كتبت - زهراء حبيب:
كشفت تفاصيل قضية مستودع ومصنع متفجرات سلماباد، التي حكمت فيها المحكمة الكبرى الجنائية الثالثة أمس، عن أن المتهم الرابع أقر باستلامه 400 دينار مقابل اشتراكه في تصنيع المتفجرات التي تعلم طريقتها من خلال إطلاعه على شبكة الإنترنت، وأنه يشترى المواد والأدوات اللازمة للتصنيع ويساعد بقية المتهمين، ولفت إلى أنه درب مجموعات أخرى على صناعة المتفجرات في الطناجـــر وقنابل الأنابيب، وديناميت الجيلاتين، وأنه استخدام بعضها خلال معرض الذهب.
وقــال شاهد إثبات إن المتهم الثاني كــان يتردد على محله مرات عدة واشترى منه 5 براميل لمواد كيمائية سعرها 200 دينار للبرميل الواحد، وأنابيب مختبر وقفازات سلامة، كما شهد آخر بأن المتهم الخامس حضر للمحل الذي يعمل به على فترات واشترى ثلاثة براميل من مادة «الأسيتون» بسعر 18 ديناراً للبرميل الواحد. فيما شهــد عامل بمحل آخر بأن المتهم الثالث اشترى منه عدة مرات مواد بناء وأنابيب حديدية بطول ستة أقدام.
وأقر شاهد إثبات آخر بأنه أجر شقته الخاصة به في طشان للمتهم الرابع وكان يدفع الأجرة بانتظام، وشهدت شاهدة أخرى بأنها أجّرت ذات المتهم منزلها في منطقة عالي وهو ورث عن زوجها نظير أجرة شهرية مقدارها 230 ديناراً كان يدفعها لها مباشرة وبانتظام. فيما شهد شاهد آخر بأن المتهم الرابع استأجر منه أيضا مستودعاً وهو ملحق بمأتم خاص به وبأخواته في منطقة سلماباد مقابل 250 ديناراً شهرياً وكان ملتزماً بدفعه.
وأشارت المحكمة في حيثيات القضية إلى أن المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس، تخلفوا عن حضور باقي الجلسات رغم فتح باب المرافعة لهم في جلسات سابقة وإعطائهم أكثر من فرصة لتقديــم مرافعاتهم وطلباتهم، إلا أنهم رفضوا المثول أمام المحكمة دون إبداء عذر مقبول، وعليه قررت المحكمة السير في الدعوى بحقهم حضورياً اعتبارياً، وحيث إن المتهمين الأول والثاني والسابع والثامن والتاسع لم يحضروا رغم إعلانهم ومن ثم جاز الحكم في غيبتهم عملاً بنص المادة (201) من قانون الإجراءات الجنائية.
وأصدرت المحكمة حكمها في جلسة أمس بعـــد ثبـوت الاتهامات في حق المتهميـــن جميعاً واستقر في وجدانها على وجه قاطع وجازم أن المتهمين ارتكبوا في الفترة من فبراير 2011 وحتى 13 يونيو2012، بأن المتهم الاول نظم وأدار على خلاف أحكام القانون جماعة الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتـــــــداء علـــــى الحريـــــات الشخصيـــة للمواطنين والحقوق العامة، والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المملكة وأمنها للخطر وكان الإرهاب من وسائلها في تحقيق أغراضها بأن نظم الجماعة المذكورة، وأدارها وأمدها بالأموال والأدوات والمواد اللازمة لتصنيع المتفجرات والتدريب على استعمالها واستخدامها فيما خططوا له من استهداف رجال الأمن والمدنيين والممتلكات بغرض زعزعة الاستقرار في البلاد والإضرار بمقوماتها الاقتصادية.
أما المتهمون جميعاً فقد انضموا وآخرون إلى الجماعة، وشاركوا في أعمالها بأن انخرطوا فيها وعملوا على تصنيع المتفجرات وتدبير المواد والأدوات المستخدمة في تصنيعها وساهموا في إحداث تفجيرات تحقيقاً للأغراض الإرهابية للجماعة مع علمهم بها، وصنعوا وحازوا وأحرزوا مفرقعات بغير ترخيص من الجهة المختصة لإستخدامها في نشاط يخل بالأمن العام وتنفيذ الغرض الإرهابي. كما أنهم حازوا وأحرزوا مواد تعتبر في حكم المفرقعات بغير ترخيص من الجهة المختصة.
أما المتهم الثالث فإنه درب المتهمين الأول والثاني والرابع والخامس والسادس على تصنيع المفرقعات واستعمالها بقصد الاستعانة بهم في ارتكاب جرائم إرهابية.
وعاقبت المحكمة المتهمون الأول والثاني والرابع والخامس والسادس عن تهمة القيام بتفجيرات بقصد ترويع الآمنين، بأن أعدوا عبوات مفرقعة وقاموا بتفجيرها لدى مركز المعارض بالمنامة ومناطق مختلفة بالمملكة بهدف بث الرعب في نفوس الناس وإرهابهم.
واستعملوا عمداً مفرقعات استعمالا من شأنه تعريض حياة الناس وأمــوال الغيـــر للخطـــر، بقيامهم بتفجير عبوات متفجرة في مناطق مأهولة مما أحدث أضراراً جسيمة بالسيارات والأشياء المملوكة للمجني عليهم، وتدربوا على تصنيع المفرقعات واستعمالها بقصد استخدامها في إرتكاب جرائم إرهابية.
وقام المتهمون الأول والسابع والثامن والتاسع بجمع وإعطاء أموالاً للجماعة موضوع التهمة أولاً مع علمهم بممارستها نشاطاً إرهابياً.
