قال وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة إن: «مملكة البحرين ودول مجلس التعاون تتطلع إلى لغة جديدة وتصريحات إيجابية ومبادرات وأفعال ملموسة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تؤدي إلى إزالة التوتر وعدم الاستقرار، ويساعد على بناء جسور الثقة والتعاون وقيام علاقات صداقة ودية على أساس حسن الجوار والمصالح المتبادلة، مؤكداً أن أول التحديات، تتمثل بضرورة وقف تدخل إيران في شؤون دول المنطقة، وإنهاء احتلالها للجزر الثلاث التابعة للإمارات العربية المتحدة الشقيقة» طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى».
ودعا وزير الخارجية، خلال الكلمة، التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 68، إلى إدراج المنظمات الإرهابية كحزب الله اللبناني أسوة بغيره من الأحزاب المماثلة على قائمة الإرهاب الدولية لما تمارسه من إرهاب وإجرام وترويع للآمنين ونشر للفوضى وعدم الاستقرار وانسجاماً مع المبادئ والأهداف التي تعمل في إطارها المملكة فإنها تجدد تأكيدها على نبذ الإرهاب والتطرف والعنف بكافة أشكاله وصوره ومهما كانت دوافعه ومبرراته وأياً كان مصدره، وإدانة الأعمال الإرهابية التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.
وأكد أن قيادة البحرين حرصت عبر تاريخها الحديث الذي يمتد أكثر من قرنين من الزمان على التفاعل والحوار مع أبناء شعبها والتجاوب مع تطلعاتهم بكل شفافية والتزام، مضيفاً أن منذ تولى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى سدة الحكم، تواصل المملكة نهجها الثابت في إرساء دعائم الدولة الوطنية الحديثة المستقلة ذات السيادة والقائمة على أهداف الاستدامة والتنافسية والعدالة والإصلاحات الدستورية والتشريعية التي شملت جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحقوق الإنسان وتعزيز دور المرأة من أجل بناء المجتمع الملتزم بقيمه وتراثه وحضارته وإنجازاته التي تحققت نتاج حكم رشيد رعى وساند مجهودات فكرية ورؤى سياسية وتنظيمية هائلة لبناء دولة المؤسسات التي توفر الفرص لكل أبنائها الموهوبين وابتكاراتهم وحضورهم القوي ودورهم كمواطنين فاعلين في عالمنا المعاصر».
وقال وزير الخارجية إن هذا النهج حصن البلاد من التعرض لأي توترات أو صراعات طائفية على نحو ما هو حاصل في دول أخرى، رغم ما تتعرض له البلاد من أعمال عنف تقوم بها جماعات إرهابية متطرفة مستهدفة رجال الأمن والأجانب المقيمين بهدف الترويع وإثارة الفرقة وإحداث الفتنة وتخريب الاقتصاد الوطني والتنمية. وهذه الأعمال يتم مواجهتها بالقانون والقضاء العادل الذي يحمى حقوق الجميع».
وأضاف وزير الخارجية، أن «البحرين، حققت إنجازات ملموسة في مجال تعزيز حقوق الإنسان منها: إنشاء مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، وإنشاء الصندوق الوطني لتعويض المتضررين والأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية التي تعمل كجهاز مستقل ضمن قوانين المملكة والمعايير المهنية للعمل الشرطي المنصوص عليه في مدونة سلوك الشرطة في مملكة البحرين».
واستطرد وزير الخارجية أنه في هذا الإطار جاءت المبادرة التاريخية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، استجابةً لتطلعات الشعوب العربية لتمثل نقلة نوعية، تأكيداً لمبدأ سيادة القانون، وأسوةً بما هو معمول به في المحاكم المشابهة بالمناطق الأخرى من العالم، ولتضع هذه المحكمة لأول مرة في التاريخ العربي الحديث الأسس الثابتة لحماية حقوق الإنسان في المنطقة.
وأضاف وزير الخارجية أن البحرين ودول مجلس التعاون تعيش مرحلة من أزهى عصورها في بناء المجتمع القائم على التنمية والعدالة بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ما جعلها في مقدمة الدول حسب معايير التنمية البشرية، وفقاً للتقارير المتعاقبة عاماً بعد عام التي يصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مؤكداً حرص البحرين ودول مجلس التعاون على اتباع نهج التطور المنتظم لتحقيق التقدم والنماء لشعوبها والاستفادة من التطور الهائل في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وغيرها من القضايا المرتبطة بالأمن والبيئة والموارد الطبيعية والسكان.
وأوضح وزير الخارجية، أن «هناك ركائز تعمل في ظلها البحرين، وتمثل محور السياسة العالمية، الذي تسوده ظاهرة العولمة والتعاون المثمر، مضيفاً أن الركيزة الأولى هي الشراكة الأمنية الإقليمية بين الدول بعضها بعضاً، والشركاء من دول العالم، وأشار إلى أن منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعمل معاً من أجل الحفاظ على الاستقرار والأمن المشترك في إطار من التنسيق والتعاون والتكامل وصولا للاتحاد المنشود، وتمتد شراكات المملكة عبر بعدها العربي والإسلامي، وفي الأمم المتحدة.
