كتبت- عايدة البلوشي:
أكد عدد من الفعاليات أن العنف في المجتمع البحريني لا يمثل ظاهرة حقيقية تنحدر نحو الخطورة، إلا أنها تمثل مشكلة تقف أمام الطفل والمرأة والأسرة والرجل، مضيفين أن هناك جهوداً من قبل الجهات الرسمية والأهلية لمحاربتها، وطالبوا بضرورة تفعيل القوانين وإصدار قانون أحكام الأسرة بشقه الثاني «الجعفري»، ليمثل حماية للأسرة البحرينية لمواجهة أشكال العنف كافة.
ويقول الشيخ جلال الشرقي، إن: «الإسلام هو الدين الوحيد الذي يحارب العنف بشتى أنواعه، ووضع له حقوقاً وضوابط للمحافظة على النفس البشرية، سواء كانت هذه النفس مسلمة أو غير مسلمة، لذلك نجد أن الله تعالي يحرم القتل العمد بشتى أنواعه، فقد قال تعالى في كتابه العزيز «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا»، وكذلك الإسلام حارب المفسدين في الأرض الذين يتعمدون الاعتداء على حقوق الناس».
وأضاف أن» الإسلام، جعل من الحفاظ على الأمور الخمسة «الدين والعرض والنفس والمال والعقل»، أمراً مهماً، مشيراً إلى أن الإسلام، الدين الوحيد الذي حرم الاعتداء على النفس البشرية وهو الحق الذي يحافظ على هذه النفس، حيث يدعو الإسلام إلى السلام والأمن والمحبة والتسامح بين الناس ليس فقط بين المسلمين، إنما بين جميع الأديان».
ودعا الشرقي، المسلمين للمحافظة على السلم، وقال إن: «من باب الواجب والفرض أن يكون المسلم مسالماً، والدين الإسلامي، انتشر في الدول بسبب أخلاق المسلمين من الصدق والأمانة والسلم، ذلك أن الإسلام لا يدعو فقط إلى الأمن والسلم بين الناس فحسب، إنما يدعو إلى الحفاظ على نفس الحيوان وعدم الاعتداء عليه، كما نهى الرسول «صلى عليه وسلم» عن قتل النملة والنحلة وأيضاً نهى عن قطع الشجر الأخضر، خصوصاً إن كان مثمراً وينفع الناس والطير».
وتابع، أن الإسلام هو دين الرحمة، يدعو إلى السلم والأمن لجميع المخلوقات، ومن يخرج عن إطار السلم فإن الإسلام بريء منه، ومن يعتدي على الناس والآمنين والممتلكات العامة والخاصة ليس من أخلاق الإسلام فإن الإسلام بريء من ذلك مهما كانت الأعذار والمبررات».
ويقول المحامي حمد الحربي، إن: «العنف كلمة فضفاضة، تعتمد على ردات الفعل، وقد يترجم هذه بالسلوك «الضرب»، أو باللفظ «الاعتداء اللفظي»، إلا أنها في الواقع البحريني لا يمثل ظاهرة منتشرة بل مشكلة دخيلة من الخارج، مضيفاً أن المجتمع البحريني منذ قرون بعيدة، عرف التعايش والتسامح ونبذ العنف، فما يحدث من أفعال وسلوكيات كلها من الخارج، ورأى أن العنف في بعض الأحيان يحدث، بين الزوجين، وبين الأصدقاء والجيران والإخوان، إلا أن القانون البحريني، نظم هذه الأمور، حيث رسم المشرع البحريني طريقاً لهذه المشكلة فأوجد قانون الطفل، وقانون الأحداث، وقانون أحكام الأسرة بشقه السني، الذي عالج مشكلة العنف، ومن هنا يجب الإسراع بقانون أحكام الأسرة بشقه الثاني»الجعفري»، وإيجاد هذا القانون لأن المرأة في المحاكم الجعفرية مهضوم حقها».
ويدعو الحربي، جميع الجهات إلى التعاون والتكاتف من أجل حماية الأسرة والطفل والأم والرجل من العنف، وتفعيل هذه القوانين الموجودة، كما طالب الدولة إلى النظر، بصورة اجتماعية في قضية المرأة والرجل، قبل أن ترفع دعوة لحضانة الأطفال مثلاً يجب أن تتحول إلى لجنة التوفيق الأسري، للبحث في حالة الزوج والزوجة من الناحية المادية والنفسية ومن ناحية السكن»، حتى يعيش الطفل بأمان وسلام».
ومن جانبه يقول النائب عدنان المالكي، إن: «العنف مشكلة في جميع الدول في العالم، فهناك الكثير من الدول تعاني من هذه الظاهرة إلا أن المجتمع البحريني على قدر من الوعي لذلك فإن هذه المشكلة موجودة في المجتمع البحريني، لكنها لا تشكل ظاهرة اجتماعية منتشرة بشكل كبير، وقد يكون هذا العنف بين أوساط الأطفال أو ضد الطفل أو المرأة أو الرجل وفي الأسرة أو المدرسة أو حتى في محيط العمل، داعياً إلى النظر لنقطة جوهرية مهمة تتمثل في كيفية علاج هذه المشكلة ومواجهتها من أجل مكافحة العنف بشتى أنواعه وصوره.
