إن المسن في هذه المرحلة العمرية يكون متقلب المزاج وتكون سلوكياته محكومة بظروف حياته أو نمط شخصيته، لذلك من الصعب عليه تغيير أسلوب حياته اليومية مما قد يتسبب في تسرب شعور لداخله بأننا لا نحبه، فيرفض التكيف مع أي وضع جديد بخلاف ما تعود عليه في حياته الحالية، وفي هذه المرحلة من عمره يتملكه الشعور بالوحدة والخوف والكآبة ويكون في وضع أحوج ما يكون فيه إلى الرعاية والعطف، وعندها يصبح كثير الشكوى والعصبية الدائمة والميل لافتعال المشكلات حتى يثير الانتباه ولسان حاله يقول «أنا موجود».
إن كثيراً من المسنين هم في الواقع أقرب الناس إلينا، إنهم بمثابة الوالدين، أو هم نحن عندما نكبر وتدور بنا هذه الحياة ويتسلل شبح الكبر والشيخوخة إلى حياتنا.
إن الأمر لا يتعلق بالوالدين فقط وقد بلغا سن الشيخوخة، بل نحن علينا جميعاً أن نكن لهما كل المحبة والاحترام، لكن للأسف هناك الكثير ممن لا يحسن التصرف مع المسنين ويتذمر بل ويتضجر منهم، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على سوء الفهم الصحيح تجاههم، فماذا علينا أن نعمل لندرك ونفهم الطريقة المثلى للتعامل معهم؟
علينا نحن الأبناء أن نعطف عليهم ونمدهم بكل المحبة والحنان كما عطفوا ورعونا ونحن صغار ومازلنا لديهم صغاراً، يجب علينا أن نرد ذلك الدين الذي مهما فعلنا لن نستطيع أن نجازيهم به.
إن المسننين يستمتعون بالحديث عن الماضي والذكريات القديمة، لأن ذلك الشيء الوحيد الذي يربطهم بالحياة القديمة التي كانت في نظرهم سعيدة، فنجدهم دائماً يرددون ذكر تجاربهم وخبراتهم وبطولاتهم إذا ما استعيدت ذكريات الحياة الماضية مع الزمن، وكذا الحال مع المرأة المسنة فهي كثيراً ما تذكر محاسنها وتبدي الإعجاب بنفسها إلى يومنا هذا، على أساس أنها كانت يومها من الحسناوات، لذا علينا ألا نحرم هذه الفئة من المسنين من استعادة تلك الذكريات الجميلة.
وفي ضوء ذلك يجب عدم نسيان أو إغفال قول الله سبحانه وتعالى «وبالوالدين إحساناً».
حيث ينظر بعض الناس إلى الأشخاص الذين وصلوا إلى سن الشيخوخة وتقدموا في عمرهم بأنهم من زمن مضى وانتهى وأن الحياة قد انتهت، فأسلوب الحياة قد تغير. على الجيل الجديد أن يضع في اعتباره أن تطور الحياة سنة كونية ولابد من مراعاة متغيراتها ما لم تمس ثوابتنا وأخلاقياتنا، ولابد هنا من الاقتناع بأهمية التغيير إلى الأفضل ويحتاج الأمر إلى تضييق الهوة بين جيل الكبار وجيل الشباب. أهم ما في ذلك حسن التعامل مع هؤلاء الكبار، إذ يجب علينا عند التعامل مع الكبار المبادرة بحسن التحية والتعامل الطيب معهم والحرص على رفع الروح المعنوية لديهم، فهم يحتاجون إلى الكلمة الطيبة وإلى الابتسامة وبهذه المعاملة سنزرع في نفوسهم الفرحة والبهجة، فالاهتمام بهم يشعرهم بحب المجتمع وسعادته فهم من ساهموا في بناء المجتمعات.
من المهم أيضاً إبراز جهود وإنجازات المسن، فلنتذكر جميعاً بأن المسن في يوم من الأيام كان شاباً قوي البنية، عاصر سنوات صعبة ففي شبابه شيدت المدارس والمباني والمصانع التي نراها الآن في حياتنا فهو من أوصل حياتنا إلى هذا المستوى من الراحة والسعادة.
حفظ الله كل مسن وأسعد قلبه.

الناشط الاجتماعي
صالح بن علي