كتبت - سلسبيل وليد وإيمان الحسن:
احتضنت البحرين في الأيام الأخيرة اجتماعات خليجية مكثفة على مختلف المستويات، أثمرت عن إطلاق إذاعة «هنا الخليج العربي» في المملكة، والاتفاق على خطة الربط السككي بين دول التعاون وتشغيله عام 2018، وملتقى «وسائل الإعلام والأمن القومي»، ومؤتمر الشباب العالمي.
وعدوا هذه اللقاءات دليلاً على دعم الخليج للبحرين، وخطوة نحو الاتحاد المنشود بين دول التعاون، داعين إلى إنفاذ التوصيات الصادرة عن هذه اللقاءات بأسرع ما يمكن.
محللون سياسيون واقتصاديون ومحامون وإعلاميون، عدوا هذه الاجتماعات دليلاً على تعافي البحرين من أزمتها، بعيداً عما يروجه الراديكاليون من توتر تشهده البلاد، وإشارات الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن وجود توتر طائفي في المملكة، ومساواة أحداثها بما يجري في سوريا والعراق.
وقالوا إن هذه الاجتماعات ما كانت لتنظم وتحقق أهدافها لولا استتباب الأمن والأمان بربوع المملكة، خلافاً لما تسعى لترويجه قنوات الفتنة ووسائل الإعلام الغربي.
وأكد المحامي فريد غازي أن جميع الاجتماعات الخليجية في البحرين، تأتي في إطار التنسيق والتعاون بين دول الخليج العربي، وقال «نظراً لهذه الاجتماعات اليوم بشكل مختلف، نظراً لدعوة خادم الحرمين الشريفين للانتقال من إطار التعاون الخليجي إلى الاتحاد».
وأوضح أن اللقاءات الخليجية تقرب وجهات النظر بين دول التعاون، وتسرع خطوات الاتحاد، عاداً نشاط البحرين في استضافتها دليلاً على مدى أهميتها داخل منظومة دول التعاون وتأكيداً لعوامل الأمن والاستقرار في البلاد.
وقال الاقتصادي د.عبداللطيف جناحي «ليس جديداً على البحرين أن تحتضن المؤتمرات واللقاءات واحداً تلو الآخر، فهي تعتبر من الدول النشطة في هذا الميدان على غرار مثيلاتها بدول التعاون».
وأكد أن البحرين كانت تحت صمت إعلامي مقصود، حيث لم تكن تعقد على أراضيها سوى المؤتمرات الخاصة، موضحاً أن «من الطبيعي أن تكون هناك مؤتمرات يمكن تسميتها بـ«سياحة المؤتمرات»، فهي تشيع الأفكار المتعددة وتقاربها وتزاوج بينها».
ولفت جناحي إلى أن جميع المؤتمرات أقرت توصيات وشكلت لجاناً لمتابعة تنفيذها، وفرق عمل لمراقبتها والإشراف عليها، معتبراً اللقاءات الخليجية والمؤتمرات السابقة تهيئة للمستقبل ودافعاً محركاً نحو الاتحاد المنشود، مدعوماً بانسجام الأفكار وتقارب الناس اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً.
وأضاف أن التقارب الهرموني لا يتحقق عبر «الريموت كنترول»، وإنما بالجلوس على طاولة حوار تعنى ببناء خطوات واضحة نحو الهدف المنشود، مؤكداً أن دول الخليج هي الوحيدة التي أحسنت نواياها نحو الاتحاد العربي منذ سنوات طويلة، مقارنة باتحادات سقطت وأثبتت فشلها أو جمدت.
وأشار جناحي أن الحكومة بدأت تعي أهمية المؤتمرات، وقال «نحن أحوج ما نكون إلى خلق نوع من التوافق الفكري، حيث إنها تعطينا وزناً سياسياً أمام التكتلات الكبرى بالعالم، واجتماعات هيئة الأمم المتحدة تعطي البحرين نوعاً من الدور العالمي، وكل المؤتمرات الخليجية تصب في هذا الجانب، وتمنح البحرين دوراً إقليمياً هي مؤهلة وقادرة على الإمساك بزمامه». وبين أن الأمن مطلب شعبي والحوار والعنف لا يجتمعان، وأضاف «المظاهرات أمر طبيعي إن كانت ضمن إطار سلمي لا يتخلله عنف». وأوضح أن «للمؤتمرات تأثيرات إيجابية، إذ لا يوجد في البحرين ما يعرقل مسيرتها، فكم بنايات وحدائق وجسور شيدت، فهذا أكبر دليل على أن مسيرة البلد لم تعرقل وتمضي قدماً».
