كتبت- نورة بوصالح:
ترى شريحة واسعة من المتقاعدين، أن» مشوارهم في العمل الذي قضوه بين القطاعين العام والخاص، شكل لديهم خبرة وتجربة كبيرة، يستحق أن يلتفت إليها ويتم الاستثمار بها، خصوصاً وأن الكثير منهم يرغب في ردم هوة الفراغ القاتلة التي يشكلها انقطاعهم عن العمل، ليتمكنوا من خلالها تأمين حياة كريمة لأسرته». ويقولون: «إن المتقاعد في الغرب يعيش حياة ترفيه ووناسة، وعطاء، في حين أن المتقاعد عندنا يعيش حياة التعاسة والإهمال».
ويحاول البعض منهم جاهداً العثور على مصدر رزق دائم ليؤمن من خلاله هذه الحياة التي تكون جديده عليه مقارنة بما كان عليه من قبلها، إذ إنه كان موظفاً يتبع نظاماً محدداً من خلال ذهابه إلى العمل ومزاولة الأمور الشخصية الأخرى. لكن بعد التقاعــد تتلاشى بعض هذه الأمــور وتطغي على حياته الجديدة بعضاً من الفراغ، الذي يصعب على بعض منهم العيش فيه لعدم تعودهم على ذلك. فيلجأ منهم إلى الانضمام لجمعيات للمتقاعدين لكي يسدوا هذا الفراغ من خلالهم. ومن هذا السياق قمت بزيارة لجمعية الحكمة للمتقاعدين للتعرف على حياة ما بعد التقاعد من خلال التحدث إلى بعض المتقاعدين.
ويقول عبدالله الجيب: «دخلت منذ شهر يونيو 2012، حياة التقاعد، فقد كنت قبل ذلك موظفاً حكومياً وكانت حياتي ترتبط بالدوام الصباحي، وبالعمل التطوعي والأندية مساء. لكن بعد التقاعد أصبحت حياتي تفتقر إلى تواجد نظام محدد أزاوله في الفترة الصباحية، ما فتح لي المجال الانضمام لجمعية الحكمة للمتقاعدين لسد هذا الفراغ. ويضيف حياة المتقاعد تحتاج إلى عناية أكثر من حياة الموظف العادي، إذ إنه يعاني من بعض المشكلات التي تسبب له أزمة حياتيه فمثلاً قلة الراتب وعدم توافر الضمان الصحي للمتقاعدين. وأتطلع مستقبلاً أن يتم توفير ضمان صحي للمتقاعد، بسبب أن الإنسان على تقدم عمره تصيبه بعض الوعك الصحية التي تصعب عليه تحمل كلفتها. وأيضاً يجب تخصيص بعض الأنشطة أو الفعاليات التي تجعل من المتقاعد شخصاً مفيداً من خلال طرح خبراته السابقة وتعليمها للجيل الجديد».
أما جاسم علي الحمر: فيشاركنا برأيه قائلاً: «تقاعدت منذ سنة 2004 بعد خدمة مدتها 36 سنة. حياتي السابقة كانت حياة عملية كاملة وبعد اكتمال مدة الخدمة المطلوبة قدمت استقالتي للدخول في حياة المتقاعدين. وبعد دخولي هذه الحياة الجديدة زاولت التجارة لمدة 4 سنوات ومن ثم انضممت إلى جمعية الحكمة للمتقاعدين، تعرفت خلالها إلى أصدقاء جدد لكننا نفتقر إلى بعض الأنشطة التي تساهم على نقل خبرات الكبار بالسن للجيـل الجديد، للاستفادة من خبرات المتقاعدين ولإملاء أوقات فراغاتهم بأشياء تفيد المجتمع الذي عملنا له بالسابق. فالمتقاعدون هم خبراء يجب الاستفادة من خبراتهم لنقلها للأجيال المقبلة. وأيضاً هذا هو واجبنا تجاه الوطن أن نكسر حياتنا كلها تحت خدمته».
ويروي عبدالله جاسم حسين قصته: «تقاعدت بداية سنة 2000، بعد خدمة قضيتها في القطاع الحكومي. وبعد التقاعد قمت بفتح ورشة لحام أقوم من خلالها بعمل بعض المنتجات النحاسية للاستفادة من مردودها المالي لأعيل بها عائلتي. لكنني بعد أن أصبت بوعكة صحية، توقفت عن العمل في الورشة وانتسبت إلى جمعية الحكمة للمتقاعدين لأغطي فترة الفراغ من خلال تواجدي فيها، لكنني أطمح إلى الاستفادة من مواهبنا وقدراتنا الشخصية وتكريسها في أعمال نقضي من خلالها أوقات فراغنا في أشياء تفيدنا من حيث تطوير أنفسنا وأن نقدم للمجتمع منتجات يستفيدون منها في جميع النواحي».
أما عبدالكريم منصور توراني، يقول: «تقاعدت سنة 2006 بعد حياة عملية متعبة جداً، من خلال عملي بين شركة وأخرى. حيث أكسبتني هذه الرحلة العملية العديد من الخبرات لكنها أرهقتني جسدياً، لكني لم أستطع التعود على حياة التقاعد. فتقدمت لوظيفة لأملأ بها الفراغ الذي أعيش فيه، لكن النتائج كانت كلها ترجع بالرفض وعدم القبول».
ويضيف عبدالكريم «اقترحت أن أكون موظفاً بصفة مستشار لتستفيد من خبراتي الشركات والمؤسسات، لكن لم أجد من يساعدني في ذلك، ويفتح الباب لي، وتم رفض الاقتراح وعدم قبولي للعمل معهم. فأنشأت ورشة منزلية أزاول بها بعض أعمال النجارة لأقضي وقت الفراغ وأستفيد من مردودها المالي، وأيضاً قمت بالانضمام إلى جمعية الحكمة للمتقاعدين لكي أقضي بها ما تبقى من أوقات فراغـــي. يجــب علــى المؤسســات قبول المتقاعدين أصحاب الخبرات الواسعة للاستفادة من خبراتهم السابقة، ولو كان المتقاعد بصفة مستشار يمكن استشارته في بعض الأمور التي تنحدر تحت خبراته السابقة. ويجب أيضاً عمل برنامج متكامل للمتقاعدين يقومون فيه بتبادل خبراتهم السابقة وتعليمها للأشخاص الآخرين.
وأخيراً يقول أحمد آل محمود: دخلت حياة التقاعد منذ سنة 2007 فقد كانت حياتي تتسم بالانشغال بين العمل والأعمال الحرة وبعد التقاعد واصلت العمل في الأعمال الحرة وانضممت في جمعية الحكمة للمتقاعدين ولنادي درة الرفاع الاجتماعي للوالدين والانشغال بهم لسد أوقات الفراغ. من تطلعاتي أن يتم توفير عدة فروع للجمعيات المختصة للمتقاعدين في جميع محافظات المملكة وعدم اقتصارها على منطقه عن الأخرى. وأن يتم التفكير على رصد مبلغ سنوي لدعم مشاريع المتقاعدين وأنشطتهم.