قال عدد من الأكاديميين، إن:» 80% من الأمراض العضوية التي تصيب المجتمع، سببها اضطرابات نفسية، مضيفين أن المجتمع البحريني يتعرض إلى الاضطرابات النفسية، لاسيما القلق والتوتر، وهذه الاضطرابات حتماً تؤثر على حياته الاجتماعية والأسرية والعملية، بالتالي على المجتمع توعية كيفية إدارة هذه الانفعاليات والسلوكيات».
وأضافوا، أن» السبب في انتشار القلق والاكتئاب بين الرجال مرجعه أن المجتمع يعطي المرأة مساحة أكبر لكي تشتكي أما الرجل لا يشتكي، إضافة إلى أن من أسباب انتشار مثل هذه الأمراض أو الضغوطات النفسية بين الرجال والنساء هي كثرة متطلبات الحياة والثورة التكنولوجية، داعين الإنسان الابتعاد قدر المستطاع عن عوامل التي تؤدي إلى هذه الأمراض والمشاكل النفسية وعليه طلب المساعدة في أمور ما مبكراً، وممارسة الرياضة عند الشعور بهذه الضغوطات، العلاقات الاجتماعية وممارسة الهوايات ووجود أخصائيين في مواقع العمل».
وقال رئيس قسم علم النفس بجامعة البحرين د.شمسان المناعي إن:» الصحة النفسية للفرد تتوقف عند إشباع حاجاته النفسية، فلابد أن يتوافق الفرد مع نفسه بمعنى أن يكون هناك قبول لسلوكياته وأفعاله وتصرفاته وهو ما يحقق توافق الشخص مع نفسه، لأن الفرد إن لم يكن متوافقاً مع نفسه لا يتوافق مع الآخرين والمحيطين به من أصدقاء وزملاء وأقارب وإلخ، لذلك فإن ركيزة الصحة النفسية هو الرضا عن النفس وقناعته عن قدراته سواء القدرات العقلية أو الجسمية».
وأضاف أن» هناك صفات لابد أن يصف بها الإنسان منها قيامه بدوره في المجتمع سواء الدور الاجتماعي أو الأسري أو الدور الوظيفي فالعمل على أفضل وجه سواء كأب في البيت أو موظف في العمل أو كفرد في المجتمع، بحيث يقوم بهذا الدور كما يملي عليه ضميره وهو السبيل أو الطريق إلى التوافق في المجتمع».
وأكد المناعي، أن «البعض يخطأ عندما يعتقد بأن هناك من هو خالٍ من هذه الاضطرابات النفسية، إذ لا يوجد إنسان خالٍ من التوتر والضغوطات الحياتية والنفسية خصوصاً القلق في العصر الحاضر، الذي فرض على الإنسان بسبب متطلبات الحياة الكثيرة وواجباته العديدة فكل هذه الضغوطات الحياتية اليومية تؤدي إلى القلق والتوتر في كثير من الأحيان».
وأوضح أن «مفهوم
الصحة النفسية هو وصول الفرد إلى مستوى معين في التوافق مع نفسه ومع الآخرين، ويكون الفرد يتصف بصفات بحيث يكون مقتنعاً بما يقوم به من أفعال فلا يظهر عكس ما يبطن لأنه بذلك لا يصل إلى درجة من التوافق مع نفسه تطابق أفكاره، بالتالي لا يجد توافقاً مع الآخرين».
وأكد استطاعة الإنسان التغلب على الضغوطات النفسية والتوتر والقلق من خلال التغلب على مستوى من الغضب وسيطرة على انفعالاته وقدرته على إدارة مشاعره مع الآخرين بمعنى أن يكون تفاعله إيجابياً يشعر بما يشعر به الآخرون خاصة أفراد أسرته، فالمشاركة الانفعالية مع الآخرين هي أيضاً طريق للتوافق، أما إذا ظل الإنسان في عزلة عن الآخرين لا يمكنه تحقيق الصحة النفسية لأنه بالعلاقات الاجتماعية يصل الإنسان إلى الصحة النفسية».
وقال المناعي إن: «القلق والتوتر ليس مشكلة في البحرين، إنما هـــي فـــي كل المجتمعات المعاصرة بسبب التغيرات الحياتية العصرية ومتطلباتها وضغوطات المعيشة والعمل، أما الدراسة التي طرحت في إحدى الصحف المحلية، التي بينت نسبة الأمراض النفسية في المجتمع البحريني، وأكدت أن 50% من البحرينيين يشعرون بالقلق، ورأت أن في هذه الدراسة علامة استفهام وأنها ليس من الصحة إلى درجة كبيرة لأن القلق والتوتر ملازمان حياة الإنسان المعاصر وهو ما يسمى «بالقلق الوجودي»، لأن الإنسان منذ وجوده على الأرض يرافقه القلق لكنه في الوقت والعصر المعاصر مع زيادة الضغوطات الحياتية زاد هذا القلق والتوتر».
وأكد أن على البحرينيين أن يعوا أن كل المجتمعات بها قلق وتوتر بل أكثر من المجتمع البحريني كون المجتمع البحريني، مازال متمسكاً بالعلاقات الاجتماعية من ناحية ومن ناحية أخرى وجود صلة روحانية، مضيفة أن المجتمعات الأخرى لديها توتر وقلق أكثر من البحرين، فعلى سبيل المثال في الغرب توجد الانحرافات وحالات الانتحار كلها بسبب التوتر والقلق».