وأكد، أن «هدف المملكة الرئيس، يتمثل في تجنيب البشرية الحروب والنزاعات والكوارث، داعيا لجعل منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج العربي خالية من أسلحة الدمار الشامل، خصوصا السلاح النووي وتطبيق معايير وضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخاصة السلامة النووية. وأضاف أن «من هذه الرؤية تؤيد البحرين جهود مجموعة 5+1 مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في التوصل إلى حل سريع لملف البرنامج النووي الإيراني، وفقاً لأحكام معاهدة عدم الانتشار النووي، بما يضمن الاستفادة من ثمرات التقدم في التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية الذي هو حق طبيعي للدول كافة».
وجدد الوزير التأكيد على ضرورة عقد المؤتمر الدولي حول جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل وذلك في أقرب وقت وفقاً لقرار مؤتمر المراجعة الدولية لمعاهدة عدم الانتشار النووي الصادر في مايو 2010.
وجدد وزير الخارجية وقوف، البحرين مع جمهورية مصر العربية، جنباً إلى جنب، في جهودها لتحقيق أمنها واستقرارها، وحقها في الدفاع عن مصالحها الحيوية، وتنفيذ خارطة الطريق التي تقودها إلى بر الأمان وتتضمن خطوات واضحة لبناء المجتمع المصري، تشارك فيه كافة القوى السياسية بما يحقق لشعبها طموحاته وآماله ويؤكد دورها الرائد في منطقة الشرق الأوسط.
وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية أكد وزير الخارجية ضرورة الوصول إلى حل عادل ودائم وشامل لها يكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، مضيفاً أن الفرصة المهمة تمثلت في مبادرة السلام العربية التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وأقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002، التي مازالنا متمسكين بها باعتبارها فرصة ثمينة من أجل إرساء السلام وبناء مستقبل زاهر وآمن للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وأساساً متيناً للتعايش والتعاون وحسن الجوار بين الدول العربية وإسرائيل، داعياً لتجاوز مرحلة الحروب والعداء، وقال إن العرب المسلمين والمسيحيين واليهود عاشوا قروناً طويلة في هذه المنطقة ونسجوا تاريخها معاً في إطار من التعايش والتسامح القائم على الاحترام المتبادل للعقائد والثقافات والديانات.
وقال وزير الخارجية إن: «مبادرة السلام العربية، تنص على نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة أسوة بغيره من شعوب العالم، وتمد اليد للشعب الإسرائيلي بما توفر له من ضمانات الأمن اللازمة لطمأنته من أي خطر أو تهديد لوجوده، مضيفاً أن البحرين تؤكد الدعم الكامل للرئيس محمود عباس، لسعيه الصادق لتحقيق تطلعات شعبه فهو من خيرة القادة الذين أنجبتهم أرض فلسطين، ويستحق الدعم والمساندة في كل خطواته تجاه تحقيق السلام المنشود».
أما في الشأن السوري، دعا وزير الخارجية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياتهم لاتخاذ الإجراءات الرادعة لوقف ما يتعرض له الشعب السوري من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ووضع حد لجرائم الإبادة بمختلف الأسلحة الفتاكة والتي وصل ضحاياها إلى أكثر من مائة ألف شهيد ومئات الآلاف من المصابين وملايين ما بين لاجئ ومشرد ونازح، مؤكداً حرص دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على استقرار الأوضاع في الجمهورية العربية السورية انطلاقاً من الاعتراف بحق الشعب السوري الشقيق في اختيار نظامه السياسي، مشيراً إلى التحرك الدبلوماسي الراهن لتدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية لدى النظام السوري وما تم التوصل إليه من اتفاقات في جنيف بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي، ومرحباً بقرار مجلس الأمن 2118»2013» بتاريخ 27 سبتمبر الماضي، الذي يجعل من الضروري دعوة كافة الأطراف المعنية إلى اتخاذ خطوات جادة وملموسة تكفل معالجة الأزمة السورية وتداعياتها، لتنفيذ الفقرتين 16 و17 من ذلك القرار، الذي يجب من وجهة نظرنا أن يستكمل بعملية سياسية متكاملة تحقق للشعب السوري الشقيق تطلعاته وآماله في إرساء الديمقراطية والتعددية السياسية.
وأكد وزير الخارجية، حرص البحرين وانطلاقاً من مسؤوليتها الدولية على القيام بدورها الفاعل بكل أمانة وإخلاص ومسئولية في تحقيق التعاون الدولي والشراكات الاستراتيجية مع الأسرة الدولية، معرباً عن تطلع مملكة البحرين لغد أفضل أكثر إشراقاً يحقق كرامة الإنسان كفرد وحرياته الأساسية ويحمي حقوقه العادلة ويحافظ عليها وترفض الصراع والحروب وتحرص على علاقات ودية مع مختلف دول العالم في إطار احترام مبادئ السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وإعمالاً بمبادئ الأمم المتحدة وميثاقها.