من جانبه أكد الاقتصادي يوسف المشعل أن التوصيات الصادرة عن الاجتماعات الخليجية في البحرين، تغطي المطالب الشعبية الخليجية، إضافة إلى متطلبات يجب التوصل إليها.
ودعا المشعل إلى وضع الأسس الرئيسة للتقدم نحو الأمام، وتفعيل التوصيات كي يخرج الخليج للعالم تكتلاً قوياً قادراً على المنافسة، مشيداً بالنشاط الملحوظ من رئاسة البحرين للاجتماعات الخليجية، وفاعليتها في رئاستها الدورة الحالية لمجلس التعاون وريادتها في هذا الجانب. وعد الاجتماعات الخليجية بالبحرين، أكبر دليل على أمنها واستقرارها وحكمة قيادتها ومليكها.
وبين رئيس تحرير جريدة البلاد مؤنس المردي، أن تنفيذ التوصيات الخليجية على أرض الواقع تستلزم جهوداً، ووضع جدول زمني تحدد فيه الأهداف المطلوب تحقيقها بدقة.
وأكد ضرورة تنظيم الأنشطة في البحرين لبيان الحقيقة للرأي العام، وتفنيد ما روج من إشاعات وأكاذيب وفبركات، مشيراً إلى أن البحرين شامخة رغم ما شهدته من اضطرابات بسيطة سبق أن ضخمها الإعلام الأجنبي المغرض.
فيما أوضح الإعلامي علي سبكار أن جميع المؤتمرات السابقة كانت مثمرة جداً، حيث يجتمع وزراء الإعلام لأول مرة، موضحاً أن «الاتحاد الخليجي موجود، نحن كبحرينيين نستطيع زيارة جميع دول الخليج بالبطاقة الذكية، وكل خليجي يمكنه فتح شركة في أي دولة من دول التعاون».
وأكد سبكار أن نشاط المملكة بترؤسها الاجتماعات دليل على التخطيط الواعي، وقال «في مؤتمر الإعلام التقى أكثر من 200 إعلامي، المملكة تسعى لتقوية علاقاتها مع دول الخليج، والقطريون أبدوا فرحتهم عندما خصهم رئيس الوزراء بتصريح خاص».
وقال السياسي د.عبدالله المدني إن المؤتمرات جاءت متأخرة جداً بعكس باقي دول الخليج، حيث خصصوا مركزاً للمؤتمرات في دولهم، آملاً استمرار هذه اللقاءات وتحقيق مزيد من النتائج خدمة للمواطن الخليجي وتعزيزاً للحمة بين أبناء دول التعاون.
وأكد أن فكرة الاتحاد التي طرحها الملك السعودي ممتازة، ولكنها إلى الآن ليست واضحة المعالم، تاركاً المجال للخليجيين ليتحاوروا على أسس اتحادهم.
بدوره قال النائب أحمد الملا، إن دول الخليج تربطهم علاقات أخوية وتاريخية قبل اتفاقية تأسيس مجلس التعاون، موضحاً أن تنفيذ القرارات الصادرة عن المؤتمرات تستلزم متابعة دول الخليج كافة.
وأشاد بدور أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني في تنفيذ التوصيات، لافتاً إلى أن التوصيات مطلب شعبي ومن المؤكد أنها تسهم في تقريب وجهات النظر.
وأكد أن البحرين تعتبر من أوائل الدول في تنظيم المؤتمرات فهي سباقة دوماً في زيادة روابط مجلس التعاون وتوثيق علاقاتهم، مبيناً أن مسألة الأمن في البحرين لها الأولوية.