وتتلخص وقائع الدعوى في أن التحريات السرية التي أجراها أحد الضباط دلت على أن المتهم الأول شكل خلية إرهابية تتألف منه وبقية المتهمين وآخرين أسموها «ائتلاف 14 فبراير»، وكان تمويلها مــن خارج المملكة الغرض منها تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات من أداء أعمالها والإعتداء على الحقوق والحريات العامة والإخلال بالنظام وتعريض سلامة وأمن المملكة للخطر.
واستهــداف رجـــال الشرطـــة والمدنييـــن وإرهابهم وبث الرعب في نفوسهم والإضرار بالاقتصـاد وتصنيـــع القنابــــل والعبــــوات التفجيرية لإستخدامها، وكان مقرهم في سلماباد لعقد اجتماعاتهم التنظيمية ومقــرات أخرى لتصنيع القنابل والعبـــوات التفجيرية، وتخزينها ومن ثم توزيعها على المجموعات التخريبية بالقرى، لتحقيق ما اتفقوا عليه في اجتماعاتهم.
وقام أربعة متهمين بتجميع الأموال لتمويل تلك الجماعة لتمكينها من ممارسة نشاطها الإرهابي. وأشار الضابط إلى استعمال 4 متهمين قنبلتين، تم تصنيعهما وتفجيرهما قـــرب مركـــــز المعـــارض، بقصـــد ترويــــع المواطنيـــن المتردديـــــن علـــــى معــــرض المجوهـــرات لإفشاله، وضبطت 4 قنابل وعبـــوات متفجـــره ومـــواد كيمائيـة، وأدوات تستخدم في تصنيع المتفجرات ثبت فنياً أن القنابل صالحة للاستعمال، وذلك أثناء تفتيش منازل المتهمين ومقار اجتماعاتهم.
واعترف المتهم الثالث بأنه انضم إلى جماعة ائتـــلاف 14 فبراير بناء على طلب المتهـــم الأول والذي كانت غايته إسقاط النظام ووسيلته في ذلك استخدام العنف والتفجير وكـــان يلتقـــي بالمتهميـــن الأول والثانـي والرابع والخامس في الشقة الكائنة بمنطقة طشان لعقد اجتماعات الائتلاف، وكانوا يصنعون فيها القنابل والعبوات المتفجرة، لكنهم نقلوا النشاط إلى منزل آخر في عالي استخدم لخلط المواد المستخدمة في تصنيع المتفجرات.
واعترف أن المتهم الأول كان يقوم بالصرف على صناعة القنابل والإنفاق على القائمين عليها من أموال الإئتلاف، وأنه يتقاضـــى 400 دينار مقابل المشاركة في صنع المتفجرات، وتدريب بعض عناصر الجماعة على تصنيعها، منوهاً إلى أن هناك عناصر من خارج البحرين في الائتلاف من العراق وإيران، ويأتي الدعم المادي لتلك العناصر إلى الائتلاف ومن ثم إلى المتهم الأول الذي كان يتولى الإنفاق على المجموعات التي تقوم بعمليات التفجيـــر، والأدوات والآلات والمواد المستخدمة في تصنيع المتفجرات وإيجار المقارات ومجموعة التصنيع.
وأقر المتهم الخامس بأنه اشترك مع المتهمين الأول والرابع في تفجير قنبلة في مزرعة قريبة من أرض المعارض بواسطة جرس عن بعد، وأن المتهم الاول يوزع المتفجرات المصنعه على المتجمهرين في مناطق مختلفة، لاستخدامها ضد رجال الأمن.
وأثبت تقرير الأدلة الجنائية المتعلق بفحص المضبوطــات أن «البرطمانات» المضبوطــة، تحتوي على مادة عجينية تتضمن عدة مواد وهـي «النتروجلسرين»، و«النتروسيليولــوز»، و«النشـــــــاء» و«الصوديـــــوم»، وكذلـــــك «النتـــرات»، وبيـــــن التقريـــــر أن متفجـــــر «النتروجلسرين» و«النتروسيليولوز» تعتبر مفرقعات، ويعتبر خليطاً شديد الانفجار وهو مصنف بأنه ضمن أنواع متفجرات الديناميت.
وخلص تقرير الأدلة إلى أن الحقن الطبية المضبوطة، تحتوي على مادة «بيروكسيد الأسيتـــون»، وتعد من صواعق تستخـــدم كبادئة تفجير في العبوات شديدة الانفجار كالديناميـــت المضبــوط ضمــن محتويــات المستودع، ناهيك عن أن طناجر الضغط المضبوطة عبارة عن عبوات متفجرة تحتوي علــــى خلائــط متفجــرة مختلفــة، وتجهيـــز إسطوانات غاز التبريد المضبوطة كعبوات متفجرة.
وثبــت مــن تفريــغ الذاكـــرة الإلكترونيـــة المضبوطة بحوزة المتهمين، بأنها تحتوي على مقاطع فيديو ودروس في كيفية صنع القنابل، والمواد المتفجرة، وصواريخ القسام، والعبوات المضادة للدروع وطرائق تدبير المستخدمة في صنعها، وعملية تفجير أحد القنابل التي تم ضبطها بالمستودع بانفجارها وإلحاقها أضراراً بالغة بالسيارة محل التجربة.
ولفتت المحكمة في حيثيات الحكم إلى أن ما قام به المتهمون جميعاً انتظمه مشروع إجرامي واحد، وأنه مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ماعدا التهمة الواردة في البند الخامس المتعلقة بجمع الأموال المسنده إلى المتهمين الأول والسابع والثامن والتاسع، وعليه تقضي المحكمة بعقوبة الجريمة الأشد باعتبارها جريمة واحدة عملاً بالمادة (66) من قانون العقوبات.