1589 مسيرة واعتصاماً ومظاهرة خلال 13 عاماً.. بمعدل 122 سنوياًخلصت دراسة صدرت حديثاً إلى أن البحرين ورغم حداثة تجربتها الإصلاحية استطاعت أن تحقق مستوى جيداً من الحرية ربما يضاهي أو يقترب مما هو موجود في دول أخرى متقدمة ديمقراطية، وأنه رغم صعوبة التحديات التي واجهتها، الداخلية منها والخارجية، لكنها منحت حرية الرأي والتعبير اهتماماً كبيراً، مدللة على ذلك بتوافق السياسة البحرينية المتبعة في هذا الشأن مع المعايير الدولية المعتمدة لحرية الرأي والتعبير.وقالت الدراسة، التي صدرت عن مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، ومقر مكتبه الرئيس بلندن، إنه استناداً للضوابط الموضوعة من المنظمات الدولية المعنية بحريات الرأي والتعبير مثل فريدوم هاوس ومراسلون بلا حدود والمعهد الدولي للصحافة ولجنة حماية الصحافيين وغيرها، فإن مشروع حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى الإصلاحي منذ انطلاقه عام 2001 سعى إلى تفعيل كل صور حرية الرأي والتعبير في البلاد بدءا بوسائل الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع والإنترنت وانتهاء بالسماح بتنظيم التظاهرات والمسيرات والاعتصامات ومرورا بعقد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات التي تناولت الملفات المختلفة دون حظر أو قيد.وأكدت الدراسة التي أعدها رئيس المركز د.عمر الحسن، أن البحرين سلكت عدة مسارات لتحقيق أفضل ممارسة ممكنة لحريات الرأي والتعبير، يأتي على رأسها تطوير الإطار الدستوري والقانوني المنظم للممارسة الإعلامية، ثم إعادة هيكلة البناء التنظيمي للإعلام، وأخيراً تحسين كفاءة الكوادر البشرية الوطنية وبما يخدم في النهاية مراحل إنتاج الرسالة الإعلامية المختلفة ونشرها، هذا إلى جانب بالطبع تفعيل العلاقات الإعلامية الخارجية للدولة ومؤسساتها الإعلامية المختلفة.وأضافت أن ميثاق العمل الوطني عام 2001 كفل الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المواطنون ومنها ما يختص بالحريات العامة ومن بينها حرية الرأي والتعبير، وذلك في إشارة للفقرة الأولى من الباب الرابع التي تنص على أن لكل مواطن الحق في التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو أي طريقة أخرى من طرق التعبير عن الرأي، مؤكدة أن هذا الحق محاط بضوابط لحمايته مثلما تحدد المادة 23 من دستور المملكة المعدل عام 2002 الذي تنص المواد (24) و(27) و(28) على حرية الصحافة والنشر والمراسلات وتكوين الجمعيات والاجتماع أيضاً على التوالي.ووجدت الدراسة أن هذه الحريات المحاطة بضمانات دستورية كفلت أيضاً بضمانات قانونية عديدة من قبيل المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر، والذي خضع لتقييم شامل وتطوير عامي 2003 و2006، وقد استهدف هذا التطوير إزالة أية قيود يمكن أن تفرض على حرية الرأي، وهو الأمر ذاته الذي شمل مؤسسات الإعلام المرئي والمسموع، وينتظر إقرار قانون أكثر شمولاً لتنظيم الإعلام الوطني في المملكة بكل مؤسساته ووسائله خلال الفترة القادمة. ورأت الدراسة أن البيئة السياسية في البحرين توفر مجالاً واسعاً لممارسة حرية الرأي والتعبير بكل أريحية، وهو ما ينعكس في تصريحات القيادة الرشيدة في هذا الشأن، كما ينعكس في سماح الدولة بتنظيم المسيرات والاعتصامات التي بلغت منذ العقد الأول من الألفية الثالثة حتى نهاية يوليو 2013 ما يناهز 1589 مسيرة واعتصاماً وتظاهرة