كتبت - زهراء حبيب: رفضت المحكمة الدستورية في آخر جلسة ترأسها القاضي سالم الكواري 25 سبتمبر الماضي، دعوى أقامها تاجر بحريني معروف طاعناً بعدم دستورية عدد من النصوص القانونية الخاصة برسوم منح التراخيص والخدمات الفندقية، مؤكدة أن النصوص جاءت مطابقة للدستور.وقدم المدعي دعواه طاعناً في دستورية البند الثاني من المادة (11) من القانون رقـــم (15) لسنة 1986 والمستبدل به نص المادة الأولى من القانون رقم 12 لسنة 1994، وعدم دستورية نص الفقر الثانية من المادة الثانية من ذات القانون، وما ترتب عليهما من بطلان قراري وزير الإعلام رقمي (4) لسنة 1994 و(1) لسنة 1996. ونسبــت النيابـــة العامـــة إلـــى «المدعـــي وآخريــن» أنهم في غضون عامي 2010-2011 في دائرة أمن المنامة امتنعوا عن سداد رسوم الخدمات الفندقية لأحد الفنادق المستحقة لقطاع السياحة في وزارة الثقافة. وامتنعوا عن تقديم كشوف تفصيلية من قبل المدير العام ومراقب الحسابات بالفندق أو من يقوم بعملهما، توضح توزيع رسوم الخدمات الفندقية لكل شهر على حدة، وامتنعوا عن سداد رسوم تجديد الترخيص السياحي للفندق. وقدمت النيابة العامة المدعي وآخرين للمحاكمة الجنائية أمام المحكمة الصغرى الجنائية الثانية التي أصدرت حكماً غيابياً بتغريم كل متهم 5 آلاف دينار وأداء الرسوم المستحقة لكل تهمة، وتمت معارضة الحكم، لكن المحكمة أيدت الحكم المعارض فيه، فطعن على الحكم أمام المحكمة الاستئنافية، وخلال نظر الدعوى أمامها طلب عوض فوده محامي المدعي وقف الاستئناف لتمكين المستأنف من الطعن بعدم دستورية المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1994 بتعديل المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1986والمادة الرابعة من ذات القانون، وبطلان القرار الوزاري رقم (4) لسنة 1994 والقرار رقم (1) لسنة 1996. وأشارت المحكمة في أوراق الدعوى إلى المرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1994 بتعديل المرسوم رقم (15) لسنة 1986 وقد نص في المادة الأولى منه على أنه «يستبدل بالبند (2) من المادة (11) من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1986 بشأن تنظيم السياحية النص الآتي «تحديد رسوم منح التراخيص، الخدمات والمواقع السياحية ورسوم تجديدها، وفرض رسوم على الخدمات الفندقية». كما جاء نص المادة الثانية أنه «يضاف إلى المرسوم بقانون رقم (15) لسنه 1986 بشأن تنظيم السياحة مادة جديدة برقم «11» مكرراً نصها: يعاقب كل من يخالف أحكام المواد (2 و3 و4) من هذا القانون أو القرارات المنفذة لأحكام المواد بالحبس مدة لا تتجاوز 3 أشهر وبغرامة لا تتجاوز 500 دينار أو إحدى هاتين العقوبتين، وذلك فضلاً عن جواز الحكم بغلق المنشأة أو إزالتها، كما يعاقب على مخالفة قرارات وزير الإعلام الصادرة تنفيذاً للبند «2» من المادة «11» من هذا القانون بغرامة لا تتجاوز 5 آلاف دينار فضلاً عن الحكم على المخالف بأداء الرسم الذي أمتنع عن دفعه». وتنفيذاً للمادة (11/2) المذكورة سلفاً أصدر وزير الإعلام في 25 ديسمبر 1994 قراره رقم (4) لسنة 1994 بشأن رسوم الخدمات الفندقية، وجاء في مادته الأولى على أنه «يفرض رسم على الخدمات التي تقدمها الفنادق بجميع فئاتها ومستوياتها يسمى «رسم الخدمات الفندقية» بواقع 3% من قيمة الخدمة» ونص في مادته الثانية على أنه «تسدد الفنادق رسوم الخدمات الفندقية إلى وزارة الإعلام مقابل إيصال كل 3 أشهر بميعاد لا يتجاوز نهاية الشهر التالي للثلاثة شهور». وبعدها أصدر وزير الإعلام في 4 مارس 1996 قرار رقم (1) بشأن رسوم دعم الترويج والتسويق، ناصاً في مادته الأولى على أنه «ترفع نسبة رسوم الخدمات الفندقية المستوفاة من الفنادق بجميع فئاتها ومستوياتها، الواردة في القرار رقم (4) لسنة 1994 بشأن رسوم الخدمات الفندقية إلى 5% من قيمة الخدمة».. وجاء في المادة الرابعة منه على أن «كل من يخالف أحكام القرار يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 11 مكرراً، المضافة إلى المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1986، بموجب المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1994 وهي الغرامة التي لا تتجاوز 5 آلاف دينار، مع الحكم على المخالف بسداد الرسم الذي امتنع عن دفعه». وفيما نعى المدعي على النصوص المطعون عليها بأنها خالفت المادة (107/أ,ب) من الدستور على سند أنه لا يجوز للسلطة التنفيذية -ممثلة وزارة الإعلام- أن تنفرد بفرض الرسوم وفوائد وغرامات، استناداً على تلك النصوص، أشارت المحكمة إلى أن البند (أ) من المادة (107) من الدستور يجري على أنه «إنشاء الضرائب العامة وتعديلها وإلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها كلها أو بعضها إلا في الأحوال المبينة بالقانون». كما نص البند «ب» من ذات المادة على أن «يبين القانون الأحكام الخاصة بتحصيل الضرائب والرسوم وغيرها من الأموال العامة، وبأجراء صرفها». وأردفت المحكمة أن الدستور ميز في المادة المذكورة سابقاً بين الضرائب العامة وغيرها من الفرائض المالية، وأنه لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون، وأن يجوز إنشاؤها في الحدود التي بينها القانون، مما يعني أن المشرع الدستوري جعل القانون وسيلة وحيدة ومصدراً مباشراً في ما يخص الضرائب العامة، فالسلطة التشريعية هي التي تقبض بيدها زمام الضريبة العامة، وتتولى بنفسها تنظيم أوضاعها، وتفصيل ما يتصل ببنيانها، فإذا ما فوضت السلطة التنفيذية بشأنها فرضاً أو تعديلاً أو إلغاء، فإنها تكون خالفت حدود الدستور، أما بالنسبة للفرائض والتكاليف المالية الأخرى من بينهما الرسوم، التي تؤدى جبراً مقابل خدمة محدودة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها، عوضاً عن تكلفتها وإن لم يكن بمقدارها، فإن الدستور سلك في شأنها مسلكاً آخر. وفي ما يخص أداة فرضها بأن أجاز للسلطة التشريعية أن تفرض السلطة التنفيذية تنظيم أوضاعها، وتحديد أنواعها وتقدير قيمتها، بما يحقق الغاية المرجوة من فرض الرسوم. ولفتت المحكمة إلى أن الدستور جعل الاختصاص بفرض الرسوم مشتركاً بين كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية تمارسانه معاً، تأكيداً لإتاحة الفرص المتكافئة للحصول على الخدمات العامة التي تؤديها الدولة، ولتحول بأن تكون الرسوم مجرد وسيلة جباية لا تقابلها خدمة حقيقية، أو ترهق كاهل المنتفعين بهذه الخدمات، على غير مقتضى العدالة من منظور اجتماعي. وأوضحت المحكمة أن المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1986 بشأن تنظيم السياحة، بين في المادة الأولى منه، الخدمات والمواقع السياحية، أسند الإشراف عليها إلى وزارة الإعلام، ولا يجوز مزاولة أعمال الخدمات السياحية أوالانتفاع بأي موقع سياحي إلا بترخيص من وزير الإعلام، بالبند «2» من المادة (11)، ثم أصدر المشرع المرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1994 بتعديل البند (2) من المادة (11) المذكور، لمنح وزير الإعلام سلطة إصدار القرارات اللازمة لتحديد رسوم منح ترخيص الخدمات والمواقع السياحية، وفرض رسوم على الخدمات الفندقية. وبينت المحكمة أن وزير الإعلام أصدر قراره رقم (4) لسنة 1994 بشأن رسوم الخدمات بعد موافقة مجلس الوزراء، ونص في المادة الأولى على فرض رسوم الخدمات التي تقدمها الفنادق بجميع فئاتها ومستوياتها يسمى رسم الخدمات الفندقية بواقع 3% من قيمة الخدمة، ثم أصدر قرار رقم (1) لسنة 1996 متضمناً رفع نسبة الرسوم إلى 5% من قيمة الخدمة. وخلصت في حيثيات حكمها إلى أن السلطــة التنفيذية الممثلة في وزير الإعلام لم تقرر تحديد رسوم منح تراخيص الخدمات والمواقع السياحية ورسوم تجديدها، ولم تحدد رسوماً على الخدمات الفندقية إلا بعد أن خولتهــا السلطة التشريعية، وأسندت إلى الإعلام الإشراف على المواقع السياحية والخدمات الفندقية، لتكون السلطة التنفيذية والقائمة على المرافق السياحية، كونها الأكثر التصاقاً ودراية بها، والأقدر على الإلمام بتفاصيل الخدمات السياحية والفندقية، وتقدير الرسوم هذه الخدمات والتراخيص المرتبطة بها، وعليه جاءت النصوص المطعون عليها متفقة من الدستور، وليست مخالفة لأي حكم آخر من أحكام الدستور وعليه تقضي المحكمة برفض الدعوى.