تطوير الخدمة المدنية
وفي هذا السياق ناقش وزراء ورؤساء أجهزة الخدمة المدنية بدول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الأخير، القرارات الخاصة بالعمل الخليجي المشترك في مجال الخدمة المدنية، حيث تقدمت البحرين خلال الاجتماع بمبادرة حول موضوع الإشكاليات والتحديات، تمثلت بدعوة الدول الأعضاء للاطلاع على تجربتها في تطوير البنية التحتية بالخدمة المدنية.
وقرر الوزراء عقد الورشة خلال عام 2014 وتكليف الأمانة العامة للتنسيق مع ديوان الخدمة المدنية في البحرين لتحديد الموعد المناسب للورشة، ودعوة الدول الأعضاء للمشاركة في أعمالها. وتناول الوزراء الاقتراح المقدم من وزارة الخدمة المدنية في سلطنة عمان بشأن تفعيل مبدأ نقل وإعارة الخبرات بين دول المجلس، على أن تقدم السلطنة رؤية وتصوراً بالآليات حول المقترح، كما تم استعراض نتائج الاجتماع الـ14 لمدراء عموم معاهد الإدارة العامة والتنمية الإدارية.
الربط السككي
وتضمنت التوصيات الصادرة عن وزراء النقل والمواصلات بدول التعاون في اجتماعهم بالبحرين، إعداد خطة عمل وجدول زمني شامل لتنفيذ وتشغيل مشروع سكة حديد دول مجلس التعاون بشكل متكامل ومتوائم خلال 2018، واعتماد الدول الأعضاء في عام 2012 كراسة المواصفات الفنية الشاملة لمرحلة إعداد التصاميم الهندسية المتعلقة بمشروع السكة. وكلفت المؤسسة العامة لجسر الملك فهد بالتنسيق مع الجهات المختصة في البحرين والمملكة العربية السعودية لإعداد دراسة لجدوى الربط بين البلدين بمشروع السكة الحديد، ومن المتوقع استكمال الدراسة خلال الربع الأول من العام المقبل.
وطورت إحداثيات مسار السكة الحديد ونقاط الالتقاء فيما بين الدول الأعضاء المتجاورة، وتوقيعها على الخرائط الهندسية، حيث تتولى الدول الأعضاء مراجعتها وإبداء المرئيات حولها قبل نهاية 2013، واستكمال مسودة كراسة الإطار العام لمتطلبات تشغيل المشروع بما فيها اقتراح القوانين والتشريعات اللازمة لمتطلبات نقل البضائع والركاب بين الدول والمتوقع الانتهاء منها بشكلها النهائي لاعتمادها من قبل الدول الأعضاء خلال العام الجاري.
وأكدت الدول الأعضاء أهمية البدء بإعداد دراسة لإنشاء الهيئة الخليجية للمشروع للإشراف على تنفيذه وتشغيله بشكل متكامل ومتوائم مع شبكات السكك الحديدية الوطنية بدول مجلس التعاون، وبحث موضوع لائحة السلامة الخاصة بالسفن ذات الحمولات الصغيرة غير الخاضعة لمعاهدات بحرية دولية، ناهيك عن الشروط وضوابط الترخيص للشركات البحرية، وموضوع القرصنة البحرية قبالة السواحل الصومالية وخليج عدن، ودراسة إنشاء شركة خليجية للمساعدات الملاحية.
التبادل الثقافي
وفي الاجتماع الـ19 لوزراء الثقافة بدول المجلس التعاون، انطلقت مناقشات وتفاهمات حول الأنشطة الثقافية المقرر تنفيذها خلال العام الجاري، ضمن الاستراتيجية الثقافية لدول مجلس التعاون الخليجي، وسبل تحويلها إلى برامج قابلة للتطبيق، إضافة لاقتراح عدد من آليات تعزيز التواصل بين الدول الأعضاء، وتبادل قواعد البيانات الثقافية.
قانون القضاء الموحد
وتناول وزراء العدل بدول مجلس التعاون، الاقتراح المقدم من البحرين بشأن التعليم القانوني المستمر للمحامين، كما قرروا «وثيقة المنامة» لقانون موحد للقضاء الخليجي، وتم رفع موضوع قرار المجلس الوزاري في دورته (120) بخصوص سجناء دول المجلس بالخارج إلى المجلس الوزاري لاستصدار قرار حياله.
