سلط تقرير أعدته وكالة أنباء البحرين بنا الضوء على طقوس العيد الدينية والاجتماعية في البحرين، قبل أن تقدم، من خلال شهادات مواطنين ومقيمين، مقاربة بين طقوس أعياد الماضي والحاضر، ليصل التقرير إلى نتيجة مؤداها أن لأعياد الماضي مذاق مختلف.
وتعتبر الأعياد الدينية من أحب المناسبات لأبناء البحرين والمقيمين على أرضها، فالعيد سواء كان قديماً أو حديثاً فإنه يطل علينا ليعبر المسلمون من خلاله عن فرحتهم وسعادتهم، ويستقبلون أياماً جميلة يملؤها الفرح والسعادة والتسامح بين كافة أفراد المجتمع، إلا أن العيد في الماضي كان يختلف بعض الشيء نظراً للاستعدادات الخاصة بهذه المناسبة. فكانت الاحتفالات بالعيد في الماضي محصورة في المنازل والفرجان، أما الآن فمظاهر الاحتفال بالعيد وصلت إلى مختلف المناطق كالشوارع والمنتزهات والمجمعات وغيرها من المناطق.
وبعد الانتهاء من صلاة الفجر يتجهز المسلمون لأداء صلاة عيد الأضحى ويرتدون أفضل ما لديهم من ملابس ويتطيبون، ويرددون (الله أكبر الله أكبر الله لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد...............، ثم يستمعون للخطبة الدينية التي تحوي كل ما هو مفيد في أمور الدين والدنيا، وبعد الانتهاء من أداء الصلاة وسماع صوت طلقات مدفع العيد، يتبادل المصلون التهاني والتبريكات بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك.
ويبدأ الاحتفال بالعيد عندما يتوجه الناس إلى أهاليهم وذويهم ليتبادلوا التهاني، حيث تستقبلهم الأمهات في منازلهم العامرة النظيفة، المليئة بروائح العود والعنبر ليقبلوا على رؤوسهم وأياديهم تقديراً وعرفاناً لهم على ما قدموه طيلة حياتنا، فالعيد يعد فرصة للتسامح وتصافي القلوب في ما بين الجميع مهما بلغت درجة التخاصم، فمن كان بينه وبين أخيه أو أحد من أقاربه أو أصدقائه أية مخاصمة، فإنه ومع بركات هذا العيد المبارك تذوب المخاصمات ويبدأ المسلمون في صفحة جديدة أساسها المحبة والتعاون في كل ما هو خير وصالح الأمة الإسلامية.
ومن مظاهر العيد الجميلة، خروج الأطفال من الأولاد والبنات من المنازل ليجوبوا الشوارع ويطرقوا أبواب المنازل ليحصلوا على العيدية وهي النقود المعدنية، حيث ينتظر الأطفال حلول العيد بفارغ الصبر ويرتدوا ملابسهم الجميلة حتى يجمعوا العيادي من الأقارب والأهالي والجيران وهم يرددون (عيدكم مبارك عساكم من عواده كل سنة وانتوا طيبين، عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم).
كما يعتبر غداء العيد أمراً مهماً، حيث يجتمع أفراد العائلة على سفرة الغداء التي عادة ما تقوم الأم بطبخ الغداء أو جلبه من المطاعم، أما في وقت العصر وبعد الانتهاء من مراسم العيد وزيارة الأهالي، يبدأ وقت الترفيه والخروج إلى المنتزهات والمجمعات والأماكن السياحية، فتمتلئ المجمعات والمنزهات وحدائق الألعاب بالمواطنين والمقيمين وكذلك الزوار من الخليج العربي والدول الأخرى، كما إن هناك من يقضي إجازة العيد في الخارج استغلالاً لهذه الإجازة التي تستمر حوالي أسبوع.
ويروي المواطن جاسم محمد عبدالله (بومحمد) 50 عاماً ذكرياته حول احتفالات العيد في الماضي فيقول إن العيد يختلف بعض الشيء عما هو الآن، فكان رجالات المنطقة وكبار التجار يستضيفون أبناء مناطقهم في مجالسهم ليتبادلوا التهاني والتبريكات وتناول غداء العيد الذي كان يفخر بكل ما لذ وطاب، كما إن هناك من كان يجلب الطعام في المساجد أو يقوم بتوزيعه على المنازل حتى يحصل على الأجر والثواب.
ويضيف قائلاً في السابق كنا نرى الأطفال الذين يرتدون الثوب والصديري والبنات يرتدين ثوب البخنق وهم يتجولون بين المنازل ويطرقون الأبواب للحصول على العيدية، وكانوا يتسابقون للحصول على أكبر مبلغ من النقود، كما كانت العوائل في السابق تقوم بذبح الأضحية في فناء المنزل، وكنا ونحن صغار نستمتع ونحن نرى القصاب وهو يذبح الأضحية، وكانت أمنا تكلفنا بتوزيع لحم الأضحية على الجيران.
وتستذكر السيدة علية عبدالله علي الجيران (أم يوسف) 65 عاماً أيام العيد زمان فتقول «كنت أحرص قبل العيد بشهر تقريباً بتجهيز كافة أمور العيد، من ملابس أبنائي وبناتي، وأجهز طيب العود لزوجي، ومن الصباح الباكر أقوم بتجهيز الإفطار المكون من الشاي و»النخي» و «الباجلة «والبلاليط» والبيض «فكنا نجتمع جميعاً وكانت الفرحة تملأ قلوبنا جميعاً، وكنت أفرح عندما أرى أبناء الفريج وهم يطرقون أبوابنا ليباركوا لنا بالعيد ويحصلوا على العيدية.
