يقول الباحث البحريني محمد جمال إنه منذ قديم الزمان كانت التجارة بين الهند ودول الخليج نشطة، وأدى هذا التقارب الثقافي والفكري إلى تشابه بعض العادات والأطباع ، بينما يقول علماء التاريخ والاجتماع إن أهالي الخليج ابتكروا عادة «الحية بية» والتي تشابهت مع القصص والأساطير والخرافات، فوفق معتقدات الحضارة الهندية السائدة آنذاك فقد كانوا يخافون من آلهتهم التي تنزل عليهم العذاب والدمار كالرياح والبرق، وفكروا في كيفية إرضائها والتقرب إليها، فكانوا يقدموا القرابين والهدايا إلى آلهتهم لينالوا رضاءها ومحبتها حتى لا تغضب عليهم وتدمر قراهم ومساكنهم وتقتل أبناءهم، فاعتادوا بأن يقوموا في كل عام بجلب أجمل فتاة شابة في القرية، كذلك يقوموا بتجميلها وتزيينها ويلبسونها أحلى الملابس والحلي حتى تصبح كالعروس ليلة زفافها ثم يضعونها في قارب لوحدها ويرسلونها إلى البحر أو النهر لتذهب مع الأمواج إلى البعيد وتختفي حتى تصل إلى الآلهة وبذلك ينالون رضاءها.
وتأثر الخليجيون بهذه الأساطير فاستبدلوا قذف الفتاة في النهر بالحية «الحشائش الخضراء» وذلك إرضاء للبحر، وتبقى العروس بملابسها الجميلة على الشاطئ، وهكذا انتشرت هذه العادة التراثية بين دول مجلس التعاون، ويقال بأن أصل كلمة الحية بية هي «الحجي بيجي» كما هو لدى القطريين والكويتيين والإماراتيين وتعني بأن الحاج سوف يأتي بعد انتهاء موسم الحج. وأشار الباحث محمد جمال إلى أن «الحية بية» هي عادة تراثية شعبية توارثها الأبناء من آبائهم وأجدادهم، وقد حافظت هذه العادة على استمرارها حتى يومنا هذا بفضل تمسك أبناء البحرين بعاداتهم وتقاليدهم، واهتمام المؤسسات والجمعيات المعنية بالثقافة والتراث، كونها إحدى فعاليات الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، فيعبر الصغار والكبار عن فرحتهم بهذا التراث السنوي، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة من كل عام وحلول عيد الأضحى المبارك.
وأوضح الباحث محمد جمال بأنه في هذا اليوم يقضي الأطفال مع أهاليهم يوماً اجتماعياً ممتعاً على ساحل البحر، وهم يرددون أنشودة «الحية البية» المشهورة، حيث يتعلم الأطفال كيفية الاهتمام بحاجاتهم الشخصية والتضحية بأعز ما لديهم من أجل أهاليهم، ففي هذا اليوم الشعبي يتزين الأطفال باللباس الشعبي فتلبس الفتاة ثوب «البخنق» المطرز بخيط الزري الذهبي، أما الولد أو الصبي فإنه يلبس «الثوب والسديري والقحفية» وهو غطاء الرأس ويكون الأطفال في أجمل حلة، ثم يتوجهون مع أهاليهم قبل غروب الشمس إلى أقرب ساحل، ثم يبدؤون احتفالهم الشعبي بالافتخار بملابسهم وبجمال الحية المعلقة على رقابهم، ويردد الأطفال «حية بية ويات حية على درب الحنينية» حتى آخر الأنشودة، وفي بعض القرى يردد الأطفال «ضحيتي ضحيتي حجي بي حجي بي إلى مكة إلى مكة زوري بي زوري بي واشربي من حوض زمزم زمزم» حتى آخر الأنشودة.