عواصم - (وكالات): بدأ مفتشو الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أمس تدمير الترسانة الكيميائية السورية، في حين اعتبر الرئيس بشار الأسد أن الاتفاق على نزع هذه الترسانة كان «مبادرة استباقية» من دمشق وموسكو، وأن ذلك سيجعل سوريا «أكثــر اطمئناناً» في المرحلة المقبلة.
في غضون ذلك، قتل 8 أشخاص في سقوط قذائف هاون على حي مسيحي وسط دمشق، في حين دعا الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي طرفي النزاع للذهاب إلى مؤتمر «جنيف 2» من دون شروط مسبقة.
وقال مصدر في الفريق الدولي رفض كشف اسمه إن أعضاء من البعثة المشتركة «توجهوا إلى موقع حيث بدؤوا عملية التحقق وتدمير» الأسلحة.
وأضاف المصدر الذي رفض كشف اسمه «أمس هو اليوم الأول للتدمير حيث سنقوم بتسيير آليات ثقيلة على الأسلحة، وتالياً تدمير الرؤوس الحربية للصواريخ والقنابل الكيميائية التي يمكن إلقاؤها من الجو، ووحدات المزج والتعبئة الثابتة والمتحركة».
وشدد على أن «تدمير الأسلحة وتفكيك أجهزة الإنتاج ينفذها الجانب السوري تحت إشراف الفريق الذي سيعمل لاحقاً على التحقق والتأكد من أن الأمر تم بالشكل الملائم».
وكان مسؤول في منظمة حظر الأسلحة التي تتخذ من لاهاي مقراً، قال في وقت سابق إن الأولوية هي للتأكد من أن مواقع الإنتاج لن تكون صالحة للاستخدام قبل نهاية أكتوبر أو مطلع نوفمبر المقبل.
وأوضح أنه ستستخدم طرق «سريعة» تبعاً لكل وضع، منها «تدمير شيء بمطرقة» و«سحق شيء بدبابة» و«استخدام متفجرات» أو «صب إسمنت». ووصل الفريق إلى دمشق الثلاثاء الماضي لبدء التحقق من تفاصيل اللائحة التي قدمتها دمشق في 19 سبتمبر الماضي، وتشمل مواقع الإنتاج والتخزين.
وقال المصدر إن «المرحلة الأولى التي تشمل كشف المواقع من قبل السوريين شارفت على نهايتها، ونحن الآن نتقدم في اتجاه المرحلة الثانية، التحقق والتدمير والتفكيك».
ويرجح الخبراء امتلاك سوريا نحو ألف طن من الأسلحة الكيميائية، بينها غاز السارين والأعصاب والخردل، موزعة على نحو 45 موقعاً. ويقوم الفريق بمهمته في إطار قرار لمجلس الأمن الدولي صدر إثر اتفاق روسي أمريكي لتدمير الترسانة الكيميائية، في عملية من المقرر الانتهاء منها منتصف 2014.
وأتى الاتفاق بعد هجوم بالأسلحة الكيميائية في ريف دمشق في 21 أغسطس الماضي، اتهم الغرب والمعارضة السورية النظام السوري بالوقوف خلفه، وهو ما نفته دمشق. ولوحت واشنطن بشن ضربة عسكرية رداً على الهجوم. ووافقت دمشق على هذا الاتفاق الذي أكد الرئيس الأسد التزام بلاده تنفيذه.
وأمس، نشرت مجلة «در شبيغل» الألمانية على موقعها الإلكتروني مقابلة مع الأسد، أكد فيها أن حكومته «شفافة جداً» في التعامل مع الفريق الدولي.
وقال «في إمكان المفتشين الذهاب إلى كل موقع. سيحصلون على كل المعطيات منا، سيتأكدون منها، ومن ثم في إمكانهم تقييم مصداقيتنا». وفي حديث إلى صحيفة «تشرين» السورية الحكومية، قال الأسد إن الاتفاق الأمريكي الروسي كان «مبادرة اتفق عليها بين سوريا وروسيا، وطرحتها روسيا بطريقة مختلفة»، مشيراً إلى أن موافقة دمشق عليها «لا علاقة لها بالتهديدات الأمريكية، كانت مبادرة استباقية في جانب منها لتجنيب سوريا الحرب، والمنطقة معها».
ورأى أن هذا الطرح «يخدم بطريقة أخرى قوة الموقف السوري في مواجهته لهذه الأزمة». أضاف «يمكننا القول بالعناوين العامة إننا سنستطيع أن نكون أكثر اطمئناناً الآن مقارنة بالظروف التي سبقت المبادرة الروسية».
وفي حديثه إلى مجلة «دير شبيغل»، أقر الأسد بأن النظام قد يكون قد ارتكب أخطاء في التعامل بشدة مع الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت منتصف مارس الماضي، مؤكداً أنه «لا حوار مع المسلحين».
وقال «كلما تتخذ قرارات سياسية، تحصل أخطاء». أضاف «حصلت أخطاء شخصية ارتكبها أفراد. كلنا نرتكب الأخطاء، حتى الرئيس يخطئ»، إلا أنه اعتبر أن «قراراتنا الأساسية كانت صحيحة».
ورداً على سؤال عما إذا كانت المعارضة المسلحة مسؤولة عن «المجازر» التي وقعت خلال النزاع، أجاب «لا يمكن في شكل قطعي أن نقول «هم يتحملون كامل المسؤولية ونحن لا نتحمل أي مسؤولية، الواقع ليس أبيض وأسود، ثمة أيضاً بعض المناطق الرمادية. لكن في شكل أساسي يصح القول أننا ندافع عن أنفسنا».
ويصـــــف النظـــــام مقاتلــــــي المعارضــــــة بـ«الإرهابيين» ويتهمهم بالحصول على دعم مالي ولوجستي من دول عربية وغربية.
ميدانياً، أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» أن 4 قذائف هاون أطلقها «إرهابيون» على حي القصاع المسيحي وسط دمشق، أدت إلى مقتل 8 أشخاص وإصابة 27، وتضرر كنيسة الصليب المقدس للروم الأرثوذكس.
ويتكرر سقوط قذائف الهاون على أحياء العاصمة، في هجمات يتهم النظام السوري المعارضة بتنفيذها انطلاقاً من معاقلهم قرب دمشق.
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الطيران الحربي قصف مناطق في ريف محافظتي حماة وحمص.
ويعد سلاح الطيران نقطة تفوق أساسية للنظام في مواجهة مسلحي المعارضة الذين يعانون من نقص التسليح.
ونقلـــت «دير شبيغـــل» عــن الاستخبـــارات الألمانية أن إيران الحليفة لدمشق، أبرمت اتفاقاً في نوفمبر 2012 يتيح للنظام السوري نقل طائراته الحربية إلى أراضيها لحمايتها من أي هجوم غربي محتمل.
سياسياً، أقر الإبراهيمي في رده على سؤال خلال برنامج لشبكة «تي في 5» و»إذاعة «آر اف اي» الفرنسيتين حول إمكان عقد مؤتمر جنيف 2، بأن الأمر لا يشكل «تأكيداً».
أضاف «أحاول دعوة الجميع خلال النصف الثاني من نوفمبر، سنرى. أنا واقعي»، معتبراً أنه على النظام والمعارضة أن يتوجها «إلى جنيف من دون شروط مسبقة».
وتسعى موسكو وواشنطن منذ مايو الماضي إلى عقد المؤتمر بمشاركة ممثلين للنظام والمعارضة، للتوصل إلى حل للنزاع الذي أودى بحياة أكثر من 115 ألف شخص.