وتضيف أم يوسف «كنت أقوم بطبخ غداء العيد في جدر كبير، وهو عبارة عن «مكبوس لحم أو دجاج»، وكنت أقوم بتوزيعه على الجيران والأهل، ففي السابق كان التواصل أقوى وكان الجيران كالأهل لا يوجد فارق بينهم.
وبدوره يصف المواطن عيسى فهد عيسى شعوره بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، بالسعادة وهو يقوم بالتجهيز للعيد فيحدد الميزانية المناسبة لشراء الملابس والطعام وكذلك تخصيص مبلغ لعيادي الأطفال، ويحرص شخصياً على توفير كافة الاحتياجات لوالدته ووالده فديننا الإسلامي الحنيف قد أوصانا بهما خيراً وإحساناً.
بينما يقول سعيد مبارك 40 عاماً «بوعبدالرحمن»، إنه قد عاصر الجيل القديم والجديد، وإن العيد اليوم أفضل من السابق، حيث فعاليات الاحتفال بالعيد الآن أصبحت عديدة، وهناك خيارات ترضي الصغار والكبار كالحدائق والمنتزهات والمجمعات والسينما والسفر والرحلات البحرية وغيرها من البرامج والفعاليات، هذا إضافة إلى المظاهر التقليدية والشعبية كعروض الفرق الشعبية والفلكورية التي تنظمها بعض الجهات المعنية بهذا الأمر.
ومن جانبها قالت السيدة أم عمار 55 عاماً إن أجمل ما في العيد هو التواصل وتصافي القلوب والاحتفاظ بالعادات الشعبية التي ورثناها من آبائنا وأجدادنا، ففي اليوم الأول من العيد نحرص على الذهاب إلى منزل والدي لنرى ذبح الأضاحي ونوزع العيادي ونتغدى جميعاً على سفرة واحدة. وأضافت «جميل أن نلتقي بالأهل والأصدقاء ونفتح معهم صفحة جديدة ونعبر لهم عن مدى حبنا ومعزتنا لهم.
أما السيدة جميلة أم ياسر وهي أردنية مقيمة في البحرين، فتقول بأن الاحتفال بالعيد في الأردن يتشابه جداً مع احتفال البحرينيين به، حيث إنك تجد القهوة الأردنية أينما ذهبت في البيوت وفي المحال التجارية، وفي كل مكان تقريباً، ويغلب على الأردنيين الطابع القبلي البدوي، ومن العادات الأردنية توجه الناس إلى الصلاة من الرجال والنساء والأطفال.
وقالت مما اعتاد عليه الناس في العيد، هو الاجتماع في منزل كبير«العيلة»، كما يقال في اللهجة الأردنية، والتي هي مزيج من اللهجة السورية والبدوية، والمقصود بها «العائلة»، لتناول طعام الفطور، ويتكون الفطور عادة من مجموعة من الأكلات الأردنية ومنها الفول والفلافل والحمص بالطحينة، وهنالك أكلة مميزة تعمل في العيد، وهي كبدة الخروف المحشية بالبقدونس والثوم، وهذه تقطع على شكل شرائح ثم توضع في الفرن، وهذه الأكلة منتشرة أكثر بين الفلسطينيين.
من جانبه تقدم السيد عبدالوهاب علي محمد 42 عاماً «أبو عبدالله» بالشكر الجزيل إلى كل من ساهم في الاحتفال بفعاليات عيد الأضحى المبارك، كتنظيم فعالية «الحية بية» هذا التراث الشعبي المميز والذي مازلنا محافظين عليه. وإقامة الفعاليات الشعبية كالليوة والجربة وغيرها، والشكر موصول للهيئات والمؤسسات التي تقوم بتعليق الأنوار على شوارع المملكة لتصبح كالعروس. أما المواطن بومجيد يقول، هذه الأيام تعتبر من أعظم الأيام في العام الهجري لأنها تتضمن يوم النحر ويوم عرفة، ويكثر المسلمون من ذكر الله، والدعاء، والاستغفار، وإخراج الصدقات للفقراء والمساكين، وكذلك التقرب إلى الله وتقوية العلاقات بين المسلمين وصلة الرحم فيما بينهم، ومن مظاهر العيد الجميلة، هو أداء الصلاة في ساحات العيد التي عادة ما تخصص الحكومة أماكن مفتوحة لأداء الصلاة فيها. وبعد أداء الصلاة نقوم بالاتصال بذوينا الحجاج الموجودين في الأماكن المقدسة لنبارك لهم بالعيد ونقول لهم حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً.
وليد خالد محمد 12 سنة، يشير بأن أيام العيد من أجمل الأيام لدي حيث تقوم أمي وأبي بالذهاب للسوق وشراء الملابس والأحذية، وفي اليوم الأول من العيد نذهب إلى منزل جدي وجدتي لنعايد عليهم ونحصل على العيادي من أعمامي وأخوالي، وفي المساء نذهب إلى المجمع وندخل السينما لمشاهدة أحد الأفلام المشوقة، وفي اليوم الثاني يأخذنا والدنا في رحلة إلى البحر بالقارب فنصطاد السمك وثم نأكله.