ويضيف»المملكة وضعت العديد من الخطط والبرامج من أجل مكافحة العنف، فعلى صعيد الطفل وضعت خطاً ساخناً يساعد الطفل في التخلص من هذه المشكلة، ووسائل الإعلام بدورها عرفت الطفل بهذه الخدمة، كما توجد في المملكة عدد من مكاتب الإرشاد الأسري، وأيضاً هناك قوانين وتشريعات تحمي الأفراد من العنف إلا أننا بحاجة إلى تفعيل هذه القوانين بصورة أفضل وكذلك هناك بعض القوانين تحتاج إلى تقوية، وكذلك على المدارس ووزارة التربية توعية الطلاب بشأن العنف الاجتماعي الذي قد يحصل في المحيط الأسري والاجتماعي وكيفية التعامل معه».
اللاعنف بين أخلاقيات الفرد بالمجتمع
وبدورها تقول الباحثة الاجتماعية رحاب الحداد، إن: «السلام والتسامح والصفاء من القيم الإنسانية والأخلاقيات العالية لنقاء الروح وصفاء السريرة، وراحة البال وحب الخير الذي يعم على جميع الأفراد، وهو نتيجة لعدالة الحياة والمعيشة وتقاسم الهموم ومشاطرة أنواع مناسبات الأفراد المحيطة وذوي العلاقة. غير أن اللاعنف كمفهوم هو وليد صراعات مجتمعية تراكمت منذ عصور قديمة، لأسباب متعددة منها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي حتى تشكلت أنواع ومظاهر مختلفة لصور العنف بين الأفراد والمجتمعات والدول كل حسب مستواه».
وأضافت أن «العنف سلوك له ردات فعل بمظاهر عنف تزايدت من أسلوب فردي على نطاق الأسرة والجيران والمجتمع ضمن حلقات اجتماعية تتفاوت في مظاهر وسلوكيات العنف، أبسطها عنف الوالدين في تربية الأبناء والعنف بين الزوجين، وتمتد القائمة لتصل إلى عنف الشارع والأصدقاء والأقران، وصولاً إلى عنف من نوع آخر هو أشد نقمة على المجتمع البشري بدلاً من البناء نجد الدمار والخراب والقتل والجريمة واستهجان أخلاقيات وسلوكيات دخيلة على المجتمع الطبيعي فتخلق مثل هذه السلوكيات عصابات من نوع آخر ممكن أن يكون فكرياً أو دموياً أو عرقياً».
ودعت الحداد، إلى الحذر من ظاهرة العنف، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة، قد تهتك بكيان أمة ومجتمع مسالم، يسعى أفراده ليكون في مصاف الأمم المتقدمة، وأضافت «نستغرب معدلات الجريمة المتزايدة بالدقيقة والثانية في بعض المناطق، لأسباب ممكن تكون قوية كصراع مادي ولمكسب معين أو لسبب لا يخطر على البال لصائم جائع وقت الإفطار يظهر أبشع مظاهر العنف بسبب عدم وجود طبقه المفضل، لنصبح على خبر مقزز ببركة من الدماء أو خبث التفكير السلبي كردات فعل وابتكارات إجرامية».
وأضافــت أن «الأمم المتحدة والتشكيــــلات المؤسسية لكافة الشعوب، باتت مطالبة، بخلق جو اللاعنف، ومكافحة الجرائم، والمطالبة بتوفير السلام الفكري، والتربوي والنفسي والاقتصادي، مستشهدة، بمثال فن التعامل مع الطلبة المعنفين، سواء من قبل الأسرة أو المتنمرين. وهو خلاف لطبيعة الحضن الدافئ بدلاً من أن يكون البيت ملاذ الأمان نجده عند الكثير أسواراً تختزن أقسى القصص والحكايات والأسرار».
وقالت الباحثة الحداد، إن: «اللاعنف لدى مجتمعنا، صرخة تخرج من بين الصمت الحائر ليعم السلام وتعود الطيور إلى أعشاشها بأمان وتغرد للصباح الباكر طالباً الأمل وتحقيق الأمنيات. وهنا يقع دور الأفراد والمهتمين ومن ذوي الصلة فـــي تأليف مؤلفات لضخ المجتمع بسلوكيات إنسانية طبيعية، وتأتي بمصطلحات ترسخ هذه السلوكيات، ليعمل بها الطفل بالمدرسة والشاب بالشارع والأم بالمنزل والأب بالوظيفة، لتحقيق التوازن والسلام من حقوق الإنسان والمواطنة والانتماء، ومحاربة العنف بأشكاله كافة».