أطلقت المنامة عاصمة السياحة العربية 2013م مساء أمس فصل (السياحة البيئية) لختام هذا العام خلال مؤتمر صحافي بمتحف البحرين الوطني، ودشنت استراتيجيات جديدة للسياحة.
وأشارت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، خلال المؤتمر الصحافي بمشاركة القائم بأعمال الوكيل المساعد للسياحة الشيخ خالد بن حمود آل خليفة ومدير مركز الأمم المتحدة للإعلام في الخليج العربي نجيب فريجي، وبحضور مدير المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي د.منير بو شناقي، «هذا الملمس لا يصنع سياحته فحسب، بل يوجد أنسنته الخاصة والأليفة، تلك التي تتصل بتركيب المكان وطبيعته وحياته الفطرية، وتلك التي تتضمن هندسة الكائنات أيا كانت لهذه الفضاءات المتصلة، إنها ببساطة تنسج من كل الموجودات بلادا وأوطانا تنتبه لأدق التفاصيل».
وأضافت: «كثيرون منا يتجهون إلى ما تصنع هذه الحياة، في البيئة تحديدا نستوعب الكون الأقرب إلينا، وهي فرصة لنكون وجها لوجه أمام الحقيقة التي ننتمي إليها، والتي بطريقة أو بأخرى تأثرنا بها»، مبينة أن انشغال الإنسان في يومياته ومسارات الحياة المختلفة لن يشغله في هذا الفصل عن الالتفات إلى بيئته وتفاصيلها، إذ يستهدف فصل السياحة البيئية المواطن والسائح على حد سواء لتعزيز العلاقة بالبيئة والمحيط المكاني والجغرافي، والتقاط الجميل والفريد في هوية هذا النسج، موضحة أن فصل السياحة البيئية هو فرصة للجميع لملاحظة وتأمل البيئة البحرينية واستيعاب تكوينها الذي صاغ هويتها وملامحها وحميميتها.
ويهتم فصل السياحة البيئية بالهوية المكانية، يتعقب الحياة الفطرية والمكونات الطبيعية، كما يتأمل في الموجودات وعلاقتها ببعضها الآخر وقضاياها، وعلقت الوزيرة: «هذا الصامت كما نظنه من حولنا له صوتٌ وقضايا علينا أن نلتف عليها ونعيد اكتشافها والاقتراب منا، لأنها تجسيد لهويتنا وأوطاننا، كما أنها من سيرة التأريخ حيث أثرت البيئة بتفاصيلها على الطرق المعيشية والحياة». منوهة إلى ضرورة نشر الوعي والاتصال مع الآخر من خلال هذا المنطق الجمالي والوجه الإنساني للمكان. وأكدت معاليها أن موضوع المياه لهذا العام ينسج العديد من الفعاليات والأنشطة، وهو ذات السياق العالمي والموضوع السياحي للعام 2013م، قائلة: «المنامة هذا العام تكرس نفسها من أجل هذا الموضوع، وتستعيد طبيعتها البيئية وجزرها لأنها تمثل هويتها المكانية وذاكرتها البيئية وحياتها».
من جهته، أعرب نجيب فريجي مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام في الخليج العربي عن سعادة مركز الأمم المتحدة بالتعاون مع وزارة الثقافة في هذا الفصل الاستثنائي، قائلا: «هذه المعالجة الجميلة والدمج الفريد ما بين السياحة البيئية والثقافة والفكر والسياحة يؤسس لذات الاتجاه الذي تشتغل عليه منظمة الأمم المتحدة فيما يتعلق بالتنمية المستدامة»، مؤكدا أن هذا الفصل يتزامن مع استكمال 20 عاما من البحث العلمي في موضوع التنمية المستدامة واقتراح مشروع ينطلق بعد العام 2015م.
وتنبأ فريجي أن تكون هذه المعالجات الموضوعية بداية لبادرات ومشاريع جديدة، مبديا استعداد المنظمة للتعاون في مثل هذه الاشتغالات الثقافية. كما أشاد بالمجهود الجميل والاستثنائي الذي تقوم به وزارة الثقافة، والذي ينسجم مع تطلعات المنظمة، قائلا: «المنامة تقيم حواراتها السياحية والثقافية الخاصة والمتوائمة مع الآخر. هذا التحاور ما بين الحضارات والثقافات والأديان والإنسانيات والشعوب يحقق ما نطمح إليه لتكوين حلف حضاري»، البحرين مركز إشعاع للوسطية والحداثة والاستدامة، والتي تمثل بكل مبادئها ومفاهيمها ركائز العمل المشترك.
