كتب - محمد لوري:
أطلق مجموعة من الشباب البحريني المتطوع، مسابقة استثنائية لترميم البيوت المتهالكة، كبادرة إنسانية لتوفير منزل آمن للأسر المحتاجة والمعوزة. تقوم مبادرة «بيتكم بيتنا» على تقسيم الشباب إلى مجموعات عمل، تسند لكل منها مهمة إعادة تأهيل منزل متهالك خلال شهر واحد وبمبلغ لا يتجاوز 500 دينار فقط، على أن يتولى الفريق تأمين باقي المبلغ عبر التبرعات، ثم تحدد المجموعة الفائزة بناءً على أفضل تصميم.
فكرة المشروع
ولخصت عضو اللجنة المنظمة للمسابقة فجر موفيز، الفكرة الرئيسة لمشروع «بيتكم بيتنا»، في ترميم بيوت الأسر المحتاجة غير القادرة على تحمل تكاليف الصيانة، بتفاصيلها وأحلامها وتبني آمال أهاليها بإعادة ترميم بيوتهم بسواعدهم وسواعد أبنائهم بالتعاون مع الفرق المشاركة.
وأوضحت أن المشروع لا يشمل إعادة إعمار المنازل فقط، وإنما هناك أبعاد تربوية للمشروع، عبر مساعدة الفرق المشاركة أبناء الأسرة في دراستهم ورعاية أطفالهم وحل خلافاتهم العائلية، تمهيداً لبناء أسرة مثالية خالية من المشاكل والخلافات.
بذرة أمل
فريق «بذرة أمل» أحد الفرق المشاركة بالمسابقة، يتميز عن غيره بطابعه الأنثوي، حيث يتكون الفريق من 11 شابة اجتمعن بالقرعة، وكلف الفريق بالعمل على بيت متهالك في «دواعيس» المحرق وتحديداً في فريج البنعلي.
يعمل الفريق على إعادة هيكلة المنزل وصيانته من التصدعات والتسريبات بشبكات المياه والصرف، وإزالة مخلفات وبقايا أثاث بالي خلفه القاطنون السابقون بالمنزل، وبات بيئة خصبة لتكاثر الحشرات والزواحف وبؤرة لانتشار الأمراض.
وقالت قائدة الفريق فاطمة عبدالقادر «الفريق تكون بالقرعة، لم نكن نعرف بعضنا البعض، ولكن جمعنا هدف واحد وهو مساعدة الناس المحتاجين، وتقديم كل الخدمات الممكنة للأسر المحتاجة والفقيرة».
وأضافت فاطمة «كان البيت في حالة يرثى لها قبل بدء أعمال الترميم، ولأن التجربة جديدة علينا، استعنا بأناس من ذوي الخبرة والمهندسين والمقاولين والكهربائيين لوضع خطة العمل، لإنهاء العمل خلال الفترة المحددة بشهر واحد، ليكون البيت مرمماً وجاهزاً ويقدم كهدية لأصحابه في عيد الأضحى».
وسردت تفاصيل العمل بالمنزل «استأنسنا متطلبات أهل الدار وبدأنا العمل، هدمنا الجدران المتهالكة وبحثنا عن الداعمين والمقاولين، ووفقنا ببعض أهل الخير ممن قدموا خدماتهم دون مقابل وتبرعوا بالمطابخ والحمامات والدهان والسيراميك والجبس».
وقالت «لفت نظرنا خلال حملة التبرع إقبال أهل البحرين على دعم الأسر المحتاجة، فساهم العديد من أصحاب الأيادي البيضاء بمبالغ مالية، وآخرون قدموا المواد العينية كل حسب استطاعته».
