كتبت - نورهان طلال:
اختلفت أعمارهن وجمعهن حلم واحد، باتت كل واحدة تحلم بعودة بصيص من النور ليتحول الظلام الداكن إلى بريق من حياة جديدة، حلم بسيط أصبح من أصعب الأماني لقسوة الظروف وحكم القدر. دون وجود أي أعراض لأي أمراض عند الوالدين إلا أنهم رزقوا بـ3 أطفال حرمهم القدر من نعمة النظر.
الهنوف طالبة متفوقة في مدرسة الرفاع الغربي الثانوية للبنات لا تتجاوز الـ16 عاماً، وُلدت كفيفة دون أن تنعم برؤية أهلها لأول وهلة كأي طفل رضيع، حرمها ذلك من طفولتها التي تحلم بها أي فتاة طبيعية. لم تستسلم أمام إعاقتها بل وقفت صامدة تكمل دراستها بكل جد واجتهاد، إلى أن تفوقت بالمدرسة في كافة مراحل التعليم ووصلت الآن إلى الصف الثاني ثانوي، تنمي مواهبها وتعيش أجمل حياة دون أي إعاقة، لم تشكل إصابتها أي حرج لها في ممارسة هواياتها ككتابة الشعر وإلقائه، بل شاركت وتعددت مشاركاتها في أكثر من مسابقة وحصلت على 3 شهادات تقديرية مختلفة. يذكر أنه في آخر مسابقة للشيخ ناصر بن حمد بن عيسى آل خليفة لذوي الاحتياجات الخاصة فازت بالميدالية الذهبية في الشعر، ولكثرة ترددها على الندوات والدورات أصبحت الهنوف مشهورة، حيث تطلبها الوزارات لإلقاء كلمة افتتاحية دون معاملتها معاملة خاصة كأن بها إعاقة. تعيش حياة سعيدة قائلة: «أنا كل يوم عندي عيد».
مريم هي الأخت التالية للهنوف، في صفها الثالث الابتدائي، دائماً «تتحلطم» لوالدها قائلة: «بابا مابتعالجنا؟»، وهو كأي والد لا يسعه الرد إلا بـ«إن شاء الله حبيبتي».
مريم تحلت بنفس القدر من العزم والأمل التي تحلت بهما أختها الكبرى الهنوف، تعيش حياة طبيعية، إعاقتها لم تجعل منها الطفلة الهادئة المنطوية بل تملؤها الحيوية والشقاوة كأي فتاة في عمرها. تعامل في المدرسة حالها من حال الطالبات العاديات دون أي تفرقة أو تمييز أو معاملة خاصة قد تحسسها بنوع من الشفقة. طفلة مرحة لا تنقصها إلا إعادة البصر لعينيها لتكتمل فرحتها وترتسم ابتسامتها أعرض.
أما بشائر فهي أصغر أخوات الهنوف، في صفها الأول الابتدائي، ذهبت للمعهد السعودي البحريني للمكفوفين أولاً لتعليمها أساسيات الكتابة وكيفية التعامل قبل ذهابها وانتقالها إلى مراحل متقدمة من التعليم ودخولها مدارس حكومية. مشكلتها الوحيدة أنها تتمنى أن ترى دنياها وتتمتع بطفولة سعيدة وهو الذي يعد من أبسط أحلام أي طفلة في عمرها. لديها ضمور في العين أي رسمة عينها صغيرة مما وقف حاجزاً أمام علاجها داخل المملكة. تعددت الأماني والأحلام بين الأخوات الثلاثة، والعلاج هو حلمهن الأول والأخير، ولكن بات من أصعب الأحلام لصعوبة تكاليفه، خاصة إن كان هذا العلاج لا يتوفر إلا في ألمانيا التي تتطلب العديد من المصاريف. وإن لم يشأ القدر الاستجابة لهذه الأمنية فلن تكون هذه النهاية بل بداية أمل جديد لهذه العائلة.