كتب - أدرييـــن وايــس: ترجمـــة - أمين صالح:
-4 حافظ على جو من التحكم والسيطرة في التعامل مع الممثلين.
غالباً، عندما يكون هناك اتصال جيد مع الممثلين، وارتباط قوي بهم، وتتبادلون النكت وتتشاركون في الضحك، عندئذ ربما لن تقاوم الفكرة المغوية بأن تصبحوا أصدقاءً. في هذا سترتكب الخطأ الفادح.
مهما كانت الأمور بينك والممثلين تبدو ودودة، إلا أن من الأساسي الإبقاء على التخوم الاحترافية. من أجل أن يبذل الممثلون أفضل ما يستطيعون من عمل، فإنهم يحتاجون أن يشعروا بالأمان والطمأنينة. وأفضل طريقة لترسيخ ذلك الإحساس بالأمان هو أن تُظهر على نحو متماسك قدرتك على السيطرة والتحكم في العملية. إذا تحدثت إلى الممثلين عن مشاكلك الشخصية، عن صراعاتك مع المنتج، عن (وهذا هو الأسوأ) مخاوفك بشأن ما إذا الفيلم سينجح أو سيفشل، حتماً سوف يشعرون بفقدان الثقة بك وبالفيلم معاً. والنتائج سوف تظهر على الشاشة.
هذا لا يعني أن عليك أن تتظاهر بمعرفة كل الأجوبة. سوف تصادفك أوقات قد لا تعرف ما الذي يتعيّن عليك أن تفعله، لكن من الحكمة، في تلك اللحظات، أن تأخذ فترة للراحة وتفكر ملياً في خياراتك. أو أن تسأل، بطريقة جديرة بالثقة، إذا أحد منهم لديه أي اقتراح. لكن حافظ على سلطتك في كل الأوقات. إذا وجدت نفسك في وضع شعرت فيه بأنك غير حصين، ألا ترغب في أن يتولى زمام الأمور شخص مسؤول؟ المخرج البريطاني الشهير بيتر بروك قال ذات مرة أن الإخراج أشبه بقيادة مجموعة من الأشخاص عبر كهف مظلم بمشعل كهربائي. عمل المخرج ينبغي أن يكون صريحاً، بلا تحفظ، يضيء بضع أقدام أمامه ويقول: لنمضي يساراً، يبدو أن الطريق هناك أكثر جفافاً، وسالكاً أكثر.
إذن، دع ممثليك يخبرونك بكل ما يريدون إخبارك به عن حياتهم الخاصة، لعل ذلك سوف يساعدك على استنباط أداء أفضل منهم، لكن مهما شعرت بعجز، وبأنك غير محصن أو غير منيع، حافظ على حقك في السيطرة والقيادة وتحديد الخيارات بشأن طريقة تنفيذ العمل.
-5 لا تعتبر كل ما يحدث مع الممثلين أمراً شخصياً.
في الموقع، قد يحبك الممثل ويغمرك بعاطفة جياشة، وقد ينظر إليك كشخص غريب، ككائن عدواني قادم من الفضاء، ويقاوم كل توجيه تقدمه له ويعترض على إدارتك له.
ركز بؤرتك على عملك ولا تأخذ موقفه تجاهك – سواء أكان إيجابياً أو سلبياً – كموقف شخصي. من المهم جداً أن تبقى موضوعياً. العديد من المخرجين المبتدئين يضيعون وقتاً ثميناً ويهدرون طاقة كبيرة في إظهار استجاباتهم وردود أفعالهم إزاء ما يصدر من الممثلين من مشاعر وتصرفات أثناء العمل. هذه الدراما مكانها على الشاشة.
-6 قدم لممثليك أهدافاً قابلة لأن يؤديها.
المخرجون الناجحون غالباً ما يدركون أهمية أن يعرف الممثل «هدفه». عندما يتم اختيار الهدف بشكل جيد، ويؤدى بشكل جيد، فإن ذلك يثري الأداء العام للممثل. لكن حتى عندما تناقش الأهداف مع الممثلين قبل اختيارهم، فإن النتائج أحياناً قد لا تكون مرضية. إذن ما هي المشكلة؟
في أحوال كثيرة، مصدر المشكلة يعود إلى أن الهدف يتم التعبير عنه على نحو تجريدي وبالتالي يجد الممثل صعوبة في تأديته. على سبيل المثال، يأتي المخرج بعدد من الأهداف مثل «هو يريد منها أن تحبه» أو «هو يريد موافقتها».. مع أن هذه قد تبدو خيارات ذكية وعميقة، إلا أنها على مستوى آخر، يصعب جداً ترجمتها إلى أفعال.. ما الذي تعنيه جملة «إنك تريد شخصاً يحبك»؟
ما لم يكن هناك شيء واضح ومحدد، فإن الممثل يجد صعوبة في الالتزام بذلك الاختيار. الممثل يحتاج أن يعرف ما يتعين عليه فعله. من خلال تجربتي، اتضح لي أن أكثر الطرق فعالية في ذكر الهدف هو وضعه في سياق ما ينبغي للممثل أن يفعله ليجعل الممثل الآخر يتفاعل بالقول أو الفعل. اجعله محدداً وملموساً قدر الإمكان بحيث يعرف الممثل ما إذا هو أنجزه مع انتهاء المشهد. علــى سبيــل المثال، جملة «أريدها أن تحبنـــــي» تصبــــح «أريــــــد أن أجعلهـــــــا تنظــــــر إلــــي بعينيــن مترعتيــن بالحــب وتطلق تنهيدة رومانسية». أو «أريدهــا أن تركــض نحــوي وتحيــط عنقــي بذراعيها وتقبلني». ورغبتك في الحصول على موافقة أو قبول من شخص تصبح «أريد منه أن يعترف بأنني أنجزت عملاً طيباً» أو «أريد منها أن تبتسم لي وتقول إني أفضل زبال رأته في حياتها».
المخرجون غالباً ما يتساءلون: «لكن أليس هذا بسيطاً أكثر مما ينبغي؟ من المفترض أن تكون هناك طبقات، أبعاد، في المشهد». نعم، لكن بعيداً عن اختزال ثراء مشهد ما، فإن اختيار هدف بسيط يسمح للتعقيد في النص أن ينبثق ويبرز.
سبق وأن ذكرت مثال الممثلة والمحاضرة التي ألقاها المخرج عن المعنى المجازي لقطعة أكسسوار.. تخيل لو قال لها المخرج ببساطة: «أنت تريدين أن تجعليه يخر على ركبتيه ويتوسل إليك أن تعودي إليه».. حتماً سوف تظهر اهتماماً أكبر بالمشهد وتتواصل معه وترتبط به.