ووافق المجتمعون على تشكيل لجنة من المسؤولين في الجهات المعنية بالإرشاد والتصالح الأسري بهدف التنسيق وتبادل الخبرات.
السياسات الإعلامية
وخلصت اجتماعات وزراء الإعلام إلى ضرورة دعم الجهاز الإعلامي لمجلس التعاون وتفعيل الدور الإعلامي للمجلس، وتوفير الإمكانات البشرية والمادية ليتمكن الإعلام في الأمانة العامة من أداء المهام الموكلة إليه، واستثمار ما تملكه من مقومات وطاقات ومؤسسات مشتركة، لتوفير المنتج الإعلامي الملتزم والمشوق القادر على المنافسة، وتلبية الاحتياجات المعرفية والنفسية، خاصة لفئة الشباب، إضافة إلى التصدي للحملات الإعلامية التي تعمل على تشويه الحقائق ومغالطة الواقع.
دليل كبار السن
وفي اجتماع وزراء تنمية بدول مجلس التعاون لبحث إعداد تقرير إقليمي خليجي موحد حول الطفل في ضوء الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، أقرت الدورة تنظيم ملتقى خليجياً حول جودة الحياة لكبار السن وخدماتهم واستشراف مستقبلهم وإعداد دليل يتضمن أهم التجارب الدولية الرائدة والناجحة التي يمكن الاستفادة منها. واتفقوا على اعتماد الوثيقة الاستراتيجية التعاونية الاسترشادية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتعميمها من قبل المكتب التنفيذي على الجهات المعنية في الدول الأعضاء، والعمل على تطوير ما تم إنجازه والبناء عليه وتركيز الجهود من أجل الاستمرار في تحسين الخطط والبرامج والأنشطة الاجتماعية.
ودعا الوزراء إلى التصدي للمشكلات الاقتصادية والسياسية والبيئية الحالية والبحث فيها بشكل دقيق للخروج بآليات واضحة لمواجهة المخاطر الاجتماعية المترتبة عليها، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة اجتماعياً واقتصادياً تسهم في استدامة التنمية وعدالتها لكل الفئات في المجتمع.
التصدي للاتجار بالبشر
وأكد وزراء العمل بدول مجلس التعاون على نهج دول المجلس في تطوير النظم والتشريعات وآليات الرصد والرقابة لمكافحة ممارسات العمل الجبري والاتجار بالبشر، والتصدي لأية مخالفات أو تجاوزات للقيم والمبادئ والنظم القانونية المطبقة وبما يحفظ لجميع العاملين حقوقهم الأساسية في العمل.
وكلف الوزراء المكتب التنفيذي بمواصلة العمل والتنسيق مع الدول الأعضاء على تحديث الدليل العربي الخليجي للتصنيف والتوصيف المهني، وبما يجعل المسميات والتوصيفات المهنية بمستوى المتغيرات والمستجدات في سوق العمل، وملبية للاحتياجات المتطورة في الأسواق الخليجية، وعرضه في صورته النهائية على أعمال الدورة المقبلة للمجلس.
ودعا دول الأعضاء ومن خلال اللجنة الفنية لمسؤولي العلاقات الدولية بوزارات العمل بدول المجلس، بدراسة ومتابعة تنفيذ أفضل السبل الكفيلة بتعريف المنظمات العربية والدولية ذات العلاقة وبشكل دوري، بالمنجزات والمبادرات الخليجية في المجال العمالي.
وطلب الوزراء من المكتب التنفيذي إعداد دراسة حول المبادرات والمشروعات التي نفذتها دول المجلس في مجال تمكين المرأة في القطاع الخاص، وزيادة فرص العمل اللائقة للمرأة وتذليل العقبات أمامها، حيث تشمل الدراسة إبراز التجارب الناجحة ووضع مقترحات لتطويرها، على أن تعرض النتائج على الدورة المقبلة للمجلس. وكلف الوزراء المكتب بالتعاون مع المنظمات والمراكز البحثية بدول المجلس لتنظيم ورشة عمل حول تشغيل المرأة في القطاع الخاص بدول مجلس التعاون بمشاركة ممثلين عن شركات ومؤسسات القطاع الخاص والغرف التجارية والمنظمات الأهلية ذات العلاقة بدول مجلس التعاون.