بمعدل 122 في السنة و11 في الشهر الواحد، الأمر الذي ينفي حجج البعض حول هذا الموضوع، هذا بالرغم من تخلل مثل هذه الممارسات لعمليات عنف وإرهاب وشغب تعاطت معها الأجهزة المختصة بنهج متوازن أعلت فيه من المصلحة العليا للوطن وأولوية أمن المجتمع. وأبرزت الدراسة عدة مؤشرات أخرى تعكس اهتمام المشروع الإصلاحي لجلالة عاهل البلاد المفدى بحرية التعبير، والذي أولته عناية خاصة، حيث سمحت -إضافة إلى تأسيس جمعية للصحافيين عام 2000 التي تحولت لنقابة عام 2003 وتشجيع الانفتاح على شبكة المعلومات الدولية وغير ذلك- بحرية عقد المؤتمرات والندوات وتنظيم المحاضرات، والتي تطرقت لكل القضايا، وأُتيح فيها لقوى المجتمع المختلفة بالتعبير عن نفسها والإدلاء بآرائها، وقد بلغ عدد هذه الفعاليات المعلنة منذ عام 2001 وحتى يوليو 2013 ما يناهز 4423 ندوة وحلقة نقاشية بمعدل 339 في السنة و28 في الشهر، كما دعمت الدولة سياسة إصدار الصحف الجديدة والتي بلغت 14 صحيفة يومية وأسبوعية بحلول العامين 2010 و2011 هذا فضلاً عن 4 صحف إلكترونية.ونتيجة لهذا التوسع والاهتمام بحريات الرأي بأشكالها المختلفة، زاد تأثير مواقع الإعلام الاجتماعي حتى أن المملكة أصبحت تحتل حالياً المرتبة الـ98 عالمياً من حيث الحضور على موقع «فيس بوك» بمعدل زيادة سنوي في أعداد المشتركين يصل إلى 23.3 ألف مشترك حسبما أوردت الدراسة التي اعتبرت أن البحرين تعد الأولى عالمياً في إنشاء كيان رسمي لأدوات التواصل الإعلامي الحديث، وذلك بعد أن أطلقت عام 2011 «الرابطة البحرينية لأدوات التواصل الاجتماعي».وأكدت الدراسة أن الصحف البحرينية تتمتع بمستوى عالٍ من الاستقلالية، وذلك في إطار تحليلها للعلاقة ما بين الدولة والصحف سواء القومية منها أو الخاصة، حيث أشارت إلى أن تمويل هذه الصحف يأتي بالأساس من الإعلانات التجارية، لاسيما أن موارد الدولة محدودة، ولا يمكن أن تقدم الدعم لها، كما رأت أن المملكة لم تضع أية قيود رقابية على حركة المطبوعات والنشر إلا عندما تتعرض وحدة الدولة وأمن المجتمع للتهديد.وفي ما يتعلق بمعيار التجاوزات والانتهاكات، أكدت الدراسة أن البحرين لا يوجد بها سجين رأي واحد على خلاف ما تورده بعض التقارير الدولية المعنية بحرية الصحافة، معتبرة أن هناك خلطاً وربما تداخلاً ما بين السياسي والإنساني تنتهجه مثل هذه التقارير عند قراءتها وتقييمها للوضع الصحافي بالمملكة، وذلك في إشارة إلى ترتيب المملكة على سلم هذه التقارير. واعتبرت الدراسة أن كثيراً من التقارير الدولية المعنية بالحريات الصحفية، إضافة إلى التداخل ما بين السياسي والصحافي في تقييماتها، لا تراعي خصوصيات وظروف بعض الدول، ومنها البحرين، كما إن جمود معايير تقييماتها وعدم موضوعية بعض القائمين عليها وعدم قدرتهم على التمييز بين ما يصلح للغرب مقارنة بنظيره في الشرق، ساهم كل ذلك في هذه القراءة المغلوطة للوضع الصحافي في البحرين خاصة والخليج عامة. وخلصت الدراسة إلى أنه بالرغم من بعض سلبيات الممارسة التي لا تخلو منها دولة من الدول -والتي تعود في الغالب الأعم إلى ظروف معينة تقتضيها المصلحة العليا للمجتمع، تلك المصلحة التي ظلت عاملاً حاكماً حتى لكبريات الدول المتقدمة ديمقراطياً، ومنها المملكة المتحدة والولايات المتحدة وغيرها- فإن البحرين تعد رائدة في مجالات حرية الرأي والتعبير، وهي حقوق مكفولة بضمانة شخصية من العاهل المفدى ثم بالدستور والقانون.
970x90
970x90