كتب ـ أحمد الجناحي:
شيعت وسائل التواصل الاجتماعي العلاقة الحميمة بين الناس، وبــــات «الفيسبــــوك» و«تويتـــر» و«الأنستغــرام» وسواهــــا، شاغـــل الشباب ووسيلتهم للاستغناء عن التلاقي وجهاً لوجه.
تبــــادل التهانــــي فــــي الأعيـــــاد والمناسبات، وتقديم واجـب العــزاء، كلها أصبحت افتراضية في ظل غزو وسائل التواصل، وطرحها كحل ناجع للروتين اليومي القاتل!
البديل الافتراضي
يتساءل الاستشاري النفسي والأسري عصـــام عبدالله «منذ متى أصبحـــت الآلة ممثلة في المواقع الإلكترونيــة بديـــلاً للتقـــارب الواقعـــي؟ بـــدل أن يلجأ الفرد إلى الحضن الأسري الدافئ أصبحت مواقع التواصل ملاذ الشباب لبث همومهم وما يختلج في نفوسهم، والسؤال هل تغني هــذه الوسائل الافتراضية الصماء عن القلوب النابضة بالإحساس».
عيسى الجودر طالب بجامعة الخليج العربــي، مدمــن «يوتيـوب» بامتياز يقول «أجلس ساعات طويلة متنقلاً بين الفيديوهات المختلفة، أطالع مقاطع يصور فيها الناس حياتهم الشخصية، أعراس حفلات تكريم وحتى زيارات عائلية، وبعضها تحكي قصص نجاح وأخرى تسرد هموم الناس ومشاكلهم».
ويضيــف «اليوتيوب أقحمنـي في تفاصيل حياة الناس من أفراح وأحـــزان، النـــاس يصـــورون كـــل الفعاليات ويحملونها على الموقــع»، ويـــرى عيسى في «يوتيوب» وسيلة تعوضـــه عـــن الجلســــات العائلية والتجمعات الشبابية.
الغزو الفكري
ويـــرى محـــي الديــــن أن مواقــــع التواصل الاجتماعي غزت الشباب فكرياً واجتماعياً، أفقدتهم لذة النقاشات الأسرية وتبادل الحديث والمواقف اليومية، وشباب اليوم باتوا يتشاركونها عبر الفيس بوك وتويتر».
ويضيـــف «عـــززت ثقافتـي عبر هذه المواقع، ولكن هل استفاد الشبــاب بالطريقـــة نفسهــا، أم أنهم فقدوا خصوصيتهـم؟ البعض كان يشكـــي همومه لصديقه المفضل وآخرون لأسرهـــم، اليـــوم أصبـــح معظـــم الشباب يشاركون الناس والمجتمع همومهـــم، ولكـــل شـــيء جوانـب الإيجابية والسلبية».
ويجزم محي الدين أن بإمكانه معرفة مزاج الشخص وحالته النفسية من خلال الاطلاع على نوعية الصـــور أو الكتابات المرفوعة عبر هذه المواقع، ويقــول «مواقع التواصل الاجتماعي كشفت المستور».
الشريك الأمثل
وتعبر ياسمين أحمد عن حياتها الشخصية عبر مجموعة صور تحملها علـى حسابهـــا الشخصـــي بموقـــع «الانستغرام»، وتعتبره الشريك الأمثل والموقع الأقرب لمشاركة النــاس ما تمر به طوال اليوم من أحداث ومواقف «الانستغرام أصبــح الموقـــع الأول للشبــاب والشريــك الأمثل لمشاركة الصور والمواقف اليومية مع الأصدقاء».
وتواصـــل «عندمــا أنــوي دخـــول الامتحــــان أضـــع صـــورة لكتبـــي ومذكراتــي وأطلـــب مـــن النـــاس الدعاء بالتوفيق، وعندما أكرم أو أنجح أحمل صورة للشهادة وأنتظر التهاني، وحينما أمر بعارض صحي أضع صورة مناسبة وأترقب الدعاء».
ولــــدى سؤالنـــــا لياسميـــن عـــن مشاركتها أسرتها هذه المواقف تقول «أسرتي أصبحت تتواصل معي عبر الانستغرام، وتكتب لي عن طريق خاصية التعليق».
وتضيــف «التكنولوجيا اليوم تغنينــا عن العناء، وتسهم في إيصال الرسائل والأخبار لشريحة واسعة من الناس بضغطة زر، ومن يرغب بتفاصيل أكثر عن بعض المواقف من أفراد الأسرة يمكنه سؤالــي، ولكن ليس هناك ما يستدعي إعـادة التكلم في أخبار عرضت على الموقع وأصبحت قديمة بعد مرور 10 دقائق على مشاركتها الناس».
الصديق الصدوق
أنشأ جاسم حساباً على «تويتـــر» بأسم مستعار، يبثه ما يعانيه من هموم ومشاكل «أصبح الموقع صديقي المقرب، أفضفض له وأبثه أحزاني، يسمعني دون كلل أو ملــل، ويتقبل مني كل الكلمات دون ضجر، وهو أبكم لا يعرف للكلام سبيلاً، وأتساءل أحياناً هل هو فعلاً يجيــد فن الإصغاء؟».
جاسم طالب في جامعة البحريــن، فقـــد ثقتــه بأصدقائـــه ويخشــــى مشاركة أسرته بمحنته، اختار موقع «تويتر» وحدد خاصية سرية تحفظ خصوصيته، بحيث لا يمكن لأحد أن يرى ما يكتبه دون موافقتـــه، بـــات يدون بكل أريحية وينطلق كما يحلو له في مساحة كأنها خلقت من أجله، لقاؤنا به جاء مصادفة عندما كنا نسأل بعض الشباب عن مواقفهم وآرائهـم حـــول مواقــــع التواصــــل الاجتماعي.
وسيلة المعرفة
وأكد صحافي سعودي رفض الكشف عن اسمه، أهمية المواقع الإلكترونية لاسيما الاجتماعية منها في عملية التواصل مع القراء والمتابعين «أنا لست وصياً على الشباب، بل أتعلـــم منهم، وكل شيء في العالم حتى شرب الماء له سلبيات وإيجابيات، ولا نستطيع فصلها مختبرياً وتعاطي الإيجابيات فقط، هذه معارف علمية تطرح إمكانات هائلة في الحصول على المعلومة وتداولها، ولا يمكن أن نحكم عليها بالإعدام المعنوي كما لا يمكن أن نمنع شرب اللبن لأن أحدهم شربه ومات».
ويضيف «هناك الكثير من الشباب يستفيدون من هذه التقنيات إيجابياً، ولدي العديد منهم يقرؤون مقالاتي على الفيس بوك ويتواصلون معي بشأنه عبر هذه المواقع، وهذه مسألة مهمة بالنسبة لي وخصوصاً الفيس بوك، لأني أنشر عليــــه مقالاتي العادية والممنوعــة مــن النشر، وأتلقى ردود القراء بشكل مباشر دون تدخل أقسام التحرير في الصحيفة، كما أنها تتيح لي العلاقــة المباشرة والحية والمجانية مع آلاف الناس».