وشرحت آلية العمل «باشرنا العمل على الأمور الأساسية كدورات المياه والمطابخ، واستعنا بمقاول يشرف على تفاصيل العمل، استبدلنا الأسقف وكل ما يهدد حياة قاطني المنزل من أسلاك كهربائية مكشوفة وعالجنا التسربات في أنابيب المياه الرئيسة تحت المنزل، ما استدعى إتلاف ورفع بعض بلاط المنزل وأرضيته، وأخذ منا الوقت الطويل لإعادة تركيبه بمساعدة المهندسين المتطوعين».
من جانبها قالت عضو الفريق مريم جناحي، إن فكرة البرنامج جديدة ومبتكرة وأكسبتهم خبرة ميدانية في ترميم البيوت المتآكلة وصيانتها وإعادة تأهيلها.
وأضافت «صادفتنا بعض المشاكل خلال العمل ومنها إشكاليات في مواكبة أذواق أصحاب الدار، في اختيار نوعية الأثاث وتصاميم المطابخ وأشكالها وألوانها، واللمسات الفنية في الغرف والصالة».
وأردفت «فتحت التجربة عيوننا على مشاكل الأسرة الفقيرة، لم نكن على دراية أن هناك منازلاً متهالكة بهذا السوء، ولا تنطوي على أدنى مقومات العيش الآمن، الأسلاك الكهربائية مكشوفة تنذر المقترب بالموت، والحشرات تزحف هنا وهناك، وتكاد لا تخلو غرفة أو جدار من التصدعات والتشققات».
فريق سما
يتكون فريق «سما» من خليط شبابي مميز، عملوا معاً في برامج سابقة، وللفريق مشاركات تطوعية خلال السنتين الماضيتين من زيارات اجتماعية وأعمال تطوعية.
وأكد رئيس الفريق عمر العوضي، أن التجربة جديدة تماماً بالنسبة للفريق، حيث عمل الفريق في حملات تطوعية مختلفة وكثيرة، ولكن مسابقة «بيتكم بيتنا» شيء مختلف.
وقال العوضي «دخلنا التجربة لأنها جديدة وتنطوي على تحدٍ، علينا أن نعمل بأيدينا، وهناك من كان يحلم بمساعدة المحتاجين، والمساهمة في بناء بيوتهم المتهالكة وإعادة هيكلتها، والمسابقة وفرت لهم الفرصة».
وأضاف «خبرتنا في مجال البناء والترميم صفر، معظمنا طلبة جامعة وآخرون يعملون ويدرسون، صعب علينا في البداية توزيع أوقاتنا بين المسابقة والجامعة والعمل، ولكن بحمد الله استطعنا التنسيق وتوزيع الأدوار بيننا وأنجزنا الكثير». وعن طريقة جمع الأموال والتبرعات قال العوضي «أعددنا فيديواً يوضح وضع البيت المتهالك المراد ترميمه، فتسابقت إلينا الأيادي البيضاء بالدعم المادي والمعنوي، البعض دفع مبالغاً مالية وآخرون قدموا مساعدات عينية، وأرسل فريق ثالث موظفين لمد يد العون في مجال خبراتهم، وحصلنا على تبرعات من دول خليجية».
وشرح العوضي آلية العمل «بدأنا العمل وكانت الصعوبة بكيفية التعاون مع المقاولين في ظل ضيق مساحة المنزل، فعندما يتواجد المقاول لا يتسع البيت لأعضاء الفريق ليؤدوا أدواراً أخرى»، مضيفاً «قسمنا الأدوار بيننا، فأخذ الشباب الأعمال اليدوية الشاقة، بينما أسند للفتيات المهام المتعلقة بالأثاث والنواحي التجميلية».
وكشف العوضي أن «سقف حجرة الشباب بالمنزل كانت مصنعة من مادة ضارة بالصحة تمنع البحرين استيرادها، بادرنا بإزالتها كأول خطوة في أعمال الترميم لخطورتها على ساكني المنزل».
