدنيين». وحسب مشروع القرار لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية من المقرر أن تبدأ عمليات التفتيش في سوريا «في أسرع وقت ممكن». وفي حال لم يلتزم النظام السوري بخريطة الطريق هذه التي تنص على تدمير كامل الترسانة الكيميائية السورية بحلول منتصف مايو 2014 فإن منظمة حظر الأسلحة يمكن أن «ترفع المسألة مباشرة إلى الأمم المتحدة». كما يدعو مشروع القرار لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية الدول الأطراف «إلى المساهمة بشكل طوعي» في تمويل هذه المهمة التي يقول الرئيس السوري بشار الأسد أن كلفتها قد تصل إلى مليار دولار. ويتضمن مشروع القرار في مجلس الأمن إمكانية فرض عقوبات في حال عدم الالتزام بخطة نزع السلاح الكيميائي. إلا أن هذه العقوبات لن تفرض بشكل آلي.
وفي حال حصول خرق للالتزمات الواردة في هذا الاتفاق لا بد من صدور قرار ثانٍ عن مجلس الأمن سيتيح في هذه الحالة لموسكو استخدام الفيتو في حال لم تكن راضية عنه.
ومن المقرر أن يلتقي وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية فجر اليوم في نيويورك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والوسيط الأخضر الإبراهيمي.
وحسب خبراء في نزع السلاح قدموا تقريراً سرياً إلى البيت الأبيض فإن الترسانة الكيميائية السورية «غير قابلة للاستخدام» في وضعها الحالي ويمكن أن تدمر بأسرع مما كان متوقعاً. ويفيد هؤلاء الخبراء أن سوريا تملك أكثر من ألف طن من الأسلحة الكيميائية بينها 300 طن من غاز الخردل. وياتي البحث في قرار يصدر عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وقرار آخر في مجلس الأمن في وقت يقوم مفتشون تابعون للأمم المتحدة بتفتيش مواقع شهدت شبهات حول استخدام أسلحة كيميائية. وهذا الفريق يختلف عن الفريق الذي يتوقع أن ترسله منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا والذي سيكلف بالتحديد بالإشراف على تدمير الأسلحة الكيميائية السورية. وحددت بعثة الأمم المتحدة المكلفة بالتحقيق حول «الاستخدام المزعوم» للسلاح الكيميائي في سوريا 7 مواقع يشتبه في أنها شهدت هجمات بهذا السلاح، مشيرة إلى أنها ستنهي مهمتها بعد غد الاثنين، حسب ما أعلن بيان صادر عن مكتبها في دمشق. وكشف البيان عن هذه المواقع مع تاريخ الواقعة، وهي «خان العسل، والشيخ مقصود، وسراقب، والغوطة، والبحارية، وجوبر، والأشرفية».
ولفت رئيس الفريق أوك سيلستروم، في البيان، أن التحقيقات «تتم بنفس طرق تقصي الحقائق وتقنياته المحايدة التي تم تطبيقها على الجولة الأولى من التحقيقات». ميدانياً انفجرت سيارة مفخخة في بلدة رنكوس في ريف دمشق ما أدى إلى وقوع 30 قتيلاً، فيما أصيب العشرات، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
من جهته، طالب وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل بأن يوثِّق مجلس الأمن اتفاق جنيف حول سوريا تحت الفصل السابع، مشدداً على معاقبة النظام السوري، الذي لم يتوانَ عن قتل شعبه، وذلك في كلمة المملكة العربية السعودية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي موقف لافت يدل على ازدياد الشرخ بين الجيش السوري الحر والتنظيمات الإسلامية المتشددة اتهم رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد الجربا متطرفين قدموا من خارج الحدود بـ «سرقة الثورة» السورية، معتبراً أن الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة «لا علاقة لها» بالشعب السوري ولا بالجيش الحر، متهماً النظام بأنه هو الذي «صنع» بعضها.
وجاء ذلك في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للامم المتحدة، في وقت يتصاعد التوتر على الأرض في سوريا بين مجموعات مقاتلة تحت لواء الجيش السوري الحر والدولة الإسلامية في العراق والشام المؤلفة من مقاتلين جهاديين غالبيتهم من الأجانب. إنسانياً، أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة أن الوضع الصحي يتدهور في سوريا مع تدمير المستشفيات وندرة الأطباء ونقص الأدوية.