أعقب ذلك شرحا تفصيليا للبرامج والفعاليات التي تعدها وزارة الثقافة لهذا الفصل، قدمه الشيخ خالد بن حمود آل خليفة القائم بأعمال الوكيل المساعد للسياحة، الذي أوضح أن استراتيجية وزارة الثقافة خلال الفترة المقبلة تسعى إلى تكوين مجاورة جميلة ما بين البيئة والآخر، بين السياحة والعامة، والتي تستمر في الفترة من أكتوبر وحتى ديسمبر 2013م. فمن ضمن تلك التفاصيل، تنظم الوزارة ورش عمل تستقطب فيها خبراء فرنسيين لتطوير الحرف اليدوية القديمة والمصنوعات التقليدية التي تعتمد في تركيبتها بالدرجة الأولى على العديد من المواد الطبيعية والمأخوذة من البيئة المحلية، في مشروع ينتهي إلى عدد من المعارض المحلية والخارجية، مبينا أن هذا المشروع يستهدف إيجاد صدى أوسع للمنتوج المحلي اليدوي، وإخراجه بطريقة أكثر جمالا وانسجاما مع الحركة التجارية والتسويقية. وأشار إلى أن وزارة الثقافة تعمل على ترتيب ورشة عمل حول ماهية السياحة البيئية وآلية تنفيذ مشروعات صغيرة تندرج ضمن هذا السياق، إلى جانب الاهتمام بالعلاقة ما بين السياحة والمياه لحماية المستقبل المشترك في تعاون مع العديد من الجهات السياحية والبيئية، وفي سعي لمشاركة العديد من المباحث الجماعية والدراسات للتعاطي حول هذا الموضوع، منوها إلى أن هذا الموضوع ينسجم مع موضوع اليوم العالمي للسياحة الذي يركز على مورد المياه كملمح بيئي وسياحي في الوقت ذاته. كما تخصص المنامة في احتفائها فرصة جميلة واستثنائية للالتفات حول النماذج الواقعية من خلال إقامة ندوة حول نماذج ناجحة للسياحة البيئية في الوطن العربي تهدف إلى تشجيع ابتكار مشاريع في هذا المجال وتبنيها.
وأكد أن وزارة الثقافة وفي اهتمامها بالمورد المائي وفي تعريفها لهويتها كمجموعة جزر وثقافتها كمرفأ حضاري، تنظم عددا من الرحلات إلى جزر حوار، قائلا: «تمثل هذه الجزر ندرة يمكن تحسسها من خلال الطبيعة العذراء وتفاصيل الحياة الطبيعية التي فيها»، مشيرا إلى أن العديد من المراكب السياحية ستنطلق ببرامج خاصة إلى جزر حوار، في نسق اكتشاف الطبيعة البحرينية والإبحار في بيئتها والتعرف إليها كسلسلة من الجزر المتصلة. حيث ستتخذ المنامة عاصمة السياحة العربية للعام 2013م موضوع المياه الذي ينفرد به اليوم العالمي للسياحة هذا العام ذريعة جمالية تستعيد من خلالها أسطورتها كمرفأ للكون ومسار للبحارة عبر تدشين مشروع إنشاء مرفأ لدى بحر متحف البحرين الوطني، ينطلق بمراكبه إلى مركز زوار قلعة بوماهر، مع تطلع إلى إقامة مرفأ آخر يتجه من قلعة بو ماهر إلى قلعة عراد، وكذلك إلى جزر حوار.
وأوضح أن الوزارة ستنطلق بمشروعي (مركز زوار شجرة الحياة) و(مركز معلومات معابد باربار) اللذين قام بتصميمها المهندس د. مروان بصمه جي. ويجسد المشروعان بكافة مكوناتهما الطبيعية والمضافة أمكنة بيئية تتعامل مع النسج الطبيعي للمكان، ويندمجان مع المكونات الحسية فيه، الأول من خلال التواصل مع البيئة الصحراوية والحياة النباتية التي تميز موقع الشجرة، والآخر عبر الطوبوغرافيا التي تمثل الهوية الجغرافية للمعابد، واستنادا إلى التغيرات البيئية التي طرأت على هذا المعلم الأثري. وفي العلاقة مع العمران، يقدم المهندس غسان جمال محاضرة حول إعادة تأهيل سوق القيصرية ضمن موقع مشروع طريق اللؤلؤ بمدينة المحرق، متناولا العلاقة آنذاك ما بين البيئة والنشاط الإنساني والحياتي، بعد أن أتم المشروع مرحلته الأولى وانطلق بمرحلته الثانية.
وأشار الشيخ خالد بن حمود آل خليفة القائم بأعمال الوكيل المساعد للسياحة إلى أن هذه الفعالية تحيي إرثا شعبيا وعلاقة وطيدة ما بين الموروث الإنساني المعيشي واعتقاداته من جهة وبين بيئته ومناسباته الاجتماعية. وأعلن في حديثه أن شهر السياحة البيئية سيصادف الاحتفاء بمرور 25 عاما على تأسيس متحف البحرين الوطني، الذي سيحتفي بهذه الذاكرة بطريقة خاصة تقام برعاية كريمة وسامية من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حيث يفتح كل من متحف البحرين الوطني ومتحف موقع قلعة البحرين يفتحان أبوابهما طوال الليل مع فعاليات خاصة، وعرض أفلام، وحفلات موسيقية مع إفطار عند الواجهة البحرية لمتحف موقع قلعة البحرين عند الفجر.
وقال إن شهر أكتوبر في مرحلته الأولى سيشهد إزهار الأغنيات وموسيقى الشعوب من خلال مهرجان البحرين الدولي للموسيقى في نسخته الثانية والعشرين الذي ينطلق من مسرح البحرين الوطني مع حفل أوبرا مجنونة، ومن ثم يستكمل بقية حفلاته في الصالة الثقافية، كما ستشهد الفترة ما بين 29 و31 أكتوبر الجاري اجتماعا لوزراء السياحة العرب. وقال: «يعيش قطاع السياحة بالبحرين فرصة استثنائية، حيث ستكون هنالك ورشة بالتنسيق مع منظمة السياحة العالمية التي ستشرف على وضع استراتيجية جديدة للسياحة بدعوة جميع الشركاء والمتعاونين»، موضحا أن هذه الاستراتيجية تسعى إلى دفع عملية التنمية السياحية والاستثمارات في المنطقة.