أكدت السلطات السودانية أمس تمسكها بقرار زيادة أسعار الوقود على الرغم من الاحتجاجات العنيفة المستمرة منذ أيام وانتقادات من داخل الحزب الحاكم لذلك القرار. وتقول السلطات إن 33 شخصاً قتلوا منذ زيادة أسعار الوقود إلى ما يقارب الضعف الاثنين الماضي، ما أدى إلى اندلاع أسوأ احتجاجات يشهدها السودان منذ تولي الرئيس عمر البشير الحكم قبل 24 عاماً. وقال نشطاء وجماعات حقوقية دولية إن 50 شخصاً قتلوا معظمهم في منطقة الخرطوم.
ولم ترد أخبار عن احتجاجات جديدة أمس، إلا أن تقارير من مدينة أم درمان قالت إن قوات مكافحة الشغب والأمن انتشرت في الشوارع بأعداد كبيرة. واكد وزير الإعلام السوداني أحمد بلال عثمان أن الحكومة لن تتراجع عن قرارها بزيادة أسعار الوقود. وقال عثمان «لا، ذلك ليس ممكناً أبداً، إن زيادة الأسعار هي الحل الوحيد». وذكر الوزير أن السلطات اضطرت إلى التدخل عندما أصبحت الاحتجاجات عنيفة.
وقال «هذه ليست تظاهرات، لقد هاجموا محطات البنزين وأحرقوا نحو 21 منها».
وأضاف أن الحكومة كانت تعلم أن «أعمال شغب» ستندلع إذا تمت زيادة أسعار الوقود، إلا أن رفع الدعم عن الوقود سيؤدي إلى توفير مليارات الدولارات.
وأضاف «لا يستطيع اقتصادنا تحمل استمرار هذا الدعم، علينا أن نستمر رغم أننا نعلم أن ذلك ثقيل بعض الشيء على الناس». وبدأت الاحتجاجات التي رفعت شعارات ما يسمى بـ «الربيع العربي» المطالبة بإسقاط النظام بعد زيادة أسعار المشتقات النفطية.
ويقول السكان إنهم يعانون من ارتفاع الأسعار منذ عامين. إلا أن الأسبوع الماضي شهد للمرة الأولى خروج الفقراء إلى الشوارع احتجاجاً على الأسعار.
وأعلن الجناح الإصلاحي داخل حزب المؤتمر الوطني العام في السودان برئاسة الرئيس عمر حسن البشير في رسالة معارضته للقمع الذي ووجهت به التظاهرات المعارضة لإلغاء الدعم عن المحروقات.
وجاء في رسالة وجهها إلى الرئيس السوداني 31 مسؤولاً في الحزب الحاكم من الجناح الإصلاحي أن «الاجراءات الاقتصادية التي وضعتها الحكومة والقمع الذي مورس ضد الذين عارضوها بعيداً عن التسامح وعن الحق في التعبير السلمي».
كما دعت مجموعة إسلامية متشددة في السودان الحكومة إلى التراجع عن قرارها بزيادة أسعار الوقود.
وقالت منظمة «الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان»، وهي منظمة غير رسمية، إن على الحكومة «إيقاف كافة الإجراءات الاقتصادية التي أضرت بكافة أفراد وشرائح المجتمع بما في ذلك حزمة الإجراءات الأخيرة ووضع معالجات فعالة وعاجلة لتجنيبهم أي ضرر يلحق بهم». من ناحية أخرى، أمرت السلطات بوقف صدور صحيفة «الانتباهة» التي انتقدت قرار الحكومة بزيادة أسعار الوقود، بحسب ما أفاد مديرها الطيب مصطفى. ويأتي ذلك وسط شكوى الصحافيين من تشديد الرقابة على الصحافة منذ صدور القرار.
وصرح الطيب مصطفى «بالأمس أبلغنا جهاز أمن الدولة بالتوقف عن النشر لأجل غير مسمى دون إبداء الأسباب». ويشهد السودان منذ 2012 تظاهرات بين الحين والآخر ضد النظام لكن بدون أن تجتذب حشوداً كما حدث في بعض دول المنطقة التي أطيح ببعض قادتها في السنوات الاخيرة.
وجرت تظاهرات عنيفة ضد نظام البشير في 2012 بعد إعلان إجراءات تقشف منها زيادة الضرائب وزيادة سعر النفط. وخسر السودان مليارات الدولارات من موارده النفطية منذ استقلال جنوب السودان قبل سنتين، ومن حينها يعاني من تضخم كبير ومن صعوبات لتمويل إيراداته.
«فرانس برس»