وتحدثت عضو فريق «سما» خديجة الشروقي عن دور فريقها في المسابقة «بعد مرور عام كامل من مشوار سما في مجال العمل التطوعي، سمعنا عن المسابقة في وسائل التواصل الاجتماعي، وقررنا عندها أن نتخذ خطوة جديدة في هذا المجال وقبلنا التحدي».
وأوضحت خديجة أنه منذ اليوم الأول من اللقاء التعريفي كان الحماس يملأ الفريق، وبعد التعرف على موقع البيت، انطلق الجميع في اليوم التالي وباشروا أعمال الترميم، بعد ثلاثة أيام متتالية من دراسة احتياجات المنزل بمساعدة المهندس محمد الكوهجي.
فريق همة
فريق همة عمل معاً في مهام سابقة، وعزز صفوفه بشباب لديهم ميول للعمل التطوعي والهندسي من الأقارب والأصدقاء، وعمل الفريق على بيت في منطقة المحرق قرب حديقة الكازينو، حيث إن البيت متهالك ويحتاج إلى إعادة بناء الكثير من أجزائه، ويقطنه 11 شخصاً 9 منهم أطفال ووالداهم.
وقالت رئيسة الفريق مريم زمان «التجربة جديدة وتحدٍ جديد لنا تعلمنا منه الكثير، كان علينا التوفيق بين عملنا الرسمي في الصباح ومواصلة العمل في البيت مساءً».
وعن أهل المنزل أضافت زمان «تعلق أهالي البيت بالفريق كثيراً، كان أطفال المنزل يساعدوننا وتداخلنا معهم، كنا نساهم في حل واجباتهم المدرسية».
وسردت آلية العمل «قسمنا العمل بناء على ميول الأشخاص واهتماماتهم، وبدأنا بجمع الأثاث من أهل الخير والإحسان من خلال حملات جمع التبرعات، ورسمنا خطة العمل، حددنا الأشياء التي يمكن إعادة تصنيعها وحولنا الدرج الخطر إلى مكتبة ذات رفوف متعددة تضم كتب الأطفال، والأواني الزجاجية حولناها لحاويات أقلام».
من جانبها قالت المهندسة المعمارية نور علوان «عملنا على إعادة التدوير لتجديد فكرة عدم استخدام الأموال المتحصل عليها في شراء لوازم جديدة، وخلال عملنا لاحظنا أن الأبناء الكبار يحبون النجارة والهندسة والرسم فساعدونا وحاولنا توجيه مهاراتهم».
وأضافت «لا يوجد في البيت خزان ماء ومضخة، وكان أهل المنزل يعتمدون على ماء الشركة فقط، وعادة ما يكون ضعيفاً في الطوابق العلوية، ووفر لنا متبرع خزان ماء ومضخة وحلت المشكلة». وعن التغييرات الجذرية في المنزل قالت نور «حولنا المخزن إلى حمام زودناه بدش، وكان أهل الدار يستخدمون خرطوم المياه في الاستحمام».
وأردفت «غيرنا الدرج العمودي الخطر الخالي من الدواعم، حيث كان الأطفال يحملون ثياب الغسيل إلى السطح عبر الدرج، واستبدلناه بآخر قوي ومتين، ركبناه خارج الصالة ليكون أكثر أمناً». وأوضحت «عالجنا التصدعات وحاولنا قدر الإمكان تغيير شكل المنزل من الداخل بمساعدة المقاولين والمهندسين، وأوجدنا غرفة لم تكن في الحسبان حيث كانت مهجورة تملؤها الحشرات، وحولناها إلى غرفة نوم للوالدين ما أتاح لنا فرصة التوسع في الغرف الأخرى».
وختمت «وزعنا الغرف على 4 أقسام الأم والأب، الولدان الكبيران، البنات، الصغار، وحرصنا على توفير كافة احتياجات الأطفال، فالأولاد يميلون للرسم فوفرنا مرسماً يتيح لهم ممارسة هوايتهم المفضلة».