من جهتها قالت د.شيخة الجندي بقسم علم النفس بجامعة البحرين، إن: «الصحة النفسية تعتمد على التنشئة الأسرية بالدرجة الأولى، وهناك أنواع لهذه التنشئة منها الإهمال والحماية المفرطة، والتسلط، والتذبذب والقوة، والتدليل»، وما نحتاجه وهو غير موجود هو مفهوم «السواء» أي العدالة في المعاملة والثابت والجزم عند المعاملة لأنه طريق إلى التوافق النفسي أو أن الصحة النفسية، مضيفة أن الطفل في مجتمعاتنا على سبيل المثال لا الحصر يعيش بين المحبة والإهمال هذا هو التذبذب، فالصحة النفسية هي نظرة إيجابية إلى جميع الأمور والمعاملة السواء الذي نبتعد من خلالها على النقاط السلبية «الإهمال، الإفراط في الحماية، التدليل، التسلط، التذبذب»، فالطفل لابد أن ينشأ تنشئة اجتماعية صحيحة وإيجابية لأن الطفل هو سفير البيت، أما معاملة الطفل بالقسوة والضرب يؤدي إلى الاكتئاب والعزلة والانطواء كل ذلك طريق إلى خسارة الطفل دون وعي من الأم».
ودعت الجندي، إلى أن «تكون النظرة للحياة، نظرة إيجابية لأن التخيل بالسلبيات والمواقف الحزينة يترجمها العقل الباطن، لذلك يجب أن نتخيل كل ما هو جميل وإيجابي لنعيش حياتنا بإيجابية تامة».
وبدوره قال دكتور عبدالكريم مصطفي استشاري طب النفس، إن:» العلماء، اختلفوا في تعريف الصحة النفسية، مضيفاً أن منهم من عرفها بأنها القدرة على الحب والعمل، وهناك تعريف آخر، متمثل في أنه قدرة الإنسان على التكيف والتطور، فالتكيف وحده لايكفي للصحة النفسية إنما يجب أن يشمل التطور، حيث يتكيف المرء في بادئ الأمر ومن ثم يكون هناك تطور.
وأضاف أن» الصحة النفسة تأتي من خلال عمل دراسات على المجتمع لمعرفة مدى انتشارية الأمراض النفسية فيها وحجم المشكلة وماهي أكثر الأمراض المنتشرة ومن ثم استهداف هذه المشاكل علماً بأنه حسب الدراسات بان أكثر الأمراض انتشاراً في عام 2020 هي أمراض القلب ومن ثم الاكتئاب، وفي عام 2030 وحسب الدراسات سيكون الاكتئاب في المرتبة الأولى ومن ثم أمراض القلب، كما أن انتشار أمراض الاكتئاب عند النساء أكثر من الرجال، أما أمراض القلب لدى الرجال أكثر مقارنة بالمرأة».
ورأى مصطفي، أن «السبب في انتشار القلق والاكتئاب بين أكثر من الرجال بسبب أن المجتمع يعطي المرأة مساحة أكبر لكي تشتكي أما الرجل لا يشتكي، وأيضاً من أسباب انتشار مثل هذه الأمراض أو الضغوطات النفسية بين الرجال والناس هي كثرة متطلبات الحياة والثورة التكنولوجية، لذلك على الإنسان الابتعاد قدر المستطاع عن عوامل التي تؤدي إلى هذه الأمراض والمشاكل النفسية فعليه طلب المساعدة في أمور ما مبكراً، وممارسة الرياضة عند الشعور بهذه الضغوطات، العلاقات الاجتماعية وممارسة الهوايات ووجود أخصائيين في مواقع العمل». وقالت د.بنه بو زبنون، إنه لابد من التفريق، بين الأمراض النفسية والتوافق النفسي، وهنا نتحدث عن التوافق النفسي وهو تصالح مع الذات والبيئة المحيطة سواء المدرسة أو في العمل أو حتى في نطاق الأسرة والمجتمع،فقد تكون هناك بعض الاضطرابات التي يمر بها الإنسان في يومه مثل التوتر والقلق والاكتئاب فهي مشاكل اضطرابات وهذا لا يعني بأن الشخص يعاني من أمراض جمة نفسية ويحتاج إلى طبيب نفسي، فالحياة مليئة بالتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وهذه التغيرات تخلق في كثير من الأحيان الضغوطات النفسية وهذه الضغوطات تتحول إلى أمراض عضوية، فإن 80% من الأمراض العضوية سببها الاضطرابات النفسية، فلو نلاحظ بأن الأمراض العضوية هي ناتجة من تلك الاضطرابات النفسية، التي يجهل الإنسان في كثير من الأحيان التعامل معها ويستجيب لمتغيرات اليومية، فعلى سبيل المثال قد يتعرض شخص إلى موقف حزين «وفاة أحد الأقارب»، ويدخل في الانهيار بينما شخص آخر قد يتعامل مع نفس الموقف بطريقة أخرى، ربما يحزن دون أن يتعرض إلى انهيار وهكذا وهو يعتمد على مدى قدرة الشخص على التحمل لهذه التأثيرات المختلفة». وأضافت بوزبون» علينا اليوم التعامل مع تلك الاضطرابات النفسية بالطريقة الصحيحة التي لا تؤثر سلباً على الفرد وبالتالي المجتمع، فلابد من تعزيز إدارة الغضب كيف يمكن للشخص أن يتصرف في حالة الغضب والتدريب أيضاً على الاستماع، لابد من الشخص أن يكون مستمعاً قبل أن يكون متحدثاً».